الحلقة الثانية
"صدفة ولكن .."دقايق و تلاقت أعينهم، بداخلها تسأل و دهشة من تلك المصادفة العجيبة التي جمعت بينهم؛ شرد في عيونها الحزينة التي تنبعث منها ألم و أسرار مكبوتة في أعماقها، ذات الملامح الرقيقة التي تبدو أصغر من عمرها غير واضحة المعالم بسبب كثرة الدمع المزروف من مقلتيها .
نظرتها تحمل الدهشة و الضيق في الوقت ذاته، تذكرت فعلته منذ قليل .. بدون أي كلمة تحركت من أمام الباب و أكملت طريقها .ظل طارق ثابتًا في مكانه دون حراك، شريدًا منذ رؤيتها .... إندهش إيهاب من حالته إلى أن آفاقه من شروده :
- إيه يا بني روحت فين تعرفها ؟
طارق نظر إليه بهدوء و قال :
-ايوة أبقى أقولك بعدين .. يلا عشان ماما مستنيةذهب طارق إلى تهاني في غرفة الفحوصات، بعد الإنتهاء أعتذر طارق لعدم مقدرته على الذهاب الآن، على أن يعاد النظر في الأمر مساء اليوم كي يعيد تهاني إلى المنزل لأنها تبدو مجهدة .
في مساء اليوم الحالي، خاصًة في غرفة طارق .. يجلس على فراشه يفكر في تلك الفتاة العجيبة التي رأها ظهيرة اليوم، على الرغم إنه كان منزعج منها قليلاً منذ ما حدث .. إلا أنه تعاطف معها عندما ألتقى بها بالمشفى .
لم يفكر بما حدث كثيراً، و أعتبره إنها مجرد مصادفة ليس إلا من الطبيعي أن تحدث .... تناول هاتفه و أجرى إتصال بإيهاب كي يتنزها قليلًا ...******************
شعورنا في بعض الأحيان بوجود جبل كبير راسخ على صدورنا .. نشعر بعبء كبير ﻻ نستطيع إحتماله؛ فقدرتنا على التصدي قد نفذت و لم نعد نحتمل بعد الآن متكئة على فراشها بشرود و حزن كالعادة، أصابها الكلل و المشقة منذ غياب هاشم الجوهري و دخوله العيانة المركزة .. أصبحت هي كل شيء فوق عاتقها و كل يوم يزداد الحمل أكثر و أكثر، إلى أن أعصابها لم تعد تحتمل أي صدمات بعد .
تعالت صوت قرعات باب الغرفة إلى أن سمعته سلمى .. دخل يوسف مبتسمًا بعدما سمع الأذن بالدخول ...
إقترب من فراشها و جلس على أطرافه .. نظر إليها في حيرة و حزن على حالها الذي تبدد يوم بعد يوم .
ربت على يديها مبتسماً و قال :
- ها الجميل سرحان في إيه ؟!
إعتدلت سلمى في جلستها، ترتسم على وجهها معالم الحزن، و لكن نظرت إليه باسمة كي تخفيه و قالت :
- ولا حاجة يا يوسف أنا كويسة
تنهد بحزن و ضم يداها بقبضته، نظر إليها بحزن قائلًا :
- مش عايز كل ما ترجعي من عند بابا ألاقيكِ في الحالة دي
لم تتحمل كتمان ما بداخلها أكثر من ذلك ، خاصًة عندما سمعت تلك الكلمة التي أثارت مشاعرها، إنتفضت عيناها من البكاء قائلة :
- وحشني أوي يا يوسف
تحرك يوسف و جلس بجوارها و ضمها إليه بحنان .. ربت عليها و قال بهدوء :
- أن شاء الله هيقوم لنا بالسلامة .. بس قولي أنتِ يا رب ملناش غيره
تنهدت بحزن و هي تمسح دمعة سقطت من مقلتيها قائلة :
- ونعم بالله .. يا رب
إبتسم و أكمل قائلًا :
- طب قومي بقى عشان العشا
تنهدت بحزن و قلة حيلة ثم إستردت قائلة :
- لا مليش نفس كل أنت
أبعدها قليلًا عنه .. ثم مسك يداها و أرتسمت على شفاتيه إبتسامة رقيقة قائلاً :
- ده كلام بردو ! ، أنتِ عارفة إنك إللي بتفتحي نفسي على الأكل ولو مجتيش أنا مش هاكل ها
إلتفتت إليه بنظرة متعبة وقالت :
- عشان خاطري يا يوسف بجد تعبانة مش قادرة .. الكلية مع الشركة هنجت
تنهدت بحيرة من تلك العنيدة، ﻻ يوجد سوى طريقة واحدة حتى يجعلها تبتسم، و تستعيد حيويتها من جديد .. وقف سريعًا و قام بحركات فجائية بنبرة مرحة قائلًا :
- ماهو عشان كده لازم تكلي هقوم ولا ازغزغ
إنقض عليها على الفور و بدأ بدغدغتها ، لم تتحمل سرعته .. تعالت صوت ضحكاتها و هي تقول :
- ههههه لا خلاص حرمت يا بيه .. قايمة أهو