الفصل الثامن والاربعون 48

348 16 2
                                    


ملاحظة / المعلومات التي وردت بالفصل عن مخدر الاكستاسي هي حقيقة تماما ومثبته علميا والغاية من ذكرها زيادة معلومات وتوعية.

بدأت ناشدة خلال فترة عزاء الجدة تترد على منزل جودا لدعمها ظاهر الامر انما ينبري هدف آخر وراء تلك الزيارات حيث كانت تتكفل بتهدئة جودا ومواساتها بعد مغادرة الجموع بحجة الاعتناء بها فتنفرد بها وبينما جودا كانت تشرد بحزنها في عالم اخر اخذت ناشدة تعد بعض الاشربة كالشاي وعصيرالليمون والحليب وغيرها بغية اقناع جودا بأن ذلك مفيد لها ويساعدها على الهدوء او النوم والراحه بينما كانت تخلطه بجرعات من مخدر الإكستاسي او ما يعرف بـ (MDMA) من مشتقات الأميفتامين ومن المنبهات ومغيرات المزاج، والتي تؤثر على عدة نواقل عصبية بالجسم مثل "النورأبينفرين" "السيروتونين" "الدوبامين" التي تكون مسؤولة عن المزاج و الحالة النفسية بعد تعاطي الحبوب او المشروب عن طريق الفم يبدأ الإحساس بالنشوة العارمة والمتعة الزائفة والراحه ،ثم ينتهي مفعولها الى إضطرابات مزاج وقلق واختلال بسوائل الجسم والصداع. وبعد الإستعمال الطويل يصاب المتعاطي بالإكتئاب المزمن وبإختلال وظائف الدماغ و قصور في القلب. فبدأت ناشدة تجرع جودا ذلك السم القاتل تدريجيا ودون ان يلاحظ ذلك احد حتى بدأت جودا تشعر باضطربات مزاجية غير مبررة ولاترتاح او تغفو الا بوجود ناشدة ولم يشك احد بشيء لان الجميع قرأ الموقف عاطفياً واعتبروا تعلق جودا بناشدة مبرراً فهي من ربتها وتذكرها بجدتها واهتمت بها منذ وهي طفلة وجودا بعدما فقدت جدتها صارت تجد عزاءا بناشدة والكل يشكرها على انها الملاك الراعي لجودا ولا يعلمون انها تدس السم بالعسل فكان الامر مناسباً جداً لخطة ناشدة وساعدها في الوصول الى مبتغاها .. وصارت جودا بحالة عصبية وحزن وتريد فقط العزلة وتمسك رأسها من الصداع ..ولاتتحمل صراخ وبكاء ولدها فصارت تأخذه سكينه مع ابنتها زارين وتكفل رعايته لانها تقدر حالة جودا وصدمتها ..وكان جلال متفهما لذلك .. وبما انها سكنت بجنب جلال بعد وفاة زوجها فكان يسيراً ان تأخذه لمنزلها وتعيده لما تشعر امه بالراحه وتستطيع رضعه... ننتقل الى جانب سنجيت او (محبوب) وقبل الخوض بما فعل خلال هذه المرحلة يجدر الاشارة لفترة زمنية اعقبت شفاء محبوب فبعدما تأكدت اكاديمية الشرطة من فقدانه للذاكرة بدأو يعيدون تأهيله بأن قدموا له دورات تدريبية لتذكيره وتعليمه من جديد وكان محبوب ذكيا فطنا استطاع تشرب الفنون العسكرية بسرعة اولا لان بنيته وجسمانه يساعدانه على ذلك وثانيا لانه كان يجيد فنون القتال كغجري صياد ورجل عصابات غير هين وهذا ساعده على تخطي مراحل الاختبارات رغم انه لم يبلي جيدا في الاختبارات النظرية لكنه اجتازها باعجوبة لان تعليمه كان بسيطا جدا .. كما اجتاز الاختبارات البدنية بجدارة وامتياز محاولة منه في تجنب كشف هويته ومضى الامر بسلام ..استطاع فيها ان يمضي بدوره الجديد كضابط شرطه وينخرط معهم متنكرا دون ان يميز احد ...وكان الجميع يحترمونه ويودونه لانه مسالم وملتزم ..عاد سنجيت لعمله قبيل موت جدته ببضعة ايام ..وهذا جعله الان يفكر جدياً بالتحقيق في قصة قتل والده من والدة الامير وذلك السر المخفي وارتباطه بالحاضرين ذلك اليوم ..فبدأ بإصدار اوامر للمراقبين والشرطة اللذين تحت يده بجمع معلومات كافية عن القصر الملكي والعائلة المالكة والتركيز على والدة الامير المتوفية وعلاقاتها ...بينما كان شاهر خان متعاوناً مع الشرطة وسمح لهم بأداء عملهم و بتفتيش القصر والتحقيق من العاملين فيه وجمع المعلومات بهدف التحقيق بقضية ألطف الدوما الذي قتل على والدة الامير والذي اعترفت به المتهمه قبل موتها واكدته الجدة ايضا يوم الحادثة ... فكشفت عدة أمور ..أولا تحديد نوع السم الذي قتل به ألطف من خلال عينات دم لم تنظف جيدا مكان لقاء الطرفين والذي صرح به احد خدم القصر واخبر بمكان اللقاء ..بدأ التحقيق يأخذ مجرى آخر فما هو الدافع الذي لأجله قتلت ام الامير غجريا صياد ..وصار البحث هنا في علاقات المتهمه وما حولها واستمر سنجيت محبوب باستغلال منصبه ليكشف سر تلك الالغاز ..فكونه في سلك الشرطة ساعده كثيراً على تقصي الحقائق ولما صار منغمساً بالعمل ...وصار طبيعياً اكثر بعد برنامج اعادة التأهيل بينما كانت زوجته (راديكا) او أرملة الضابط تهتم به لكنه لم يحاول التقرب منها وكان يعاملها باحترام و رسمية تعبت تحاول تفسيرها لكن دون جدوى كانت تظن انه بسبب انه لا يستطيع تذكرها فقد عزف عن العلاقة الزوجية لكن لما مرت الشهور صارت متيقنة انه اما بحياته امرأة اخرى او هناك سر يخفيه يجعله بعيداً هكذا وقررت كشفه بينما هو يعامل والديه بكل حنان وحب وكذلك الطفل فيكرام الذي كان بدأ يشكل آصرة جديدة ومتميزة مع (محبوب) الذي انتحل دور والده بعد الحادثه ..كان محبوب يجتهد ليكون الضابط سنجيت رغم انه لا يعلم كيف كان سنجيت بالاساس لكنه يتعامل بقلبه واي استغراب من اي احد كان يتذرع بذاكرته المفقودة وهذا ابعد عنه الشبهات والتساؤلات وكثرة التدقيق ...(راديكا) بدأت تنجذب لمن تظنه زوجها وتراقبه دائماً وهو يلعب مع فيكرام وتحاول التقرب منه لكن لا كزوجة بل كصديقة ..وبدأتتدريجياً تهتم به بشكل مختلف كصديق لا كزوج ..وكانت مترددة تريد مصارحته بشيء لكنها تترد وتبلع ما ارادت قوله ..كانت راديكا زوجة تقليدية اقرب للمثالية شابة على قدر من الحياء والجمال والعفة جديلتها طويله وتقدس الحياة الزوجية مطيعة وهادئة كما كانت على قدر عالي من العلم والثقافة والعقل الرصين المتفتح ..كانت تعتني بولدها فيكرام جيدا وبوالدي زوجها ..اللذان يحبانها جداً كإبنتهما .. كان محبوب او سنجيت المتخفي يتذرع دوما لراديكا انه ليس على استعداد للعلاقة وان تتركه يتأقلم على حياته الجديده لانه يواجه صعوبة في الامتزاج بواقعه الجديد ..وغيرها من الذرائع ..لكن كما اسلفنا القول راديكا كانت تتفهم شعوره وتعلم ان هناك شيء ما لا تعلمه حول تبدا الزوج 180 درجه كما يتصرف سنجيت الحالي ..لكن ورغم الحزن المخيم على حياتها الا انها بدأت تشعر كأنها تتعرف على انسان جديد لا تعرفه ...وكانت تلوح اثار بسمات على شفتيها وهي ترى خجل سنجيت الجديد لما يخرج من الحمام نصف عاري ويصادفها ولما يصطدم بها بلاقصد ..ولما تحدث مصادفات رومانسية وهو كما يبدو يشعر كالمتورط بها .. لكنه كان يقضي وقته خارج المنزل ويتحجج بالعمل حتى يتجنب الاحتكاك بها ..بينما كان يفر الى حبيبته ميرا ويقضي معها الساعات يخططان كيف سيتزوجان ويعيشان بسعادة .. بالعودة لمنزل جودا ..صارت تمسك رأسها وتشعر بالصداع فنادت عمتها ..دخلت عمتها وقالت وهي تجلس عند طرف السرير و تحظنها : مابكي صغيرتي هل اعد الشاي ..فقالت جودا بنبرة عالية متألمه : لا اريد شيئا ..رأسي ..آآآآآه رأسي يا عمتي اشعر بصداع فظيع ..أتصلي بجلال افعلي شيء ..فهرعت ناشدة لحقيبتها واخرجت قرصا صغيرا وقالت لها بحنان : خذي صغيرتي قرص الدواء هذا سيشعرك بالراحة ...لا داعي لتقلقي زوجك وان لم تتحسني ساتصل به بنفسي . قالت لها ذلك وهي متأكدة ان القرص سيفعل مفعول السحر بجسد جودا ولن تضطر للاتصال بجلال ..وحصل المراد وهدأ صداع جودا وارتاحت جداً وكان بهذا القرص بداية النهاية .. من جهة اخرى كان شاهر خان يحاول استيعاب الحياة في الهند وسير الامور فيها وبدأ بمراجعة الاعمال وادارة الاملاك ومحاولة حل المشكلات العالقة لكن طابعه تميز بالرأسمالية اكثر وتعامل مع الامور كرجل اعمال اكثر من تعامله بالعاطفة كما كان يفعل الامير مالك وهذا ما افقده شعبية الناس ربما لانه لم يكن ينظر للامور من زاوية اجتماعية انما من زاوية اقتصادية فنمط رجل الاعمال الملتزم هو الذي اضفى مسحة باردة وقاسية على سير الامور في الولاية ..مما جعل بينه وبين الرعية فجوة وصاروا يدعون بعودة الامير مالك ليزيل سطوة هذا الرجل عنهم ..فشاهر خان الرجل الذي لا يفكر بقلبه بل بعقله ..ولولا ان ارتباطه بمالك قوي حد النخاع وكان يلامس عمقاً روحياً خاصا لما وصل به الامر بالتفكير بالانتقام ولكن طفولته المتجذره مع ابن عمته جعلته يتعامل مع امر مالك بعاطفية لا تشبه شخصيته .. وبدأ شاهر يهتم بشدة في السبل المتاحه لعلاج مالك واحتمالات شفاءه ان كان هناك احتمالات فأرسل تقاريره الى افضل المستشفيات العالمية لدراسة حالته واجتمع بأطباءه في المشفى الملكي ..محاولا فهم تداعي الحالة وفهم افضل الحلول لها ..حتى تعب وعاد للقصر واستلقى بغرفة الاستراحة واخذ كأس من النبيذ وصار يحدق بالنافذه فلفت نظره ان هناك لوحة مغطاة قرب النافذه ...قد بدا بعض التراب على قماشها الابيض اعتراه الفضول لكي يرى ماتلك اللوحه ...نهض وبيده كأسه ..اقترب من اللوحه ..وازال ببطيء الغطاء الابيض ليكشف اللوحة الرائعة الالوان ..لتتبدى له غجرية فائقة الجمال بنظرة آسرة فيها الكبرياء والسحر والجمال ..وفيها التحدي والانوثة الطاغية ..صار يتمعن بألوانها ومنحنيات جسمها ووجها ..فمن رسم اللوحة ابدع بريشته واتقن عمله بإحترافية ..فلم يترك تفصيلة الا وضافها ...شدته تلك الملامح فتبسم بسخرية ..ثم اعتراه فضول ..ان يقرأ توقيع الرسام فوجده توقيع مالك وهز رأسه بثقة وقال بهمس : شعرت انها ريشتك ايها الماكر ..كم اشتقت لك ياصاح متى تنهض وتعود.. وخيم الحزن عليه ...فغاب شبح ابتسامته ..وصار يفكر ويشك ..هل يعقل ان هذه الفتاة هي نفسها التي احبها مالك ..ام انها لوحة عشوائية ..صار يحدق باللوحه طويلا وهو يرتشف من كأسه بينما جودا تشرب كأسا من عصير ناشدة السحري وهي تضحك معها بنصف وعي كالسكرانه وتسرد ايام طفولتها ..حتى تعبت ونامت فغطتها ناشدة وغادرت المنزل قبل عودة جلال ..

يتبع

ماهي توقعاتكم للقادم

بقلم / مايا ابراهيم

الغجرية وعابد الليل   The Gypsy and Anchorite  of The Nightحيث تعيش القصص. اكتشف الآن