بارت 12

13 0 0
                                    

"را ون هل انتهيتي؟"
سألها ضجراً متذمراً مِن تأخرها.. خمس دقائق من المفترض أن تنتهي منذ ساعات
لديه رغبة جامحة في داخله أن يفتح الباب فقط ليعرف ماذا تفعل.. لكنُّه يخشى أن يرى مالايجب أن يراه
أتاه صوتها من الطرف الآخر للباب من داخل الغرفة
"دقيقة فقط"
تمتم بينه وبين نفسه
هناك تطور!...لقد كانت هذه الدقيقة..خمس
أهذه بشارة خير أم شر!
"اسمعي سأعدُّ ل ثلاثة..إن لم تجهزي سأدخل وأُعذر من أَنذر"
-لا لا تدخل
-واحد 1
-كريس أرجوك
-اثنان2
حتى خاطبته بحدة -إياك..
-ثلاثة 3
ودخل إلى الغرفة -لقد حذرتك
حتى وقعت عيناه عليها..تحاول جاهدة ارتداء قلادتها حتى علقت بشعرها
رمقها في ذهول وقد تغيرت ملامح را ون تدريجياً
من خوف إلى ترجي حتى بدأت تدمع عيناها "كريس ساااعدني"
-يا إلهي.. اهذا سبب تأخرك..لو أخبرتيني من قبل لكنتُ ساعدتك ولكنُّا الآن في طريقنا
-أسفة
بدأ يقترب منها تدريجياً وهو يحاول نزع القلادة عن شعرها المتشابك
أحسَّت بأنفاس دافئة تصدم عنقها من الخلف
وشعور غريب يعتريها.. وارتفاع في درجة حرارتها ..
أمَّا قلبها فكاد يخرج من مكانه
وباتت دقاته مسموعة "را ون اهدئي" ..خاطبت نفسها
لَم ينتبه للأمر حتى أحسَّ بخفقان قلب را ون المتسارع واحمرار وجنتاها من على المرآة
هناك لاحظ..  كم أنا قريب منها!
سرح قليلاً..وفكَّر.. خطر في باله السَّحرة..وتسائل
هل هي ساحرة..تلقي سحرها فيَّ من غير استئذان..تصبُّ كل ما تعلمته من دروس في الحب عليَّ..تجعلني مغرماً بها....
أوتراني أغرق في بحر حبٍّ لم أَحسب له حساب.
يستذكر ضحكتها..
تباً لتلك الضحكة الملائكية.. ثقبت سفينتي وتسرَّب الماء منها تدريجياً وأوشك على الغرق..
وغدوت أحبُّ غرَقي
أنشدها.. أغمريني..أمسكي بي واسحبيني في مياهك
كوني لي حورية..
شجرة عطشى ارتوت بك..
وبذرة.. نمت بك..
منذ متى وقد تملكتيني!.. يتأمل وجهها
 إن في عيناها حزناً.. لا شكَّ تَذكُر يول .. وكم أصبحتُ أحسده الآن!..نال قلباً لن ينساه
بتُّ طامعاً في قلبها.. لا كلها.. رغبتي بها تكبر..
منذ متى بدأت أرغب بها!
كانت خطوات كريس تقترب منها أكثر فأكثر
وريحيها يخترق جسده يُشعل فيه ناراً لا تهدأ لا تخمد يخاطبها انطفئي!  ولكنها تتقد أكثر
عبقها ك عبق الزهور حين يجذب الفراشات إليه
أوتراه أضحى فراشة وأضحت زهرته! 
قوَّص ظهره قليلاً..وقرَّب جسده منها..احنى رأسه  قليلاً.. حتى لامست شفته عنقها..وطبعت عليها قبلة!
أحسَّت بشيء ناعم رخو يلامس عنقها..لمَّا سقط بصرها على المرآة لتراه خلفها منحني الظهر..وأدركت..فتجمد الدم في عروقها.. وخَدرٌ مؤقت أصاب جسدها
عندما كريس فصل القبلة وافترقت شفتاه عن عنقها
أحسَّ وكأنه كان في غيبوبة استفاق منها..
ظهر را ون يواجهه..لكنه رأى تعابير الذهول و حُمرة في وجهها..
فجأة فكَّت يداه تشابك القلادة بشعرها بسرعة فتهاوت على الأرض
وصدى ارتطامها تكرر في مسامعها..
"سأنتظرك خارجاً في السيارة"
غيَّم وجهه..خاطبها بالتالي..ثم همَّ مسرعاً مغادراً الغرفة فالصالة فالبيت بأكمله.
كان علي أن اعتذر لِمَ لَم أفعل..لا لست متأسفاً..
أنا لستُ نادماً..لكن لماذا لستُ نادماً؟
بعد خروج كريس من الغرفة بقت شاردة.. تُحاول استيعاب الأمر تقنع نفسها أن الأمر حلم..
لكنَّ خفقان قلبها ليس بحلم! حرَّكت رأسها ببطئ نحو الساعة المعلقة في الحائط لتهتف"لقد تأخرت!"
تحاول لملمة شتات نفسها المتبعثرة وترتب شعرها ثم تخرج من الغرفة وتهم بالانصراف
وجدته متكئاً على السيارة ينتظرها..يتجنب النظر إليها..
ركب سيارته ثم انتظرها لتركب وأدار  المحرك ثم انطلق بلا كلمة واحدة ..بعد مُدة..تمتم بكلمات شبه مسموعة "آسف"
غيرُ راضٍ عن الاعتذار.. لكن ماذا عنها؟ ربما هي تمانع ما حدث!
لم تتفوه بكلمة
.... يول أنت لا تمانع صحيح! كلاهما يستائل
في الحفلة..تلك
تصدَّر صديقه القاعة ثم ألقى كلماته" أشكر حضوركم جميعاً للاحتفال بعيد زواجي"ليمد يده فتحاصر خصر امرأة كانت عروس الحفلة ويقرِّبها منه وأكمل "مع عصفورتي"
وتعالت التصفيقات المدمجة مع عبارات التهنئة والتمني بحياة أفضل معاً..
ومن ثم انتشر المدعون كالنمل..
كريس. هبَّ في إلقاء التحية على  الضيوف
واستغلال هذا اللقاء في بناء علاقات تخدم شركته
أمَّا را ون فكانت في ركن زاوية آخر الصالة تحدق ب كريس بعينيها البعيدتين
أقترب منها أحد الشبان..مدَّ يده:هل برقصة؟
تلبكت..ارتبكت..وجهت نظرها لا إراديا إلى كريس كأنها تنتظر شيئاً منه..عندما وجدته مشغولاً غمامة يأس كستها..ضحكت بلطف شاحب  وقبلت الدعوة..
كان الشاب قريباً منها جيداً..بشكل غريب لم تكن مرتاحة..
لمحها كريس ..في البداية ظنَّها فتاة أُخرى..في الواقع هو تمنها لو تكون فتاة أُخرى.. عندما أمعن النظر..وجدها را ون.. ألا يمكن أن تكون شبيهتها!..يُحكى أن لشخص تسعةٌ وثلاثون شبهاً ويكون هو الأربعين
ألا يُمكن أن أجد لها شبيهاً في هذه الحفلة وتكون تلك الفتاة ليست إلا شبيهاً تحمل روحها ملامح را ون و ثنايا ابتسامتها
وحتى رنين ضحكتها
وبلغة عيونها !
شَحِب وجه كريس عندما أدرك بأنَّ الأربعين شبيه أضحوا الآن واحدة ترقص مع شاب أمام ناظريه! 
را ون واحدة... لا يمكن أن يكون  أحد يشبهها في هذا العالم
يول أدرك ذلك جيداً..ولهذا هو حماها.. 
لا يريد من فتاة تنحدر من سلالة ملكية اتضرت ذات مرة أن تختفي عن العيان لتحمي نسلها!
هناك الكثير من  يرغب بالحصول على ذاك النسل
نسل مهدد بالانقراض..يَحمل في تجاويفه ألف ألف لعنة للحب..والف الف لعنة لروح.. للحياة... للضحكات.. 
كيف تسحرك بضحكها!
هي تعرف ذلك جيداً...
خارج ذاك الصجيج والصخب.. واللهو والسَكر المُسرف..
في الشارع  القريب من ذاك المنزل الأشبه بالقصر
اصطفت سيارة لا تزيد السيارات المصطفة إلا عدداً
لا تختلف عنها بشيء سوى أنها أكبر حجماً
ذلك الرجل الثلاثيني ببذته المعتادة عندما  أوقف دوران المحرك ألقى اتصالاً.. فلما أغلق هاتفه
أشعل سيجارة ثم خاطب مرافقيه
واحد بجانبه
وقرابة خمسة أشخاص خلفه
خاطبهم: 
أمستعدون؟
فهتفو بصوت واحد: أجل...
هَمَس في نفسه.. ليتردى صداها خفيفاً في أذنه
يمتزج مع سكون الليل ..
را ون.. قصتك طالت. كثيراً
ألم يحن وقت النهاية!

ثقةٌ حلوة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن