كان سام يقف أمام النافذة، ينظر إلى الشارع المظلم خلف الزجاج الملوث، بينما قلبه يثقل عليه بأحزان غير مفهومة. همس لنفسه، كما لو كان يحاول أن يجد جوابًا يريح قلبه المثقل: "لماذا أتجاوز حدودي؟ أنا على وشك أن أقترف ذلك الخطأ مرة أخرى، لوسي... لوسي..."
كلما تبادر إلى ذهنه وجهها الطفولي، بعيونها البريئة وتلك الابتسامة العنيدة التي لا تفارقها، كان يشعر بندم يلتبس به، كما لو أن ماضيه يعود ليقتحم كل لحظة، ليذكره بأشياء كان يفضل أن ينساها. لوسي، تلك الطفلة التي تشبه أخته الصغيرة إلى حد مريب، كان يشعر معها بشيء من الغطرسة، كما لو كان يعيد تمثيل مشهد قديم، مشهد يعيد نفسه دون أن يشعر.
أخته الصغيرة... كم تحملت منه. كم كان قاسيًا، وكم أزعجها بصمته البارد وكلماته القاسية. "سامحيني، أختي... سامحيني، لقد كنت أعمى... لا أعرف ما الذي جعلني أكون هكذا..." كانت كلمات سام تتردد في رأسه وكأنها صرخات لم تُسمع. كان يشعر بجراح قديمة تغلف قلبه، جراح لم يشف منها أبدًا، حتى بعد رحيلها.
وتذكّر سام أيامه الأخيرة قبل أن تُغادر أخته الدنيا. الأيام التي أمضاها في فوضى البحث عن هويته، في مسار لا يعرف له نهاية. "هل أنا مجرد اسم بلا قلب؟ جسد بلا روح؟" كان السؤال يراوده بشدة في الآونة الأخيرة، وكأن كل خطوة يخطوها في حياته كانت تضعه في مواجهة مع ذاته.
لكن الآن، الوضع مختلف. الآن، أصبح سام زوجًا. كلمة "زوج" لها نغمة غريبة في أذنه، وكأنها تعيد له شعورًا بالمسؤولية، كأنها تمنحه فرصة جديدة، وكأنها تفتح له بابًا للغفران. لكنه في ذات الوقت، كان يشعر بأن هناك شيئًا مفقودًا، شيء يعكر صفو هذه البداية الجديدة.
نظر إلى لوسي، الطفلة التي دخلت إلى عالمه عنوة، وعيناه تغرق في الحزن. هي مجرد طفلة، دخلت إلى عالم الكبار، تركت وراءها عالمها الآمن، عالم الحكايات والخيال، لتواجه واقع القسوة والمسؤوليات. كانت تظن، كما يظن الجميع، أنها ستعود إلى عالمها البسيط بعد الطلاق، ستعود إلى عالم اللعب والتسلية، إلى عالم الأحلام والقصص التي تُحكى قبل النوم.
لكن هذا ليس ما سيحدث. سام كان يعلم أن هناك مسؤولية عليه، مسؤولية أكبر من مجرد أن يكون زوجًا، كانت تلك الطفلة بحاجة إلى من يرشدها، من يهتم بها، من يربيها. لكنه لم يكن يعرف إن كان بإمكانه أن يكون لها الأب والأخ والصديق في ذات الوقت، وأن يقدم لها الدعم الذي تحتاجه، رغم قلبه الذي أصبح مغلقًا على حب أليان.
أليان، حبيبته التي لم يغفل عن حبها يومًا. خمس سنوات من الحب والاشتياق، سنوات مليئة باللحظات الصعبة والقرارات التي جعلت علاقتهما أكثر قوة، رغم كل ما مر بهما. لم تكن أليان مجرد حب عابر، بل كانت النور الذي دخل إلى قلبه في أوقاتٍ مظلمة.
تذكر كيف قابلها لأول مرة في الثانوية، في تلك الأيام التي كانت فيها حياته ضبابية، معزولة عن العالم. كان وحيدًا، منبوذًا، ليس له أصدقاء ولا أحد يسانده سوى جده. وحينها، لم يكن يعتقد أن تلك الفتاة الجميلة، الفتاة التي كانت محط أنظار الجميع، ستقترب منه. ولكن أليان، بتلك الطريقة الغريبة التي كانت تتصرف بها، جاءت إليه.
أنت تقرأ
أهذا زوجي ؟! (رومانسي/ عاطفي )
Romantikفي ليلة مشؤومة، وجدت نفسي في فندق فاخر، وحيدة في جناح مجهول، بعد أن تم إجباري على الزواج من رجل لم أره قط. كل شيء حولي كان غريبًا، بدءًا من الحفل الكبير الذي شارك فيه الجميع، إلى السيارة السوداء التي نقلتني إلى هذا المكان الغريب. مرت الساعات ببطء، و...