الفصل السادس والاربعون 46

367 16 3
                                    


التقط جلال الرسالة وقلبها وخمن انها سقطت من زوجته التي خرجت من المطبخ بيدها صحن لتنصدم وهي ترى بيده الرسالة فقال لها اهذه لكي؟؟ ...ترددت جودا قبل ان تنطق بلعت ريقها وهزت رأسها بطريقه ديناميكية وقالت بصوت خفيض : نعم ...فسألها جلال : ممن تكون ؟؟ ...شعرت جودا ان ضغطها هبط وبالكاد تحمل الصحن وبينما هي في حالة من الخوف والتوتر المخبيء تحت ستار هدوئها ..رن جرس الباب ..فتبسم جلال فرحاً وقال متهللاً : سنتكلم لاحقاً هذه اكيد سكينه وحبيبتي زارين وصلوا ..يبدو متحمسين على دعوتكي لهم للغداء ..سأفتح لهما الباب ..وضع الرسالة على الطاولة وراح للباب فتحه بسرعة يستقبل اخته يحظنها ويلاعب ابنتها ..فتنفست جودا الصعداء وضعت الصحن على الطاوله واخذت الرسالة بسرعة واختفت بالمطبخ بسرعة قطعتها ورمتها بالقمامة وهي ترتجف ...مذا كانت ستفعل لو قرأ الرسالة وظن انها من احد رواد الملهى الذي تعمل به .. فالامير لم يكتب اسمه ..ولو كتب اسمه ستكون طامة أسوأ فسيظن انها على علاقة به لهذا سمت ابنهما عليه وسيفكر الكثير والكثير بتلك الايام التي اعتنى بها مالك وستنقلب حياتها جحيم الا ان الله يعلم ما بالقلوب فأنقذها بمجيء سكينه .. شكرت الله واستعادت جودا نفسها بسرعة محاولة ان تكون طبيعية .. وخرجت لأستقبال سكينة بإبتسامة حب وحظنتها وحملت ابنتها تلاعبها وتلاطفها واخذتها لترى مالك الصغير .. فجلست سكينه تسأل جودا عن احوالها وصحتها فأجابتها انها بخير وشكرتها على تلبية الدعوة وانها سعيدة بحضورها ..وان الغداء على وشك الجهوزيه ..عرضت سكينة ان تساعد جودا بالمطبخ فرفضت جودا وقالت لها اجلسي انتي مع الاطفال بينما انتهي انا من تجهيزه ..وافقت سكينة واعربت عن شوقها لرؤية مالك الصغير وراحت تلاعبه بينما حمل جلال زارين وراح يلاعبها ويسير بها وهي على ظهره تارة وعلى كتفه تاره والطفلة تضحك بسعاده..

في هذه الاثناء بعثت ناشدة رسالة الى الامير مالك تطلب منه مقابلة جدة جودا بمسألة حياة او موت ..بعدما اوصت الجدة العمة ناشدة بكتابة الرسالة وارسالها له ففعلت ولكن ..جاءها الجواب : ان الامير مريض جداً لا يستطيع الخروج لأي مكان بسبب شدة مرضه..لكنه سيرسل بطلبها حرسه ليأتوا بها إليه وبشكل ما كانت الجدة افضل حالاً من الامير اذ ماقورنت مرضيا به ..حيث انها تقوى عالنهوض والجلوس على كرسي متحرك وليس مثله لذا قررت ان تلبي دعوته و تذهب إليه بنفسها لتنهي ما كان يجب ان ينتهي منذ سنوات ..فكتبت له خطاباً اخبرته بضرورة اجتماعها به لخصوصية الأمر ولكن على أطراف القضية ومن يهمهم الامر التواجد جميعا ليسمعوا كل ما يقال ويكونوا شهودا عليه ..فبعث الامير رسالة موافقاً وقال لها احضري كل من تريدين احضاره فقصره مفتوح للجميع .. وفي تلك الايام كان الناس والرعية كأنهم في حداد البعض متجمع حول قصره يبكي والبعض يدخلون عليه دفعات ليرونه لانه سمح بأن يستقبل عدد معين من الناس المهمين وذوي الحاجات الخاصة بعضهم ليشكره البعض وبعضهم ليوادعه وبعضهم ليؤمن نفسه وبعضهم حبا به يبكيه ...ورغم ان الطبيب كان يمانع بهذه الزيارات الا ان الأمير كان يتبسم ولا يبالي ويقول ان الاعمار بيد الخالق ووجود الزائرين بغرفته لن يطيل بعمره او ينقصه وان لكل اجل كتاب لذا كان يصر على خدمة الناس وتلبية رغباتهم لآخر لحظة ...بينما الأم جن جنونها تصرخ وتكسر الاشياء وتطرد الناس والامير يحاول ان يجعل الممرضات يهدئونها قدر الامكان وان لا يدخلو الناس امامها عليه بل من الباب الاخر لكي لا تثير المشاكل ..او يستقبلهم وهي نائمة كان يراعي شعورها لآخر لحظة ..ويوصي الجميع ان يعتنوا بها بعد رحيله لكن مساعديه ومحبيه يبكون ويدعون له بطولة العمر .. بعد بضعة ايام اتصلت الجدة بجودا وطلبتها هي وزوجها ليحضرا اجتماعاً بقصر الامير حاولت جودا ان تستفسر لكن الجدة كانت حازمة وقمعت اي سؤال فقط اعطتها تفاصيل الموعد وتاريخه واكدت حضورها لأن الامير صار يدق نواقيس الرحيل ..وكلمت جلال اوصته الا ينفعل اذا رأى سنجيت هناك لان الوضع لا يتحمل اثاره زوبعة والرجل بحاله الموت ...لكن جلال رفض الحضور وقال انه لن يجتمع مع هذا الرجل في مكان واحد فقالت له ان عليه ان يفعل ذلك لأن حياة جودا بخطر .. واذا اراد حمايتها عليه ان يكون معها وانه لا خطر من سنجيت وان جودا لديها ارث وعليها الحضور فتعجب وتسائل جلال عن كل مايحدث ..فقالت الجدة اسمع كلامي ياولدي وستفهم بوقتها كل شيء اعتبر هذا طلباً من امك المريضة لا ترهقني بالجدال ..كل هذا لمصلحتك انت وحفيدتي..فخجل جلال من التماسها كأم وخضع لرغبتها ووافق بعدما رأى ان معها حق عليه ان يكون مع جودا كظلها في اي مكان وزمان فهو شريك حياتها وعليه حمايتها ...ولم تعط الجدة مجالا لأي احد ان يسأل عن شيء ..حتى اليوم المحدد..

وحان اليوم الموعود .. واجتازت الكاديلاك السوداء الحشود التي كانت حول القصر المتجمعة محبة بالامير ..ابو الخيرات وراعي اليتامى والارامل ومحامي الفقير ومغيث كل سائل ...كانت تلك السيارة ايضا تحمل جملة من محبي هذا الشاب النبيل اللذين جلسوا بصمت ودموعهم تسبقهم والبعض يخفيها والبعض قلق يفكر اي سر يجتمعون عليه كان بالسيارة الجدة وجودا وزوجها والطبيبة رابيا وسنجيت او محبوب وناشدة برفقتهم ..وصلت الكاديلاك لقصر الامير ونزل الجميع من السيارة واستقبلهم محامي الامير ومساعده وصعد بهم الى العلية ... وطرق الباب بهدوء ففتح لهم الطبيب الباب ..ودخلت الجدة على كرسي متحرك تتقدمهم والباقي وراءها بهدوء فتبسم الامير من سريره بوجه حسن وهو يرحب بهم بصوت ضعيف ولكن ما ان رأى جودا تحمل طفلها سكت و التقت عينها بعيناه نظر لها بحب صامت عميق وخفي فدمعت عيناهما معاً لايعلمان سبب هذه الدمعة التي انحدرت من عين كل واحد منهما الا انه شيء لم يلاحظه احد سواهما ولاح منه شبح ابتسامة على شفتيه ...ثم ارخى جفون عينيه ...

القادم / صراخ يهز المكان وعويل ودموع ...وغيمة حزن سوداء خيمت على قصر نصير شاه

تابعونا الفصل القادم

بقلم / مايا ابراهيم    

الغجرية وعابد الليل   The Gypsy and Anchorite  of The Nightحيث تعيش القصص. اكتشف الآن