مصنع الرّجال

662 107 243
                                    

طويل القامة، خمري البشرة، ثخين الحاجبين عريض المنكبين، ثري ويملك من الشركات وسلاسل الفنادق ما لا يمكن عده على أصابع الكف، كما أنه يقضي نهاره نائمًا وليله يلهو في الملهى الذي تعود ملكيته لعائلته. مشهور جدًا، ففور ظهوره على الشاشات أو المجلات تصير أقدام الفتيات كالهلام ولا يقوين على الحديث.

من هذا الجبار العظيم؟ هو أوه سيهون، زين مالك، جونغكوك، بيكهيون أو حتى فيصل أو محمد!

صورة نمطية تكاد لا تخلو من الكتب في الواتباد وحتى أدركت بعض تفاصيل القصص الورقية.

دعوني أكمل لكم مواصفات هذا «المثالي» لتتضح الصورة ونضع النقاط على الحروف.

حنون، غضبان، بار الوالدين كما أنه سكيرٌ بلطجي، زير نساء، كثير اللهو، ولكنه يحب واحدة ويخلص لها، يميل للممارسات القسرية والتعسفية ولكنه مثقف ويملك درجةً عالية علميًا وثقافيًا.

من هذا المنفصم الذي لا يعاني الانفصام؟ هو كلّ بطل لكل قصة نمطية تقريبًا، هذا ما نعاني منه، الابتذال والتكرار الذي نسعى لاجتثاثه من الجذور.

هل الرجال فعلًا بهذا النموذج المستهلك؟ الشخصية التي ستجدها في أغلب القصص ولكن باسمٍ مختلف، من بين عشرة قصص ستجد الرجال جميعًا بالمواصفات أعلاه وواحدة فقط هي من تصور الرجل بطريقة صحيحة وحتى هذه النسبة المطروحة نشك بها.

السؤال هنا، كيف أقوم بتحديد ملامح وطباع الشخصية الذكورية في القصة والأدب بشكلٍ عام؟

هنالك عوامل عديدة عليك النظر اليها واحتساب نسب توافقها مع الشخصية قبل تثبيت خصالها وملامحها؛ منها نوع دوره في القصة، هل يمكن لرجل الدين التواجد بملهى؟ هل يستطيع الشخص الذي يملك فوبيا الأصوات العالية أن يفكك القنابل أو يعمل في أحد معسكرات تدريب الرماية؟

منطقيًا الجواب هو لا وألف لا.

النقطة هنا هي أن تحدد دوره، حاول ابتكار وظيفة جديدة لم يسبق أن تم إيرادها أو ذكرها من قبل في القصص، حاول إن تجعله انعكاسًا للواقع، لو كنت لا تدرك الكثير عن الواقع الأجنبي يمكنك أن تقربنا من الواقع الشرقي فهي تعتبر قليلة واتباديًا، أن نجلب شابًا ميسور الحال، وضعه الاقتصادي والاجتماعي متوسّط، يعيش وسط ضوضاء سياسية وفي حرب مظاهرات الشوارع -كما هو الحال في معظم الدول العربية- لا ضرورة لأن يكون ملك جمال حرفيًا بل أعطه ملامح شرقية بحتة لنصور واقع حالنا.

يمكننا أيضًا ابتكار شخصية جديدة تمامًا من وحيِنا، كجعل الرجل مخترق حواسيب، يقرر استغلال قدرته لجذب الفتيات، المال، وتدمير سياسة دول بأسرها.

كما يمكننا أن نجعل هذا الرجل خيالي مع قدرات خاصة، بعين صفراء ربما ومع شخصية حازمة باتخاذ القرارات، يأخذ على عاتقه تغيير العالم ويستمد قوته عن طريق عينه بما أنها شيءٌ مميز به، كيفية توظيف هذه الصفة هو الأهم.. يمكنك أن تتحكم أنت بشخصيتك وأن تخترع القانون كأن تقول أنه لو حدق بأحدهم لمدة دقيقة يستطيع أن يسيطر على عقله وأفكاره، وهكذا أراد هذا الرجل تغيير العالم.

تمرّد مقالاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن