19

783 27 0
                                    

❤اريد روحا❤..
الجزء التاسع عشر ..

حيث كبر كل من سامي وهيام ..واصبح عليهم الذهاب الى المدرسة ..وكانت سهير هي من تهتم بمثل هذه الامور ..وتتواصل مع مدير المدرسة والاساتذة والمعلمات ..وكم من المرات التي كانت تطلب من زوجها ان يعطيهما مصروفا خاصا حتى يشترياشيئا في وقت الفرصة ..الا انه كان يرفض ذلك رفضا قاطعا بحجة عدم اهلية البضاعة ..فكان يشتري لهما الفواكه ..ويقول لسهير ان تعطيهما طعاما من المنزل ..مما ازعج الولدان اللذان كانا علامة فارقة في المدرسة كلها ..وكانت تعطيهما امهما احيانا من مصروفها الخاص الذي كان لا يكفيها احيانا ..ومع هذا فكانت تحرم نفسها لتلبي طلبات ولديها ..وهنا لا يمكننا ان نتهم همام بالبخل ..بل هو يحب ان يضع كل شيئ في مكانه ..يحب النظام ان صح التعبير ..مع انه لابأس ببعض الشواذات احيانا ..فهي تضفي رونقا خفيا على حياتنا ..واستذكر ايام طفولتي... كم كنت افرح عندما تبدأ الثلوج بالهطول في ايام المدرسة ..فياتي المدير ليخبرنا ان من بيته قريبا يمكنه العودة الى المنزل قبل انتهاء الدوام ..وعلى الآخرين الاتصال بذويهم حتى ياتوا لاحضارهم ..كنت اشعر ان جليد النظام قد حل ..ويمكنني التنفس كما اريد ..واجد نفسي واثقة اكثر في التحدث الى المعلمات ..كانت اياما لا تنسى... فعلا الشواذات احيانا لا بد منها فهي اشبه بالبهارات التي توضع في الطعام ..

واعود لاخبركم عن همام ..وطبعه السيئ الغير مقصود ..فقد اصبح يحب العيش منزويا ..يكره ان يسمع ضجة الاولاد ويتذمر منها ..فكان يذهب صباحا الى عمله بعد ذهابهم الى المدرسة ..ويعود ليستقر في غرفته وحده... حتى انه اصبح ياكل هناك ..ثم يذهب ليلا لزيارة اصدقائه ويسهر معهم ليلعب لعبة الطاولة ..ويعود الى غرفته وينام فيها ..اصبح يعيش ضمن هذا النظام متناسيا مشاعر سهير ..التي تزوجها وهي في اول مراهقتها كالورود تفوح منها رائحة الامل... ثم اذبلها باهماله ..ومنعها من التزاور مع الجيران ..كما تريد ..وفرض عليها نظاما قاسيا ..كانت سهير تتذمر من هذا الوضع .وكلمة شكر واحدة قد تكفيها لتتقبله لسنة كاملة ..ولكن هيهات ..فقد غاب عن ذهن زوجها هذه الامور ..فبدل ان يقصر المسافات بينهما بالتنازل عن مستوى عمره وتفكيره ان صح التعبير ..فقد باعد بينهما ..وحلق الى سماء الوحدة ..ولم يكن هدفه ايذاءها البتة ..بل  كان هذا ما يتطلبه سنه فهو يمارسه بانانية تامة ..متجاهلا ما تحتاجه الزوجة من كلمات حانية ..والتنزه مع الاولاد لتشعر بحميمية العائلة ..وما كان يزيد حزنها هو تذمر ولديها عندما يقصان عليها ما يسمعانه من اصدقائهما ..عن رحلاتهم في ايام الصيف ..ولم يكن بمقدورها سوى السماح لهم بالذهاب الى الرحلات التي كانت تقرها المدرسة في نهاية العام ..حيث كانت تدخر بعض المال لهذا الامر ..ولا تشعر بالافلاس المادي في ذلك اليوم بل تقف على الشرفة لتودعهما بابتسامة الامومة وتتمنى لهما يوما سعيدا ..وبالطبع فان همام لن يلاحظ غيابهما ..لانه دائم الغياب تلقائيا عنهما ..الاب الحي الميت ..هذا ما فهمه من الزواج والعائلة ..وكانت سهير هي الوسيط بينهم ان كانا يحتاجان لمستلزمات معينة من ملابس وقرطاسية ووووو.... وكان همام يظن انه بالمبلغ الذي يدفعه على الرغم من ضآلته يعد كافيا ليريح ضميره تجاه عائلته.. وكانت سهير لا تذهب الا الى منزل اخيها ..وتتحمل اهانات رنا المتواصلة لها ..اين هي كلماتها الحسودة !!?/لقد تلاشت عندما لاحظت الحزن في عيون سهير ..وتحولت الى كلمات شماتة ..فكانت في كل مرة تسالهاعن زوجها ..وتجيب بنفسها: لا بد وانه في مخبئه ..من كثرة ضجيجك انت وولديك ..او ربما ذهب ليرفه عن نفسه في ربوع اصدقائه ..??!!
ثم تطلق ضحكتها التي كانت تعد كرصاصة قاتلة ..ولكن بموت بطيئ في قلب وروح ومشاعر سهير ..التي كانت تحاول اخفاء وضعها ..ولكن هكذا امور واضحة وضوح الشمس ..وتساءلت بينها وبين نفسها :ان ارادت الطلاق ..فماذا ستكون حجتها??? هل ستقول ان زوجها لا يهتم بها ..واي حجة ضعيفة هي هذه في مجتمعاتنا الشرقية ..التي تعد طالبيها ناقصي عقل وليس ناقصي عاطفة ..ولا يتفهم هذه الحالة السوداء الا من عاشها ..

ومرت السنين وكبر سامي وهيام ..واصبحا في الصفوف العالية ..فهما لا يتجرآن ان يرسبا فالويل لهما ..واصبحت سهير في سن الثالثة والثلاثين ..اما لفتاة في عمر الثامنة عشر ..هل تتفهمون ما معنى هذا ??"!!فتاة في مقتبل عمرها ..بنت لامرأة في اول شبابها ..حرمتها الظروف من حنان الزوج والاب والام ..وعليها ان تغدق على ولديها ما حرمت منهما ..فكانت تنصحهما وتعظهما ..ولا تتركهما ابدا...فتودعهما وهما ذاهبان الى الجامعة ..وكانهما لا زالا في صفوف الروضة ..ولا تعلم متى تاتي رهام لتخبرها بوجود شاب يريد طلب يدها للزواج ..

يا الهي !!!لقد مرت السنين مر السحاب ..وتلك المراة كانت بريئة بكل ما للكلمة من معنى ..فهي لم تعاشر اناسا بما يكفي لتفهم خبث الحياة ..وجلست ذات يوم على الشرفة لتتأمل المارة ..وصادف مرور امرأة غريبة ..

فابتمست لها من البعيد ..ثم اقتربت من الشرفة وقالت :مرحباااا... انا جارتكم الجديدة ويسعدني زيارتك لي في القريب العاجل!!

ترى ما هو دور الجارة الجديدة في حياة سهير ..وهل سيسمح لها همام بالتواصل معها ??هذا ما سنراه في الاجزاء القادمة ..
ليلى مظلوم

اريد روحاً (مكتمله)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن