الفصل 36

452 22 1
                                    


  في ليلة مقمرة كانت جودا تتحرك ببطيء بالمطبخ تحاول لمس الاشياء لتعد طبق من السلطة للعشاء فأخذت تشم الخضار وتتلمس الاشياء لتقوم بذلك عاد جلال وبيده العشاء ودخل بسعادة : حبيبتي ها قد احضررت لكي الذ عشاء الليلة واخذ يضع الاغراض على الطاولة فوجدها بالمطبخ تحاول تقطيع الخضروات فإستغرب وتفاجيء وركض اليها ظنا منه انها سوف تجرح نفسها لكنه تفاجأ انها تقطع الخضار بسهولة ويسر وهي ترحب به وتكلمه ...فنظر لها بذهول وقال كيف تجيدين ذلك ياجودا ؟؟ فضحكت بخفة وقالت : لاني تعلمت العبث بالسكاكين والخناجر وانا معصوبة العينين منذ صغري لاستعرضاتنا الخاصة . انتهت من منها ..والان خذ اعصر عليها الحامض واضف الملح وقدمت له طبق السلطة جاهزا فأخذه بسعاده منها واعد المائدة ..غسلت جودا يدها وجلسا معا ليتناولا الطعام وصارت اكثر مهارة بالاكل لوحدها دون مساعدة جلال ...رغم انه كان يطعمها لحبه لها الا انها اخبرته ان يتناول طعامه وانها بخير .. انتهيا من الطعام وغسل الاطباق وبدت جودا متملله وضع جلال بعض الحلوى عالمائده واخبرها ان تجربها ففعلت ولكن بدا عليها الضجر وهي تتذوق الحلوى ببطيء ذهب جلال ليشغل التلفاز فتذكر انها لاترى ..فإحتار ماذا يفعل لإسعادها ثم فكر بالخروج واخذها بجولة لكن الثلوج كانت تهطل في شيملا والطقس بارد وكئيب لم يساعد على ذلك فكر ان يلعب معها الورق او الدومينو ولكن كل شيء لن يكون له متعة لها لانها لاترى .. وفجأة لمعت برأسه فكرة ..فإقترب منها وقال هل تسمحين لي بسرد قصة لكي ؟؟ فتبسمت بإحباط وقالت بالطبع . لكنها ظنت انه سيسردها بملل وستغفو على كرسيها فبدأ جلال يقول : كان ياماكان في قديم الزمان طفل جميل وناعم صغير كالقطن ...فوضع بين يديها بعض القطن لتلمسه وهو يعصر على يديها فتبسمت بخجل ... وكان هذا الطفل اميرا جميل وهو الابن الوحيد لملك شجاع كان طويلا ووسيما وله شاربين هكذا ...واخذ يدها ووضعهما على شاربيه ..فضحكت جودا وبدا ذلك ممتعا لها فجلال اخذ يستعين بالاشياء ليصور لها قصته ..وكان ذلك الملك قد اورث طفله سيفا عجيب لامع قوي وحاد وخطير ..وجعل يدها تتحسس السكين على الطاوله وهو يضع يده على يدها ويهيم بعطرها وملمس شعرها على خده وبدت جودا متوترة قليلا لالتصاق جلال منها ولكنها التزمت الهدوء ...واما هو فراح يكمل سرد القصة حتى وصل الى ان الطفل الامير كبر وصار شابا وتعلق قلبه بفتاة وربط بينهما عشق كبير ومشاعر ليس لها مثيل واخذ يصف احساس الامير كمن يصف احساسه نحوها والكلمات تذيب جودا ..حتى وصل الى ان الامير تزوج حبيبته وليلة الزفاف اراد تقبيلها ...ولاجل ان يكمل انعكاسات قصته لم يكن هناك غيرهما متزوجين بالمكان لكي يعكس لها ماجرى واقعا ..فلم يكن منه الا قبلها كما قبل الامير زوجته ...الحقيقة كان جلال محتالا اخترع ذلك ليلمس جودا تلك الليلة ويخرجها من الملل والحزن ويخبرها انه يحبها وسيحبها كيفما كانت ومهما حدث ... قبلته الدافئة على شفتيها المتوترة جعلتها اكثر راحة وثقة والهبت عاطفتها في عناق ساخن ومثير وسط ثلوج الشتاء التي كانت تعصف بالاجواء خارجه فبدا ذلك حميمي جدا ولطيف بالنسبة لهما وبينما جلال غارق في قبلة عناق امتدت من شفتها نحو عنقها وهو يتملكها باحضانه وحنانه ..تناهت لسمع جودا فحيح افعى لا تدري من اي جهة ولكنها حاولت التركيز اكثر لان الافعى كان ذات الاجراس وفحيحها واضح لقد جاءت البيت تلتمس الدفيء لكنها تبحث عن طعام ايضا ...ولم تنوى جودا ان تترك تلك الغازية تقتحم بيتها وتعرضهما للخطر فقررت الهدوء وبينما جلال منغمس بتقبيل جودا ..زحفت يد جودا ببطيء نحو السكين وهي تهمس لجلال لا تتحرك .....وهو يرى جودا ترفع السكين فوق رأسه فإستغرب وذهل وظن متجمدا للحظة وهو يظن جودا تحاول قتله .. كانت انفاس جلال مضطربة واخذ يتعرق وهو يفكر ماذا جرى لها بينما جودا تنصت بشدة الى هدوء المكان وفجأة... قطعت حبل افكاره ورمت السكين نحو الصوت الذي كانت ترصده فرمت جودا السكين فأصابت الافعى بمقتل التفت جلال وفهم مايجري وان جودا حاولت انقاذه ..فإندهش وضل فاغر الفم عاقد الحاجبين لاينطق بكلمة ... وسألته هل اصابتها ..فقال جلال بصعوبة وتسمر : نعم .... فتنفست جودا الصعداء ..وابدت ارتياحها ... وبقي جلال صامتا شاردا كأنه في عالم الذكرى ..فسألته : جلال هل انت بخير ؟؟ فعاد من غيبوبته وقال بهمس كالمغيب : أجل أجل .. شعرت جودا ان جلال لم يكن مستقرا عاطفيا وانه شارد بشيء . فسألته بماذا يفكر ؟؟ فقال بعد ان عاد لعالمه : انه مذهول من دقتها بالتصويب .. فأخبرته انها تلقت تدريبات كثيرة منذ طفولتها على رمي الخناجر ووالدها صياد علمها كيف تحمي نفسها حيوانات الغاب ومخاطرها حتى وهي نائمه كيف تجعل حواسها تفيق لتبعد الخطر ..وسهل ان ترصد اصوات الافاعي لانها معتادة عليهم . فأطرق جلال وتبسم بإرتياح وحزن : ذكرتني بفتاة انقذت حياتي يوما .. لازلت ادين لها بالفضل واردت ان اشكرها لكنها اختفت وبحثت عنها لم اجدها ... حيث قتلت افعى كانت ستلدغني وانا اصلي على شاطيء البحر في مدينتنا .. فتقلصت عيني جودا للحظة وكأنها تحاول تذكر شيء ..واما جلال فكان متبسما يكمل براحة قصة ذكراه ويعبر عن شعوره نحوها قائلا : لازلت اتذكر صوت خلخالها في ذلك الهدوء والليل ولاشيء سوى وقع خلخالها وصوت امواج البحر الهادرة .. بدت جودا مأخوذه بما يقول وصارت تشك بشيء فسألته : كيف قتلت الافعى ؟ فقال جلال بعفوية : انا لا اعلم حبيبتي "يضحك يخفه " ويستأنف بتلقائية : ولكن يبدو بشكل مشابه لما فعلتي الان لان الافعى كانت مثبته عالشجره متدلية من طرف وقد نبت برأسها خنجر عليه حرف "د" .... ففتحت جودا عيناها بقوة وبلعت رمقها وتعرفت عليه ...وتأكدت انه ذلك الشخص الذي انقذته تلك الليلة وهو يصلي .. وهو يتمنى الان ان يجدها ليشكرها ... فحاولت مداراة انفعالها .. وبدت هادئه وشاردة ..فالتفت جلال لصمتها وهو ينظر لها بعشق وشرود : احيانا اشعر انك تشبهينها كثيراً ..ذكرتني بأغلى ذكرى بحياتي لولاها ماكنت حيا بين يديك زوجتي .. فأحبطت جودا من مدحه لمن يظنها اخرى فقال جلال ضاحكا : حسنا ولولاكي لما استمرت حياتي لهذه اللحظة ههههههه .. لاتستائي فأنتي اغلى امراة بحياتي ..وحظنها بعشق وتبسمت جودا وضحكت معه ..ليس لقوله بل تضحك من نفسها لانها كانت تغار حتى من خيالها الماضي عليه ..وشيء لم تفهم نفسها به ايضا فهي لم تدري لما خبأت عنه حقيقتها رغم انه شيء جيد لو اخبرته لانه سيحبها اكثر ويتمسك بها اكثر ويشعر نحوها بالامتنان ولكن شيء لاتفهمه بقلبها جعلها لا تتكلم بل فقط تنعم بعشق حبيبها ربما لانها ارادت ان يعاملها كما يشعر نحوها وليس لانه يدين لها بالفضل لشيء ... كانت تعتبر ان مافعلته واجبها واننتهى ولاتحتاج اي شكر ومقابل عليه ... منطق غريب والماثل بالامر هنا زوجها ..لكنها نفسية النساء التي لا يمكن ان يفهم غموضها احيانا ... جلال كان يهيل عليها الحنان والحب واللمسات والقبل يغزوها بتيار عاطفي حميم تلك الليلة الباردة حتى اخذها الى عالم اخر خاص بهما وحدهما حيث لاتشعر الا بجسده المتعرق وانفاسه المضطربه وهو لا يشعر الا بآهاتها ونعومة اناملها على جسده ... في اتحاد مثير ختم ليلة عاصفة ...كانا على فراش الزوجية هذه الاثناء ..عندما اهتزت الطاولة عند الجدة ريهانا بسبب القطة وسقط الكأس المعدني لينسكب منه الماء ويتقاطر على الكرسي الذي كانت جودا تجلس عليه حتى غرق فضحكت الجده رغم غمرة حزنها الشديد وبكت بنفس الوقت.
مرت 3 ايام وصباح يوم مغادرتهم بدأ بصرها يعود لها وسط ضحكات طفولية اسعدت جلال وابهجت قلب جودا .. فدفع جلال لاجل سلامتها الصدقات وعادا بالطائرة نحو المدينة وما ان وصلا البيت ارتاحا قليلا وقال جلال المفوض استدعانا علينا المثول لقد قال انه تم القبض على المجرم الحقيقي .. فقالت جودا حسنا سأجهز نفسي ..فلما ارادا الخروج اتصلت سكينه بجلال وهي تبكي وتلومه على بعده عنها وتركه لها : فهدأها جلال وقال لها سيشرح لها كل شيء واعتذر لها كثيرا ..ولكن سكينه كانت بحالة صعبه لان زوجها شيرجان القي القبض عليه بتهمة القتل العمد وجرائم اخرى واحيل للتحقيق فصدم جلال مما سمع وقال لها ساتي لكي حالا .. وقال لجودا اختي تعرضت لنكبة علي الذهاب اليها ولكن اذهبي انتي للمفوض على الموعد واخبريه ساتي بعدك بنصف ساعه واخبريه فقط ذهبت للاطمئنان على اختي ..وسأعود
فقالت جودا بتخوف : جلال هذا المفوض افضل ان نذهب اولا له وبعدها ترى اختك ..لاتمزح مع الشرطة فهم لايقدرون غيابك عن الموعد وسيسبب تخلفك المتاعب لك صدقني ولكن اختك ستقدر غيابك وستعذرك لانك اخيها .. حبيبي لنذهب اولا لهناك لننهي اجراءات التبرئة وبعدها تحرك براحتك ... وجد جلال جودا محقة ومنطقية بما قالت فإتصل جلال بسكينه واخبرها سيأيتها بعد ساعة وعليها ان تلازم منزلها حتى يأتي ولاتكلم احد حتى ياتي ولكن سكينة كانت تبكي مذعورة وجلال يحاول تهدئتها وهو بطريقة لقسم الشرطة ..اغلق الهاتف بشق الانفس ودخلا عالمفوض استقبلهما بابتسامة وطلب منهما الجلوس وصار يحكي لهما ملابسات الجريمه وماحصل فيها ودوافع قتل السيد ارشد قاسمي كان بدافع السرقة وتلبيس جودا وجلال القضية فاستغرب جلال وجودا وقال جلال :للماذا نحن بذات ؟؟ فقال المفوض : لان ياجلال للاسف المجرم اراد الثأر منك لانك افقدته أحد عينيه ..؟؟ جلال كان يحاول التذكر من الذي افقده عينيه بينما قال المفوض جودا تعرفي على القاتل الذي اراد اغتصابك الان ..فأتوا بمجرمين 3 بينهم شيرجان ورجل اخر عيناهما اليسرى مغطاة ولكن جودا لم تتذكر وجهه ملثم فكرر المحقق هل يمكن ان تتعرف عليه فقالت جودا هو كان يغطي عينه اليسرى واتذكر بجسده كان هناك وشم ..فأمر المحقق ان يخلعو قمصانهم وعلى فم شيرجان ابتسامة سخرية ففعلوا ونظرت جودا بتردد اليهم فقال المحقق : اي وشم بهم رأيتي ..فنظرت جودا واذا بها ترى 3 وشوم متشابهه بنفس الشكل والللون ..فذهل المحقق معها وشعر ان جودا بحيرة ... فاستبعد سليم العين وبقي اثنان تنطبق عليهما المواصفات ..فقالت لا ادري سيدي من بينهما ... فنظر شيرجان لها بشهوة وضحكة ساخره وهو يفصل جسدها بعينيه ...فتضايقت جودا من نظرته ..وطلبت الانصراف من المحقق .. فلما امر بانصرافها ..همس لها وهي تمر بجانبه ...ذلك الغرور الغجري في عينك يعجبني ... ففتحت جودا عينيها بقوة وكأن احد صعقها والتفتت اليه وصفعته بقوة وحاولت خنقه وهي تصرخ بهستيريا وكسرت على رأسه كأس ماء بلا وعي منها فأمسكها المفوض ومساعده وهي تصرخ : ايها الحقير ايها الكلب الفاسق ... وتضرب به لانه نطق بنفس العبارة التي قالها لها ليلة الاعتداء فعرفته. فهم المحقق انها تعرفت عليه من صوته لانها سمعته قال لها شيئا مستفزا فأمر بالقبض عليه ودخل جلال يهدأ روع زوجته وهي تبكي وتريد ضرب السافل وتبكي بهستريا .. فصارت تبكي على صدر جلال الذي لم يرى المجرمين لكنه طلب من المفوض المغادرة لان زوجته تعبت ..فأمر المفوض بذلك وكتب لهم اخلاءا شرط ان يحضرا المحاكمة او حال استدعائما للشهاده فوقع جلال اقرارا بهذا ..ووقعت جودا وهو يحاول تهدئتها واعتذر المفوض على ذلك ولكنه كان واجبه ووعدهما بالمساعده ...خرج الزوجان وجلال استطاع تهدئة جودا وغمرها بحمايته وحنانه واوصلها للمنزل وانطلق فورا لاخته سكينه ليفهم منها ماجرى ... بينما شاهد عم جلال ..ابن اخيه يخرج وهو يحضن فتاة غجرية فسأل شرطي البوابة من تكون .. فأجابه الشرطي انها زوجة ذلك الرجل بعدما دفع العم للشرطي بعض الاموال ليستنطقه .. فلما عرف العم كتم بركان غضب هائل في نفسه وانطلق بسرعه لا يعلم الى اين ؟ اما جلال فدخل على اخته وجدها منهارة فإرتمت بأحظانه تبكي بشدة وهي تخبره بما حصل لزوجها الذي تفاجأت بالشرطة تخبرها انهم اعتقلوه بجرائم قتل ولا تعلم ما الامر .. فهدئها واستدعى المحامي اقبال ليحضر ويبحثون الامر معا ..بينما جودا نامت ساعتين وافاقت بضيق ..متعرقة لاتعلم مابها لكنها ارادت بشدة ان ترى والدها وجدتها فلم تفكر كثيرا وتركت المنزل منطلقة اليهم فلما وصلت هناك اممممم ... شو رايكم نتابع الفصل القادم / مايا  

الغجرية وعابد الليل   The Gypsy and Anchorite  of The Nightحيث تعيش القصص. اكتشف الآن