(ذات المستقبل الباهر)
استيقظت سارة في غرفتها التي لم تعد تشارك سدادا فيها بعد أن انتقل سداد لغرفة والدته ، ولازالت في فترة النقاهة ، تركت فراشها قاصدة الخارج ، فهي لم تترك الفراش منذ أيام ومنذ اليوم الذي تحدثت فيه سارة إلي سداد لم يعد لزيارة غرفتها أبداً ..
تركت سارة الغرفه فاصطدمت عيناها بالمرآة المنتصفة للردهة ، فعادت تتذكر ذاك اليوم المشؤوم الذي قُص شعرها فيه ، كان هذا اليوم يتردد علي كوابيسها يومياً في الفترة السابقة ، حتي أصبحت كوابيس سارة لا تنتهي ، فإن حلت العقدة من هذا الطرف وجدتها تشابكت من الطرف الآخر ، تنهدت بعمق ثم استكملت طريقها بخطيً وئيدة نحو الحديقة ، وحين بلغتها أخيراً كان سداد يجلس علي العشب يمسك كتاباً بين يديه
حين رآها سداد حدق بها لفترة طويلة ثم عاد يطالع كتابه
_ما الذي تقرأه
سألت سارة من باب الفضول فناظرها سداد باشمئزاز
_ لن تفهمي محتواه
_ ربما أفهمه
_ ابتعدي عن هنا لا تزعجيني
_ أنت ذو طباع متقلبة
_ لم ينقصني سوي أنتِ لتنتقدي طباعي
_ تارة غاضب وبالأخري حنون
_ لا تتكلمي معي كي لا تعطي جدتي أملاً
_ أملاً
_ إنها تريد طفل، لذا عليها أن تعلم أنه لا أمل منا ، اتركيني وشأني
_أنا..أود الخروج
_ ماذا ؟؟
_أود الخروج ، لقد كنت أبقي في الخلاء معظم الوقت قبل أن أتزوجك
_ ما المطلوب مني ؟
_ لن يسمحوا لي بالخروج إن لم ترافقني
_ وكيف أتاكد أنكِ لن تهربي
_ لا أود وضع فتون في هذا المأزق
صمت سداد وكأنه يفكر في قبول طلبها فوضعت سارة وجهها الطفولي البرئ
_ هيا يا أخي أرجوك
ابتسم سداد ساخراً ثم انصاع لها أخيراً ؛ فسار بمحاذتها نحو بوابة القصر
_ إلي أين تذهبان هكذا!!
نادتهما الجدة فتوقف كلاهما عن الحركة ثم اندفعت سارة
_أخي سداد سينزهني
قالتها ثم هرعت إلي الخارج متجنبة الجدة
_ هل هذا الجنون فطري أم أنكِ اكتسبته من احدي أفراد عائلتك ؟
ابتسمت سارة ابتسامة عفوية ظهرت علي وجهها لأول مرة منذ زواجها ، فابتسم سداد بدوره ، ثم استقلا السيارة القابعة جانب المنزل
_ هل تجيد القيادة ؟
_ أعتقد أنني لن أجرب القيادة للمرة الأولي بصحبتك
_ حسناً لا تغضب فوراً، يؤسفني اخبارك أنك عالق مع ثرثرتي اليوم
تأفف سداد متمللاً ثم انطلق بالسيارة بينما اكملت سارة
_ كم عمرك؟ _ هل تحاولين التقرب مني !!
_ ألست أخي ، علي أن أعرف عمرك ، أنت تعرف عمري علي أي حال
_ لا أعرف عمرك من فضولي ، بل لأنكِ تتجولين في أرجاء المنزل صارخة أنا في الرابعة عشر
_ لماذا تعاملني بجفاء
_ ربما لأنكِ دمرتي مستقبلي
_ هل تعي أنك أنت من دمرت مستقبلي ، علي الأقل لازلت أنت تتعلم، بينما فقدت أنا صديقاتي ومدرستي ، وغرفتي وهواياتي ، فقدت كل شئ
_ترجلي !!
_ عفواً؟ّ! _ لقد قلت ترجلي هيا
_ ماذا تفعل هل ستتركني أهرب
ضغط سداد علي أسنانه غاضباً ثم ترك السيارة فتبعته سارة في صمت
_ أريد قبعة كبيرة
قالها سداد موجهاً حديثه لللبائع عند طرف الطريق
_ أي لون يا سيدي
سئل البائع فالتفت سداد يناظر سارة
_ هل تلك القبعة لي ؟
سئلت سارة تتجلي معالم الدهشة علي وجهها فأردف سداد
_ نعم ، هل لي أن أتشرف بمعرفة لونك المفضل
_ لافرق لتكن علي ذوقك
_ لتكن زرقاء إذاً
نطق سداد فناوله البائع احدي القبعات فناولها لسارة
_ لماذا القبعة ؟؟
_ كي تعودي فتاة كما كنتِ
قالها سداد فتحسست سارة شعرها في حسرة ثم نطقت بعفوية
-إذاً أنت تفضل الأزرق!
_ هل نعود أم أنكِ لم تشبعي بعد
_ دعنا لا نعود فوراً ..ربما نجلس في إحدي الحدائق
_ تذكرينني باحداهن
_ هل فتون ؟؟
_ نعم ، فتون..
_ أين هي إذاً..لم أرها في أرجاء المنزل حتي الآن
_ إنها مسجلة في مدرسة داخلية للفتيات ، تزورنا بالعطل الرسمية فحسب
_ ربما نلهو معاًَ يوماً ما
_ تلهوان؟!
ضحك سداد ساخراً ثم استكمل
_ لستِ من طراز فتون كثيراً فهي تعتبر ذاته ناضجة لم تخلق للعب وإنما هي سيدة من سيدات هذا القصر ...
قالها ثم عاد يستقل السيارة قاصداً الحديقة ، بينما عقدت سارة حاجبيها في عجب ، فبينما تحلم هي بطفولة طبيعية إحداهن تعتبر حالها ناضجة ....
مر القليل من الوقت حتي وصلوا أخيراً ترجلت سارة مسرعة تتحسس العشب وكأنها طائر نعم بالحرية ، بينما اتخذ سداد تلك الشجرة الضخمه مسنداً له فأسند ظهره إليها
_ هل أجلس
قالتها سارة ببراءة فنظر إليها سداد متمللاً
_ لا تجلسي إلي جواري
_ لن أعضك
قالتها ثم جلست إلي الطرف الآخر من الشجرة فأصبحت لا تراه ولا يراها
_ماذا عن عمي ، أي والدكِ
نطقها سداد بعد صمت طويل فأردفت سارة متعجبة
_ ماذا عنه ؟
_ لا أعرف ، هل باعكِ بتلك البساطة
_ أبي ليس موجوداً منذ سنوات ، لقد انفصل عن أمي وهجرنا ، أنا حتي لا أذكره
_ غريب!!
_ ما هو الغريب؟
_ في آخر مرة زرت منزلكم فيها كان عمرك لا يجاوز الشهر ، كان عمي ميتم بكِ حينها
_ إذاً سبق لنا أن التقينا
_ نعم ، في الحقيقة كنتِ أول طفلة أحملها
_ حقاً
_ لقد كنت أخشي الأطفال وأخشي حملهم ، لكن .. لا أعرف عندما أطللت علي مهدكِ كانت عيناكِ وكأنهما تتكلمان ، وكأنهما تصرخان احملني ، بالطبع كنت مزعجة وبكاءة ،كما هو الحال الآن لذا حملتك ، وحينها تنبأت لكِ بالمستقبل الباهر ، شعرت أنكِ ستكونين فتاة ذات حظ وفير
_ ثم حلت الغربان علي حياتي أليس كذلك
_ ولكني اكتشفت فيما بعد أنهم زوجوني بالفتاة التي تنبأت لها بالمستقبل الباهر وبهذا دمرت مستقبلها بيدي هاتين
_ سداد
_ نعم ..
_ أنت أخٌ جيد
_ أنتِ كذلك ....
أنت تقرأ
زوجتي في الخامسة عشر
Randomالطائر الذي ظن أن حريته سُلبت منه أدرك أن حريته رُدت إليه حين سُجن في قفصك ، حين قيدته غلالك حينِ أصبحتِ أنتِ زوجتي بينما لم تتجاوزي الخامسة عشر بعد