أنت جاريتي !

17.2K 653 144
                                    

أبعدت الغطاء الثقيل عن جسدي  بكسل ولا مبالاه اكتسبتهما بحكم العادة .. تململت قليلا في فراشي  وبقايا النوم تفّر من أهدابها كأسراب من فراشات النور الملونة، بعد أن رنّ جرس الساعة  قلبي .. أفتح  النرجس في عيني  بالق وانبهار.
تمّططت باسمه في سريري
- سام .. إستيقظ .. سام
أحس بالرضا والألفة . فكل ما حولي  قريب إلى نفسي وحميم .. الساعة التي تشير إلى السادسة صباحاً،  و سام معي طوال الوقت  حتى الأمس .. لم يفارقني و لو دقيقة واحدة .. أشعر بإنتصار رهيب في إبعاده عنها .. ، في جانبي الكتاب التي أعطتني سلمى   غفوت عليها و أنا أقرأ خطط مشوقة في إستيلاء قلب الرجل  ..
بعد ساعة ..
كان كل ما يحيط بي هاديء كأنني في مقبرة، 
جاءت الخادمة بفطورنا .. فنجان القهوة هو الحي الوحيد  وصفحات الكتاب الذي أقرأه.. الراحة  يحط على قلبي والدنيا غائم بمطار الصباحي التي أصبحت تزورنا هذه الأيام . و سام  يجلس  على الأريكة بجانبي. .. يرمى نظرة بطرف عينيه من حين لآخر
- لوسي  صغيرتي .. إنك تتعبني  أكثر مما كنت أتصور.
-أنا أتعبك أيها المتعب كيف..؟
- المكوث طوال اليوم في المنزل معك حتى الأمس .. السهر حتى الصباح في مشاهدة التلفاز .. وشرب القهوة حتى مرارتها.
-أنت متعب قبل أن ألقاك يا سام .
-هكذا تجدينني
-أجل أنت كذلك
-سيأتي اليوم الذي التهمك فيه
-تكون وحشاً
-تكونين آخر الزاد
-وتكون أنت آخر الارتحالات في هذا البحث
تبا إنه لا يعرف لماذا أبقيه بجانبي هكذا طوال الوقت .. اللعنة ؟! حتى هاتفه جعلته في وضع الصامت .. و أمسح إتصالتها بين حين وآخر !
مددت يدي لم تلمس سوى الفراغ.. أين هاتفه ؟!  تبا أين هو ؟! يجب أن ابحث عنه !
ابتسمت بتصنع وأنا أتناول فنجان قهوة كي لا يشك  مني و أعود  إليّ الصمود.. إقترب مني يواجهني ..دبدبات في قلبي فيتردد صداه في داخلي . خائفا يرتعش   كالماء ..
-  مابك يا لوسي ؟! لماذا تتوترين ؟
لاحظت هاتفه يلمع من خلفه .. رأيت صورتها ينبض على الشاشة .. شعر بهزات خفيفة .. حاول أن يتفقد حوله .. و لكني أمسكت بكتفيه لأديرة نحوي .. جعلت وجهه أمامي
- أنظر يا سام !
بدهشة
- ماذا تقصدين. يا لوسي ؟! أين أنظر ؟!
حاول أن يلتفت الى  الوراء و لازال هاتفه ينبض  .. لكنني جذبته نحو صدري بحركة رشقة ..
- هنا يا عزيزي .. هنا !
إقترب مني  .. حتى بدأت أشعر بحرارة أنفاسه تحرق عنقي .. بينما شفتاه تنزلق نحو أذني
- ماذا تريد  يا لوسي !
قلت بإرتباك .. عاجزة عن لفق أي أكذوبة ..
- هل تشم ! هل تشم عطري ؟!
- نعم أشمها ! إنها لذيذة جداً و رائعة !  
و كانت أنفاسه تزيد تهدجا متأملا خصلات شعري و رقبتي الرشيقة .. فأقترب مني بشكل خطير .. فتنهدت بتوتر .. رفع أنامله ناحية رقبتي مداعبا .. ثم تغلغل أصابعه على شعري  .. هممت بالإنسحاب لولا  ذراعه القوية أوقفتني و تجذبني نحوه أكثر .. يعانقني بتصميم
إرتعش صوتي
- توقف سام ..
رد بتحدي ماكر...
- تلعبين لعبة خطرة يا لوسي ! من يوقظ النمر من ثباته عليه أن يتحمل العواقب !
أمسك بشعري و لوى رأسي بقسوة بينما يطبع في رقبتي بوابل من قبلات دافئة .. يحاول إجباري على الخضوع و التجاوب لعناقه و قبلاته ..
كنت أصارع بين يديه كالبلهاء ليتركني ..
إبتعد قليلا مقطب الحاجبين و نظر إلي محذرا و منذّرا
- أنا لا أستجدي منك يا لوسي حين أطالب مراعاة لأقل و أبسط رغباتي !
نهض من جواري بسرعة .. لمح الهاتف ينبض من جديد .. دقق عنها بغرابة
- لماذا هاتفي هكذا لا يصدر صوتا عندما يتصل أحد كالعادة !
تسارع نبضات قلبي ..  إرتجفت مثل سحف النخيل .. عيناي ترمزان الأفق البعيد كالعادة عندما أكذب ..
- أظن أنه يحتاج الى تصليح .. أترك الهاتف و تعال الى هنا يا سام ..
أمسكت بطرف قميصه بسرعة البرق ..
دفع يدي تلقائيا
- لحظة .. سوف أرد الإتصال و أعود آليك ..!
هرول نحو الشرفة عندما لاحظ أنها أليان .. يا إلهي سوف تخبره ! ستخبره بما فعلت ! تبا لماذا أنا خائفة ،، أنا لم أرتكب خطأ .. إنطلقت ضحكة ساخرة في حلقي
- أنا من يجب ان تغضب .. أفضل موقف للدفاع هو الهجوم !
طال قليلا بمكالمته .. توترت قليلا .. 
لمحته يرجع غاضبا .. فدفنت عيناي في كتاب الدي لم أكن أقرأه كعادتي في الهروب .. تظاهرت بالبردة
نادني بنغم عدائي
- لوسي .. لوسي
إعتدلت في إستلقائي على الأريكة و اتكأت بيدي .. فرمقت إليه بنظرات الإزدراء و الإحتقار
- ماذا تريد يا سام !
شعرت من عينيه ببريق إنفعالي
- و تسألني ايضا بهذه الجرأة .. تعرفين ما فعلت ! لماذا قمت بإهانة أليان !
- لماذا أهنتها ! تسألني لماذا أهنت عاهرتك ! هذا وقاحة منك يا سام
أحسسته يفقد أعصابه .. مصدوما على كلامي ... هجم علي فجأة و أمسك بكتفي
- أنا أحذرك يا لوسي .. لقد تجاوزت حدودك هذه المرة
رددت بوقاحة جريئة
- و ماذا ستفعل ! سأهينها .. إنها عاهرة ..
- أنت تتعرضين لشرف فتاة عفيفة .. هل تدري ما تفعلين  أيتها الوقحة !
- عفيفة ! إنها تمثيلية فقط .. و إلا لماذا أرسلت لك رسالة تقول  ( سأهب  لك جسدي و أنوثتي .. تعال إلي الليلة ) كلماتها كانت واضحة المعني
- أنت تكذبين يا لوسي ! أين تلك الرسالة !
- لقد مسحتها ..
رفع حاجبيه .. و حرك رأسه بإستخفاف
- طفلة غبية .. هل تظن بأنني سأصدقك ! أنا آعرف هذه الفتاة خمس سنوات .. إنها لا تفعل شيئا كهذا أبدا ! يمكن أن يصدر أشياء كهذا منك و لكن ليست هي !
- انا .. كيف تجرؤ ! 
إرتعشت عضلة فكي من الغضب .. لم أشعر يوما في حياتي مثل ما أشعر الآن من مهانة و ذُل .. كيف طاوع له أن يقدح شرف زوجته . ينتهك حرمي .. بينما يدافع شرف عشيقته .. إمتلأت عيناي بالدموع  المتجمدة كقطع الجليد .. ضغطت أسناني ..
رفعت يدي لأصفعه و لكنه أمسك معصمي و قال
- أخطأت حساباتك  مع المرة الماضية  صغيرتي .. أطلب منك أن لا تكرري الخطأ "
ثم دفع يدي بقسوة.. و أبتعد عني  ..
بدأت  أرتعش مثل إمرأة في المخاض .. أعوذ و أمزق ما حولي .. الكتاب .. الوساداة .. و أتمزق من الداخل ..
يفاجأني بعيونه الغير مكترثة .. الباردة كالعادة
- هيا يا عزيزي .. أطلقت العنان و الغضب لتستريحي !
لا اصدق هذا ! هل جن ! ألا يهتم لوضعي ! كيف يمكنه أن يستفز إمرأة حامل ! ألا يهتم لحالتي "
أمسكت كتابي المتمزق آوراقه و رميت عليه بكل قوتي .. فارتطمت برجله .. تأوه بألم .. أمسكت بالفنجان ..
إقترب مني ثائرا .. أمسك يدي .. و لوى ذراعي حتى أفلت الفنجان و أنا أصرخ من شدة الألم
أحس بيده القوية تضغط بعنف على معصمي ..
رفعت يدي الأخرى لتخليص ذراعي من قبضته الحديدة .. و لكنه أمسك يدي  الأخرى ..
- هل جننت ؟! ماذا فعلت بك ؟!
- لن أسمح لك بتعرض ذرة واحدة في جسدي المقدس !
ضحك بسخرية مريرة
- جسدك المقدسة " و ماذا فعلت بها سوى أنني قلت الحقيقة !
- أولا و أخير أنا  إبنة بيئتي و تربيتي من صلب مجتمع لا يرسم الحب خارج إطار الزواج !  ! لا تمثلني بمجتمعك  العاهر .. أنا فتاة شرقية بكل ما تحمله الكلمة .. الرجل في حياتي لا يتعدى سوى الأخ و الأب و الزوج ..
أغضبه  ملامح  الزهو و الإنتصار  في وجهي
- أنظر إلي ما وصلتك شرقيتك يا فتاة ! لقد باعوك لي يا جاريتي المسكينة   ..
تسعرت شياطيني من داخلي .. لمح ملامح الغضب في وجهي.. وجهي الغليظ .. حاجباي الجانحتان .. الهالة السوداء في وجهي
قال بسخرية...
- هل انتمائك لى يثير فيك كل هذا الحنق...اعتادى الفكرة يا عزيزتى...انت لى ...شئت ام ابيت... أنت عاهرتي .. 
غابت عيناه كالومض و هو يسخر مني .. و لم يشعر إلا وكفي الدافئ تنهال بحرص شديد على وجهه ..
ثارت حنقه ..
حدقت ببرودة قاسية على وجهه
تأملني للحظات بنظرات مبهمة غير واضحة المعنى ..
أقلقني بريق عينيه الماكر . .. يبدوا كمن يخطط لكارثة رهيبة !
أمسك هاتفه .. وضعها في أذنه ..
ثوان ..  وترد صوت فتاة ناعمة ..
- هلو حبيبي !
- أهلا حبيبتي .. كنت أريد أن أدعوك  الليلة الى عشاء عائلية .. حفلة شواء بسيط
- حسنا .. سآتي !
وجه إلي نظرات باردة .. و كأنه يريد أن يعدبني بدعوتها ..
خاطبني بقسوة
- الآن سوف ترى كيف يعامل الجواري أيتها الحثالة  !
- هكذا تظن اإذن .. أنت لن تستطيع أن تستعبدني يا سام و الا أخبرت جدي عنك !
ضحك بمرارة سخيفة
- جدي ! ألا تعرف أنه رحل أمس ..
توسعت عيناي بينما أبلع ريقي بحرص شديد
- ماذا تقصد يا سام ؟! رحل ! كيف !
- نعم لقد رجع الى لبنان ! و لن يعود إلا بعد ست شهور يا غاليتي !
قفزت من مكاني و روحي تتهاوى مثل الطير .. يعلوا في وجهي شحوب برتقالية .. لم أنتبه أنني أقف في رجلاي  ..
إرتفعت أجفانه حتى بدت حدقتا عينيه الزرقاء ..
لاحت على شفتيه بسمة ماكرة
إقترب مني حتى لامست أنفاسه شحمة أدني ..
- هذا جيد !  ستقومين بخدمتنا هذا المساء ..
- و لكني حامل
- و هل تحمل طفلي بيديك أو في بطنك !
- كيف تكون بهذه القسوة !
- يقال بأن الحمار لا يعرف إلا العصى .. و أنت حمارتي لا تفهمين  إلا  قسوتي و تسلطي   ...

يتبع

أهذا زوجي ؟! (رومانسي/ عاطفي )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن