سأدعوك الى زفافي

22.2K 878 567
                                    

كانت المطر تزوره مرة تلو أخرى من نافدة  خشبية  .. تصحب معها رياح البحر الباردة  في  غرفة يخيمها الهدوء .. في حي قد فطر الفقر جدرانها ..
يعيش الناس هنا أغلبهم في مطاردة و التسابق لإصدياد اللقمة اليومية دون هوادة و من خلفهم مآق موجوعة و أحلام منزوعة ... قد كبلها أيادي العوز و الحاجة دون صيد أو قيد ..

جلس  سام عند أحد الحوائط الرطبة الى طاولته الخشبية المهترئة .. التي إتخدت منها بعض الحشرات مفرا من البرودة ..
يده ترتعش مثل يد مسن .. فأشعل ما تبقى لديه من تلك الشمعة المحتضرة .. لعلها تعطيه بعض الدفء الدي يفتقده ..

مد يده  الى أحد كسرات الخبز  و كان قاسيا و سيئا .. فأشتد غضبه
الجوع يتكاثر في بطنه .. و الآلام تتناثر في عظامه ..
فمن أين له الطعام  و المسكنات !

لقد مرت الأيام و  نفد  ما لديه من مدخرات عندما جمد حساباته  المصرفية بأوامر من جده 
إستشعر  الإحراج  ليلتمس من الأرض شريطة صورة إعلان مرمية على شارع شقته !
( نحتاج الى ممرض )
..

اليوم  يسرت الظروف  أن يجد عملا في دار العجزة .. كممرض عمله الوحيد هو توزيع الأدوية !
.. ... 

.....
كان كبار السن هناك يستبشرون بقدومه كل يوم ..
يسلم على هذا .. و يعطف على ذاك !
يخرج ما في جيبه من مكسرات و سكاكر ليهديهم إياهم بخفاء رغم أنه كان ممنوعا !
يتحدث معهم و يضحك و كأنه في نفس أعمارهم و ربما اكبر !
.....
تطفل أحدهم بسؤاله
- هل أنت عازب  يا سام .. نراك تطول بقائك هنا و ترجع الليل متأخرا الى منزلك !
- لا أنا متزوج !
تابع بإبتسامة مشوبة
- و سأكون أبا قريبا
تهللت التهاني له و سعدوا في الخبر ..
- و أين هم ؟! هل يعشون معك في منزلك !
سرى في أوردته إنقباض مشوب بالأسى .. أجاب بنبرة ضعيفة
- كلا .. إنهما .. بعيدين عني ! و لكني أتفقد احوالهم بين حين وآخر .. لقد أخبرتني الخادمة أمس بأنهم عرفوا جنس الجنين و كان ولدا ' فما أشد فرحتي '!
- نفهم من كلامك بأنكما لستما متوافقين .. ماذا حدث ؟!
لم يستطع سام أن يمنع نفسه من البوح
- بدأ الأمر عندما أجبرت بزواج هذه الفتاة الصغيرة .. الخ !
...
بعد برهة ..
.....

ينتفض بدنه .. إنتبه رويدا رويدا  بأن دائرة من العجائز تحيط به .. و كأنهم يشجعونه  على البوح
تابع حديثه  متوترا
" قررت أن يجري الطلاق بعد الولادة  .. و لكني لا أظن بأنني  أستطيع التخلي عنها .. إنها ضرورية لي .. بكل حسناتها و سيئاتها ...

تردد خلفه  صوت معتدل
- إذن ماذا تنظر .. إذهب إليها !  هيا ..يا سام ! ماذا تنتظر  ؟!
تتناهى الأصوات " نعم .. إن كنت تحبها   لماذا لا تذهب إلها "
" هيا كن رجلا! و أستعد زوجتك و إبنك  ! "
" لا تفلتها من بين يدك "
إستطرد سام يصيح ..
" و لكنها .. لا اظن بأنني قادر على مواجهتها بعد كل هذه المدة  ؟! "

أهذا زوجي ؟! (رومانسي/ عاطفي )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن