وصل سام الى حي ذات طابع قديم .. ركن سياراته قرب جداران المساكن المتناثرة ..لا تزال على رونق التي عرفته أوربا في أول قرن العشرين .. تحتفظ بلونها البرتقالي أو تربي .. يغضي أسطحتها قرميد زاهي اللون ..و من شرفاتها تتدلى النباتات و الأزهار .. فتكحل الجدران
كان جمالا طبيعيا قدم في تلك البقعة .. ترجل من سيارته
أولج في باب حديدي صغير ثم إرتقي في سلم .. ينظر أمامه .. تأخده دهاليز الدكريات حينا كان يتردد في هذا المكان ليقابل حبيبته .. لازالت الجدران قديمة تكلست عليه خرائب الدهر ..
وقف برهة قرب باب شقتها .. أخد نفسا عميقا ..
دق بدقات متتالية ..
" أنا سام .. أفتحوا الباب "
فتحت له الباب .. بدت كأنها أعدت للإنتظار .. دخل بشيء من الإرتباك .. لقد مضى وقت طويل آخر مرة تردى الى هنا .. منذ أن أسلمت لم تسمح له بالدخول ! دائما ما كانت تقابله خارج شقتها .. في المطاعم .. المقاهي .. الحديقة .. أي مكان غير شقتها ..
لاح في نظراته طفلة صغيرة لم يراها من قبل
" من أنتي ؟! و أين أليان "!
داعبها قليلا من رأسها
تلعثمت الفتاة
" أنا .. بينكي .. خالتي في الغرفة هناك "
" أهلا بينكي و أنا سام "
هتفت بجدل
" عرفتك من الصورة في الحائط .. لابد و أنك خالي سام "
توجه نحو الغرفة
سبقها صوت أليان قبل أن يدخل
" إنتظر سام "
بقي لقترة قرب باب غرفتها حتى تتستر ..
سمحت له بالدخول .. لم يرى في البدء سوى عينيها الغائرتين
ثم طغى عليه شحوب و ينظر نحولة وجهها و عينيها اللتين إختفى في محجريها العميقتين ..
" يا إلهي .. لقد نحلت كثيرا يا عزيزتي ؟! ماذا حدث لك "
نهضت من فراشها لإستقباله .. حتى بهت بطولها الفارع من شدة هزلها .. وجهها الضامر .. و كتفيها أخمصين التي تظهر وراء عباءة الطويلة التي تنساب من رأسها نحو الأرض .. تجر ذيله من خلفها ..
لا مُرِّية أنها تعاني من شيء ما .. فتقدم نحوها بطيش .. يمد أطراف أصابعه نحو جبينها برفق .. ذون أن يزيح ناظريه عن عينيها
تمتم بإرتياح
" لا يوجد حرارة "
أذاع عن وجه أليان إستياء
- لا يجوز لك أن تلامسني هكذا يا سام !
- أنا آسف .. كنت قلقا
.............
حاشية لوسي (١):
غابت لوسي وعيها .. إستفاقت على دراع شاب فرنسي غريب وسط الشارع .. و موظف المطعم يرشرش الماء في وجهها .. و هناك حشد من الناس تجمعوا حولها
- هل أنت بخير يا آنسة .. هل أنت بخير؟!
- أظنها لا تعرف الفرنسية .. مسكينة .. تبدوا ضائعة !
أخدت ثوان أستوعب أين أنا ؟! و ما حدث ؟!
ردد الشاب و أنا لا أزال بين ذراعيه .. لقد رفعنا مثل الريشة تماما
- آنستي .. يا آنستي
إنتفضت بحجمي الهزيل .. وضعني برفق .. أنتصب بقامتي على الأرض .. كان شاب فارع الطول . . تتدلى فوق جبينه شعر ناعم رمادي اللون .. لديه وجه قمري رائق و شارب بدأ يخط أول ملامحه بين قسمات وجهه
قلت بمضمض :
- شكرًا لك
- تعرفين الفرنسية
- آه أعرفها ..
- تبدين ضائعة
إرتبكت قليلا
- لا لست كذلك !"
- لا تخافي .. لدي أخت مسلمة مثلك !
- بصراحة أنا أريد بطارية .. هل لذلك واحد ؟!
- أرني أياها لو سمحت
أخرجت هاتفي من حقيبتي الملقات على الأرض .. لازال رأسي يدور و أحسه ثقيلا بين أكتافي
تفحص هاتفي قليلا .. رد بإمتعاض
" هذا النوع غريب .. أظن أن أختي لديها واحدة مثلها !"
- هل تقول بأنني لن أحصل شاحنة لهاتفه هنا
- لا يا عزيزتي
عاودني الغثيان مرة أخرى .. ترنح العالم حولي .. أمسكني الشاب بلطف من دراعي قبل أن أهوى على الأرض
شكرته بإقتضاب
رد
" أنت لست بخير .. هل آخدك الى المستشفى !"
- لا شكرًا . أحتاج الى شاحن فقط
- حسنا .. دعني آخدك الى منزل أختي
إرتبكت .. عبرت وجهي عن الإمتعاض
- لا شكرًا ..
كانت علامات الإرهاق و الغثيان واضحة على قسمات وجهه .. لم أملك سوى أن أثق هذا الغريب و أذهب الى منزل أخته كما يقول ... رددت أيات قرآنية في داخلي
أخدنا سيارته الجيب الى حي ذات طابع قديم ..
كانت الغثيان تراودني بين حين وآخر
ساعدني الغريب قليلا لأصعد السلالم .. أحس الوعكة أكبر من قلقي على دخول منزل غريب ..
..........
حاشية سام (٢)؛
أنت تقرأ
أهذا زوجي ؟! (رومانسي/ عاطفي )
Romanceفي ليلة مشؤومة، وجدت نفسي في فندق فاخر، وحيدة في جناح مجهول، بعد أن تم إجباري على الزواج من رجل لم أره قط. كل شيء حولي كان غريبًا، بدءًا من الحفل الكبير الذي شارك فيه الجميع، إلى السيارة السوداء التي نقلتني إلى هذا المكان الغريب. مرت الساعات ببطء، و...