بعد شهر

18K 755 163
                                    

بدأت حياتي تنبض من جديد رغما عني  بعد ذلك الشقاء الدي أرخى سدوله على قلبي و حلله بالسواد .. و العالم كله إختصر  بالنسبة لي بإبني  .. سأعكف على رعايته  ... أملي فيه أن يكون رجلي الوحيد الدي سيزيح عني ويلات الحزن .. .. و سأعزف عن الزواج  نهائيا طوال حياتي .. أخرس أنوثتي و ألجمها ..

الحقيقة هي أنني كنت أقف أمام المرآة طويلا محلقة في فضاء حلمي الجميل .. ابتسم و أنا  أضع يدي على بطني .. أتحسس طفلي الذي ما يزال جنينا  صغيرا  فيها
أغمض عينيي .. أحلم و أتأمل كيف أهدهده و أضمه الى صدري و أنا أمنحه حنان الأمومة و دفئها ..
أتخيل كيف سأقبله و أناغيه و أهزه و أنا أحمله بين ذراعيي  و أنشد له أحلى أناشيد الصغار
" نم يا صغيري .. نم يا صغيري  ....الخ
بل حلقت في فضاءات الأماني الى أبعد من ذلك بكثير .. حلقت حيث المدرسة ، و اليوم الأول له .. و تخرجه و زواجه و رؤية أولاده ...
لم أتمالك نفسي من البكاء و في نفسي لهفة عارمة لساعة أحمله بين ذراعي.. و ألقمه في صدري
كنت أبكي فرحة مقشعرة البدن .. اطلق ضحكات متقاطعة .. و أنا في إنتظار الأمل الدي سيحبوا إلي ببطء !
كففت دموعي بأناملي المرتعشة ..
خرجت الى المجلس يسبقني بطني  .. و كان الساعة تشير الى السابعة صباحا .. نظرت الى قدر إنه مستغرق في نوم عميق
وجدت فرصة أن أمنع النظر فيه جيدا - الخجل يمنعني ذلك دائما -
بدأت أراقبه كما يراقب الطفل أجيد اللهب ..! وجه رائق قمري اللون ..شفتان ورديتان يعلوهما شارب بدأ يخط أول ملامحه ينم على صغر سنه و مراهقته ..
تناولت الغضاء الدي المنبسطه على بطنه .. سحبتها الى أعلى صدره كي لا يشعر بالبرد ..
إبتسمت بسعادة .. لقد وجدت فيه خير صديق و أخ يمكن أن يحلم به أي إنسان !
كان حنونا معي .. طيبا و الى أبعد حد .. مَرَحا .. رقيقا ..
أخدت أناملي تخلله شعره الأسود الناعم .. أسرحه بهدوء كي لا يستيقظ !
أدار وجهه ببطء نحوي .. فاتحا عينيه ..
سحبت يدي بسرعة .. و تسارع نبضاتي قلبي بينما يحترق الخجل في وجنتاي
-  .. آسفة .. أنا .. 
خاطبني بسخرية ( يتحدث دائما معها ذون حرج لأنه يشعر بالإرتياح معها ! )
- هل أبدوا لك قطة ظريفة يا لوسي .. تداعبني متى شئت ! عزيزتي أنا رجل .. هل تعرف ماذا يعني أن تكون رجلا  ؟!
نظرت إليه مثل البلهاء .. إشارات التعجب و الإستفهام تنم على وجهي..
ضرب كفه على جبينه بملل
- حقا يا لوسي ؟!  لا تعرفين ؟!
همس مع نفسه .. " هل وجدت صعوبة  أن أتعامل مع الأطفال بجدية !
إستفزني نبرته الساخرة
- مهلا  يا قدر .. إن كنت طفلة ماذا تكون أنت ! رضيع.. نعم .. طفل رضيع !
ضحك من كلامي
-  هكذا رائع أن تقرر  .. أنا من اليوم رضيع !
إنفجرت بضحكة عارمة ..
( إستوقفه عينيها .. عينان صريحتان .. تبزغ فيهما نجمتان حين تضحك .. شعرها الأسود يتمايل زهوا  تحت ملائتها الشيفون ...
فكان قدر  معتصما بجبل الصمت .. مصغيا  تماما قهقهاتها .. " إنها حقا فتاة دافئة مرحة .. و ربما هذا هو سبب فتنتي  بها " ..
..... ... ..
إستدرجني شروده
- ما بك يا قدر ؟!  إحسك ضجرت مني ؟! 

أهذا زوجي ؟! (رومانسي/ عاطفي )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن