شفقة ناعمة

30.2K 836 28
                                    

و في تلك اللحظة , دخل سام الى الحمام , ليجدني عارية متربعة في حوض الحمام , جسم هزيل , و عينان غائرتان , و أطراف مرتعشة , إنتفض مذعورا , يتعثر بسيره الواهن القوي ..
... ماذا تفعلين أيتها المجنونة ؟!
أيتها المجنونة ؟!
سمعت صوته تقطن المرارة , و شعرت بيد تمسك بي و تسحبني بقوة من الماءالدي كادت أن تذهب بأنفاسي ..
شرعت بالبكاء على صدره , أغظي نفسي بنفسي , أضع يداي الهزيلتين على نهديَّ الصغيرتين الناعمتين
.." كم أنا بائسة ... و ضعيفة ... و مشلولة "
كنت خائفة .. كان ذلك مؤلما , عندما عجزت عن التنفس , لم أرغب الموت , أنه مخيف حقا ..
............
حملني بين دراعيه , و أنا لا أقوى سوى البكاء .. بكاء يشبه التفجع عن حياتي كله .. وجدني لأتحول الى طفلة خائفة .. مدعورة .. كنت أرتجف بين ذراعيه .. ووجهي محتقن بالألم , أرفض الإفتراق عنه , و هو يهدئني و يمسد راحته بشعري " إهدئي يا صغيرتي , إهدئي , أنا هنا , لن أذهب الى أي مكان "
وضعني الى الفراش , ثم غظا على البظانية جسدي العاري , فهبَّ أن يتركني قليلا .. ليأتي مسكنا لصداعي , و لكن تعلقت برقبته , أرفض الفراق عني , أخشى الموت لو تركني أن يفتك بي ..
إبتسم بإبتسامة ناعمة على تصرفاتي الطفولية , ثم همس بأدني " لا حدَّ لعنادك " ثم وضع يده على كتفي النحيلة ,و شدني الى صدره " نامي في حضني فهو أدفء من الوسادة "
...
ما ألذ هذا الشعور ,.. أشعر أني أطفوا في فراغ متهم , و بدأ صداعي يتفتت شيئا فشيئا , أشعر الدفء يدثرني بين ذراعيه , و فوق حضنه , يتغلغل الى قلبي المرهفة بالحنان و الأمن و الأنس , و كان يداعبني بأنفاسه القوية ..
سام وهو يمسد راحته بشعري كقطة أليفة " حبيبتي , زوجتي , أنا أحبك , و لكنك لا تدرين , إياك أن تتركني , و تفكري بالرحيل وحدك " ثم قبل رأسي بشفتيه الطريتين ...
.. ماذا يقول ؟! ماذا يفعل ؟! هل أوهم حقا !! لا يمكن أن يكون هذا سام , الجامد الكلمات , تورَّد وجنتاي ثم اصفر و صار كالزعفران , ما هذه الكلمات المخجلة التي تخنقني , و تمنعني عن النطق .. لم أستطع أن أرفع نظراتي اليه ..لماذا قال ذلك ؟! ليشعرني بالإرتباك , أم أنها لعبة اّخر من ألعابه حتى يقتل ملله , أم شفقة مؤقتة ..
ثم بعد فترة هدوء , أتى بحساء ساخن لذيذ , و أخد يدفعها في فمي , و قد علا في وجهي خجل طفولي .. أخد يناولني الطعام بصمت واجم , ما ألذ الأكل من يده ..
غريب هذه الليلة , أحس أنه بالغ في إهتمامه بي , متى بدأ يكترث لأمري , أنا أعرف أنه لا يحبني , من المستحيل أن يتغير مشاعر الإنسان كسرعة البرق الوميض , إنه يؤدي واجبه الثقيل فحسب , يا له من ممثل غير بارع , يبعث في روحي اّمالا كاذبة ..
نفسي الغبية التي تريد الدفء بأي حساب , أعدرني و لكن يجب أن أوقف هذه المهزلة السخيفة , و أكون قوية , و لا أحتاج لمثل هذه العواطف المخادعة
قلت بوجه متجمد " شكرا .. و لكني بخير الان .. لا مزيد من شفقة "
وجه اليَّ نظرات تصوب نحوي كالسهام , نظرات طويلة مستفيضة , تسمرت في مكاني .. و اضطربت تحت تأثير نظراته الهادئة , ثم تبسم , و قال بهدوء مبالغة أخافتني أكثر , و في يده كوب من العصير كان يشربها " الشفقة ! كلا يا صغيرتي ..فأنا أحبك كما أحب هذا العصير الديد , الحلو , و أتوخ لأدوق طعمك يا تفاحتي !! ثم مايل راسه .. " أطعمك , ثم حتى أشم رائحتك من جسدك الذي يفوح منها البراءة النقية ,,من يريد أن .. قاطعته ..
" توقف .. أنا لا أريد شفقتك الناعمة هذه !! أنت لا تحبني .. و إلا .. و إلا
سام .." و إلا ..ماذا ؟
جمعت الدموع في عيناي و أنا أقول" و إلا لما تركتني لوحدي كل يوم هنا .. " .. ثم بدأت أجهش بالبكاء .. دموع ناعمة تتدفق من عيوني الداكنه , و قد وضعت يدي على صدري الذي يحترق لوعة و حزنا , رأيته واقفا مندهلا .. لا يعرف كيف يتصرف !! شعرت بأنه يريد أن يبكي أيضا , عيونه الزرقاء يتلألئان ..
مسحت الدموع براحتي , وقد حل بيننا صمت , عيناه ثاقبتان ينظر إليَّ , و انتبه على أنفاسي المتلاحقه , و نهداي اللذان يرتفعان و ينخفضان بحرية تحت الغظاء , و التي لم أوطرهما بحمالة الثديين ..
شعرت بالإرتباك على نظراته , و رفعت يداي بحركة سريعة لتغظي صدري , أخفي لهثاتي , فاقترب مني بشدة حتى أحسست شعر ذقنه يخز في وجهي ,و يذغذغني , أحسست منه مشاعر مضطربة لا أفهم , شدني الى صدره , و كان به رغبة جامحة في أن يحتَّك جسدي ..
... لكنه تراجع الى الوراء ..ثم و ضع يده على يدي و قال " عزيزتي , أنت مازلت ضعيفة .. إستريحي , الوقت متأخر .. سأنام على الأريكة " و وجوم يصدع وجهه , و لكن يدي تحركت بسرعة فاقت تفكيري , فأمسكت طرف قميصه , و قلت مبهور الأنفاس , و الكلمات تتشتت مني " يمكنك أن .. أظن , أقصد نم هنا معي "
قال بسعادة غامرة " يا لك من زوجة صغيرة ناعمة !! كم أنت عدبة و رقيقة !!
ثم نام بجاني , و اضجع على الوسادة .. ( لا تفكرو بأي شيء , لم يحصل بيننا شيء بعد ) مجرد نوم بريئة , قد يبدو غريبا , و لكنه غرق في نوم عميق و بسمة جميلة في وجه

يتبع ...

أهذا زوجي ؟! (رومانسي/ عاطفي )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن