ساعات حرجة مرت على الطبيب الذي حافظ على وعده لجودا وظل مع مريضه وكان بين الفينة والاخرى يطلب من جودا ان تساعده في تبريد جسد جلال ولكنها اجتهدت ان تتجنب اناملها لمس بشرته بحرص شديد وهو مستغرب هل هي تظن ان مرضه معد مثلا ، ام هي مشمئزة ؟؟؟ فلما لاحظ الطبيب ذلك تحت علامات استفهام كثيرة ..كان يرغب في ان يسألها ولكنه سكت تحت ابتسامة احراج عندما نظرت اليه جودا ووجدته ينظر لها مندهش من طريقتها تلك .. فشعرت جودا بالحرج ايضا وعرفت مايجول برأس الطبيب وانها استفزت فضوله بطريقتها فقالت وهي تبث شبه ابتسامة خجله : "البعض لا يحب تلك الاشياء" فزاد جوابها تساؤلات الطبيب وحيرته فقال : ماذا؟ .. اجابت جودا وشعرت انها تورطت ففكرت ان تنسب الامر اليها عله يكون مقنعا اكثر فقالت : اقصد انني لا احب تلك الاشياء . تورد خد جودا بحمرة الحرج فإبتسم الطبيب قائلا : لاتحبين التمريض ام لا تحبين لمس المريض . فحاصرت اجابته جودا التي شعرت بالحرج جدا ولا تدري كيف ستشرح له وتوترت فلما نظر لارتباكها خلع قفازه ووضع راحته على خد جلال وقال لها باسماً : انظري ياجودا ليس هذا خطراً كما تظنين ...ففهمت جودا ان الطبيب يظنها تخاف ملامسة المرضى لكي لا تمرض ولم يكن الامر كذلك ولكنها لم تستطع ان تفصح بالحقيقة فنكست رأسها كانها تفكر بأمر ففاجئها الطبيب ان اخذ يدها ووضع راحتها على خد جلال فتفاجأت وقالت بسرعة : ماذا تفعل ؟؟ وارادت سحب يدها فأبقاها الطبيب بقوة وقال لها : لاااااااا تخافي واهدأي .. هذا غير ضار البته ...وكانت اول مرة ترى وجهه عندما عالجه الطبيب والان اول مرة تلامس وجهه في ظل هذا الموقف فقال لها الطبيب متأملا وجه جلال النائم ولا زال الطبيب يحتضن راحتها ويبقيها على خد جلال وقال لها : انظري ياجودا يمر علي عشرات مثله يومياً .. لاتتخيلي تلك اللذه وانتي تمرضين احدهم لتعيدي له الحياة .. الا تشعرين بدفئه ونبضه الضعيف الذي يستنجد بك .. هكذا تكون رسالة المنقذ دائماً.. تذكري ذلك ولا تتردي في فعل الخير. ارتفع الدم برأس جودا وهو يريدها ان تستشعر تلك الاشياء دفئه ..نبضه .. الخ .. لكي يعلمها درسا في هذه الحياة بينما يحدث امرا مختلف كليا عما يقول داخل قلبها يشبه قرقعة اجراس متنمرة ..توقظ في داخلها صوت انثى فإرتخت يد الطبيب فانتهزت جودا ذلك وسحبت يدها لتسكت اجراس قلبها .. فتأسف الطبيب ان تجاوز حدوده ولكنه بين ان غايته نبيله جدا فقط.. اراد ان يثبت امرا انسانيا. فمررت جودا شبح ابتسامه على وجهها لتمسح القلق في عيني الطبيب الآسفه وقالت : لا بأس عليك لقد فهمت ماترمي اليه .. وشكرا على نصيحتك ..اعدك اني سأتذكر ذلك دائما ..ولكن ربما لم اعتد عليه ولهذا احتاج الى الوقت .. لاتنسى انني راقصة ولست ممرضه ولا تفعل الراقصات تلك الاشياء عادة .. فضحك الطبيب وقال : اذاً كنتي محظوظة هذا اليوم . فقالت جودا : انا كذلك . وابتسمت ..سعدت جودا لانشراح الطبيب ولانها نجحت في تجاوز الموقف بمرونة فائقة فالطبيب يظن انها محظوظة لانها زاولت بعض التمريض بينما تظن جودا نفسها محظوظة بشكل اخر وهي تجيب على تعليق الطبيب. تجهم الطبيب فجأة وعقد حاجبيه وهو يفحص نبض جلال فقال : بسرعة حضري لي مغطس ماء بارد نبضه يتراجع وحرارته لاتريد ان تنخفض هيا .. فزعت جودا وهرعت الى الحمام وازالت كل شئ من طريقها بسرعة وسط فوضى عارمة وفتحت صنبور الماء لتملأ المغطس ..وعادت وجدت الطبيب يحاول رفع جلال قليلا لينزع عنه قميصه فعرى صدره بشكل جزئي ولكنه لا يسيطر على الامر وحده وجودا متسمرة في مكانها وصارت تشيح بوجهها عنهما فقال الطبيب صارخا بجودا : حبا بالله .. ليس هذا وقت لتخجلي هيا اسرعي وساعديني قبل ان نفقده .. فأيقض صراخ الطبيب جودا من حيائها وجفلت لسماعها ذكر الموت فاقتربت من الطبيب وساعدته في خلع قميص المريض وقال لها لن نستطيع رفعه من ذراعه فهي مصابه .. فلف الطبيب ذراع جلال برباط حتى لاتتحرك وارخى اطراف الشرشف السفلي الذي ينام عليه جلال من حافات السرير وقال لها : نادي لي اي رجل يعمل هنا ليساعدني في نقله فنفذت جودا ذلك وحضر احد العاملين مع ناشدة بيكهام ليساعد الطبيب فحول الطبيب ذلك الشرشف الى حمالة طبية امسك بها هو والرجل الاخر ونقلوا جلال الى المغطس وجودا مضطربة يشوب قلقها دموع وحيرة فقال الطبيب سننتظر الان .. ربع ساعة لعل ذلك يحدث فرقاً ..ولكني لست ضامنا النتيجة . بقي الكل ينتظر ولكن جودا كان تنتظر بقلق اشد من الجميع وتمر عليها الاوقات صعبه فلما سألت الطبيب بعد ربع ساعة قال لها .. تحسن خفيف ...لنغير الماء ..فلما غيروا الماء ضل الطبيب منتظر فقالت له جودا سأبقي ميرا الى جانبك حال احتجت الى اي شئ سأعود لك بعد ساعتين من الان ..فاستغرب الطبيب قائلا : الساعة متاخرة من الليل اين تذهبين بهذا الوقت .. فقالت جودا لن اتاخر . وتركت الطبيب يعالج حيرة انسحابها المفاجئ وعاد ليتفقد جلال ..بينما ذهبت جودا الى غرفتها المشتركة مع ميرا ..فخلعت زينة الرقص ورمتها على عجاله وغيرت ملابسها ولفت نفسها بوشاح غليظ فايقظت فوضاها ميرا فانتهزت جودا الفرصة لتطلب منها معروفا فقالت لها: ميرا ..من فضلك عزيزتي ..اسديني خدمة صغيرة. فقالت ميرا وهي تفرك عينيها : بالطبع جودا ..ولكن ما الامر الان .. هل افاق ذلك الشاب؟؟ فقالت جودا بسرعة : ليست بعد ..هذا ما اسعى له منذ ساعات بلا جدوى ؟؟ فقالت ميرا : وماذا يفعل الطبيب كل هذا الوقت ؟؟ فقالت جودا بسرعة : لا وقت لأسئلتك الرائعة ميرا .. هيا اذهبي وساعدي الطبيب ريثما اعود ..علي المغادرة الان .. وكانت جودا : تنتعل حذائها بسرعة بينما ميرا تقول : ولكن الى اين .؟؟ قالت جودا بجدية : الى من سيعيده الى الحياة ... وغادرت جودا فصاحت عليها ميرا : ولكن من يكون ..؟؟ فصاحت جودا من بعيد : حضرة شاه نياز. فتعجبت ميرا وقبلت طرف يديها ووضعتهما على عينيها علامة تقديس الاسم فهمست لنفسها : حضرت المولى شاه في هذا الوقت .. حسناً ليحفظ الله خطاكي ياجودا..هذه الفتاة ستفقدني عقلي يوماً . ونهضت ميرا لتستعد لتنفيذ وعدها بينما انطلقت جودا بخطى متسارعة تسابق الريح لتصل بسرعة الى هناك وكان عليها ان تسلك طريقاً مختصراً وسط الغابات لكي تصل بوقت مختصر ولكن قدمها التوت فجأة متعثرة بصخرة وسقطت فشعرت جودا بالالم وتأوهت وهي تحاول ان تنهض لقد جرحت ركبتها ايضاً اثر السقطة ولكنها نهضت واكملت طريقها رغم الامها وقالت متمتمة : ساعدني يارب ..فطريقي طويل.. وبدأت تسير بخطوات عرجاء متحملة بذلك بعض الشقاء ولكن عزيمتها كانت اكبر من اي سبب الان حتى لاحت القباب البيضاء لمسجد ومرقد حضرت المولى شاه نياز .. وسألقي نبذه مختصرة عنه فهو شخصية حقيقة لازالت اثارها موجودة بالهند حتى يومنا الحاضر .. شاه نياز أحمد البريلوي، أو كما يسمى في الهند وباكستان وشرق أفغانستان "حضرة شاه نياز"، هو أحد متصوفة وشعراء الهند المشهورين. ولد في 7 أغسطس 1742 مـ، وتوفي في 9 اكتوبر 1834 مـ ودفن في مدينة بريللي في محافظة اترابراديش في الهند. له من الشعر الصوفي الرقيق الكثير، وكان غارقاً في عشق الله، والفيديو الذي سنقدمه هو انعكاس لهذه الرؤيا في أحد قصائد الشاه الجميلة المغناة .. وهي رؤيا خاصة ترصف معنى كبير بالرواية ..مع الغجرية او عابد الليل لكل منهما شطر يحاكي قدرة الجليل بشكل يختلف من خلال نظرة العاشق للقدرة والتجلي.. سيبرز من خلال هذا الفصل .. ونكمل مع الغجرية التي عانقت عينيها قباب حضرت شاه نياز فتنفست الصعداء ولاحت في عينيها دمعة الخشوع فذهبت الى زاوية الحوض واخذت بعض المياه واسبغت وضوئها ولم يكن هناك اناس في ذلك الوقت ولكن القباب البيضاء انيرت بالاضواء والزينة والمرقد مفتوح للقادمين برغم انه لا يوجد احد الا نفر قليل من الزائرين والقائمين على المقام الشريف فلما دخلت جودا .. عادت اليها ذكريات طفولتها عندما دخلت هذا المكان اول مرة وهي طفلة لا تتجاوز ال10 سنوات عندما ماتت امها " اي زوجة الطف ووالدة محبوب التي تظن جودا انها والدتها" حيث جاء بها "الطف" برفقة اخاها "محبوب" الى هذا المكان ولكنها لم تفعل شيئا سوى النظر وتأمل الثريات الكبيرة اللامعة المعلقة في سقف المزار الشريف وجملة المصلين والصوفين والزائرين هنا وهناك فلما استنشقت عطر المكان الطاهر الان.. اعادت تلك الروائح العبقة لها شريط طفولتها الضائعة وسط الاحزان فإنكبت على القبر فقبلته لتحييه ثم صلت بخشوع ودموعها تتحدر وما ان فرغت حتى بدأت مناجاتها مع روح المولى الراقد فقالت : ايها الولي العاشق اعرف ان روحك تسمعني فلارواح كما يقول ابي لاتموت ..كيف وجدت لقاء الرب بعدما فارقت هذه الدنيا .. اتسائل ان كانت امي وجدته جميلا مثلك .. فلم اعرف الكثير عنها الا بضعة سنوات معها لازالت تعشعش بذاكرتي وقد سرقها الموت مني بسرعة وترك لي طعنة من الالم .. لقد جئتك اول مرة وانا طفلة بذلك الوقت وقلبي منكسر لازلت اتذكر حرارة دموعي وكانت والدتي ميتة واعرف اني لو طلبت منك ان تدعوا لي الله لاعادتها فلن تستطيع ذلك ..لانها ماتت ولان اجلها قد انقضى وحانت ساعتها ودفنت امام عيني .. فكان جميع الخلق يسألون ان تدعوا لهم الباري بقضاء حوائجهم عداي انا لم أسألك شيئاً لنفسي ليقيني بعدم جدوى السؤال بذلك ..ولكني جئتك اليوم أسألك ما بنفسي والله ربي وربك اعلم به مني فإن كنت لا تستطيع اعادة من يموتون ولكنك ستكون سببا في شفاء من يوشكون على الموت وانت افضل من يسأل الله لي ذلك فأنا لا املك شأنا مثلك لأسأل خالقي اي شئ وانا أعلم اني لست الا راقصة حقيرة ارتكبت جرماً بالتنبأ بالموت لأحدهم فدعت الموت اليه بلا موعد فليتني الجمت فمي قبل ان افعل ذلك ..ولكن الامر انقضى واتمنى ان لا يكون الاوان قد فات ..لهذا قصدتك الليلة لتنقذ حياة غريب جاء بلامس الى داري واعلم ان هناك سراً جاء به الي ووضعه القدر معي على نفس الطريق .. لما كان يتبسم لي.. لمست في وجهه سيماء الصالحين الطيبين وكان يرفض جميع النساء ويرفضني ايضا وهذا جعلني قد ايقنت انه لم يكن عاصياً كالذين يرتادون ديارنا .. كثير من العاصين هناك ..ربما مثلي انا التي..بحضرتك..ولكن رب الطيبين يقبل الطيبين ولو كانوا مذنبين ان طلبوا الغفران بنوايا صادقة كما علمتني جدتي ..ايها المولى .. ارجوك.. إسأل الله لي ان يشفى ذلك الغريب الذي يدعى "جلال" وان يغفر لي خطيئة تفوهي بتلك الحماقات ..ارجوك ياسيدي . واخذت تبكي بحرقة شديدة وهمست متمتمة وقد اختلطت دموعها بهمسها قائلة : إلهي ارجوك وادعوك .. ان تشفيه بقدرتك ففعلت ما بوسعي ..ولا حيلة لي الان .. واستغفرلك من ذنبي ...واعاهدك رباه ..انك لو انقذته لي فإني لن أقرأ قدر شخص مجدداً مادمت حية ..وسأترك قراءة الطالع الى الابد ..سأتحمل عواقب ذلك النذر على عاتقي ولكن لن اتحمل ان يموت شخص برئ بسبب نبوئتي واشهد مولاك حضرت المولى نياز على نذري هذا .... واخذ بكائها يزيد حرقة وانكبت تبكي في زاوية وانفصلت بألمها عمن حولها حتى شعرت بيد تمسح على كتفها بحنان واذا بها إمرأة شابة جميلة تحمل طفلا بيدها فقالت لها بابتسامة حانية : السلام عليكم يا اختاه . فمسحت جودا دمعها وقالت بصوت يكاد يسمع : وعليكم السلام .فقالت لها المرأة وبدت مؤمنة وترتدي خمار كامل وكان لها نبرة طيبة : يبدو ان هناك امر يحزنك مثلي انا .. وجئت لأنذر نفسي في خدمتك وخدمة المؤمنين لعل الله يتقبل مني هذا العمل بكرمه ويعيد علي غائبي . فدعيني اساعدك في اي شئ استطيعه . فارتاحت لها جوداولكنها قالت بحياء : انا ممتنة لك .. ولكن حاجتي لن يستطيع ان يساعدني بها احد من العباد الا رب العباد ...فقالت المراة مبتسمة : اشهد على ذلك يا اختاه فالله هو العزيز المقتدر "واهب الحاجات" ولكنه يجعل لنا اسبابا في هذا العالم الفاني لنتزود بها ونستعين بها على حوائجنا ..ولكن هلا اخبرتني مايحزنك لأدعوا لك بالفرج ..فقالت جودا : لي مريض يوشك على الموت لقد حاول احدهم قتله غدرا .. وقد يئست من شفاءه طبياً فجئت اطلب له معجزة من هذا المكان المقدس لعل الله يمد في عمره ويشفيه فلي يقين هنا.. ولكن ماذا عنك انتي ؟؟ في هذا الوقت ومع طفلك الصغير ؟؟ هل انتي بخير ؟؟ فقالت المراة بحزن : انها طفلة . فابتسمت جودا بحنان لتلك الطفلة التي بادلتها الابتسام فوجدت جودا سلاما بوجه تلك الملاك البرئ مما خفف حزنها فلما رأت المرأة ذلك مدت يدها لتسلم طفلتها لجودا علامة المودة وان باستطاعة جودا ان تحمل الطفلة لملاعبتها واكملت المرأة قائلة باستياء : لقد غادر اخي الغائب للبحث عن والدها واختفى فجأة ولا اعلم عنه شيئاً ووالدها لم يعد ايضاً .. وقد ضاق صدري فجئت الى هنا . فنظرت جودا الى المراة نظرة مواسية فهمت المراة ان جودا تتفهم حزنها وقد خيم الحزن على الاجواء حتى قطعته المرأة بإبتسامة رضا بالقضاء وقالت وهي تمد يدها لجودا : سكينة محمد مولى خان .. في خدمتك اختاه. فابتسمت جودا بوهن وصافحتها مرحبة بها : اسمي جودا .. فقالت سكينة : اسمك جميل وغريب في مجتمعنا ياجودا ..ولكنك هنا في بيت الله لستي غريبة وانا بمشيئة الرب اختك في الله وسادعوا لك من كل قلبي ....فإبتسمت جودا ممتنة .. راضية بذلك بكامل الارتياح وشكرتها عليه .. فاردفت سكينة داعية وقالت :الهي قصدك القاصدون وامل في فضلك الطالبون ولك في هذا الليل عطايا تمن بها على عبادك فإشفي مريض اختي جودا واعده الى الحياة بقدرتك التي احييت بها الطير لنبيك ابراهيم عليه السلام ليطمأن قلبه..واعد علي اخي العزيز الذي غيبته الخفايا ..ورده علي رداً جميلاً سالما مبشر.. كما رددت يوسف على يعقوب عليهما السلام..واهدي زوجي واعده بعافية ايضاً ..واحفظنا جميعاً من كل سوء ..اللهم انك أمرتني بالدعاء وتكفلت لي بالاجابة يا ارحم الراحمين . آمين . ختمت سكينه دعائها ومسحت على وجهها وبادلتها جودا الاقرار عليه ومسحت على وجهها واعادت الطفلة لها ..ثم سمعوا صوتا جميلا ينشد كلمات اجمل سلب لب جودا وهي تسمعه وتصغي منجذبة ومستغربة من تلك التي تنشد في مثل ذلك الوقت وكان صوتها يأتي من بوابة الفناء الامامي للمزار فقالت سكينه مبتسمة : ها قد بدأت عابدة بالانشاد كعادتها. فقالت جودا : من هي عابدة؟؟ فقالت سكينة : إمرأة من المتصوفة غريبة الاطوار جاءت منذ سبعة اعوام الى هنا فاقدة للبصر وقد رد بصرها اليها بمعجزة ربانية في حضرت مولى شاه نياز ..فإعتصمت منذ ذلك الوقت هنا في المزار وجعلته مكانها الدائم ترينها في كل الاوقات تجلس على بابه وتنشد قصائد حضرت المولى نياز ولا تتحدث الا قليلا ولكنها ان تكلمت فلا تقول الا الحقيقة والحكم واحيانا تفعل ذلك بألحان جميلة تشد السامعين ..بعضهم يأتي فقط لسماعها والاستفادة من معارفها .. تدعي ان روح شاه نياز معها وهي تكلمه بشكل دائم ..والبعض يقول انها طعنت بالسن وجن جنونها ..من يدري ما سرها .. ولكن تعالي لنسمعها فصوتها نابع من الاعماق وهو جميل جدا ؟؟ فابتسمت سكينه وفعلت جودا وقالت لها سكينة هيا بنا ...فنهضت الاثنتان واقتربتا من البوابه ولم يكن سواهما و3 رجال وشيخ كبير معاق يجلسون حول عابدة التي اخذت تنشد قصيدة كتبها الشاه نياز قبل موته وكان اسم القصيدة "رقص الجريح" او "اني ارى حبيبي في كل ما ارى" وهي من اجمل قصائد الشاه احمد نياز التي كانت بلسان عابدة حيث اخذت تنشد وتقول :
أنا، "نياز"، في حاجتك أنت ... ولكن من سوف يحتاجني أنا ؟أنا، "نياز"، سوف احتضن بكل محبة أي حزن يأتي من محبوب مثلك
أنت الضياء الذي يشع من عيني، وجمال وجهك هو الشروق
إذا حاولت أن ابتعد عنك، قل لي لمن أذهب بعدك ؟
إني أراك، يا من أحب وأعشق، في كل شيء أراه حولي
أراك بوضوح في كل شيء، ولكنني أراك أحياناً بصورة خافية
احيانا اراك الممكن ، واحيانا اراك المستحيل
ولكنني أراك أيضاً كلمحة البصر، وأحيان أخرى أراك كشيء سرمدي خالد لا يزول
أراك كالملك في تسلطه
ولكنني أراه في أحيان أخرى بفقير معه كأس يتسول به
أرى معشوقي في ملابس فاخرة مزخرفة
أراه يوزع سحره وجماله على كل شيء حوله
وأنا العاشق أرى نفسي، أنا "نياز"، في أحيان كثيرة
أراني أضرب صدري حزناً، وقلبي يشتعل ناراً
إني أراك، يا من أحب وأعشق، في كل شيء أراه حولي
أراك بوضوح في كل شيء، ولكنني أراك أحياناً بصورة خافية
تم الفصل .
القصيدة حقيقة كتبت قبل بضعة قرون من الزمان من الشاه احمد نياز قبل وفاتهالقادم / جلال يعود للحياة ويرى جودا تغفو الى جانبه يحرك عينيه ببطئ وينظر لها مطولا ..غير مستوعب لما يجري فيحاول التحرك فيسعل ..تستيقظ جودا فزعة على كحته ويسري في جسدها ارتعاشة من فرح فتخبره ان يرتاح ولا يتحرك فيطلب منها الماء .. فتمنعه عن الماء .. لانه ينشر السم وتستبدله باللبن البارد كما اوصاها الطبيب ..
أنت تقرأ
الغجرية وعابد الليل The Gypsy and Anchorite of The Night
Romanceنبذة عن القصة التقاء عالمين مختلفين بين غجرية راقصة وعابد يعشقان ارتياد نسك الليل هي برقص الحسناء وهو يلهج في مناجاة السماء حيث تخطفت تلك العاشقة أقدار غريبة من عقر مملكتها وتحولت من اميرة الى راقصة في ليلة وضحاها وترعرعت بين الغجر لتتلقى مصيرها ال...