كانت أليان تحتضنها حالة الحزن .. فقد بقيت وحيدة حائرة أمام سيل من الأسئلة فجرها حدث واحد .. حادثة أسبوع الماضي !
سؤال واقف في حنجرة الصمت كطفل خائف..
أين هو بحق الجحيم ؟!
رمت هاتفها مثل القصف العشوائي على الجدار فتتأثر أجزائها في كل مكان ...
حدث همس من جهة جليسها
:" هل ستبقى يا عزيزتي كساعي بريد يحمل الرسائل ... لا يهمه أن يعرف ما فيها .. لنذهب الى القصر و نعرف ما يجري ؟! "
إستدارت ناحية إمرأة مكتنزة في الثلاثين ..
تنهدت أليان مبعدة احتملات الشك ، وانبرت كقطة تخربش على صفحة نفورها من الحرج ، وتساءلت بتردد فيه أنفاس ذكرى
: " هذا صحيح خالتي .. هل يعقل بأنه تخلى عني ؟! .. كلا ..سام يحبني كثيرا .. لكن ما معني أنه لا يرد مكالماتي و حتى رسائلي طوال أسبوع كامل ؟ .. هه .. من الأفضل أن اذهب الى هناك لأكتشف الحقيقة .. ولن أنذر أي نذر للخلاص من عقباه .. خير اللهم اجعله خير .."توقفت على حدود شرود .. تجول عينيها في الزوايا ...
افتعلت خالتها المكتنزة موقفا غير مهذب معها ..
" أعرف ما تفكرين يا أليان .. أرجوك لا تسبب مشاكل لنفسك أكثر من هذا "
ردت أليان بفعل إهمالها العفوي ..
" سآخد إحتياظاتي .. لا أعرف ما سأفاجأ "منحها ذلك قوة وتدبر كيفي من أجل إدارة اللحظات التالية .. على الفور تراءت لها صورة سام وشبهتها بالضوء الذي انتظر عند الشرفة ، تمنت أن تبقى تحت وقع هذا الحوار الذي فرّ من داخل ردهة مخفية في أعماقها كوطواط ..
هونت الأمر وطوت تنهب فصاحة عمتها : " لقد حكت لي عمتي حكاية عن شيخ يقيم بفرنسا بجوارها يقرأ طالعها عند العرافات هناك.. و ، .."تعكزت همتها قليلا على رغبتها في استرجاع تفاصيل كلام عمتها الراحلة .. تسلل إلى بهو تخمينها الحسابي غير الدقيق ، كادت تستسلم لهذه الرغبة الشيطانية التي تركتها بعد إسلامها لولا وقع نداء خفي لكزها من مشاعرها المحاذية لطرف هدوئها الخام ..
" أنت محقة يا خالتي ، لن اتبع ذلك المحرم شرعا "استند جسدها المرن على طرف ذراعها لبعض الوقت ودون أية مبادرة منها للتفكير بعمق ..
خاطبتها خالتها ذات الوجه الوقور
- هيا حبيبتي .. لنعرف ما يجرى ..
اندفعت خالتها نحو زاوية الغرفة .. أزاحت الستارة كأنها تستدعي السعادة بالدخول إلى غرفة أليان .. فتحت النافذة بشكل جزئي .. اندلق العالم الخارجي دفعة واحدة إلى الغرفة.. ليضيء الفوضى ... مناشير غسيل ، بجامة رطبة معلقة على مسمار طويل ، جهاز راديو عتيق ، قطعة قماش شلحتها ريح ... علب العصير الفارغة ..
قدمت أليان اعتذارا عن فوضى أشيائها بطريقة لا تخلو من الخجل الوردي
" آسفة خالتي.. أعرف أنك لا تُحبين الفوضى .. "
- لا بأس حبيبتي ..أتفهم فأنت شابة .. و كنت مثلك قبل أن اتزوج !دلفت أليان نحو الحمام .. أزاحت عن عينها أشلاء النعاس بالماء البارد ، واغتسلت من بقايا تعب واخز.. حسبت أنها تأخرت .. سيذهب سام الى العمل بعد الثامنة صباحا .. خرجت بعجل .. و رتبت سريرها نصف ترتيب ، نظرت إلى ساعة الحائط غير المضبوطة..
لبست عبائتها .. و ضعت بعض مساحيق التجميل على وجهها الضامر ..
أحكمت الوشاح في رأسها .. ثم تلقفت حقيبتها بينما يشقان طريقهما الى الخارج ..
تركت الستارة نصف مفتوحة ، وسلمت النافذة لعبثية الهواء المنتمي إلى شتاء بدأ يشيخ ..
أدارت المفتاح في غرفتها التي تفوح منها رائحة جسد يتخمر ، اشتعلت نظراتها بشيء يشبه حلما طارئا ، خرج معها ونزل الدرج أمامها كطفل ليترك الظل في الغرفة ،
و هي تردد :
- لن أعيش في هذه الشقة المعفنة .. سأعيش يوما في ذلك القصر و أكون سيدة .. سيدة مكرمة للجميع .. "
إرتسمت بسمة ماكرة في ثغرتها الحلو .. تخطو بإعجال نحو الخارج
احتملت خطواتها المستعجلة وفاء للانتظارها الذي تعودت عليه ..
ثم أخدا سيارة جيب قديم ..
........ ............ .........
الحاشية :؛

أنت تقرأ
أهذا زوجي ؟! (رومانسي/ عاطفي )
Romansaفي ليلة مشؤومة، وجدت نفسي في فندق فاخر، وحيدة في جناح مجهول، بعد أن تم إجباري على الزواج من رجل لم أره قط. كل شيء حولي كان غريبًا، بدءًا من الحفل الكبير الذي شارك فيه الجميع، إلى السيارة السوداء التي نقلتني إلى هذا المكان الغريب. مرت الساعات ببطء، و...