المكيدة

18.1K 775 313
                                    

يوم كئيب .. لم أتوقع أنني سأعيش يوما لأدوق هذه المرارة ... تمتمت أليان  من خلف نافذة غرفة جلوس صديقتها وهي ترمق الشارع وقد تحول بفعل الأمطار إلى ما يشبه النهر الهائج !. لم هذا يا الهي ؟.. كل شيء حولي تنذر بالهموم و المصاعب ! 
تبدلت مشاعرها و كسل قلبها جليد الوحدة و التعاسة
تنهدت بزفرة مثقلة بالهموم
- هل سأعيش فقيرة ! هل سأرضى بقدري!
تململت صديقتها  عالية  وهي تزيل غطاء الصلاة عن رأسها ثم همست تكلم أليان :
-أتعرفين يا أليان  أنني أشفق عليك .. يا عزيزتي... أنت بالكاد على مشارف العشرين من العمر والحياة  بكل ما فيها من سعادة لازالت أمامك فاتحة ذراعيها... وبالحب والصبر تنالين ما تريدين... والرجل المتزوج الدي  تأسفين  عنه لا يناسبك ما عزمت أن تكوني عليه... فتاة قوية و غنية  ورقيقة وربما زوجة وأم يحلم كل الشباب بها !  . لو كنت بجمالك لما وجدت صعوبة في جذب أي رجل !"

- أنت غبية يا عالية .. كيف أخرج من حياتي الوضيعة هذه و قد أفلت سام من يدي  .. أنا أريد سام!  أريده  ..و إلا سأموت ..
صاحت عالية : 
-بالله عليك يا أليان ، كفى عن هموم و الضعف إنها لا تليق بك .. فبدلا من البكاء لماذا لا تفعل شيئا !
- ماذا أفعل ؟!
- مثل ما تعودنا أن نفعل عندما نريد أن نوقع أحد ا .. ألا تريدين أن تستفيدي موهبة و خبرة صديقتك ...
- أي موهبة هدا ..  تستطيعين أن تغيري صوتك و لكنك لا تستطيعين أن تخدعي سام ..
تابعت  أليان  بحدة: 
-لقد فعلت من قبل وانتهيت عندما إكتشفك  !.
- من قال لكي بأننا سنفعل هذا بسام !
لحظتها تقادف أفكار شيطانية في رأس أليان .. و هي تنتفض مثل قطة أغرقها المطر حتى الثمالة ..
عقلها يحوم في خطة خبيثة .. عيناها تجولان في الغرفة .. حاصرتها صمت شاردة و بالفعل لاحظ صديقتها التناقض في ملامحها الشاردة

انتفضت عالية  من على سجادة الصلاة متوجهة إلى حيث تقف صديقتها  أليان  ثم أخذت بيدها و هي تنظر إليها بحماس
- هيا قل لي بماذا تفكرين أيتها المشاغبة ! أنا أحب أليان القديمة !
أجابت أليان بشيء من الخمول: 
-وبعد كل هذا... ماذا سيفيدني  أن أعود الى أليان القديمة  .!... سأدعه و شأنه  ... ربما لأنه لم يعد  يحبني !... 
- ربما يحبك ؟! و لكنه قرر الإستسلام ! فكما تعلم جده ليس راضيا بعلاقتكما  ؟
ردت أليان بذهول
- أجل .. آجل .. لماذا لم أفكر بهذا ! كل هذا وراء ذلك العجوز العفن ... ليس إسمي أليان إن لم ألقنهم درسا ... هيا أعطني هاتفي ..
- ماذا ستفعلين ؟!
- سأتصل به .. و يتقلدين صوت لوسي .. أنت تتذكرين صوتها عندما كنّا في حفل الشواء
- أوه .. حبيبتي هل إشتقت إلي !
أذهل أليان كيف إستطاعت صديقتها أن تقلد  صوت لوسي الناعم الطفولي .. المتكسر !
- أنت فضيعة يا عالية ..
إستقامت أليان  .. وهي تحاول أن تتربع في جلستها، وقد أخذت بأطراف عبائتها  فجعلته بين ساقيها وكأنها تتجهز لتفضي بأمر جلل: 
- إسمعني جيدا و أحفظ كلماتي ذون أي مغالظة .. نحن على وشك أن نفعل حدثا فضيعا سنحرض بها العجوز تجاه سام !
ثم تابعت بحذر
- ستشتكين له عن سام و بأفعاله المجفف معك .. بدا من حادثة تركه لها  في المطعم بمفردها .. ثم موت جنينها .. ثم طلاقها .. و ستخبرين به أنه يستعد  لزواج  عشيقته   ..
- و لكن كيف تعرفين عن الحادثة تركها له في المطعم .. أم نخترع كذبة !
- لا حبيبتي إنها الحقيقة .. أخبرني بها أخي .. عن إغمائها في قارع الطريق .. تلك الليلة كان معي .. هه ما رأيك ؟! سنحرض العجوز و سيجعل من حياة سام كالجحيم !
أجابت عالية بحماس
- سيمضي كله كما خططت    يا حبيبتي... ويبدو بأنك ستجدين فتى أحلامك سام  قريبا بجانبك ... وستسبقينني إلى عش الزوجية...
رِن هاتف جد الياسر .. بعد برهة .. تناهى صوته الجهوري من السماعة
- هلو .. من معي ؟!
- أنا يا جدي !
- أهذا أنت يا لوسي ... إبنتي كيف حالك
ردت عالية مع شهقة بكاء مزيف يخالطها هدوء
- لا شيء يا جدي
رد الجد بصوت يشوبه القلق
- ماذا هناك يا إبنتي .. أنت تعرفين بأنني لا أعتبرك مجرد كنة .. أنت مثل إبنتي ! هيا حبيبة جدها !
تململت قليلا بعد آن تدفق الشكاوى من فمها دفعة واحدة .. و هي تسرد بتفاصيل و كأنها عاشت بتلك الحوادث .. ممثلة بارعة ..
........
.......
.......
كان سام في غرفة الإجتماع  و كاد الحوار يطول لولا تدخل  رنين الهاتف القوي بوضعية الصامت .. إلتفتوا إلى بعضهم البعض بهدوء.. إنحنى  إجلالا ، ثم إلتفت نحو هاتفه .. و كان الرقم الجد  .. إنتفض من جلسته  و سرت إخدرار في رجليه ،  أحس بأنه يقف  للمرة الأولى هذا اليوم .. فقد تحّمل الجلوس في ساعات الإجتماع الدي قد طال ..
حدثت جلبة تلاها صوت صارخ  من  وراء هاتفه  .. إعتدر للجميع .. و خرج من الغرفة
- ما يجري يا جدي ! ما الدي يحدث ؟!
- الله يخزيك يا مهبول .. يا ذيل الأفعى .. أنت قصبة فارغة .. أنت حمار أجرب .. حتى الحمار السقا أفلح منك .. صار طولك مثل الحيط و حتى الآن لا تعرف كيف تتحمل مسؤولية الزواج .. من الأفضل أن أعزلك من الشركة و أشتري لك سرجا و رسنا  تحمل فيه الماء يا حيوان !
- ماذا ؟! لماذا أنت غاضب مني الى هذه الدرجة ! ماذا فعلت !
- ماذا فعلت ! أعرف جنين الدي سقط بسبب إهمالك  ! خنزير ! كيف إستطعت تركها في المطعم وحيدة .. فقدت وعيها على قارعة الطريق .. كلب أعور ؟! ديوث !
- من أخبرك  كل هذا ؟!  هذا كذب ؟!
- إبنتي  أشرف منك يا ديوث ! من المستحيل أن تكذب علي !
سرت حرقة مؤلمة إستبد كيانه .. و تحول لسانه خشبة في بلعومه
تابع الجد بعصبية
- إسمع يا حمار .. سآخد أول طائرة من بيروت الى فرنسا ... و إياك .. أحذرك ! إحمد الله أن لا تشتكي منك عندما أعود .. و إلا شردتك أيها الوضيع  !
رد سام بنبرة خائبة يشوبها ثورة عارمة
- أنا آسف يا جدي .. أنا من اليوم لا أستطيع أن أستمر معك و مع لوسي ! سأترك الشركة و لا أريد أموالك ...
ثم قام بقطع الإتصال .. في عينيه بريق دمعة أبت أن تنزل .. و ظلت معلقة حتى خرج من الشركة ووصل الى القصر ...
كانت خيبة أمل كبيرة ! أحس بشظايا روحه و قلبه في كل مكان !
" لماذا فعلت ما فعلت يا لوسي ! كنت أحس بأنك لوحة باردة معي و لكن لم أظن بأنك تكرهني الى هذه الدرجة .. أنت أحرقتني يا لوسي ! سأتركك كما تريدين ؟! "
مسح من عينيه من الدموع بأصابع مرتعشة .. تمر أمامه ذكريات و أحداث متشابكة .. كشريط القطار السريع !
لقد تلقى كلمات قاسية كالسهام من جده و زوجته .. ففضل الإنسحاب و علامة اليأس بادية عليه ..
......

يتبع

أهذا زوجي ؟! (رومانسي/ عاطفي )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن