بارت 19

13 1 1
                                    

صرير عجلات السيارات وهي تسحق الأرض الصلبة من تحتها  تدوي في الأرجاء.. وأضواء المحلات تزحف على وجوه الناس المارين بغير اكتراث
كانت قد أضاءت إشارة المرور في اللون الأحمر الذي بدا واضحاً في ظلمة الليل
وبالقرب من الإشارة توقف جا اون ويداه مدسوستان في جيبه ونظراته القلقة  تكاد تلسع را ون

وجه را ون خالي من التعبيرات
لكن الأمر الجيد هو أن مرضها لم يزداد سواءً بعد حادثة الصباح

تغير لون إشارة المرور ليسارع المارة في عبور الشارع ك قطيع من الذباب الهمجي

أمسك جا اون بيد را ون ومشى بها إلى الجهة الأُخرى عندما رأها ساكنة لم تتحرك

كاد يصلان إلى المنزل لمَّا قالت را ون بصوت خافت قريب للهمس: لا رغبة لي بالذهاب إلى المنزل الآن

لم يكن جا اون متأكداً مما سمعه بسبب صوتها المنخفض النبرة فاكتفى بالصمت حينما أكملت لكن بنبرة أعلى: جا اون دعنا نتمشى قليلاً ثم نعود

رفع جا اون إحدى حاجبيه استغراباً ثم زم شفتيه وقال مطاوعاً:حسناً إلى أين؟

"لا يهم فقط خذني " أجابت را ون

بدأ جا اون يفكر بصمت ثم ما لبث أن قال حينما أتته فكرة:وجدتها..  تعالي اذاً 
وقد أحكم إمساك يدها وهمَّ بها يجري

~بعد برهة~

"جا اون..جا اون قلل من السرعة هل ترغب بالموت اليوم؟" خاطبته بهلع و ذعر حقيقي
بينما السيارة التي كان يقودها جا اون كانت تقطع الطرق كأنها في سباق للسرعة وعلى وشك الطيران

"را ون لا داعي للخوف.. فقط ثقي بي واندمجي مع إيقاعات سرعتها..
في هذه السرعة را ون ستشعرين إنك في رحلة إلى عالم آخر.. ستنسين كل شيء وتتلذذين بتقاطيع الطرق والهواء الذي يضرب وجهك بخفة ويلعب بخصلات شعرك.. ستسابقين النجوم والقمر أينا أسرع"

أضافت را ون بشيء من السخرية: وسنموت أيضاً
أردف جا اون دون أن يلتفت إليها وعيناه مثبتتان على الطريق "احتمال وارد عزيزتي"

أدهشتها بساطته في قولها فضحكت من غير شعور بخفة

علق جا اون ملاطفاً "وأخيراً تلوَّن وجهك بإحدى ألوان الربيع را ون "

انتبهت را ون على ابتسامتها فأردفت بخجل وردي زين وجنتاها "حسناً..أنا.. لا أقصد ذلك.. فقط أنا دُهشت ببساطتك"

-بساطتي!
أومأت را ون بالإيجاب "نعم"
-وكيف ذلك؟!
فأكملت را ون في شرود "أراك تعيش لحظات حياتك بطريقة صبيانية يشوبها العفوية... لا تبالي بغد أو ببعد غد لا تفكر إلا في لحظتك الراهنة.. فقط لاحظت ذلك فيك"

تبسم جا اون بلطف وأردف"ذلك أن ما نعيشه هو حاضرنا را ون.. أما غدٍ فربما لا نعيشه ولربما نفعل
لماذا نفسد علينا لحظتنا من أجل غدٍ ربما لن يأتي أو من أجل حزن ربما لن يصيب"

ثقةٌ حلوة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن