«أخرجت لساني من بين شفتي، ومددت طرفه ليلمس بشرة إصبع قدمها الأكبر ثم مشيت بطرف لساني في نقرات متباعدة حتى وصلت لركبتها وأخذت أقبل النتوءات البارزة من صابونة الركبة».
تتنوّع آراء النقاد كتنوّع الفصول واختلافها، هل الجنس مباحٌ في مضمار الأدب؟ أم أنه إباحية تافهة تمثّل البورنو والشهوانية المقيتة؟
إن الرأي الأول يقول، أن الاقتراب من المواضيع الجنسية في الأعمال الأدبية ولو بمحض الإشارة لها ومن غير تعمق فيها يجعلها تخرج من ضمن قائمة الأدب، وتهبط قيمتها الأدبية؛ لأنها تطرقت لموضوع كهذا.
وحجتهم الواضحة أن هذه الأعمال لا تهدف إلا لإثارة الغرائز الحيوانية، وما تزيد إلا انتشار الموضوع بشكل سلبي مرفوض، وأن هناك الكثير من القضايا نعاني منها يوميًا أهم من التطرق إلى الجنس.
لكن معارضي هذا الرأي يقولون أن الجنس مثله مثل أي قضية اجتماعية، بل قد يكون أهمها، لتعرضنا الدائم له بأشكال شتى، من قضايا اغتصاب، واستغلال، ومتاجرة، وتلاعب بالمشاعر وحتى التحكم بالمشاعر! أضف إليها معاداة المثلية، واتخاذ القرارات المصيرية إلى تغيير سياسات الدول!
الجنس سلاحٌ ذو حدين، قد تنتشي بسببه وتزهر كوردةٍ يانعة كما لو عادت لك روح الشباب، أو قد تذبل تلك الوردة فتفسد وتتألم ثم تُفسد ما حولها.
يقول مؤيدي الكتابة الجنسية، أن هذه التعابير قد تكون رمزية لكن تعكس قضايا حساسة بشكل عميق وصريح وجريء، وقد كَتب في هذا المجال أعلام من الأدب العربي، كمثل الجاحظ، والأصفهاني، والنفزاوي، والسيوطي وهلم جرًا... ومن الكتاب حديثي العهد، كنزار قباني وأحلام مستغانمي وغيرهما.
هل قرأت عملًا أدبيًا ورقيًا فخمًا ويحوي مقاطع جنسية؟
أما ما يتفق عليه غالبية النقاد، أن «كلّ ما زاد عن حده قد نقص»، لذا فإن قصة منذ بدايتها وحتى النهاية تتحدث عن ممارسة الجنس، لا يمكن اعتبارها أدب، لأن ما من حبكة أو أحداث أو فكرة فيها، أما عرض مقاطع قليلة في مواضع مناسبة قد تفي بالغرض وتعزز الرواية ومجرياتها، وتعكس الواقع المأساوي أحيانًا.
مع أن القصص الإباحية والتي لا تناقش أي فكرة ولا تعكس إلا مشاهد جنسية هي موجودة ورقيا أيضا -تبقى أفضل من قصص الواتباد بمراحل-، قد تجد القليل من النقاد يؤيدون هذه الكتابة تحت شعار حرية التعبير عن الرأي، لكن الأغلبية العظمى، ترى أن هكذا عمل هو تعبير عن كبت الكاتب وغرائزه التي بثها في غير محلها للعبث في عقل الشباب.
ما هو رأيك أنت حول الموضوع؟ هل تقول أننا لا يجب أن نذكر أي إيحاء جنسي؟ أم أن نوظف الجنس بمنطقية؟ أو نوظفه بعبثية كما نشاء؟
رأيي أنا شخصيًا، هو أن نوظف الجنس بصورة منطقية لو كان ضروريا للمبنى القصصي، معالجته كقضية اجتماعية قد تجبرك على عرض مقطع جنسي بتفاصيله، ويبقى بنظري أن الحصول على الثقافة الجنسية من الكتب، أفضل من حشوها في عقولنا من مزاح الشارع الثقيل البذيء أو من أصدقاء السوء الذين قد يستغلون جهلك وسذاجتك، أو حتى صفحات الانترنت التي ستوصلك في نهاية المطاف لأفلام إباحية ومنتديات تدعوك نحو الضياع. القراءة هي مفتاح المثقف الذي يبحث بشغف عن كل المجالات، والجنس أحدها.
أنت تقرأ
تمرّد مقالات
Randomتمرّدت أقلام أعضاء فريق النقد، وأعلن كل فرد ثورةً لأجل أن يكتب ما يُمليه عقله الناقد، من مقالاتٍ جدليّة فلسفية تناقش الأدباء بالمنطق والمعرفة. نقدم لكم هنا مجموعة مقالات متفرقة كل واحد منها يتناول موضوعًا شيقًا في مضمار الكتابة الأدبية.