الفصل الخامس عشر

608 25 1
                                    


  محبوب يقرر المغادرة فتخبره جودا ان يبقى اكثر او يعود معها ليصالح اباهما ولكنه يرفض بشدة فيجري نقاش مشحون بين الاخ واخته هي ترى انه ماكان عليه ترك المنزل بهذه الطريقة ومحبوب يصر على عدم قبول تلك الاهانه حتى لو كان والده ثم سألته كيف يقضي وقته فقال لها انه يعمل مع شخص يدعى "كيشان فارما" فصعقت جودا وفغرت فمها وبيد ميتة متدلية لوحت لناحية عشوائية محاولة ان تستوعب صدمتها وتتاكد فبقيت تحاول ان تنطق عبارتها دون جدوى قائلة : كيشان ..ككيش . ذلك السافل المـُ... فقاطعها محبوب : انتبهي ياجودا لاتكملي ذلك السافل المجرم يكون صديقي هو الذي ساعدني عندما كنت في الشارع عندما تنكر لي ابي وعشيرتي ..فلن اقبل ناعية الشرف الان لتقنعيني بتركه فلن اتركه وبيننا اعمال وسيساعدني ان اثبت لأبي اني لست بأقل منه وان الأبن التافه الذي القاه بالشارع سيكون اغنى منه .. دخلت جودا في صراع مع محبوب وهي .تحاول ثنيه عن مرافقة ذلك البائس المشهود له بعالم الاجرام ثم حاولت شرح وجهة نظر الأب لمحبوب فتقول له : اسمع يامحبوب لطالما احترمت جميع قراراتك ولم امارس عليك دور الاخت الكبرى ابدا فكنت اثق بك في كل ما احتار به واستشيرك بكل ما افكر به لأنك اخي الوحيد ولكن هذه المرة انت مخطئ جدا وترافق الموت برفقة ذلك البائس ألم تفهم مايصبو اليه والدنا من جراء ذلك هو يحاول ان يجعل منك رئيساً للعشيرة وان يبني لك مكانة مرموقة بعيداً عن المخاطر يريد لك حياة جيدة ونظيفة خالية من الأوجاع والدمار فلماذا انت عنيد هكذا ؟؟ . أطلق محبوب قهقهة هازئة وقال : لستُ بأقل منك فقد ورثنا ذلك معاً يا اختاه " كان يظن عنادها موروثا بالدم لكنه في الحقيقة كانت مكتسباً بالتربية لكونه يجهل حقيقة اصلها ويضنها تحمل دمه" .. لا تتذمري ياجودا ولاحظي انك اصبحتي تتكلمين مثله تماماً ولولا علمي ب انني التقيتك بغتة على الطريق لشككت بأنه ارسلك لي . فضاقت جودا بجوابه وقالت غاضبه وقد خنقتها العبرة : محبوب لاتظن اني انحاز الى والدي ضدك ؟؟انت مخطئ جداً اتكلم خوفاً عليك من ذلك الجنون الذي برأسك فأنت مع ذلك الاحمق كيشان لن تنال الوقت لتثبت نفسك لأنك ستثبت في كفنك قبلها .. يا اخي لما تستمر في اشقائي فأنا احبكما معا انت أبي ولكني مع الصواب ..ربما لم تعجبك قسوته في ارشادك ولكنه محق فيما يقول .. اخبرني هل انت راضٍ عن حالك الان ؟ ترافق مجرما ولا اعلم اين يذهب بك واين تنام وتلتقي بمن ؟ وكيف تتدبر امورك ؟؟ فصاح محبوب صارخاً بوجهها وقد شق صوته عروقه قائلا : جودا انا لست طفلاً .. انتهى الامر بالنسبة لي هذا يكفي لا اريد ان اكون نسخة منه ولا يهمني مايخطط لي في رأسه ولا تهمني العشيرة ..اتركوني وشأني لقد خنقتموني بتلك الديباجة سنوات طويلة ..اصمتي كفى . تفاجأت جودا بجرأته فهو لأول مرة يصرخ بها بهذا الشكل فسكتت برهة وازداد في عينها لمعاناً يكتحل بسائل الحزن الذي يهيج في قلبها قبل عينيها ولكنها تقاومه بشدة لكي لاتدمع وقالت بحدة منكسرة : تريدني ان ابقى صامتة ولا اجادلك واهيل عليك التراب في السنة القادمة.. كلا يامحبوب لن افعل ؟؟ هل تعلم كم مرة يراودني الامل كلما طرق الباب وانا انتظرك ثم يخيب املي ولا اعلم ان كان الباب يطرق لخبر سوء او بشرى تخصك ..؟؟هل تعلم كم اتذكرك واشتاق اليك واحن الى ذكرياتنا ..مكانك ..سريرك ..ثيابك .. ضحكتك ..وحتى خصامك ..هل فكرت كم اقلق عليك؟؟ كم اعتدت ان اراك في حياتي كل يوم وفجأة تختفي من امامي كأنك دخان المساء ؟؟ كم مرة اموت في حزني وانا عاجزة ان اجيب جدتي عندما تسأل عنك مرات ومرات ؟؟ هل تشعر بما يشعر والدنا وكيف يمضي الليل حزينا يداري غصة غيابك بغرور ؟؟ وجدتي تلك التي في عينيها الامل كلما عدت من عملي لتسألني عنك ؟؟ هل فكرت يوماً بما اعاني انا في غيابك ؟؟؟ بالطبع لم تسأل او تفكر .. اه نسيت انك تحمل نفس تلك الدماء المتمردة مثله تماماً التي لاتكترث ولا تنصاع إلا لوحيها.. انت لا تريد ان تشبهه ولكنك كذلك يا أخي انتما متشابهين تماماً انت وابي وجهان لعملة واحدة.. ثم سكتت اشاحت وجهها فجأة لكي لا يرصد عصرة الألم التي تشنج بها وجهها ليحرر بكائها واخذت تعالج ذلك الألم بروحها ..فشعر محبوب بالحزن والأسى وعلم انها تداري ضعفها بكبريائها لانها غاضبة منه .. فأمسك بكتفها فأفلتت منه متضايقة .. فلم يبالي محبوب بغضبها وشدها الى حضنه وعانقها بشدة فإنهارت جودا بالبكاء على صدره ولم تقاوم اكثر فدمعت عينا محبوب وقبل رأسها ووجهها ويدها محاولاً الاعتذار وطلب منها الكف عن البكاء ولكنها لم تتوقف فركع عند قدميها لتتوقف عن البكاء فسكتت وأوقفت نحيبها فجأة ورفعته اليها تحتضه قائلة : لاتفعل ذلك مكانك في قلبي وليس عند قدمي . فطلب منها الصفح فرضيت وسألته هل سيعود معها فوعدها بالعوده للمنزل ولكن بعد ان يتمم مهمة اخيرة فسألته مع كيشان فكذب عليها وقال كلا رحلة عمل الى العاصمة فسكتت جودا رغم عدم ارتياحها الا ان امال لم الشمل تلوح اماما عينيها واجبرتها على الرضوخ لكي تحثه على العوده فهذا افضل من ان تلح عليه فتخسره بإلحاحها ...ثم اوصلها الى المنزل وهي تودعه عند الباب صار ضميره يؤنبه لانه كذب عليها ولكن اقنع نفسه بضرورة ذلك والا افسدت عليه كل شئ وغادر على عجالة بعد ان اغلقت الباب ..
ارشد يعطي موعداً لجودا بقصره ليناقش معها تفاصيل العرض المسرحي ..كيشان يلتقي بمحبوب ويتفقان على موعد تنفيذ المهمة وفي ليلة غاب فيها ضوء القمر كان ارشد يعد بعض الاوراق والصور التي ينوي مناقشتها مع جودا لبدء التدريبات وفجأة سمع حركة وقرقعة في جهة المسبح فخرج يتفقد الامرولكنه لم يجد شيئا عاد لمكتبه وفجأة وضع احدهم سكينة على رقبته فسكن ارشد مرعوباً ولم يرى شكل المهدد لانه كان بظهره ثم طلب منه ان يتصل بجلال ويستدعيه للقدوم فتأخر ارشد فضغط المجرم على رقبته وجرحت فلما تأوه ارشد كرر المجرم تهديداته وطالبه بالاتصال مجددا وعدم الصراخ او طلب النجده لانه سيفقد حياته ان فعل ... فلم يجد ارشد مفرا فقام بالاتصال بجلال الذي يخاطبه باسماً وقال له : ان كنت تدعوني لسهرة فلا تحاول ..فقال ارشد بصوت جدي : كلا اريدك لأمر عاجل . فشعر جلال بالقلق وسأل ارشد : هل انت بخير .. فرد ارشد بإقتضاب نعم انتظرك لا تتأخر .. فاستغرب جلال الى لهجة ارشد غير المألوفة وأكد حضوره بعد نصف ساعة واقفل. فقال المجرم : شكراً لك لقد انتهيت منك الان . وصلت جودا للقصر فوجدت باب القصر مفتوحاً ولم تلاحظ وجود حارس البوابة دخلت بهدوء وهي تنادي ولكن لا احد فاتجهت الى الداخل قاصدة غرفة المكتب الذي يطل على المسبح ولما وصلت وجدت السيد ارشد جالسا على الكرسي ويده متدليه ودماء تسيل على اوراق بيضاء متناثرة تحت قدمه فركضت نحوه ووجدت خنجرا مطعونا بقلبه وقد فارق الحياة فصعقت للمنظر وألجمتها الصدمة... المجرم كان يراقب المشهد من بعيد وغضب لانه لم يتوقع حضورها فمن كان ينتظره شخص اخر وسوف تفسد الفتاة خطته فاصطك على اسنانه وعصر قبضته متوعدا ونوى ان يتصرف فلما اقتربت جودا من الجثه وجدت ان السكين التي طعن بها هي خنجرها المفقود الذي تركته على الشجرة عندما قتلت الافعى لتنقذ رجل الشاطئ فشهقت واقتلعت الخنجر من الجسد ويداها ترتجفان وصرخت فباغتها المجرم الملثم من ظهرها واطبق على فمها يحاول خنقها ولم ينتبه انها سحبت الخنجر فحاولت الصراخ دون جدوى فانفاسها مكبوته بكفه الغليظه وذراعه تحيط بجذعها فتأسرها وتعيق حركتها فجرحت يده بخنجرها بعمق فتألم المجرم وصرخ متراجعا وانشغل بجرحه الغائر فتحررت من قبضته وحاولت الهروب فتبعها واطلق النار عليها .. جلال سمع اطلاق النار وهو يترجل من سيارته فمشى بقلق نحو القصر ..تأوهت جودا وسقطت ولم تعد قادره على الحراك فقد اصابت الرصاصة فخذها ولكنها لازالت واعية تتحرك ببطئ شديد وقد تعرق جبينها وبالكاد تتنفس ونزفت بشدة فإقترب المجرم ساخراً منها واطبق عليها وقال لها بفحيح شبق: كنت قادراً على قتلك اول مرة ولكني اخبرت نفسي ماذا ان حصلت منك على بعض المرح ..ما رأيك ان نلهو قليلاً..كنت اراك يومياً في الملهى الليلي وكيف تتلاعبين بقلوب الرجال ..حان وقت الانتقام لهم .. وذلك الغرور الغجري الذي في عينيك يعجبني..فخلع سترته ورماها بعيدا ... ثم همس باذنها : ولكن ليس بعد الآن ياحلوتي ...سأسحقه لك الليلة ولن يعود لك ماتغترين به مجددا...وراحت يده تزيح شعرها وتمسح على خدها واليد الاخرى تمسك بيدها الاخرى واعتلاها...فتشنجت جودا وهي بنصف وعي من لمساته على جسدها وزفرت بشدة لانها لاتقوى عالصراخ فقد خانها صوتها تحت ذلك الاعياء والنزيف وبيد مرتجفه ضعيفه لوحت بخنجرها عليه ولكنه امسك بيدها بسهولة وضرب كفها على الارض فافلتت خنجرها وثبت يديها باحكام تحت قبضتيه على الارض ..وارتسمت ابتسامة على ثغره من وراء اللثام وقال لها بذات الفحيح هامساً : لا تفكري حتى بذلك ...الأولى ان تستفيدي من هذه اللحظات فستتذكرينها الى الابد .. ولا تقلقي لست شريراً جدا وسأحرص على امتاعك ...وشرع يقبلها في عنقها ومن شدة اشمئزازها جمعت جودا قوتها واطلقت صرخة مدوية هزت اركان القصر فوضع المغتصب يده على فمها ليقتل صراخها فضعفت مقاومتها وأغمي عليها ولكن كان جلال قد تتبع تلك الصرخه وركض باتجاهها فوصل ليرى بشاعة المنظر وبلا تفكير نطح جلال المجرم ودفعه بعيداً عن جسد جودا المرتمي بلا حراك ودخل في صراع معه وتشابكا في قتال عنيف وفجأة ظهر رجل من الداخل يحمل حقيبة وضرب جلال على ام رأسه غدرا وانقذ صاحبه موبخا له وقال : ايها الاحمق كدت تهلكنا بسبب رغباتك الا تستطيع السيطره على نفسك ...ابله . فسكت الاخر دون ان يتكلم . وغادرا المكان كان صديقهما الثالث منتظرا خارجاً وكان عند البوابه فوبخه الرجل الذي بيده الحقيبه وقال له : الم اوصيك الا تغادر السيارة ؟؟ فقال ولكني سمعت صراخ امرأة فقلقت لم نتفق ان نؤذي احداً اليس هذا ماوعدتني به .. فقال له الرجل : نعم يامحبوب لم نؤذي احداً ياعزيزي انما اعترضتنا الخادمة ومن شدة خوفها صرخت و اغمي عليها لا اكثر .. هيا بنا لنغادر قبل ان يرانا احد .. لم يقتنع محبوب كثيرا ولكن لم يكن هناك وقت ليتفقد الامر فقد تأتي الشرطة في اي لحظة ..وغادرت العصابة. جلال ينهض بصعوبة ولكنه يستعيد وعيه فنهض فزعاً كالمجنون وهرع الى الداخل فوجد صديقه جثة تسبح في دمائها فإرتعدت فرائصه وسحب جثته من الكرسي على الارض وهو يربت على وجه صديقه ويناديه ويصرخ باسمه دون جدوى وهو يبكي وراح يفرك شعره محتارا تارة ويهز صديقه تارة وقد جن جنونه لم يصدق تلك الفاجعة المرة على قلبه بأعز اصدقاءه وفي وسط ناعيته تذكر فجأة الفتاة فقفز من مكانه راكضاً نحوها وقرب اذنه من فمها فوجد انفاس ضعيفه فعرف انها على قيد الحياة وعليه اسعافها فورا فسارع للاتصال بالسيد اقبال منهارا لطلب النجده وبضياع اخبره انه لا يعرف كيف يتصرف بالحادثه وروى له ما جرى فأمره اقبال ان لا يكلم احد وهو قادم بالنجدة على الفور ... حاول جلال التوقف عن البكاء والسيطرة على نفسه والتركيز على الفتاة المصابه وكان محتارا ماذا يفعل فهو طبيب اسنان ولم يستطع شيئا حيال ساقها المصابة فهي تحتاج الى عملية جراحية ولكنه فكر بوقف النزيف على الاقل كي لا تلفظ انفاسها وهي تنزف حتى تصل النجده لنقلها الى المشفى فنهض وذهب الى الداخل واخرج من خزانة كان يعرفها حقيبة اسعافات اوليه فيها مشدات طبية وعاد اليها ولا زال شعرها يغطي نصف وجهها المتدلي جانباً ولكنه عندما اقترب منها ثانيه شق عطرها انفاسه فإرتجف .. انه يعرف ذلك الشذى تماما ..ولمن يعود ولما تفحص انفاسها لم يركز به لانهياره ولكنه الان واعٍ تماما لما يستنشقه فنظر الى قدمها فرآى ذات الخلال الذي يطوح رنينه بذاكرته ... وهو يتمنى ألا تكون هي التي برأسه .. فهرع كالمجنون وانكب قرب وجهها وقد جننه الفضول يريد ان يعرف هويتها وكل شئ يشير اليها فازاح بطرف المقص الطبي الذي التقطه من حقيبة الاسعافات – برفق شديد خصلات شعرها فبان له بياض وجهها الساحر البرئ الذي يربق تحت مظلة الموت.. انها هي ..جودا ..تلك التي يدين لها بحياته فماذا سيقدم لها الان ؟؟ فإرتد جلال للوراء متأثراً متألما مصدوماً وهو يتمعن بها غير مصدق مايفعل القدر به الان ..وهو يرى اثار كدمات وخدوش على معصمها وعنقها وخدها وهو يتسائل كم قاومت ذلك اللعين ؟؟ وماذا لو تأخر او لم يأتي ؟؟ فحمد الله بصوت عالي على ذلك ولكنه تهجد وبكى وهويحدث نفسه ها هي من انقذت حياته تسقط اليوم بين يديه تنتظر ان ينقذ حياتها فيبقى عاجزاً .. فصاح بصوت عالي وقد ساحت من عينه دموع ساخنه : ...اي اختبار هذا يا الهي ...؟؟ لماذا تجعل حياتها بين يدي فلا استطيع ان ألمسها وانقذها ان لمستها اثمت .. وان تركتها فقد اخسرها واخسر نفسي مدى الحياة لوقوفي عاجزاً هل أنقذها وألوث نصوع يدي بمعصية نكراء اجبني يارب ان وريدها يدمي وانت اقرب اليها منه.. رحمتك يا الله .. ارجوك أرشدني ..مولاي ألهمني .. لاتحير عبدك الضعيف فهو بلا حيلة وانت المستعان بإنقاذها سيدي ..اكتب لها الحياة وانقذنا ..واخذ يتمتم بكلمات وفجأة توقف وكانه لمعت فكرة برأسه ففزع يبحث في حقيبة الاسعافات بجنون عن شئ ولكنه احبط ثم تذكر فجأة المطبخ فركض الى المطبخ فوجد مايريد فسقط ساجداً لله لثوان وقفز عائدا اليها راكضاً وبالقرب منها ارتدى القفازين بسرعة اللذان احضرهما من المطبخ وشعر بإستطاعته ان يتصرف بحرية اكبر مع وجود ذلك العازل بلمسها فحضر مطهرا واخرج المشدات ولما اراد ان يرفع ثوبها ليكشف عن ساقها كان مترددا وتوقف واشاح وجهه وزفر بشده فقال اي معضلة هذه يا جودا التي تضعيني فيها ؟؟ ولكني سأنقذك مهما كلف الامر ؟؟ وشرع بتحضير مستلزمات الاغاثة وهو يكمل همساته : غفرانك ربي انت اعلم باضطراري قد اجبتك واحصنت يدي ولكن ليس لي سبيل مع عيناي فأنا احتاجهما لأؤدي واجبي .. فألقي عليهما حجاب حصنك الطهر كي لا يفتن قلبي بما ارى .. وإن فعلت واضعفني البشري الذي بداخلها فعاقبني بالزواج منها وأنت تعلم ان زواجاً كهذا سيقضي على حياتي ولكني احرج نفسي بعهد كهذا كي لاينزلق قلبي في مكبات الهوى .. ثم تأكد من نبضها وهمس بإسم الله وبدأ يقص الثوب وصولا الى مكان الاصابه في فخذها وتوقف فازال طرفي الثوب ليرى ساقاً عاجية قد اصطبغت بالدم فشعر بوخز بقلبه عندما وقعت عينيه على ساقها فتجاهل الامر واخذ يدقق بالاصابه فوجد ان العيار غائر بعمق والاصابه كانت بليغية لذا وجب حقنها بالبروفين لتقاوم فحضر الحقنة وحقنها بالدواء ثم شرع بربط ساقها ليوقف النزيف ثم سكب مطهرا على الجرح واخذ ينظف ساقها من الدماء ليضمن عدم تلوث الجرح وبينما ينظف ساقها بعناية وقعت عينه حبة خال على الجانب الايسر الخارجي من الفخذ بمقدار خمسة اصابع من مكان الاصابة فتوقف برهة وشرد قليلا وتذكر زوجته عاليه فقد كان لديها ذات العلامة بنفس الموضع تقريباً.. فأطال النظر الى تلك العلامة شارداً في ذكرياته وضحكات زوجته وما كان يخبرها حول تلك العلامه وكم احب وجودها لانها تجمل ساقها .. فنظر الى جودا وقال لها بشبح ابتسامة حزن : لقد اقرحت ساقك قلبي دون قصد منها .. تمنيت لو لم تمتلكي تلك الفارقة لكنت اسعد ان تكون حصراً على زوجتي فقط ..فأيقضته من احلامه ضجة اقبال ومعه المفوض متجهين نحوه وقبل اقترابهم اسرع جلال بمسح ماتبقى من الدماء و رد طرفي الثوب ليغطي ساق جودا .. وخلع قفازاته ونهض مستقبلا القادمين.

القادم / جلال : هل جننت يا اقبال كيف تخطر ببالك تلك الفكرة اساسا ..فلا بد هناك من حلول سنخبرهم الحقيقة وسيصدقونا . اقبال : لاتستخف بما جرى ياجلال فكل الدلائل المقدمة للنيابة العامة ضدك وضد جودا فبركت بإحكام هناك من عمل على ذلك وليس غبياً ..وانتما المتهمين الرئيسين في الحادثة فهناك من رتب لذلك بفطنة وذكاء وان انا استطعت تمييز برائتك لعلمي ومعرفتي بك فالقانون لا يعتد بتلك الاشياء لهذا .. ستنقذ نفسك وتنقذها بالزواج منها الان وفوراً قبل استدعائك للتحقيق او ستضطر ان تثبت انها عشيقتك فأيهما تفضل ياصديقي ؟

الغجرية وعابد الليل   The Gypsy and Anchorite  of The Nightحيث تعيش القصص. اكتشف الآن