انبرت الاعوام كرذاذ تراب طار كلمح البصر ادراج الريح ... فإستوت البراعم الصغيرة أزهاراً متفتحة يملأها العنفوان والشباب بمرور 13 عاما اصبحت ريهانا طاعنة في السن بالكاد تميز الاشياء وغزا الشيب لحية الطف وشعره ..وغدى "محبوب" شابا ذكيا وقويا ورث دهاء ابيه وحيلته كان يتمتع ببدن رياضي خفيف الحركة سريع البديهة وماهر بالصيد ولسوء الحظ كانت يده تمتاز بخفة اكبر من جسمه على جيوب الاخرين فتجعلهم يصيحون لفقدهم الاشياء بينما تلوح ابتسامة شقية على ثغر ذلك الشاب الغجري الماكر بقامته النحيلة وبشرته السمراء وعيناه الضيقتين اللتان تشبهان عيني والده كثيرا فكان يستمتع بتلك العادة السيئة التي لطالما عوقب من والده كثيراً بسببها ولكن ذنب الثعلب لن يستقيم حتى بعد ان اصبح اباه تاجراً كبيراً لكن الدماء الغجرية لازالت تؤثر على رغباته.. وفجأة وقف محبوب وهو مبتسم يراقبها بذلك الجسد البراق وشعرها الذي يتناثر على وجهها كحبال من الليل وهو لا يكاد يميز هل تدور الريح عليها ام تدور هي على الريح تلك هي جودا تدور برقصها الساحر على انغام الطبول فلا تشعر بلاخرين ولا تشعر بالوقت وكانت تلك الخناجر بيديها وهي ترقص فتطوح بتلك الخناجر على خصرها تارة يمين وتارة يسار في استعراض جميل و مغر جداً لا تترك مجالا للناظر بأن يحيد بناظريه عنها هي تلعب بالخناجر كما تلعب الاصابع على اوتار السيتار"الة هندية وترية شبيهة بالعود" وقرع الطبول ومع تسارع الايقاع تسارعت خطواتها حتى بدت اسرع من ايقاع الريح حولها ومع توقف طبل العم راضي رمت بالخنجر فنبت على جذع شجرة .. فإبتسم محبوب ونزع الخنجر ليذهب الى اليها فقال لها : تزداد مهارتك برمي الخناجر يا اختاه كلما ازدادت روعتك بالرقص ..هل ستعانقين اخاكي المسكين ؟؟ فإلتفتت جودا مبتسمه بحرارة وعانقت محبوب بحب وقالت : أيها الثعبان لم اشعر بتسللك اشتقت لك كثيراً .. متى جئت من البلدة ؟؟ قال محبوب : لاا تزال قدمي دافئة من الطريق .. ولكن الشوق غلبني فجئت ارى عائلتي سيما اجمل راقصة في الهند وقد احضرت لك شيئاً مميزا يا اميرتي .. خمني ماهو ؟ فإستغربت جودا واخذت تفكر مايكون وقالت فجأة وهي تبث ابتسامة بريئة : لابد انها حلواي المفضلة. فأخرج لها محبوب مبتسما علبة مغلفة وقال لم انسى ذلك ايضاً. فقدم لها علبة الحلوى وتلقفتها بسرور فقال لها : مهلا مهلا رويدك لم ننتهي بعد ليس هذا كل شئ خمني ما احضرت لك ؟ فقالت جودا بسعادة : يبدو انه يوم المفاجآت يا اخي هيا اخبرني ولا تختبر صبري .. ؟ فقال محبوب مبتسما: اذاً اغمضي عينيكي. فلما اغمضت عينيها البسها عقداً فضياً جميلاً فيه بعض الاحجار اللامعة ففتحت عينيها وتحسست العقد وبلا تفكير تلقفت خنجرا من حزام اخيها ووضعته امام عينيها كالمراة لترى جمال ذلك العقد بشهقات من السعادة فقال محبوب : كل عام وانتي متألقة اختي الحبيبة اليوم هو يوم ميلاد اجمل غجرية في قومنا ، كيف وجدت هديتي لك ؟ فقالت له : انه رائع كقلبك يا اخي .. احبك من كل قلبي . واعتنقته شاكرة حيث نسيت ان ميلادها اليوم ولكن هناك من لم ينسى ذلك فإحتفلت العشيرة بذلك اليوم بميلاد "جودا" سيما اباها الطف الذي كان قد قرر بنفسه يوم ميلادها عندما تلقفتها يداه في ذلك اليوم قبل عشرين عاما من الان. فعزفت الموسيقى وضج القوم بالمرح بتلك المناسبة فهي ابنة رئيسهم المدللة وهي " تميمة السعد" بالنسبة لهم. وبسط ألطف من اجل ميلاد ابنته مائدة عامرة اراد ان لاتمحى بسهولة من اذهان الغجر.. واثناء ذلك طلب محبوب من اخته ان يذهب بها في جولة لبعض المرح فنزلا الى البلدة وجابا الطرق والملاهي والاسواق واشترى لأخته بعضا من الاقمشة والحلي والمشدات الملونة الجميلة وكان محبوب يجوب بأخته الاسواق بينما تجوب اعين الرجال حول اخته فبدا ذلك يزعجه قليلا فطلب منها العودة وبينما يهمان بالرجوع استوقفهم رجل قائلا بحزن : السلام عليكم ايتها الغجرية الجميلة ،، هل اجد عندك الوقت لأقرأ طالعي. قال محبوب فورا : لا وقت لدينا ياهذا ، تعال الى هنا بالغد وستفعل ، هيا بنا ياجودا. وهم بالذهاب ولكن جودا رصدت ذلك الحزن في عيني الرجل فلم ترغب باضافة حزن اخر عليه فاستوقفته وهي تمسح على كتف اخيها بود قائلة : عزيزي محبوب من فضلك. فاومأت برأسها لطلب الموافقة ، فهم محبوب رغبة اخته فهز مطرقا بالموافقة على البقاء لانه لم يرغب في ان يرفض لها طلباً في ذلك اليوم فإنزوى الثلاثة الى طرف السوق واتفقا على المبلغ فقالت جودا للرجل : اعطني يدك . فمد الرجل يده ولما نظرت جودا لراحته اكفهر وجهها وبدى كأنها قرأت امراً سيئاً لكنها احتارت هل تصارحه بما رأت وتزيد غمه ام انها تمنحه قليل من السعادة الكاذبة .. ولكنها حسمت امرها بسرعة وقالت : ايها السيد امامك ايام صعبة ومنعطف حاد في حياتك تتخلله مشاكل صغيرة ولكن لا تقلق سيرسل الرب لك رحمة تنقذك ارى ان هناك ملاكاً يساعدك وستنجلي تلك الظلمات وتصبح بخير وأمان ولكن عليك بالايمان لأني ارى عزيمتك واهنة .. فلا تضعف الان وتحلى بالشجاعة ولا تخف. فقال الرجل متهللاً : شكرا لك هذا ما كنت بحاجة لسماعة ولا ادري صدقاً مايجري معي لكني سأفعل بنصيحتك. اكملي ارجوكي فقالت له : هذا كل شئ سيدي اذا اردت المزيد عليك ان تدفع اكثر فقال مستنكرا : هذا ليس عدلا فقد وافقتي ان تخبريني كل شئ مقابل عشرون قطعة . اعترضت جودا وقالت كلا لم اقل ذلك يا سيد بل قلت لك سأقرأ لك مقابل عشرين قطعة وهناك فارق بين الاثنين. الان علي ان ارحل فلطفاً اعطني نقودي فغضب الرجل وقال : كلا لقد غششتني وتكذبين علي لن ادفع لك روبية واحدة. فقالت جودا غاضبة : مهلا ياهذا ، لاتنسى انك من طلب مني ذلك بينما كنا نهم بالرحيل انا واخي ، وقد اشفقت عليك لاني رايتك حزيناً واردتك ان اساعدك ولو كنت اعلم انك ناكر للجميل لما ازعجت نفسي بغبائك. فسخط الرجل بصوت عال : كيف تجرؤين ايتها الغجرية القذ... ، وقبل ان يكمل قذارة كلمته وجد خنجراً على رقبته فسكت وهو يرتعش خوفاً من نظرة شرسة بدت على ملامح الاخ الغجري الغاضب فقال محبوب وهو يصطك على اسنانه كاتما غضبه : كلمة اخرى ..وستجد نفسك تحاكي ديدان قبرك. والان انت مدين لها بالاعتذار. فبلع الرجل رمقه بصعوبه هلعا واعتذر لجودا. وسحبت جودا محبوب بعيداً وغادرا المكان قبل ان يتفاقم الامروعادا الى المنزل. وفي اليوم التالي صباحاً استدعى ألطف ابنته فلما حضرت لأبيها تفاجأت بوجود ذلك الرجل يشكو منها وما ان رآها حتى قفز من مكانه واقفاً وقال : هذه هي يا كبير الغجر ..هي من سرقت محفظتي لانني لم ادفع لها وقد هددتني هي وشقيقها البارحة. فنظر ألطف الى جودا ينتظر تفسيرا فعرفت جودا انها في مأزق حادثة البارحة فبادرت قائلة : ليس الأمر كذلك يا ابي ، هذا الرجل يفتري علي بالباطل . ثم حكت جودا لأبيها ماحصل مفصلا واكدت انها غادرت المكان ولم يكن شيئاً غير خلافهما على العشرون قطعة ولا علاقة لها بفقدانه لمحفظته. كان ألطف غاضباً جداً فإقترب من جودا التي كانت عينها تتراقص قلقاً من نظرة ابيها فهل سيكذبها ويصدق هذا الرجل ؟؟ فلما دنى منها اكثر ازدادت ضربات قلبها ولكنه مسح على رأسها وخدها وقال لها بهدوء : فنيت عمري لأجل سعادتك ولم احرمك شيئاً في هذه الحياة ، اخبريني الحقيقة يا ابنتي ولا تخافي .. فقط الحقيقة يا جودا .. فترقرق الدمع بعيني جودا وقالت بحرارة : ابي اقسم لك بدمائنا انني لم اسرق هذا السيد .. بل هو الذي لم يدفع مقابل قرائتي طالعه ، اردت ان اساعده فإنقلب الأمر ضدي ولا ادري عما يتحدث وتلك المحفظة لا اعرف شيئا عنها . وليحرق الرب لساني ان كنت اكذب. فإلتفت الطف الى الرجل وقال : هي صادقة ياسيد وقد جائك الجواب فصغيرتي لا تكذب ابدأ .. فاحتج الرجل وقال : وهل تقصد انني اكذب عليك ولماذا اكذب ياسيد ألطف وانا من سرقت محفظته اريد منك العدالة الان لايهمني من تصدق ولكن احد من قومك تسبب لي بالضرر وعليك تعويضي او اعادة محفظتي اوسوف اقوم بتبليغ الشرطة. قال الطف بصرامة : ايها السيد لااحب ان تهددني ولا تهمني الشرطة ..مايهمني شرف عشيرتي ..انا لم اكذبك فأنا اجزم انك صادق في فقدانك المحفظة واشكر حضورك الى هنا ولكن ابنتي صادقة ايضاً وهي انقى من اسلافك .. ولا اسمح لك بأي إهانة او تهديد هنا..فقط انا لا اريد ان اتعجل بإتهام احد دون بينة ، انت لجأت لي وسأحل المشكلة ولكن امهلني بعض الوقت لأتحقق من قومي وتعال بعد 3 ايام لأنصفك واعيد لك مالك المفقود او محفظتك المسروقة . فأطرق الرجل موافقا وشكر الطف على حكمته . فلما غادر دفنت جودا نفسها في احضان ابيها واضعه خدها البرئ على صدره ..تستشعر الامان وشكرته لتصديقها فقبل راسها بصمت ولكنه بقي يفكر وقد احتار كيف يحل لغز اختفاء المحفظة.
القادم / فصرخ بها ابتعدي ياجودا ... فقالت جودا مضطربة الانفاس: اغفر لي جرأتي .. ولكن على سياطك ان تهوي على جسدي قبل ان تعاقبه بها.. فأنا من تسببت بالأمر وسنعاقب معاً.
يتبع ..تابعني بقلبك تحياتي / مايا
أنت تقرأ
الغجرية وعابد الليل The Gypsy and Anchorite of The Night
Romanceنبذة عن القصة التقاء عالمين مختلفين بين غجرية راقصة وعابد يعشقان ارتياد نسك الليل هي برقص الحسناء وهو يلهج في مناجاة السماء حيث تخطفت تلك العاشقة أقدار غريبة من عقر مملكتها وتحولت من اميرة الى راقصة في ليلة وضحاها وترعرعت بين الغجر لتتلقى مصيرها ال...