الفصل السادس والعشرين

606 23 3
                                    


  قضى جلال ليلته وهو لا يصدق انه توحد اخيراً بروحة وقلبه وجسده مع حبيبته تلك الانسانة التي لم يتوقع ان تغزو قلبه اي امراة بعد زوجته الاولى ولكن شاء الله له ذلك ..تذكر عندما أنقذها وسرت بقلبه وخزة نعم لقد أقسم على الله ان يعاقبه ان أفتتن بها وهل كانت تلك الوخزة وخزة التمني والرغبة لقد تمناها منذ ذلك اليوم ولم يعترف لنفسه فأنزل الله به العقوبة التي يريد ..ولكن اي عقوبة ؟؟ ..لو كل العقوبات ستكون بهذا الشكل لأصبحت حياة الاخرين جنة ..هل حقاً عشقها هو عقاب من الله ..كانت جلال ينظر لها بحب وحنان ويمسح على شعرها وكانت جودا بعد تلك الليلة المشحونة مجهدة نعم لم يعتد جسمها على مثل تلك المناورات العاطفية ولابد ان المرة الاولى دائماً متعبة بعض الشئ ولكن شريكها العنيد لم يستلم حتى جعلها ممتنة له من قلبها عندما أوصلها الى الجنة وأعادها الى الارض ثانية ..لقد تعامل معها جلال بكل حب واحترام ومهارة وقد غلفها جميعاً بالجنون والاثارة ..كانت ليلة تشبه تماماً الليلة التي رسمتها جودا في أحلامها ..لقد كانت محظوظة في إختيار فارسها ..وقد إنتشت به كما تنتشي ملكة النحل من عبق الزهور فأخذت منه لتعطيه رحيقها الخالد وترتاح بين ذراعيه .. وراحت تنام بهدوء وهي تعلم انه الامان وكل الامان وانه تلك الراحة بعد ليلة العمر التي ختمت بديدنة الغرام البارحة ..والتي لطالما تمنتها مع شخص تحبه ويحبها ..وهل تحبه حقاً ؟؟ هل ماتشعر به هو ما يسمى الحب ؟؟ لاتدري ..كل ماتعرفه انها رغبت به وانه هو المختار لينال ذلك الشرف الخاص بأميرة الغجر ..نعم وربما ايضا ظل أميرة حقيقة ولكنها لم تكن تعلم..المهم ان يكون هو لاغيره ..وكل شئ في علامات وحساب ..الآن اصبحت جودا كأنفاس جلال لو تنفست شهق خوفاً من ان يصيبها مكروه هي ألماسته هي جوهرته هي كل حياته ..يعلم انه سيواجه رفضاً اجتماعياً ولكنه سيحارب العالم من أجلها مادام هو الذي يعلم مدى نقائها فلايحق لأحد اصدار الاحكام ..ولكن من سيصدقه ؟؟ لا أحد سيصدق إنها كانت بذلك الطهر الذي سيقول به جلال ولكن لم يعد يهتم لذلك لانه لمس ذلك بنفسه ..المهم ان يحافظ على جودا ويحبها ولن يتخلى عنها وسيؤدي واجبه المقدس اتجاهها الى اخر رمق بالحياة ليس واجباته الزوجية فحسب بل واجباته كعاشق متيم بها ...نعم لقد أخذ يدمع فرحاً ان من نعم الله عليه ان منحه زوجة عذراء نقية كان يظن انها ليست كذلك ومع ذلك عاملها بالحسنى فماذا بعد ان عرفت تلك الحقيقية البلورية التي لمعت في سماء عشقه فتولعت وتأججت نجمة من نور ونار ..لقد زاد عشقه وتولعه بها بعد ان أكرمه الله بأن يكون الاول في حياتها وعرف نعمة الله عليه فشكره على ذلك ولكنه يتسآل كيف حافظت جودا على نفسها وسط ذلك الوحل الذي هي فيه وتلك البيئة القذرة ...؟؟ يتسائل مالسر الذي اودعه الله في زوجته ليحفظها له ولماذا هو من بين سائر الخلق ؟؟ ومع راقصة ؟؟ مايريد القدر ان يبوح له عندما جمعهما بهذا الشكل ؟؟ أسألة لاجواب لها ولكن مايهم وهي الان غافية على صدره ..تتربع وسط قلبه ..تتوسد ذراعيه كطفل صغير بحضن امه.. ولهذا.. قرر ان يحافظ عليها ..هي ..مسؤوليته..وسيبدل حياتها للافضل ..بل عاهد نفسه ان يجعلها الزوجة الاكثر سعادة وحظاً على وجه الارض واخذ يرسم لها الاحلام الذهبية ..بينما لازالت تركن رأسها نائمة بسلام على صدره العاري وهو يمسح برفق وهيام على رأسها واحيانا يسترق انظر الى جسدها الجميل ..شعرها ..شفتيها وكل مالها ..ويتذكر العاصفة التي اثارتها البارحة وهي تخبره انها كانت واعية ..مما يعني انها تريده لها بشكل او بآخر..ماكرة ..ومناورة جيدة ,,تبسم جلال وهو يفكر بكل شئ.. فتحركت جودا وأدارت له ظهرها ..بعفوية النائمين فبقي شعرها على صدره يدغدغ حواسه ورأسها مرتاح على الوسادة ولكن بعدها يغري بالاقتراب اكثر ..فلم يستطع ان ينام جلال تلك الليلة فلم يشبع فضول اكتشافه بعد يتمنى لو يعرف كل شئ عنها ..يتمنى ان يقضي كل لحظة بقربها ..ومعها ..فلم تعجبه الفجوة الصغيرة بينهما ولكن شعرها طويل بما يكفي ليعتلي صدره بغرور ويملأ ذلك الفراغ ..إثارة باردة لا تشبه إثارة جسدها الساخنة من نوع اخر ..قبيل الفجر وشئ يلمع على عنقها نعم لقد احب عليها ذلك العقد ..أمسك جلال بخصل شعرها التي على صدره وراح يشمها ويضعها على وجهه كنوع من الاستكشاف و كانت ناعمة بما يكفي لتثير شجونه ...واعادها الى مكانها فانسابت على خصرها ..وكلما وضع خصلة على خصرها المنحوت انفرجت وتفرقت على الجانبين ..يا الهي هل امسى خصرك سيفاً بتار ياجودا ...يشطر تلك الخصلات بنعومة فائقة ويشطر قلبي معها..ابتسم جلال وهو يحدث نفسه بصمت .. وعيناه تغيب في محاسنها فوقعت عينه على فخذها الذي انعكس شعاع من نور النافذه المطله على ليلة مقمرة .. ورغم الظلام النصفي الذي كان بالغرفة الا ان كل شئ بدا مثاليا والاسمال الرقيقة الشفافة هي فقط التي تغطي شيئا بسيطا من جسدها واما الباقي فانه يعلن حرب الاغراء..وهو يلمح تلك الساق العاجية ويتذكر انه على الساق الاخرى يوجد حبة من خال ..تنتظر ان تشفى الاصابه لتخبرة بشوق الاشتياق للمسها ..ولكنها" اقصد حبة الخال" دفعت له بالساق الاخرى مفاخرة كأنها تقول مهلا أنا اسكن على واحدة مصابة ولكن توأمتي الاخرى بين يديك فلا تضيعها فجائته السكرة سكرة العشق لما تذكر تلك العلامة وتخيل ماتقول له انها تغريه الآن بردم الفجوة فأزاح عنه الغطاء قليلا وإندس يلتصق بظهرجودا فينفذ وصية علامتها كما اشتهت نفسه .. وراح يقبل عنقها ليغذي شحنة الالتصاق الان فقط بدأ يشعر بدفئها على جسده واخذ يرشقها بالقبلات هنا وهناك وماطالته شفتاه بين الفينة والاخرى ويده وذراعيه تعملان بخفة ورقة دون ان يوقظها ولكنه اللهب لا يخفى لسعه ..وصار كثعبان ملتصق تارة وزاحف تارة على جسدها يسترق اللثمات ...فشعرت به جودا التي ترعرعت على صيد الثعابين ...فإبتسمت لفعاله وهي مغمضة وهو بالطبع لا يرى وجهها لانه منشغل بمتنها وعنقها وساقها وخصرها وشعرها و..و..فأيقظ جلال ناهجتهُ دون ان يشعر .."الناهجة =اللبوة" فقالت له جودا هامسه : ألم تنم بعد..؟؟ فتفاجأ جلال ورفع رأسه وارتبك فقال : آسف ان كنت أيقظتك ..فأجابته جودا وهي مغمضة وجلال ينظر لشفتيها بنظرة المذنب قائلة : لقد فعلتَ ذلك وانتهى ..فلما تأسف عليه . فاستدارت جودا عليه نصف استداره ترى وجهه وتنتظر جوابه لم تكن ملامحه واضحه جدا ولكنه كان مطأطئاً رأسه كطفل مذنب وهمس لها : لا ادري ..ربما ماكان يجب ان اكون انانيا واقلق راحة رقادك بشهوتي. فإبتسمت جودا بسخرية وعاد لهيئتها السابقة بلا مبالاة قائلة : أنت مثالي جداً...لاتكن عاطفياً الى هذه الدرجة ياعزيزي ..ثم اكملت وقد تغيرت نبرتها الى شئ من حزن وجدية صارمة باردة قائلة : العاطفة هذه الخصلة ليست في حياتنا نحن الراقصات ياجلال ربما في حياتك انت لانها تختلف عني نهائياً ولكن من هم مثلنا ليس عليهم ان يكونوا كذلك أبداً ...ولاتقلق علي ..سأعتاد على ذلك مع الوقت لانه جزء من مهنتي ..بفارق انني فعلت ذلك كما أهوى وبطريقتي ومع الرجل الذي اخترته...بينما ارغمن الاخريات على ذلك بطريقة ما مع من يكرهن...ومع الوقت ..لاتعود تشعر بشئ أبداً .. هكذا نحن . وسقطت دمعة من عين جودا لم يلمحها جلال ولكن مرارة صوتها ولوعة كلماتها اصابت قلبه كشظية نارية وختمت مؤكدة كلامها : وطالما انت معي ..لاتنسى ذلك ياجلال. ولكن جلال انتصب جالساً منزعجاً معترضا فيه شئ من الغضب وقال : ماذا تقولين ياجودا ..كفي عن هذا الهراء انتي زوجتي ..ولا يهمني مانشأتي عليه من افكار او طباع ولا يهمني ماكنتي عليه ولكن مايهمني هو انك جزء مني اليوم ..انتي اطهر انسانة بالنسبة لي ولا يهمني مهنتك او مايفكر الاخرين..ثم التفت لها ومال عليه في محاولة للنظر في عينيها فنظرت اليه ولما اتصلت العينان قال لها بحب : تعلمين إني أحبك ..ولن اتخلى عنك ..أنا اسف على ظني السابق ولكني لم أعي تلك الحقيقة الا بالأمس ..علمتني درساً لن انساه ابداً ياجودا ان لا احكم على ظاهر الاشياء فربما خلف القشور اشياء واشياء..انتي لاتعرفين ما يتملكني عندما أكون معك ..تجعلين مني أسعد رجل على وجه الارض ..أنا احبك ياجودا أحبك وسأحبك ماتبقى من عمري. فإبتسمت له جودا بشئ من الشفقة والتهكم والحنان قائلة : هه أتعلم مايعجبني فيك .. انك تحّسن مزاجي بطريقة سحرية ..لاتظن إنني اوافقك على ارجوزة الحب الغبية هذه ولكنك تعجبني عندما تتغنى بها . وراحت تدور بعينيها عليه وترسم باظفر سبابتها خطاً منحنيا على صدره لتداعب شعوره وهي تقول : أفهم تماماً ماتمر به..ولكن من سوء حظك انني لا أصدق تلك التفاهات..ولكنك تثير متعتي عندما تتفوه بها..تأسرني بعفويتك جلال انت نقي جدا وبرئ جدا..وهذا ما شدني اليك..تعال ولا تثرثر كثيراً فقد فتحت شهيتي عليك ...ولولا اصابتي لجعلتك تتوسلني بالامس فلا تظن نفسك حاذقاً..تعال... وغرست اناملها بشعره لتشد رأسه إليها بقبلة حامية لا تنتظر موافقته بل اغتصبتها منه إغتصاباً راح جلال خلالها كالمدمن ضحية فتنتها وسحرها ..وصار يتحرك لها كما تريده هي وليس كما يرغب هو ولما أشعلت جودا الفتيل وصار جلال يئن لها شوقاً ويتلوى دفعته بعيداًعنها فإستغرب جلال ولا زال يلهث من قبلتها ولكنه لم يعترض على شراستها بدفعه الا انه كان مذهولا وهائماً فقط ينظر لها متسائلاً فقالت بمكر وإبتسامة : إن عالمك يناديك ايها العابد ..إذهب لصلاتك ..فقد انهيت تلاوتك على شفتي.. فأتركني لاكمل رقادي . وارخت نفسها واغمضت لتنام غير مبالية به ولثائرته ...فلما سكتت سمع جلال صوت الاذان ..فمسح وجهه يحاول الخروج من دوامتها فقد سلبته لبه وانسته ذكر ربه فمنذ مدة طويلة كانت هذه اول مرة يترك فيها قيام الليل ولم يشعر بدخول الفجر ولكن عليه ان ينتبه المرة القادمة..و رأى انها على حق فعليه القيام للصلاة ولكن كيف لها كل تلك السيطرة مزيج من رقة متوحشة ..إنسانة غريبة شعر جلال بضرورة اكتشافها ولكن عليه ان يلحق الصلاة اولا فتأزر بمنشفته وراح ليغتسل ويصلي ويواصل حمد الله والثناء عليه حتى طلع الصباح..
بقلم وتقديم / مايا

الفصل القادم / السبت المقبل ماذا تتوقعون ؟؟؟ راح اراجع التعليقات ف اكتب توقعك ولا تكتفي بالمختصرات الثلاثة "روعة وتحفه وحلوة" والله العظيم أدري وأقدر شعوركم على راسي ..هذا ان لم تكن مجاملات ..لكني ابغى اعرف رايك بهذا الفصل وموقف الثنائي ؟؟؟ وايضا ماهي توقعاتكم لانها بتكون نافعة أكثر لقراءة الاحداث القادمة ..وشاكرة لكم من القلب على اي امداد نقدي.  

الغجرية وعابد الليل   The Gypsy and Anchorite  of The Nightحيث تعيش القصص. اكتشف الآن