القراصنة هم مجموعةٌ من اللصوص الذين يعترضون السفن في البحار ويستولون على جميع حمولتها كما يأخذون طاقمها كرهائن، وهناك حالاتٌ يشنون فيها هجمات على مدنٍ ساحليةٍ من أجل نفس الغرض.أقدم قراصنةٍ يذكرهم التاريخ هم الفايكينغ، الاسكندنافيون الذين هاجموا سواحل أوروبا الغربية وشمال إفريقيا خلال القرن الثامن إلى الحادي عشر ميلادي، قبل أن يعتنقوا المسيحية ويجعلوا من المناطق التي نهبوها موطنًا لهم.
إلّا أن هناك من سبقهم في تلك الجرائم ولم يُطلق عليهم نفس الاسم، وهم أناس البحر، الذين هاجموا مصر القديمة وبعضًا من حضارات البحر الأبيض المتوسط في القرن الرابع عشر قبل الميلاد.
بما أن القراصنة جزءٌ من التاريخ العالمي فحكاياتهم عرضةٌ للتحريف والتغيير على مرّ السنين، وقد تُلصق تهمة القرصنة بأساطيل بحرية كان هدفها حماية حضارةٍ ما، لهذا يصعُب الوثوق بالمعلومات التي نجدها عنهم على الإنترنت وحتى بالكتب والمذكرات العتيقة التي يُزعم أنها من كتابة قبطان سفينة قراصنةٍ ما أو قائد بحرية قامت بالقضاء عليهم.
إن شاهدتم الفيلم الأول من سلسلة قراصنة الكاريبي ستفهمون قصدي، فالقبطان جاك سبارو أشتهر بين القراصنة والبحرية البريطانية بتمكنه من الخروج من جزيرةٍ نائية حيث تركه المتمرد بربوسا، وذاك بترك شعر ظهره ينمو لطولٍ خياليٍّ ثم استعمله في ربط قدميه بسلاحف البحر وبذلك أبحر إلى أن وصل إلى جزيرةٍ ما.
والحقيقة هي أن تلك الجزيرة لم تكن نائيةً تماما بل يستعملها تجار الروم (شرابٌ كحوليٌ مفضّلٌ لدى كل قرصان) في تخزين مشروبهم في حجراتٍ مخفيةٍ تحت الرمال، وبعد أن ثمِل جاك لمدة ثلاثة أيام وجده التجّار ثم تفاوض معهم ليأخذوه إلى أقرب ميناء.
هذا فقط مثالٌ بسيطٌ عن مدى اتساع الخيال البشريّ وابتكاره لحكاياتٍ قد لا تمتّ للواقع بصلة. أقول هذا كتنويهٍ لأني غير واثقة من صحة المعلومات التي جمعتها رغم أن المواقع التي ذكرتها تزعم أنها الحقائق التي لا شك فيها تاريخيًّا وأن ما تصوّره الكتب والأفلام ليس إلا إبداعات خرافية.
رغم أن القراصنة كانوا مجرمين ينهبون ممتلكات غيرهم وينشرون الفوضى والذعر حول العالم، إلا أنهم كانوا منظمين لدرجة تشبه النظام الديموقراطي الأمريكي الحاليّ وكان لديهم دستورٌ خاصٌ بهم كلّ من يخالفه يواجه عقوبةً أقصاها القتل. وكل سفينةٍ لديها قوانينٌ وتوزيع مهام، من الطبخ إلى التنظيف وقيادة الدفّة وفتح وغلق الأشرعة. القانون المشترك بينهم كان: لا عراك على سطح السفينة، المتخاصمان عليهما انتظار الوصول إلى اليابسة قبل الشروع في قتال بعضهما.
أنت تقرأ
تمرّد مقالات
Randomتمرّدت أقلام أعضاء فريق النقد، وأعلن كل فرد ثورةً لأجل أن يكتب ما يُمليه عقله الناقد، من مقالاتٍ جدليّة فلسفية تناقش الأدباء بالمنطق والمعرفة. نقدم لكم هنا مجموعة مقالات متفرقة كل واحد منها يتناول موضوعًا شيقًا في مضمار الكتابة الأدبية.