الفصل السابع

749 28 3
                                    

دخلت جودا الى القاعة فرأت منصة عليها رجلين وامرأة وفرقة موسيقية تتجنب المساحة الملاصقة للجدار والقاعة فارغة تقريبا الا من اثاث بسيط جدا كانت متوترة فكلمها احد المحكمين وطلب منها ان ترقص على اغنية معينة ولكنها طلبت ان يكون العازف من قبلها فاعترض احد المحكمين بأن ذلك ليس صواباً لانها خاضعة الان لإختبار ويجب ان تكون مستعدة للاداء مع اي فرقة تحددها اللجنة فسألت احد عازفي الفرقة عن سنوات خبرته منذ بدأ العزف فأجابها "عشر سنوات" منذ بدأ العزف فقالت بينما العم راضي عازفها يمتلك خبرة 25 عاماً فمن الاولى ان يعزف الان .. فأجابها المحكم ولكن هذا ليس عذراً كافياً ليعزف هنا وعليكي ان تتأقلمي كمرشحة مع مايطلب منك ولاتفرضي قيوداً من طرفك ..فقالت جودا : سيدي انت الان من يفرض قيوداً علي .. انا استطيع ان ارقص واغني على اي نغم تريد ومع اي عازف كان ولكن كنت انوي ان اري حضراتكم فناً اصيلا لم يسبق ان رآه احد منكم ولكن حرمتم انفسكم هذه الفرصة بإلزامي بطلبكم فسأفعل كما طلبتم مني ولا بأس..وبينما تنهي جملتها وقف المحكمين فجأة لرجل دخل القاعة ومعه اثنين من مساعديه ..كان انيقاً جدا وبشوش الوجه استقبلته لجنة التحكيم بحرارة وعانقه الرجلان بينما صافحته المرأة وسلم على اعضاء الفرقة ايضا قبل ان يلتفت الى جودا قال موجها كلامه للمحكمين : هاه اخبروني كيف تسير الامور ؟.. فقطب احد المحكمين حاجبه وراح يصف بعض الامور من بينها انزعاجه من جودا بسبب طريقتها ويفكر في اقصائها لتوجسه من طريقتها منذ البداية في فرض عازفها الخاص كما لمح الى مظهرها الذي يكسوه الطابع الغجري .. فنظر لها ارشد وقال : ما اسمك يا انسه فقالت :جودا كانت جودا قلقة من هذا الشخص الذي دخل واستحوذ على اهتمام الجميع وعرفت انه ان لم يكن رئيساً للموجودين فهو بلا شك شخص مهم جداً ليحتفي به الحضورهكذا ثم سألها : ماوجهة نظرك..ماذلك الشئ الفريد الذي تودين تقديمه لنا . فأجابت جودا : رقصة الشعله . فقال ارشد ومايميز هذه الرقصة عن غيرها . فقالت بثقة : هذا ما اود تقديمه سيدي ان منحتني الفرصة . فكر ارشد قليلا وقال حسناً استدعي عازفك اذاً. فاعترض احد المحكمين قلقا وقال : ولكن ياسيدي .. فأشار راشد له بالهدوء وان الازياء لاتعنيه بقدر الموهبة..وليترك الامر يسير بمرونة حتى النهاية فأستدعوا العم راضي ودخل واخذ مكانه بين الفرقة الموسيقية فقال راشد : اريني الان ياجودا ماعندك .. تفضلي وابدأي . فجلس السيد ارشد بجانب اللجنة والكل يراقب فلما وضعت جودا مادة على خنجريها قبل ان تبدأ وقفت للحظة وما ان بدأ العم راضي بقرع الطبل حتى بدأت جودا بالرقص بحركات متسارعة جدا وكلما زادت وتيرة اللحن دارت جودا وابرمت جسدها بحركات رشيقة والسيد ارشد يراقب .. بدأت جودا بالغناء فأغمض احد الحاضرين عينيه شجياً وهو يسمعها واخذت تتلاعب بحبالها الصوتية كما تلاعب طفلة اباها بحنان تارة ..وبشقاوة تارة ..بشدة تارة.. وبدلال تارة اخرى فبدت متمكنة جداً .. تحول الايقاع الى ضرب يشبه النبض ولكنه لازال ساحراً وجودا كعادتها تدور حول الريح فضربت اساورها ببعضهما وامتزج ذلك الصوت بصوت خلخالها وحزامها الراقص واخذ العم راضي يستفز جودا بطبلته وهي تغيب بلحنه كمن حفظت ما سيعطيها عن ظهر قلب ولم تخطئ بحركة واحدة ..ولكن القصة لم تنتهي عند ذلك فعذّب اللحن الجديد قلوب الحاضرين واصبحوا لا يريدون ان ينفتلوا عن رؤيتها لماذا .. لانها تتقافز كظبية الصحراء لحظة ..و تتمطى كافعى جميله بلحظة وتشتد كوتر قوس ثابت مرة وتهتز بارتعاشة لذيذة مرة ، تنافس اهتزازة وتر بعد ضربة اصبع .. وكان الكل مغمورا واما ارشد لم يقاوم ان يخرج سيجارة وهو لا يرف له جفن من عليها فلما اوقد قداحته انتهزت جودا الفرصة وتفاجأ الجميع باداء جودا لثلاث دورات متماثله لتطوي المسافة بينها وبين السيد ارشد والعم راضي عرف ان الاثارة قد بدأت الان فزاد بنقاوة لحنه وايقاعه ..وفي نهاية الدورة الثالثة ابرزت جودا حركة راقصة و سحبت جودا خنجرها فإنكمش الجمع فزعا وجعلت حركة ثانية اشد من التي قبلها اثارة ووضعت اصابع مقدم قدمها على طرف كرسي ارشد فأرتد ارشد ذاهلاً مخدراً بسحر اقترابها فابتسمت جودا لتأثيرها والهبت خنجرها بنار قداحته الذي ضل مشتعلا وثابتاً بينما هو يغرق بها فلما اشتعل خنجرها ضربت خنجرها الاخر فإلتهب هو الاخر وقفزت بثلاث دورات اخرى لتعود ادراجها الى ميدان عرضها وتسارعت وشيجة العرض فأخذت ترمي الخنجرالمشتعل عاليا وهي ترقص وتتلقفه وهي نائمة على الارض في اداء مثير جدا دون غلطة واحدة وبتمكن فضيع اسر نفوس الحاضرين فلم يميزوا هل كانت غجرية ام بهلوانه ..هل كانت راقصة ام كهرمانه ..اشتدت جودا تهتز بجسدها كالبندول وعرق جبينها اثر تلك الوصلة السريعة وختمت جودا عرضها بهزات متسارعة قلبت فيها خناجرها بحركات اسرع تحاكي صفير الريح وما ان توقف الطبل حتى اننبتت خنجريها بالارض حولها يمنة ويسره فلما انتهت اخرجت قليلا من التراب واطفأت به خناجرها بمسحة ونضفتهما وحزمتهما على جذعها مرة اخرى بينما كانت اللجنة صامتة ولم تخرج من حلمها بعد فوقفت جودا بهدوء تنتظر النتيجة وبدى عليها القلق وهي تراهم صامتين فكسر حاجز الذهول الصامت ارشد الذي وقف ببطئ وصفق لها مما جعل لجنته تقوم هي الاخرى وتصفق لهااا .. وبهذا جودا تنفست الصعداء بابتسامة ارتياح ونظرت بإمتنان الى العم راضي الذي قام هو والفرقة بالتصفيق لها .. فنزل ارشد من منصته وهنأها بنفسه وقال لها : احسنتي بجدارة ..ولا تحتاجين من يقيم فنك لأنه ذو قيمة بلا ثمن .. شكرا لك. ثم التفت وقال : ايها السادة الكرام ان لم يمانع احد منكم فإني اقبل الانسة معنا في جملة المرشحات للعرض واظنكم توافقونني الرأي.. فإبتسم اعضاء اللجنة وقالت المرأة : لا شك بعد ذلك العرض المميز فأنا اتفق معك تماما سيد راشد فجودا تملك موهبة فريدة في التحكم بسائر امكانياتها ..ارى مستقبل نجمة واعدة . فأثنى الرجلين الاخرين على كلام زميلتهما وقال ارشد : شكرا لكم اصدقائي على اثراء منظومتي الفنية .. ثم عاد ليلتفت الى جودا قائلاً : لقد ذللتي كل العقبات برائعة الشعلة تلك ..وها انتي بيننا الان .. انا سعيد بإنضمام موهبة متألقة مثلك بيننا. شكرته جودا بخجل وادانت بالفضل الى العم راضي فشكره ارشد وصافحه على احضاره مثل هذه الشعلة الجميلة الى هنا. فسألها راشد عن المادة التي دهنت بها الخناجر وهل هي امنة ام لا ..فشرحت له جودا انها مادة يستخدمها البهلوان في العاب السيرك وهي امنة تماماً.. وبقي ارشد واقفاً امامها ينظر لها وهي تشرح ذلك ولا زال يرى في عينيها حلماً حتى سكتت جودا فسألته : ايها السيد ..هل انت بخير ؟ فأفاق راشد وقال لها مستطردا بابتسامة : بالكاد اكون كذلك ياجودا .. اذهبي من امامي والا تزوجتك واغضبت خطيبتي فزفافي بعد 3 ايام ولا اريد ان اغير رأيي هههههههه. وضحك مازحاً فإبتسمت جودا وشهقت بحماسة قائلة : يا الهي خبر سعيد مبارك لك سيدي وانا سعيدة جداَ وبهذه المناسبة يسرني ان اقدم رقصة مجانية لك وللعروس فأرجو ان تقبلها .. هي هدية عرسك. فإنشرح ارشد وقال سعيدا : انا ممتن حقاً منك ياجودا لقد غمرني لطفك وبالطبع سأقبل هديتك شاكرا. فقالت جودا : بل انا من علي ان اشكرك واشكر القدر الذي اتى بك لتحقق لي حلمي ايها السيد النبيل وتتقبل فني كما هو بلا تغيير. فقال لها : اسمي ارشد .. سررت بلقائك . فمد يده لمصافحتهما واجابته بالمثل. ثم قال وهو يدور بعينيه مرحا بلا هدف : اذاً انتي مدعوة ياجودا لحضور حفل زفافي بشكل رسمي وسأبعث بالدعوة اليكي غدا فأتركي عنوانك لدى مساعدي وان شئتي أمنت لك مركبة بسائق تحضرك الى القصر بصفة خاصة.. فقالت جودا بلطف : كلا ياسيدي لاتزعج نفسك سأحضر من تلقاء نفسي .. فهذا ايسر لي. فأطرق ارشد مبتسماً فودعها وخرج واوصى مساعده بالاهتمام بذلك . وبعد خروجه قرر ان يزور جلال لدعوته الى حفل زفافه فقال جلال : ياصديقي انت تعلم انني لا احب حضور الحفلات فهي ليست بيئة ملائمة لشخصي .. فمضى ارشد مدة نصف ساعة يحاول اقناع جلال وبعد جهد جهيد وافق على حضور حفل زفاف صديق عمره ..فهمس مساعد السيد راشد بقلق قائلاً: ألن تخبره بوجود الراقصة . فهمس ارشد هل جننت لأفعل ؟؟ فهو لن يأتي ان علم بهذا ..فقط الجم فمك الان ولا تجعله يشعر بشئ تبسم هيا . وتصنع الشابان التبسم بينما يقدم جلال الشاي لهم وقال لهما بعفوية : سأحضر لكما بعض الشطائر اللذيذه التي صنعتها لي شقيقتي.

القادم / جلال يصطدم بها فتقول له انا اسفه ولكن عينه بقيت على الارض فلم يلمح وجهها ولكنه لمح قدمها الذي اعتنق خلخالا جميلا اسرت لمعاته عيني جلال ولكنه لم يجرؤ ان يرفع عينيه فهمس اسفاً وغادر  

تابعني بقلبك ..تحياتي /مايا

الغجرية وعابد الليل   The Gypsy and Anchorite  of The Nightحيث تعيش القصص. اكتشف الآن