الفصل السادس والعشرون

5.5K 164 2
                                    

(حقائق مؤلمة)
في صباح الغد التالي استيقظت سارة لتجد سداد لازال جوارها ، ربما تتأكد الآن أنه ليس مجرد حلم ، تنحنحت سارة ففتح سداد عينيه ببطء يناظرها
-هل كل شئ بخير
-لا أعرف لازال عقلي يطن منذ البارحة انا مشوشه
-لا تقلقي ستعرفين كل شئ اليوم ...ولكن علينا أن نترك هذا المكان المشؤوم فوراً ، اين هي تلك الشمطاء بالمناسبة
-جدتي؟..لا أعرف !!أنا لا أفارق غرفتي مذ جئت إلي هنا، أليست في المنزل
-لا لم تكن موجودة بالأمس ، ولكنني سأحاسبها عاجلاً أم آجلاً
-ماذا فعلت مع فتون، إياك أن تكون قد أحزنتها فقد ندمت وصارت شخصاً جيداً
-إنني أعرف أختي جيداً ، لقد تحادثنا لوقت طويل وتصافينا
-جيد إذاً...
-ولكن وجهك ذابل للغاية ...يا وردتي
قالها بينما يتحسس وجهها الناعم
-ماذا فعلوا بكِ يا جميلتي
-هم لم يفعلوا شيئاً بل أنت وابنتك
زم سداد شفتيه ثم عاد يقبل رأسها ..
-أعتذر يا صغيرتي ...اعتذر كثيراً
-عليك توضيح بعض الأمور...وإلا سيقتلني عقلي
-ارتدي ملابسك إذاً و اهتمي بأمور الصغيرة ودعينا نذهب من هنا
-لم تلك العجلة في الذهاب
-لم أعد أطيق هذا القصر ، حقاً لم أعد أطيقه أو أطيق ساكنيه ، سآخذكما وآخذ فتون وسنغرب من هنا ...
-لا يمكنك اختطاف فتون بهذه السهولة
-ولم هذا ؟!
-هناك آخر سيختطف فتون منك ...
-لحظة ،هل تقصدين أنها....
-نعم فتون تتزوج ..
رفع سداد حاجبيه ذهولاً ثم ظهرت ابتسامة صغيرة علي وجهه ثم تحرك حاثاً إياها علي النهوض
                ************
دعونا نعود بالأحداث قبل شهر تحديداً ، في المكان والزمان الذي أصيب فيه سداد بطلق ناري ....
حين أطلق ذلك القاتل المجهول تلك الرصاصة التي أناخت قوة سداد وطرحته أرضاً ، أطلق أحدهم رصاصة استهدفت ذلك القاتل ، حينها بدأ الضباب يتزاحم داخل عيني سداد حاجباً الرؤية ، ثم كان ذلك الوجه هو آخر ما رآه ، ولم يعي أو يشعر شيئاً عقبها ، وفي المرة التالية التي استيقظ فيها لم يستطع للوهلة الأولي التركيز أو تركيب الأحداث ببعضها البعض ، كل ما سمعه وفهمه صراخ الممرضات حين فتح عينيه للمرة الأولي ، ثم حدث ازدحام بغرفته ثم بدأ الطبيب يلفت انتباهه
-سيد سداد هل تسمعني
-من أنت؟أين أنا ؟
-إنني طبيبك ..مرحباً بعودتك
-كيف تعرف اسمي؟!
-السيد آدم أخبرني باسمك
-السيد آدم؟من هو السيد آدم؟
-إنه الشخص الذي أحضرك إلي هنا ، أخبرني بم تشعر
-أشعر بالدوار ولكن لحظة أين ...أين هي سارة....
قالها ثم عاد يغمض عينيه فاقداً الوعي ... وكالمرة الأولي لم يعي إلا علي صوت الطبيب يعمل علي استفاقته، تلفت سداد حوله فرأي شخصاً يقف في زاوية الغرفة ، رجل في عقده الخامس ، لديه وجه مألوف وكأن سداد رآه من قبل ولكنه لا يستطيع التمييز
-سداد بني أهلاً بعودتك
-منذ متي وأنا هنا ..؟
-آه يا بني ، أنت هنا منذ ثلاثة أسابيع تقريباً كدت أفقد الأمل في عودتك..
-أنا لا أفهم شيئاً !!من أنت؟
-دعني أخفف من حملك قليلاً وأخبرك بالقصة كاملة
-إنني أسمعك ...
-كنت أفضل انتظارنا لتحسنك قليلاً
-هل أنت أرسلت ذلك المكتوب
-نعم...أنا أرسلته
-ماذا تعرف عن موت والدتي ؟من أنت يا صاح لا تصبني بالجنون
-أنا عمك
فغر سداد فاه عجباً ثم اتسعت عيناه ذهولاًبينما استكمل آدم ..
- أخبرني كم تبلغ سارة من العمر الآن
- لست متأكداً ولكنها تبلغ من الأعوام عشرون
-عشرون عاماً و شهرٌ واحد وثلاثة أيام إنني أعد الأيام منذ ذلك الوقت الذي تركتها فيه ، حين تركتها كانت تبلغ الخامسة فقط، كانت طفلة لم تعي أو تفهم لماذا تركتها ، لقد مر وقت طويل منذ آخر مرة رأيتها فيها ، كنت قد تشاجرت مع إلهام و طلقتها و سعيت لآخذ ابنتي منها بالقانون وإذ أن القانون يدخلني إلي السجن لأتعفن في زواياه
-ولكن لماذا ؟
- قتلت أحدهم
-من قتلت؟
-إلهام كانت قد أحبت رجلاً قبلي ، عاد يحوم حولها وإذ أنها تعطيه وجهاً ، دخلنا إلي شجار محتدم انتهي بموته ، ولذا لم أجرؤ أبداً علي إخبار سارة بأمر سجني ، أخفيت الأمر عن العائلة وعن الجميع ، حتي ظنوا جميعاً أني هربت بعيداً تاركاً مسؤلية ابنتي ، ولكن شخصاً وحيداً علم بتلك القصة أتعرفه؟
-من؟
-والدك....
-أبي!!
قالها سداد حائراً بينما استكمل آدم
-نعم والدك ، وقف بجانبي وساندني ، وحين خرجت من السجن ، لم أجرؤ علي الاقتراب من ابنتي مجدداً دائماً آمنت بأنها ستكرهني ولن ترغب برؤيتي مرة أخري ، فساعدني والدك ، ضمني ألي شركته وجعلني شريكاُ له ، عملنا لأشهر بأسناننا ، كنا لا ننام نهارنا أو ليلنا ، حتي كبرت الشراكة واتسعت الشركة ، ثم مرض أباك ، كان يعرف أن هناك وحوشاً تنتظر موته خصوصاً بعد الزدهار الذي حل بنا و الأموال الطائلة التي حصلنا عليها وحين جئته اقترح زواجك من ابنتي
-اعذرني ولكنه كان قراراً أحمقاً بعض الشئ ....ولكن مع ذلك أشكركما لأنكما اتخذتماه
-ربما كان قراراً متهوراً ولكن أباك وثق بك كثيراً ، وأنا علمت أنك لن تؤذي ابنتي ، كنت سأضمن بذلك ابتعادها عن علاء ، فقد كنت أراقبها من بعيد خطوة بخطوة ، وكدت أظهر قبالتها عدة مرات حين رأيت معاملة علاء لها ،إلهام امرأةدنيئة صائدة ثروات  ، كنت سأنقذ ابنتي من بين يديهما، بينما سيضمن أخي مستقبلك
-لم يكن لكم الحق في فعل هذا بنا ، كنت تظن أنك ترحم سارة بهذا الشكل ولكنك زدت الأمور سوءاً
-دعني أكمل يا بني ....لقد فهمت خطأي علي أي حال ، أما أباك فتوفي تاركاً كل شئ لي ، صرت علي تواصل مع نيرمين
-أمي!..
-نعم عملت علي إدخالها في الشراكة كرد الدين لأخي ، أعلم أن والدنك لم تحببه يوماً ، ولكن أباك لم يكن يري سواها ، علي أي حال..عملت والدتك معي لفترة طويلة ، كنت أعرف منها أخبار القصر ، وبالأخص كنت أعرف أحوال سارة ، بينما عاونتني هي بشكل كبير في الشركه ...
-لحظه أمي كانت تعلم بأمرك ولم تخبرنا؟!
-أنا ضغطت عليها كي لا تخبر أحداً بأمري
-فهمت خوفك من سارة ولكن ماذا عن العائلة...
-كنت قد تشاجرت مع العائلة لأسباب مختلفة حتي ذهبت وتزوجت من إلهام دون رضاهم ، فأنت تعرف العادات ، أحببت إلهام وتزوجتها سراً فطردتنا أمي من القصر وليتني لم أتزوجها ، وهكذا لم أجرؤ علي العودة إلي هناك
-وكيف ماتت أمي إذاً
-أنت تعرف جدتك، قد تبيع صغارها لأجل المال ، ربما لن تصدق هذا فربما هو صعب التصديق ولكن هذا ما حصل ، تعاونت جدتك مع أحد المجرمين ، احزر من هو؟
-من
-علاء
-ويحها ليس ألي هذا الحد
-بل إلي هذا الحد ، تعاونت جدتك مع ذلك البلاء ، لتحصل علي إرث أبيك ، ووعدته بربع ما ستحصل عليه
-وكيف لها أن تحصل علي هذا المال ؟
-برأيك؟
-لا يعقل ، هل زوجتنا لتضمنني ثم تحصل علي مالي ..
-نعم ولكنك كنت ذكياً بما يكفي لعدم الخضوع لها ، وعندما لم تجد من الأمر جدوي ، قررت إرسال رجال علاء لتهديدك وإخافتك قليلاً
-ولكن لم يهددني أحدهم حينها...
-لأن والدتك تنصتت عليها وفهمت لعبتها ، فوقفت قبالتها تمنعها ،هددتها أن تخبر العائلة بكل شئ ، بل هددتتها بطلب الشرطة حتي كادت تفضحها في المكان كله ، وفي احدي الليالي جاءني اتصالٌ منها ، قالت أن أمي هددتها وأنها خائفة وأنها قد تقتلها تلك الليلة ، ثم استيقظت علي  خبر وفاتها في اليوم التالي
-لحظة لحظة ، ولكن جدتي لا تفعل هذا ، إنها قاسية ولكنها لا تقتل أحداً
-بل تقتل يا بني ، كانت قد قتلت زوجها مسبقاً لتحصل علي ماله
-ولكن هذا أمرُ لا يعيه عقل لنقل أنها قتلت أمي لأنها تكرهها هل أرسلت رجالها لقتلي أيضاً ، في حين أني حفيدها
-المعلومات التي وصلتني عن هذا الأمر ، أنها أرسلتهم لإخفاتك فقط ولكني لم أفهم لماذا أطلق هذا الرجل عليك
-لا أنا لا أستطيع تصديقك ، هذا ليس طبيعياً البتة ، لقد تحولت حياتي ألي فيلم سينمائي مرعب ، أنا لا أصدقك حقاً ، جدتي ليست قاتلة ، ليس إلي هذا الحد
-بني منذ أن سحبت مال أبيك وهي تدور حولم فلم بهدئ لها بال
-ولكن ماذا ستفعل بالمال بربك ، إنها عجوز تكاد تدلف قبرها بعد عدة أيام
-هذا ما لا أفهمه أنا يا بني ...
-سأواجهها حتماً ، سأواجهها ولا رحمة لها مني ان كان ما تفوهت به هو الحقيقة ،لن أرحمها ..


زوجتي في الخامسة عشر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن