الى فك كل رجال العالمين

25K 675 18
                                    

هزَّ كياني كله كأنما يبحث عني شعوري العدبة .. كومضة شفيفة في مرايا الليل .. يعصر رحيقه الظريف في عالمي الكئيب .. و في وجهي الذي هاجرته الطيف السعادة .. لا أستطيع أن أتذكر اّخر مرة ضحكت ؟! " فهل تتذكرون أنتم " ؟!
ثم تلعثم الفتى .. و انكمشت .. و فلع جلدي من الضحك .. فأختلطت دموعي بريق فمي .. فقاطعني جملته " لم أجد عملا ... و عليه .. ما من رجوع ..."
إسترجعت لوني بحروفه الأخيره .. و هو يقول " لوسي و سام .. بعد إذنكما سأرجع الى مقعدي .."
....
إن قدر مضحك جدا .. لقد إستمتعت بإستماع مغامرته الظريفة .. و بينما الإبتسامة لا تفارق محياي .. يفسدها سام .. بجملة ساقطة ..
" إذن يا سيدة البكاء و النواح ! أحقا كنت تبكي .. لأجلي " ...
و بدأ غضبي يزداد غليانه ... " أحقا أحب هذا الرجل الذي هو دائما على طريق سعادتي " .. ما أعجب قلوب العاشقات !! و العاشقون ! دائما نتطلب الحبيب النافر !!
و نريد دائما القلب الذي تحترق في سبيله أوصالنا .. قبل أن نحصل به .!!
و إلا كنا نحب .. من نجد منه السعادة !! و كان الأسهل لو كنت واقعة في حب قدر !!
كان سيسعدني كثيرا !!
ماذا !! هل كارثة عاطفية أخرى حلت بي !! لماذا أحس فتنة ساكنة تتسرب الى أعماق نفسي ..!!
...........
سام يخاطبني بهمسات .. و أنا لا أسمع .. أرى ينظر إليَّ و يحرَّك شفتيه ببطئ و لكني لا أسمع .. أنا في شرود تام .. لا أعرف ماذا أفكر !! لقد نسيت .. ماذا كنت أفكر !!
أستفيق على صوت سام ...... وضع فمه فوق أذني " لووووووووووووسي " .
شعرت جسدي الصغير .. يصدع خوفا .. وضعت يداي على أذناي .. " ما الذي فعلته بحق الجحيم "
سام مستغربا " أين ذهبت ... الى ضحكات قدر أم الى همسات مازن "
قلت غاضبة .. 😡غير اّبهة .." لا .. بل الى فك كل رجال العالمين غيرك "
كره ان يلفت أنظار الاّخرين ... 👿و كبح رغبته على تمزيقي بإبتسامة هادئة ..
و كان شعور بكراهيته يتغلغل في أعماقي من فراغ .. و لا أدري .. أشعر أن دروز جمجمتي يكاد أن يتفجر من الغضب لو لم يأت ذلك الصوت يقول " بأن الطائرة على وشك النزول .. و على الجميع وضع أحزمتهم "
يا إلهي ..كنت اشعر بضيق شديد على ذلك القفص معه .. و الاّن أنطلق بحرية وسط حشد من الناس .. يتدافعون .. خرجت كالبرق بينهم .. و أنتظرت حتى خرج مبهور الأنفاس ... و ركبنا المركبة الموصلة الى داخل المطار ..
أشعر بأني كان لدي قلب له و لكن قد بات حجرا , مللت أياما من البكاء و غصة يقف في حلقي  ، ألعن حياتي التافهة بسببه , كنت واقفة أمامه بجسمي , غائبة بوعيي , واجمة ساهمة لا يبدو على وجهي أي إنفعال .. لا غضب و لا سعادة .. و لا حزن و لا مرح .. 😶وكأن تيار الحياة إنقطع عني ..
و بحركة الية .. خرجت معه الى المطار .. بعد تفتيش دقيق لم يضايقني بتاتا .. مثلما بدا عليه علامات إنزعاج متأصل في كيانه كله .. و هو يبثق كلامات فرنسية على مفتش ..لم أكن أفهم مع أنني كنت أسمتع بصمت مريح مستمتع .. كم أحب أن يتضايق و ينزعج سام .. إنه لعين تافه !! أتعلمون ذلك !! دعه يحترق الى أقصى حد يا مفتش .. هذا ما كنت سأقول  لو كنت أعرف الفرنسية ..!!

،
جلسنا أمام مقهى المطار بطاولة زجاجية على كرسين .. نحتسي كابتشينو مرا , و بدا إكتئابي تتلاشى شيئا فشيئا .. أتأمل منظر المطار من فوق .. مطار ساحر .. و كأنها مركز تسوق .. محلات صغيرة زجاجية .. هنا و هناك .. ثم أنظر الى النادلة .. تتقدم الينا بخطوات منتظمة وثابتة .. و تناولنا صحنا و تمضي ..
جاء الزوجان .. ليندي الثعلبة الماكرة و زوجها العجوز .. و جلسا بطاولة قريبة منا .. فأحسست بضيق شديد .. و تلاشى الهدوء من ملامحي ..
لاحت يدها تجاهنا .. مبتسمة .. فتفاقم إحساسي بالضيق .. " كم هذا مشمئز " أما سام إنفجر في وجهه إبتسامة عريضة☺️ .. و رمت هي مرة أخرى إليه بإبتسامة لامعة .. تفوهت بكلمتين صغيرتين " هل ستنزلون الى فندق !!" وراحت أصابعها اللدنة ، تضع آخر اللمسات على شعرها وعنقها وخدّيها ..
سام نظر بإمعان في وجهها و رسم على شفتيه بإبتسامة لا أدري أهي مصنوعة أم حقيقية فقال " نعم .. سننزل الى فندق " فورسيزونس " الجورج الخامس في باريس "
..

لم أكن أشعر بشيء .. لا غيَّرة و لا غضب .. سوى غثيان مباغت يجتاح الى جسدي .. فكنت سامرة في جلستي كشجرة قطع أغصانها , حتى جاء رنة هزازة من جيب سام .. أخرج الهاتف ..
...و أجابه " ها ... حسنا ... سنخرج الاّن "
ليندي " يبدوا و كأنكما ستذهبان .. و لكن هل لي من طلب بسيط يا سام "
سام " نعم .. يا ليندي .. أرجوك "
ليندي تضع يدها في كتف زوجها " سام ..أنا و زوجي  .. نزور أول مرة في فرنسا .. و ليس لنا أحد هنا "
سام " هممم .. خدي بطاقتي .. إن إحتجت الى شيئ .. لا تبخلي في الإتصال بي "
ثم خرجنا ..و عيناها معلقتين بنا تمتصنا بإبتسامة ماكرة .
كان هناك سيارة ليمونيز طويل قرب البوابات الخروج .. و رجل بزي أسود و بدأ كأنه سائقنا حين لاح بنا إبتسامة عريضة .. رجل طويل عريض .. حاجباه متجهمان .. ثم بصق لكنة فرنسية لم أفهم ..و ردَّها سام مثليه , فدخلنا الى  السيارة ..
و مضت حوالي ساعة وكان الوقت ليلا .. و ضوء المصابيح في الشوارع و المراكز و العمارات تغري شوارع باريس .. بهاءا و ضياءا .. كنت أتفحص جمال فرنسا من نافدة السيارة المغلقة ..
توقف السيارة فجأة قرب .. إضاءة كبير .. يحوم حولها السيارات ... و عرفت أنه الفندق الشهير " فورسيزونس " يطل على جادة شانزيليزيه !
خرجنا الجو شديد البرودة .. و لم تقم عبايتي واجبها .. فبدأ جسدي يرتعش ..جاء عامل الفندق و سار معنا الى جناحنا المحجوز مسبقا .. لم يتوقفوا من ترحيب بنا على حمل حقيبتنا .." أهلا يا أعزائي .. تفضل يا أعزائي "
الغرفة جميلة .. فردد سام " شكرا .. شكرا " بدا عليه ملامح تعب و إنهاك ..فخرج العمال .. و لم يكن لذيه رغبة في خلع ملابسه و الإستحمام بعد طول السفر و عنائه .. فالقى نفسه على السرير الأنيقة .. كم أنت مقرف يا سام ، حتى الحداء تعجز عن إقلاعها
أما أنا فخرجت الى الشرفة الصغيرة .. فلفحني نسيم بارد .. ما أجمل هذا المكان .. أعجبني الفندق .. و دماثة عامل الفندق .. و لطفهم .. و قولهم بكلمات ناعمة جميلة بلغة الفرنسية ، مع أنني لم أكن أفهم !!
لم أمل من النظر و إندهاش باريس .. جلست ساعة .. لا أنتبه لمرور الوقت ..
قد قارب الوقت الى العاشرة ليلا ..
خرجت من الشرفة .. فوجدته قد غاص في نوم عميق بشكل مقرف .. لازال في ملابس السفر .. مرتديا نعليه الرياضية .. و لكن لا يهم .. فقد كان يوما متعبا ..
أخدت حماما سريعا .. و بارحت في السرير .. أنسى التعب و اّلاّم الساقين ..

أهذا زوجي ؟! (رومانسي/ عاطفي )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن