الفصل الخامس والاربعون 45

437 22 21
                                    

الفصل الخامس والاربعون 

خرجت رابيا بعد طول انتظار من غرفة العمليات ...هرع جلال لها ليعرف ماجرى لإبنه وجودا ...فسألها وهو خائف فزع ..فإبتسمت رابيا وقالت : مبارك لك لقد رزقت بصبي جميل ..وجودا مرت بوقت عصيب جداً ولكن تداركنا الامر الحمدلله لكن ستحتاج يومان قبل ان تستعيد وعيها ...فجسدها قاوم كثيراً وهي منهكة القوى ...انا هي بخير ...فأطرق جلال برأسه وقال بلهفة : هل استطيع رؤيتها ..فقالت رابيا : نعم بالطبع لكن لاتحدث صوتا ..فهز جلال رأسه بالموافقة ودخل ليراها اقترب منها يريد لمسها لكن يخاف ان تفيق فسلمته الممرضه الطفل ليحمله وهنأته فحمله وعيناه تدمع فرحاً ...فأذن في يمينه وأقام شماله ليكون اول مايسمعه صوت الاذان .. واحتظنه بحب واخذ يداعبه ...وجلس بجانب جودا ينظر لها بقلق يدعوا من الله لها بالشفاء ,,, وقضى جلال يومين يقرأ لها القرآن عند رأسها ... واخته سكينه تهتم بالطفل حتى بدأت جودا تستعيد وعيها ففز جلال من مكانه لما تحركت وفتحت عينها وقبل يديها بسعادة وقال ملهوفاً قلقاً : شكرا لله على سلامتك حبيبتي .. هل انتي بخير ؟؟ ...فهزت رأسها نعم بتعب ...فجاءت لها سكينه تتحمد لها السلامة ووضعت الطفل على صدرها ففرحت جودا به وحظنته بحنان شديد وراحت تناغيه وتكلمه وتقبله رغم تعبها وبدأت بإرضاعه وجلال حاول ان يمتنع عن ذكر اي شيء يعكر صفو جودا او يتعبها .. فلم يخوض معها قصة النسب واي شيء اخر حتى تستعيد عافيتها ... وهو لايهمه من اي جذور تعود بقدر مايهمه شخصها هو يحبها لذاتها هي لا لنسبها ...وهذا جعل عنده قناعه بأن أي شيء بعد سلامتها لا يهم ..المهم انها بخير وموجوده في حياته لتنيرها ...وراح جلال يتجاذب اطراف الحديث مع جودا ويغدق عليها الحب ويمزح معها فصارت يوم بعد يوم تتحسن وتستعيد عافيتها فرحة مع جلال وطفلها الجديد بينما كان سنجيت (محبوب) يراقب من بعيد متأثراً ويمسح دموع الفرح لرؤية اخته سعيده ...بينما يداري دمع الانكسار لانه محروم ان يحمل طفلها او يعانقها ليتحمد لها السلامة ..فذهب لجدته بينما كان جلال محتاراً ماذا يسمي الولد .. فقالت له جودا هل تأذن لي ان اسميه مالك ..فأستغرب جلال من ذلك وقال لها لماذا اخترتي هذا الاسم ..فقالت جودا ...لاني مدينة للامير مالك بحياتي وحياة طفلي فلولا انقاذه لي يوم حادثة الانفجار لكنت الان في عداد الموتى انا وصغيري ...فأطرق جلال باسماً وأيد قولها بقناعة ورضى لأنه لما قابله اخر مرة ليشكره تصرف معه مالك بكل لباقة واحترام ...والان جلال سعيد ان يأخذ ولده اسم صديقهم وأمير ولايتهم ..أما سنجيت فدخل على جدته وقبل عينيها وسرد لها حكايته وما جرى معه ومع جودا وجلال وصار يبكي بأحظانها كطفل صغير الجدة بكت معه وصدقته وقالت انت حفيدي الجميل مهما فعلوا بك وغيروا ملامحك انا اعرفك من رائحة عرقك ..صوتك ولون عينك ..من طريقة لمسك يدي وعيناي التي تقبلهما كلما تراني حتى مسكتك لقدح الماء وانت تسقيني ...كل هذه الاشياء مميزة بدقة لا يعرفها الا أم وطفلها ..انت حبيبي صغيري الذي ربيته واطعمته بيدي فإذا لم تميزك اختك ..فأنا مستحيل ان اخطئ بك يانورعيني . وراحت تبكي وتحمد الله على سلامته ...ميرا لما جرى الحوار وعرفت هذا محبوب ..اغمي عليها واخذتها ناشده للغرفه لتستوعب الفتاة صدمتها بما سمعت .. ولما أفاقت كانت تذرف دموعا غير واعيه وتنظر له كمن لا تصدق انه حي يرزق امامها لكنه بوجه اخر وبيد ترتجف تحاول لمس وجهه لكن خانتها يدها فلمست صدره نعم هو ..ذلك الصدر الحنون الذي كثيراً ما ضمها وحماها ونامت عليه ليالٍ طويله ... فأخرج محبوب فحصاً اخر اجراه من رفاة والده ليثبت انه من عائلة الدوما وحصل التطابق بينه ورفاة والده رحمه الله ..وهذا اجراه بعد الحادثة ..ساعدته به رابيا تمهيداً لفك اللغز الخاص بجودا ..ولانها وجدت في سنجيت او محبوب قضية انسانية وجب التوقف عندها ودعمها ..وقال سنجيت بعين حنونة ودامعة لميرا : اختي جودا لم تصدقني ..وخفت ان لاتصدقيني انتي ايضا فحصلت على هذا الاثبات لكي ..لاستعيدك لاحضاني .. فإنفجرت ميرا بالبكاء وابعدت يده الممسكة ب الورقة دون ان تنظر لها حتى ..وارتمت بأحظانه تبكي كطفل صغير سعيد وجد أمانه وملاذه من طول انتظار بليل مخيف ... وهو حظنها بحب وصار يهدئها ...حتى استقرت .. وجلس عند جدته يريد ان يعرف ما سر جودا وإبنة من تكون وكيف تربت معه ..فقالت الجدة : لا تستعجل ياولدي ...لتنهض اختك الان سالمة وهي بلاشك ستأتي إلي لتسألني نفس السؤال حينها فقط سأدلي لكم بكامل الحقيقة التي اخفيناها عنكما انا ووالدكما رحمه الله .. لحمايتكما ..ولكن شرط ان يحضر الامير جلسة الافصاح ...فأطرق (محبوب) موافقاً جدته .. وصار يترقب ذلك اليوم بفارغ الصبر ..خرجت جودا لشقتها سعيدة بطفلها واستقرت ليومين ببيتها وهي تفكر بالاحداث التي صارت قبيل ولادتها ولم تجرؤ على سؤال جلال شيء او الاتصال بسنجيت .. ولغز نسبها حيرها وشعرت انها عاشت كذبة كبيرة وكانت مستاءة من جدتها لانها اخفت عنها بنفس الوقت ممتنة لها انها ربتها وهي متعلقة بها فلم تعرف أما غيرها ...وعاتبت والدها في قلبها وانحدرت من عينها دمعة كيف يخفي عنها حقيقة كهذه ..ومحبوب أو سنجيت الذي كسرته ...وهو من أصل غجري اذن غالباً انه اخيها الذي عاشت معه طوال حياتها وكسرته بقوة ..ولكن كيف سيصدق جلال ..لا حل سوى ان تلتقي بجدتها فهي الوحيدة التي ستحل معضلة هذه الايام القاتمة على قلبها ...افكار كثيرة ومشاعر مختلطة شعور بالانكسار والضياع والالم ..كيف ستمضي عليها الليالي ..فجأة رن جرس الباب ..نهضت جودا ببطيء وضعت ابنها الذي غفى بالمهد وراحت تفتح الباب فوجدت سائق الامير مالك حياها وقال : مرحبا سيدة خان هذه رسالة لكي من الامير اوصاني بتسليمها لكي شخصياً ..فسألت عنه جودا وهي تتسلم الرسالة فأبلغها السائق بحزن ان الامير حالته سيئة جداً وبالكاد يمشي فهو على كرسي متحرك الان ...اوجع هذا الخبر قلب جودا وبلغت السائق ان يوصل اليه السلام .. وشكرته وغادر . فأغلقت جودا الباب وانحدرت من عينها دمعة حاولت ان تخفيها عن المبعوث ..وفتحت الرسالة التي كتب فيها الامير ...اليكي اكتب يامن علمتني ان الحياة جمال بإبتسامة من نحب ..وعلمتني ان رضا الرب هي اسعاد الحبيب قبل المحب ...وعلمتني ان الدنيا كلها لا تساوي شيء ان فقدنا من الحبيب درجات القرب .. لهذا حافظت عليها الى هذه اللحظة ..أما وان قرب الوداع وضاق هذا العالم رغم الاتساع .. فليس عندي شيء اخسره الان ولن أكون الا الصديق الذي عرفته ولكن لي اعتراف قبل الرحيل .. وهو إنكي اول وآخر إمرأة ملكت روحي ..وبعثرت رماد كياني على جمرات عشقها القاني ..اعتذر لو تجرأت على إهداءك بوتقة الاعتراف هذه الملئى بالمحبة لكي والعبق الاخير لذكراي.. فلا تقلقي منها كثيراً ... لانها ستخبو قريبا وتتلاشى مع الايام...لم أجرؤ ان أكون ذلك المشين الذي يحيل بين المرأة وزوجها ..وحرصت الا اكون حاجزاً بينك وبين سعادتك بل سبباً لها ...وبضمير مرتاح .. لأن هذه النفحات الملكية السامية التي تربيت عليها من تقديم الاخر على (الانا) الذي بداخلي جعلني باراً بوالدتي وحبيباً لشعبي ..ومحظوظٌ لانكي حبيبتي التي اثرتها على نفسي ورجل وثقتي به وقربته كصديق لكي ..حتى لولم تعلمي الا الان ..إنما هكذا كان والدي وكان أجدادي ملوكاً ..بالايثار والعطاء لرعاياهم وشعبهم ..فما بالك والمرأة التي ملكت عرش قلبي.. لكي الان ان تتخيلي ما حمله هذا القلب لكي في حياته ...وماتحمله من عناء بعادك متلذذا بالحب ومتلذذا حتى بالألم لأنك اغلى شيء صادفته بحياتي ...ولكن يقيني بأنك سعيدة هذا جعلني ابتسم كل يوم رغم الالم ..والحب من طرف واحد ياسيدة فؤادي ..قد يقتل المرء ..لكنه جعلني حياً الى هذه اللحظة لأكتب لكي .. هذا الاعتراف ..الذي تذوي وقاحته امام رشحات الموت البارد ...انها المحطة الاخيرة لي والراحة من كل شارد ووارد ...كانت حياتي عبارة عن رواية لم تكتمل ..كنتي فيها الانفاس وكل الناس..كنتي اجمل احساس .. احساس الحياة والموت معا.. ربما كانوا يروكي الغجرية التي تبهج الناس لكنك في سمائي ..الغجرية التي رقصت على نبضات قلبي .. وعزفت على اوتار شراييني .. ارتضيت ان اعيشك الوانا زاهيه بمخيلتي كلوحة من عباب الزمن البعيد .. في عالم ليس به سوانا .. انا راحل اليه الان .. فخذي بيدي .. التوقيع : الامير مالك نصيرشاه هدت الصدمة قوى جودا وهي تجلس على كرسيها ودموعها حرى ..لم تستطع ان تقف بطولها بعد الذي سمعته من اعتراف رجل يموت على اعتاب حبها ... مالك يعشقها و أي رجل هو .. ذلك النبيل الذي انقذ حياتها وضحى بأوجاعه ليسعدها وكان صديقاً صدوقا صان لم يخن ..ولم يجعل الحب مبرر الابتذالة والوحل ..حتى دنى اجله ..ولكن هل كان يجب ان يعذبها بهذا الاعتراف قبل رحيله هكذا ..لماذا ؟؟ لماذا فعل ولم يدفن حبه معه .. لما أهداها ذلك الحب المغلف بذكراه ليجلدها باقي العمر كلما تذكرته ...وبخت جودا نفسها وهي تبكي ولامت انانيتها ..الا يكفي انه قدم سعادتك على روحه فهل تبخلين عليه ان يعرفك بعشقه ..مابكي ياجودا ..دعيه يبوح ..ام لا يحق للميت الاعتراف قبل الموت ...هذا اقل ماتقدمه له الحياة انكي سمعتي اعترافه قبل ان يرحل ..فلا تجزعي الان .. وفجأة دخل جلال البيت فمسحت جودا دموعها واخفت الرسالة بالساري خاصتها ...وحاولت ان تبدو طبيعية .. فإستقبلت زوجها بإبتسامة وهو تبسم وسلم عليها وسرق من شفتيها قبلة وهو يحمل اغراضاً للطفل وبدأ يحدثها عما اشتراه وعن زحمة الطريق .. فبادلته بعض الكلمات واخبرته ستجهز له الغداء ..فسحبها من يدها وجعلها بأحضانه وقال وهو مغمضا بسعادة ..لا اريد غداءاً ..انتي غذاء روحي وقبل كتفها وهو يحبسها بين ذراعيه في عناق حب متملك وحاني يدفئها ..شعرت جودا بالارتباك والخجل .. وتعذرت بإعداد الطعام .. فحشرها بين ذراعيه الى الحائط وراح ينظر لشفتيها ويهمس بأذنها غزلاً حتى صارت انفاسه وشاربيه يدغدغان عنقها وهويتحرش بها ويحيط خصرها الجميل بلمساته وذراعيه ويحاول تقبيل عنقها.. فإنكمشت بضحكة عذرية بريئة ودفعت صدره لتفر من بين ذراعيه الى المطبخ تجهز الغداء وهو يضحك بخفه ..فجأة وبين قدميه انتبه جلال على مغلف ابيض كان كما يبدو سقط من زوجته.. نعم ...كانت الرسالة سقطت من جودا وهي بأحظانه ..فنظر للظرف الابيض وانحنى يرفعه من الارض .. ووووو.... يتبع بالفصل بالقادم انتظر اراءكم وتوقعاتكم للقادم ...وشكرا من كل كل كل قلبي على تفاعلكم الجميل اخر مرة بجد فرحتوني وشجعتوني اكتبها بسرعة ..الحقيقة تفاعلكم يجعلني اسرع فيها ...مشكورين فديتكمبقلم /مايا ابراهيم

الغجرية وعابد الليل   The Gypsy and Anchorite  of The Nightحيث تعيش القصص. اكتشف الآن