بارت 15

9 0 0
                                    

الليل مازال باسط جناحيه على وسعهما وقد زُينا ب مجوهرات كريمة تخفف من حدة لونهما الأسود القاتم

مقتطفاتٌ من ذكريات جمَّى تهاجم بشراسة ذاكرة جا اون
ما حصل عليه من خبرة في هذا العمر القصير الذي عاشه للآن .. كفيل ليخبره بأن الأشياء  التي تحدث في مثل هذه الساعات عادةً لا تمد بالخير بصلة 

لِمَ يصرون دوماً إلى اللجوء إلى الليل في كل مرة يرتكبون معصية فيلوثونه بما هو بريء منه و يخربون الصورة التي وُجِدَ من أَجلها
يغترون بستائره المظلمة التي يلقيها على الكون فيلبث كل مافيه نيام فَيُهيء لهم  أن الستائر تلك التي  قد حُرص على تزيينها بمصابيح شديدة اللمعان حتى تضفي بعض الجمال فوق جماله
وتخفف من سوداويته ويجد الشعراء ما يتغزلون به في حضرة الليل فيحبوه ويتشوقون للقياه رفيقاً انيساً متفهماً لهم يمنح البائسين من البشر بعض الخصوصية ليفكرو جيداً بعيداً عن صخب الحياة
ماهي إلا يد مساعدة لهم تخبرهم بطريقة أو بأخرى أن يحرقوا قدر  ما يستطيعون من النفوس حية

ولَربما يظنون أن ما يلقي الليل من تهويدات تُعدُّ جواز سفر سريع ل ذهاب إلى دنيا الأحلام ماهي إلا استراتيجية يستخدمها الليل كي يفسح لهم المجال بفعل ما  يهوون دون خوف

صراخ تَعبُ يستجدي ظلاً لبشري يختبئ خلف أستار الليل يدوي كما انفجار حَصل في الفضاء
يرقص فوق معاناته و احتضار أمله على جمر أخرق يشتعل لهبياً أكثر فتصرخ أكثر

ينجذب أكثر لها وكأن فضوله ينمو على استغاثاتها
تضح نبرته وما يختلج فيه من كلمات كلما اقترب

يُخبئ جسده ذا القامة الفارعة خلف ما يجده في طريقه ألا يلحظوه
بعد أن أضحى خلف برميل ربما طل برأسه يحاول استراق بعض النظر لكنه وجد أن الصورة لم تضح للآن

عليه الإقتراب أكثر..
وزع نظراته نحو ما يترائى له من خيالات لأشخاص مبهمة يحصيهم فرداً فرداً
ولما اقترب بضع خطوات بخفة لاعب بهلوان يتمايل بجسده النحيل على حبل مرفوع أمتار فوق الأرض
اتضح له ما كان مخبئ خلف العتمة
مصدر ذاك الصوت الأنثوي الذي يتلوى ألماً على مسمعه ماهو إلا شابة عشرينية تحاول بيأس أن تتخلص من قبضة رجلين يحيطان بها ونظرات ثلاثة  رجال يرقبونها
ورجل منزوي بنفسه بعيداً عنهم يملي عليهم الأوامر
هو كان من يتلقى شتائمها اذاً

يشوب ذاك السكون صوتها مكسوراً مكتسي بعباءة مرقعة من الثبات "ستندم"
فيجيب ذاك الزعيم مستهزئاً"أجل أجل بالطبع"

ترتفع زاوية شفاه جا اون ساخراً" ستة رجال مقابل امرأة!  واثنان منهم يحكمون عليها بقبضاتهم "
يسكت ثم يكمل بعد أن شعر بأن هناك نكتة ما " هل هم رجال ضعفاء أم تلك المرأة من الفولاذ ربما "

يدفعون بها كل حين لتمشي خطاها متعبة نحو سفينة لا تُطيقها
تُنزل وجهها نحو الأسفل تَرمق الماء باستغاثة صمت
عيناها التعبتان تحاول جاهدة فتحهما لكن عبث
أحبَّت فجأة  المياه الثائرة على جبروت السفينة تلطم جوانبها تزمجر في وجهها تصيح بها وتخاطبها أن أخرجي من مياهي! 
وتلك السفينة صماء عمياء تماماً كما هو وو بين
تخاله أعمى
لأنه يرى الحياة من منظور يدمي البشر جروحاً لن تشفى ولا يرمش له جفناً على ما يفعل

ثقةٌ حلوة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن