الفصل الخامس

1.1K 33 1
                                    


  جلال محمد مولى خان شاب مؤمن وسيم نشأ بين والديه على التقوى والصلاح وكان يعمل مساعد طبيب وفي المساء او ايام العطل الرسمية والمناسبات الدينية يعمل ناشطاً اسلامياً ومنظما لبعض الندوات الدينية والمحاضرات الهادفة لدعوة الناس للطاعات وترك الموبقات .. كانت حياته هادئة ومستقره توفي والداه تواليا بحادث مروع وهما في طريق العودة من مكة المكرمة لأداء العمرة وضل صابراً محتسبا واعتنى بشقيقته الوحيدة سكينة وصار لها الاب والاخ الراعي والمحامي في كل الملمات وكان لشقيقته زوجاً ادعى التقوى لينال قلب سكينه ويقترن بها ولكن انكشفت نواياه بعد ذلك و انحرف الى مسير الشيطان فأغرته متع الدنيا وتحول الى رجل فاسق وكان اسمه "شيرجان" حاول جلال ان يخلص اخته من ذلك الجحيم ولكن كان قد فات الاوان فقد تعلقت به سكينه واحبته رغم ذلك وانجبت منه طفلة اسمتها "زارين" بدأت تتحول تلك الطفلة الى كل شئ في حياة سكينة وجلال سعيد برعايتهما دائما ولكنه لم يعتق زوج اخته وضل في توجس منه دائما محاولا هدايته دون جدوى اما شيرجان فإنه يخاف جلال جداً ولكنه من وراء ظهره لا يكف عن اهانة سكينه وضربها وخاصة عندما تمنعه من الخطايا كالقمار والشرب والادمان و اذما حصل اي خلاف بينهما في معترك هذه الحياة القاسية معه فهي تخفي عن جلال لكي لا يشتبك معه.. واما سكينه ولانها لاتحب ان تقحم جلال في شجار واحتدام مع زوجها طوال الوقت فهي تلتزم الصمت وتحمل مأساتها بقلبها.. يعيش جلال حياة ساكنة بين عمله ونشاطاته ويكرس حياته في خدمة المحتاجين وجميع من يعرفونه يدعون له بالخير ويشهدون له بالفضيلة .. تزوج من فتاة طيبة ومؤمنة تدعى " عالية" ولكنه فقدها مع والديه في تلك الحادثة وكانت حاملا في الشهر الثاني ولم يكن ليعلم بحملها حتى توفاها الله .. فأصابه ذلك بانكسار شديد وانتكس اياما ولكنه عالج جراح حزنه بالتقرب من الحبيب .. فكان يصلي النهار ويقيم الليل حتى وجد بلذيذ مناجاته للرب عزاءاً لكل جراحه والامه و اصبح من شدة تعلق قلبه بالمساجد والعبادات الليلية انه ابتعد تدريجيا من اصدقاءه ولأنهم بدئوا يعرفون طابع اعتكافه الليلي الذي كان يشعره بالسلام فقد اصبحوا يواصلونه نهاراً فقط ولا يتجرأون على دعوته الى سهراتهم لانهم سيتلقون رفضاً بلا شك .. ومن بينهم كان المنتج الفني "ارشد فاضل قاسمي" من اشهر المنتجين الفنيين على الساحة الهندية ورغم تخصصه المنافي لطبيعة عالم جلال الا ان هذا لم يمنع ان تتولد اصرة قوية بين الصديقين ويشكلان ثنائياً رائعا في قاموس الصداقات وكان معهما رفيق ثالث محب لهما ومخلص وهو الذراع الايمن لأرشد قاسمي ومستشاره القانوني وكان يكبرهما سناً بعض الشئ قد عمل مطولا في النيابة العامة في قطاعات الدولة ثم تحول للعمل الخاص مع قاسمي لأنه كان سخي العطاء ويدفع له جيداً واصبح محاميه الشخصي ليسدد ديونه التي ترتبت بسبب علاج ابنته المشلولة فكان سعيدا بالعمل مع المنتج الشاب ونجح بتسديد كل ما عليه فأدان له بالفضل ومن هنا تولدت اصرة وطيدة اخرى بين ارشد ومستشاره القانوني "إقبال الدين حزم شاه" وهو الذي صنف جلال من جملة العابدين وكناه ب"عابد الليل" على سبيل المزاح لشده انزوائه عنهما ولكن سرعان ما التصقت هذه الصفة بجلال وانتشرت بين جملة اصدقاءه ومعارفه فأصبح يكنى ب"عابد الليل" وكان خاشعا حقيقياً اذ ما هبطت اجنحة الظلام وخيم الليل.
كان جلال نائما وافاق فجأه ليشعر ببعض الحزن لرؤية شاهدها في منامه تخص والديه وزوجته المتوفية فأشعره ذلك بالحزن فنهض ليصلي كما اعتاد ليغسل قلبه بالانقطاع وكانت حينذاك ساعات السحر التي عقبت منتصف ليلة مقمرة فلما انتهى من صلاته شعر بحاجته لأن يسير في الهواء الطلق فهذا يفيض على سلامه بعد كل عباده .. وارتدى سترته وخرج ليقصد شاطئا قريبا وراح يتمشى ومعه حصيرته ومسبحته اذ ما احتاج يصلي نوافله هناك ..وعلى الطرف الثاني في مستراح ناشدة بيكهام .. كانت جودا تتقلب في تختها الوثير وهي تحس بتعب ولكن جفى النوم عينيها الجميلتين وهي تفكر بمصير اخيها فشعرت بالاختناق وهي تحاول ان تبرم جميع الحلول في مخيلتها وتبعد القلق دون جدوى .. فنهضت وغيرت ملابسها وايقظ صوت خلخالها احدى الفتيات التي كانت ترقد بنفس الغرفة وكانت راقصة هي الاخرى وصديقة لجودا تتلمذت على يد المعلمة وكان اسمها "ميرا" ففتحت عينيها وقالت : جودا .. لقد قارب الفجر اين تذهبين بمثل هذه الساعة ... فأكملت جودا لف وشاحها بدون ان تلتفت الى ميرا وقالت بنبرة واهنة : سأذهب لأتمشى اشعر انني متأرقة قليلاً .. فنهضت ميرا وقالت : هل ترغبين ان آتي معك. قالت جودا : لا عزيزتي اخلدي للنوم فغداً هي ليلتك وينتظرك يوم طويل. فقالت ميرا : ولكني قلقة عليكي ياجودا .. وفي هذا الوقت اخاف ان يصيبك مكروه. فقالت جودا بتنهيدة انكسار : لا تقلقي ميرا فما عساه ان يحصل اكثر مما حصل .. وهذا معي ايضا ليسليني بتمزيق احدهم وشرب دمائه .. فأشارت الى خنجرها الذي تخفيه في حزام ثوبها ..واكملت جودا : سوف اقتلع عينيه واشحذه على الطريق. نظرت ميرا نظرة لجودا ملؤها القلق وشئ من الخوف وبدأ جبين ميرا يتعرق ف رفعت جودا عينيها لتلقي بعيني ميرا وتداركت هذا الهلع في عيني صديقتها فقالت بنبرة مازحة : سأحتفظ بنصيبك في كبده ايضاً ان كنت تفضلينها عن سائر اعضاءه. فتحول قلق وخوف ميرا الى ابتسامة منزعجة وضحكت جودا ضحكة مختنقة على منظر صديقتها المرتعب لكي لاتوقظ الاخرين ورمتها ميرا بوسادة غليظة فلم تصيبها وقالت ميرا : تباً لك جودا.. لستي مسلية لقد ارعبتني لوهلة وظننتك جننتي. فاقتربت جودا وقرصت خدي ميرا وهي تضحك وقالت بلطف :عشرة اعوام معك ياميرا ..ولم تميزي مزحي..هذا يشجعني للمزيد. فقالت ميرا : عشرة اعوام من جنونك يا جودا.. اعانني الله على كل جديد. فضحكت جودا وقالت : كان عليكي ان تكوني شاعرة لا رقاصة.. هيا .. عودي للنوم ..طابت ليلتك. قالت ميرا : هل اعتبر هذا نجاحا في ان اراكي مبتسمة لهذه الليلة فالتفتت جودا لصديقتها وراحت تعانقها فقالت ميرا : جودا ستكونين بخير وسيعود محبوب مجدداً فأنا اعلم انه يحبكم جدا ولن يفارقكم بهذه السهولة ولكن امهلي جراحه بعض الوقت. فشعرت جودا بشك يعتلج صدرها فابعدت ميرا بلطف ونظرت في وجهها وقالت بجدية : ميرا هل تعلمين بمكان اخي وتخفين عني. فتغير وجه ميرا التي كان لها علاقة عاطفية بمحبوب والجميع على معرفة بذلك فتلجلج لسانها بسؤال جودا ولم تعرف بما تجيب ، فقالت ميرا : انا ..انا ..لا اعلم. ولكن جودا لم تصدقها وبقيت تنظر لها نظرة نارية تنتظر اعترافاً صريحا فهزت تلك النظرة قلب ميرا وهي ترى انها اوشكت ان تتحول غضباً فقالت ميرا وهي مترددة : ليس الامر كما تظنين ياجودا .. صدقاً لا اعلم اين يكون هو الان؟ ولكن ..ولكن . فهزتها جودا قائلة : ولكن ماذا اخبريني فقد نفذ صبري ؟؟ فقالت ميرا بصعوبة : جودا هدأئي من روعك .. لقد كان محبوب هنا بلأمس متخفياً ليطمأن عليكي كما يبدو ..كان يشاهد رقصك من بعيد فلما لمحته انتبه لي فلحقت به لأدركه ولكن كان قد اختفى .غرقت جودا في حزن وانكسار رهيب مجدداً .. فاعتذرت منها ميرا واخبرتها انها لم تشأ اخبارها كي لا يزيد حزنها فنهضت جودا وتركت المكان وهي تمسح دموعها وميرا تناديها مرارا لتوقفها ولكن جودا لم تكن تسمع الا نداء حزنها فخرجت من الدارخانه نحو الشاطئ لتنعم بالسلام. اخذت جودا تتمشى وهي تتأمل المياه التي انعكس عليها ضوء القمر لتتلألأ كالبلورات المتناثره على عباءة سوداء لمحت شبح شاب يصلي من بعيد استغربت لما يقوم احدهم بالصلاة في هذا المكان وحدثت نفسها ربما جاء لينعم بالسكينة عن العالم هنا.. مثلها.. فإختار له ركنا في ذلك الشاطئ النائي .. وقبلت هي باختيار مشابهه فجلست على صخره غير مبالية تنظر بلا هدف الى البحر الواسع الذي امامها وتفكر فيما اهمها واثقل صدرها .. هبت ريح شديدة للحظة اخذت شيئا من عطرها نحو جلال وهو يسبح بحمدالله فانتبه الى عطر اخاذ.. رائحته جميلة وبدا نسائياً جدا تلفت عله يجد أحداً فلم يرى سوى شبح فتاة لاح له من بعيد رغم الظلام لم يتبين منه شئ سوى بعض الظلال لم يرى وجهها او ملامحها ولكن بدى شعرها ليليا وبشرتها مضيئة رغم عتومة الليل والهواء العليل يداعب شعرها وثيابها ولكنها تجلس ساكنة كالجماد فحدث نفسه ماذا تفعل فتاة في قلب هذا الظلام بمثل هذا الساعة ..ثم سمع قليلا من صوت بكائها وقال بنفسه وقد اشفق قلبه لحالها .. لعل شاجية اصابتها واتت بها الى هنا ..فرفع يده وقال : الهي مهما كان ما احزن تلك الفتاة المسكينة فإني وهي الفقراء اليك و اسألك صدقاً ان تفرج همها وهمي وهم كل مغموم ..ولا حول ولا قوة الا بك. ثم نهض ليعاود صلاته..بينما اقبلت قطة صغيرة عرجاء نحو جودا فدنت تلعق قدمها وتوقفت جودا عن البكاء فرفعت رأسها تنظر الى قدمها واذا بتلك القطة تموء وقد بدت يدها مصابة او مكسورة ولكن لا دماء عليها فمسحت دموعها ورفعت القطة بحنان الى حجرها وقالت : ايتها المسكينة انت ايضا تتألمين .. انا اسفة ليس لدي ما اطعمك به ياصغيرتي ..سآخذك معي وستنعمين بالراحة في منزلي .. تعالي. واخذت تمسح بلطف على القطة التي اخذت تدور برأسها ويبدو كانت تبحث عن طعاما ولم تكتفي بوعد جودا لها وفجأة قفزت القطة من على حجرها وراحت تركض رافعة يد عرجاء فتفاجأت جودا وقالت : هي .. انتظري اين تذهبين سنذهب معاً ؟ .. واشفقت جودا على القطة المصابة الجائعة وقفزت من مكانها لتلحق بها والقطة تركض بإتجاه الشجرة التي يصلي تحتها الشاب الغريب ..فإضطرت جودا على هرولة خفيفة للحاق بالقطة ولكن اثناء ذلك كان جلال في جلسته يعتدل من السجدة الاولى فسمع صوت خلخال يفتن القلب بخطواته وعطرها يزداد كلما ازداد قربها منه .. كانت جودا ترى ظهر العابد فقط وبعفوية تتحرك فيهتز خلخالها بحثاً عن القطة المسكينة بينما كان صوته مع ذلك العطر يوتر سكون جلال فأغمض عينيه وقال استغفر الله واتوب اليه .. ولم يترك الفضول الذي اثاره ليقطع صلاته او يلتفت ليرى مايجري رغم ان تلك الخطى بايقاع خلخالها الفاتن بدت غير مستقره تارة تشتد وتارة تهدأ وكأنها في رقصة مع الريح فما اجمل مايهوي الى مسامعه ولكنه قال في نفسه : معاذ الله ربي ...و قرر ان يذوب مرة اخرى في لذيذ مناجته مع الرب فهوى ساجداَ وتجاهل كل المثيرات وانصت لصوت قلبه .. وقال في سجدته لينعم بالسكون مجددا ويقيه الله الانجراف : لا اله سبحانك اني كنت من الظالمين فإستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ..اقتربت خطواتها وامتزج رنين الخلخال والاساور بمواء القطة وشق عطرها انفاسه لدرجه انه تخيل لو اعتدل من جلسته فسيراها امامه ولكنه بقي ثابتاً يتمتم بدعائه استمر وأطال بسجدته لكي لا ينشغل عن ربه بما يجري ولا يريد قطع مناجاته حيث كان يكرر في سجوده : والله خير حافظ وهو ارحم الراحمين .. سمعت جودا ما كان يقرأ في سجوده ودفعتها تلك العبارة الى امرا اخر ومنحتها تلك السجدة الطويلة الوقت لتحقيق دعاء العابد .. فكل تلك الضجة التي احدثتها كانت لأنها لحقت بالقطة فلما اقتربت من الشجرة لتلتقط قطتها لمحت ظلال حبل متدلي من الغصن الذي يعلو رأس الشاب الذي كان يصلي تحت الشجرة فأقتربت لتتأكد ان ما تسمعه فحيح افعى حقا ام انها تتوهم حتى تحققت منها ولاحظت كيف امتدت لتنتظر فريستها ان يعتدل من سجودة لتنقض عليه وتلدغه فلما وجدته ساجداً ويدعوا الله ان يحفظه شعرت ان عليها ان تنبهه ولكنه كان يصلي فكيف تكلمه فتراجعت وكان على جودا ان تتصرف وتتخذ قرارها فالشاب سيرفع رأسه بأي لحظة ولو رفعه واصطدم بالافعى ستلدغه حتما برأسه وسيقضى بساعته فسحبت خنجرها دون ادنى تفكير و دارت يمنة ويسره تحاول اختيار زاوية صحيحة للصيد ... لاحت خيوط الفجر الاولى و بدأت بالانبلاج ورغم العتمه الا ان ضوء القمر مشوب بتلك الانبلاجه الضئيلة ساعدها كثيرا وفتحت جودا عيناها بشده عندما اوشك جلال ان يرفع رأسه فقذفت بخنجرها نحو الافعى.. وفجأة سمع جلال وقع الة حادة كالسهم تنبت على صلب ولكنه كاد ينتهي من سجدته ولم يحرك ساكناً.. فنبت الخنجر في رأس الافعى التي اخذت تنتفض وهي مثبته اعلى الغصن والخنجر نابت برأسها حتى سكنت للموت ..حاولت جودا استرجاع خنجرها لكنه بدى صعبا جدا فعليها ان تتسلق على ظهر ذلك الرجل لتحضره فالغصن عالي فلم تكترث له وتركته في مكانه.. فلما اعتدل العابد بجلسته وانهى صلاته وكانت كل الاصوات السابقة قد هدأت واختفت بدأ يسبح الله وهو يتأمل الافق الذي اخذ ينبلج بالطلوع ثم اخذ يحس بالراحة والسلام وب بشئ يتقاطر على رأسه ايضاً ثم نزل على لحيته ليحول ثيابه البيضاء الى حمراء ففزع وطوى حصيره ونظر الى الاعلى فوجد خنجر نابت في افعى متدلية فإلتفت وراءه يمنة ويسرى يحاول ان يجد اثراً لمن انقذ حياته ولكنه لم يجد سوى الريح التي تسفي على الافعى المتدلية فتحركها ميته .. نظر بتأمل للمنظر وفكر فيما واجهه ثم هوى ساجداً وشكر الله لنجاته .. ثم اعتلى الشجرة وسحب الخنجر ونظر اليه بعناية .. وقد قرر الاحتفاظ به حتى يجد صاحبه ويشكره على صنيعه فهو مدين له بحياته الان....عاد جلال الى المنزل وغسل الخنجر وجففه ووضعه على قماشة نظيفه واخذ يتأمله وهو مبتسم يشكر الله على عمر جديد منح له بفضل صاحب الخنجر النبيل ..ترى من يكون ؟؟ ولماذا اهتم لينقذ حياة شخص لا يعرفة ؟؟ لابد انه ذو جوهر طيب ... هكذا سأل جلال نفسه بتلك الاسئلة .. وبينما يتأمل الخنجر لاحظ حرفاً نقش على المقبض وهو حرف "د" بلغة الاوردو ولابد ان الحرف يشير الى اسم مالكه ويبدو قد صنع بعناية شديدة وزين بشكل غريب فبدى كأنه تحفة للزينة اكثر منه خنجراً للاستعمال ..ونصله حاد جدا .. فقرر جلال ان يقصد تجار الاسلحة الخفيفة وصناع السيوف ليسأل عن سر هذا الخنجر..وهمس يبتسم بعذوبة متفكرا في الطاف الله وهو يمسح على الخنجر قائلا : شكراً لك يا "د" .. ليحفظك الله كما حفظت حياتي.. وسأجدك يوما لأشكرك بنفسي.. فقد أفديك بحياتي كما افتديتني بخنجرك.

القادم / جودا : اسمعي يامن تكونين .. ان لم تقفلي فمك الان وتسحبين اهانتك فسأحرص على فعل ذلك بطريقتي ولا اظن انك ستكونين سعيدة بها. فتهكمت غريمتها واخرجت اصواتا من فمها ساخرة وهي تقول : اووووووو .. اغيثوني فقد اخافتني القطة المتوحشة .. وضحكت "ماهيما" بشدة ورافقها ضحكات صديقاتها اللاتي سخرن بشدة من جودا وظنوا انهم حولوها الى نكته.. ولكن جودا ابتسمت قائلة : ها قد بدأنا .. انذرتك ولم تصغي... سأريكي الان كيف تلعب القطط .. وزادت ماهيما بضحكها وهي تقول : قطة فاشلة ...مياو مياو ..تعالي والعقي قدمي.. فنظرت جودا لها بثبات وابتسامة هادئة اثارت استغرابهن واختفت من امامهن مغادرة بصمت وضحكن ظنا منهن انهن ربحن الجولة بتحويلها الى اضحوكة .. ولكن في الحقيقة كانت بالنسبة لجودا البداية فقط ..وضعت جودا قطتها الجميلة " سفيد " بالقرب من دلو للاصباغ واطلقتها لتعبث به فلما تمرغت القطة بشتى الالوان اطلقتها كالريح فوثبت على ماهيما و فتيات الصف العالي وصارت تتقافز عليهن من فزعها فحولتهم الى لوحة مجنونة من الصراخ والالوان والفوضى وانقلب السحر على الساحر فإنكسر البرستيج واتلفت الازياء وافسدت ثيابهن ووسط بكائهن والجنون غرقت جودا بضحكاتها وهن ينظرن لها باحتراق.
يتبع... تحياتي / مايا  

الغجرية وعابد الليل   The Gypsy and Anchorite  of The Nightحيث تعيش القصص. اكتشف الآن