«لا أفقه كيف تسنى وأمكن لأولئك أن يسترسلوا ويستمروا في مواظبة فعل شيء واحد لمدة طويلة من الزمن، وأن تتواتر أيامهم دون مغايرة!
الروتين ذاته دون أدنى تجديد، أنا على الخلاف قطعًا، حيث لن أقوى حتى على شرب كأسين من الماء من نفس الصنبور، وكذلك علي تمشيط شعري بالطريقة نفسها ليومين متعاقبين.»لذلك فلتعتق ذاتك خارج تلك الكرة الضئيلة المكسو صبغها بالأزرق والأخضر، تلك الظافرة بحضورك على سطحها أنت يا من تعارض وتبغض طوية إثابة وتكرار الروتين، فهل نباشر رحلتنا المُتمردة على مفهوم المألوف، والمبارحة جانب التفكير المحدود؟
أو هل أبصرت سلفًا الأقمار الصناعية؟ وتلك المحطمة التي لوثت الفضاء؟
لا عليك، تخطاها وثب خارجها تمامًا، فرحلتنا للمتعة فقط.
مر مرورًا سريعًا على القمر الذي تراه بشكل شبه دائم وتأنى بسرعة فيه، أترى كم أن ندباته تميزه وتزيده جمالًا! تغافل عن عطارد والزهرة، فهما لا يكترثان بزيارتك أصلًا، فأنت ستذوب حتمًا ولن يدركاك من الأساس.
والآن... أترى كيوريوسيتي روفر من على سطح المريخ؟ مُرتاع من البقعة الحمراء العظيمة على سطح المُشتري؟ أتبصر حلقاتي البهية؟ يمكنك اقتراضها للدوران بها قليلًا!
أتحس بالبرودة تقبض على أطرافكِ حينما توسمت اورانوس من بعيد؟ تدبر فارًا من البقعة المظلمة العظيمة عَلى سطح نبتون هذه المرة؟
تتمعن في بلوتو الصغير صاحب الضجة الكبيرة؟ هذا الصغير هو أخر محطاتك قبل أن تنصرف من هنا، نظرًا لكوني أتكهن بكونك ستضجر وتمل مني إن رافقتك في جولة مفصلة حولهم، فقد سلف ودرستهم أنت قبلًا وتحفظهم عن ظهر قلب بالفعل، الآن لنخرج من هذا المكان المكرر، فلنخرج عن نطاق المألوف!يالك من محظوظ حقًا، وددت لو أرافقك في كل خطوة، أن أدعمك وأحتويك في حلقاتي ونذهب سويًا، نغامر في هذا الفضاء الفسيح معًا، لكنني لا أقوى على التحرك من أمام تلك الشمس الجاذبة، حتى أن ركبتاي تذعنان لها ولا يحوز عقلي على طوية الحراك كرة أخرى، قد تراها سبب مشقتك في الصيف، لكن رونقها وجمالها الأخاذ يحجم قدماي عن التحرك!
تبدو كما زهرة عباد شمس، أحذو حذوها حيثما ذهبت، لا أفقه إلى أين تأخذني ولكنني سأرافقها دومًا.سأتابعك، وسأترصد تحركاتك، سأرشدك خلال رحلتك، ستسمع صوتي جيدًا ينبع من أعماقك، لن تضعف درجة ذلك الصوت مهما ابتعدت، ستبقى أزلية وتردد جوف أذنيك، لكن عيناك لن تتزين برؤية جمالي حينها.
ها نحن ذا، نرى نجومًا أخرى وكواكب أخرى، مجموعات شمسية كمجموعتنا، تُرى من يسكنها؟ بشر آخرون؟ موازون لعالمنا؟ في مستقبلنا هم أم ماضينا؟ أم هم كائنات أخرى تتوق التواصل معنا ولكننا لا نقوى على فهمها، أم أنها مهووسة بحكم العالم وتصبو فقط تدميرنا؟
تبصر من بعيد تلك النيازك التي تحوم بمجسماتها حولنا؟ أتربض بها بذرة الحياة فعلًا؟ أكانت الحياة في المريخ ثم ارتحلت إلى الأرض؟ أتحمل رسالة ما لا نستطيع رؤيتها؟
أهناك الكثير من أشباهي وأشباه الأرض يحومون حول النجوم؟ أتنصت لهم صوتًا؟
لربما هناك حديث جسيم وهام أنت لا تستطيع استدراكه! أنت غاص ومنغمص في كون حالك أدهم، معتمٌ أسود، وكل ذلك يجعله يبدو لامتناهيًا، لم تقوَ كل الأجرام في السماء على استئصال ومحو الظلمة منه، ولربما لن تقوَ أبدًا.أترى عبر هذا الثقب شيئًا؟ أم أنه ظلام آخر؟ لَمِن الغريب جدًا وجود ثقب غامض لا يكشف ما وراءه، وجود خرق يحمل لغزًا بحد ذاته بدلًا من حله، أسيقتلك نتيجة فضولك الذي دفعك لاستكشافه؟ أم أنه مجرد بوابة لبقية الفضاء الذي لا يحوز على أي جرم يضيء فيه مساحات قليلة؟ أهو بوابة بين الماضي والحاضر؟
أم أن هناك عالم آخر يحيط بفضائنا يدعونا إلى القدوم عبر صنعه لبوابات تقودنا إليه؟لربما أنك تحيا في كذبة، هذه الأرض مسطحة وتلك الكواكب هي مجرد رسومات، وكل هذا هراء وسخف لم يُكتشف بعد سبب اختراعه.
إجابة كل هذا هي أنت!
وتلك الأسئلة جميعها، ليست لتوسيع آفاقنا فحسب، بل هي أفكار مَن أحسن استخدامها وتوظيفها حَمَلَ أدب الخيال العلمي إلى مستوى آخر يخترق به حدود السماء.
وأخيرًا أتعرفون قصصًا في الواتباد أو خارجه ربطت الخيال بالكواكب؟ وإن حدث شاركونا بها.
مع كل الحب الخالص للفضاء.❤️
-زحل
أنت تقرأ
تمرّد مقالات
Randomتمرّدت أقلام أعضاء فريق النقد، وأعلن كل فرد ثورةً لأجل أن يكتب ما يُمليه عقله الناقد، من مقالاتٍ جدليّة فلسفية تناقش الأدباء بالمنطق والمعرفة. نقدم لكم هنا مجموعة مقالات متفرقة كل واحد منها يتناول موضوعًا شيقًا في مضمار الكتابة الأدبية.