الفصل الرابع

8.9K 232 8
                                    

                           (الزواج)
مرت الأيام بسرعة وكأنها في سباق للخيل ، مرت لتلقي بمستقبل سارة إلي الجحيم ، لتشوه معالم طفولتها تماماً ، لتقتل قلبها وتتركها جسداً هامداً ، حاولت الهرب مراراً ولكن محاولاتها باءت بالفشل
حاولت المقاومة ولكن عنوة ارتدت ثوباً لا يليق بعمرها ، بينما طُلي وجهها بطبقة من مستحضرات التجميل فاختفت خلف هذا القناع معالم طفولتها وجمالها...
دفع علاء باب الغرفة دون استئذان ثم صرخ
- هيا يا هذه سنتاخر
-هل وصلت السيارة
سألت إلهام فهز علاء رأسه إيجاباً  ، نظرت إلهام إلي ابنتها ثم ابتسمت ابتسامتها الزائفة الصفراء وأنزلت القماش الأبيض ليغطي وجه سارة  كلياً ، لتخفي دموع سارة التي لم تستطع كفها عن النزول
_ هيا !!
هيا إلي الجحيم ، هذا ما سمعته سارة فانتصبت موضعها
_ لقد قلت هيا ......
صرخت إلهام فنهضت سارة تسير بخطيً وئيدة  تشيعها نظرات علاء المرعبة ، تركت سارة باب المنزل فالتفتت تتفقده للمرة الأخيرة ثم نظرت إلي السيارة التي بهرجوها بالزهور ، تلك التي رأتها سارة جحيماً علق علي السيارة ، اُصطحبت سارة إلي السيارة فنظرت إلي الدنيا من أسفل حجابها وكأنها المرة الأخيرة ، وكأنها ستذهب إلي القبر وكأنهم سيئدونها اليوم ، لم يعد باليد حيلة لم تعد تستطيع مقاومتهم أكثر ،ما الذي يحصل ، وما الذي سيحصل أمورٌ لم ولن تدركها سارة ، أكملت السيارة طريقها تحمل معها طفلة ستصبح امرأة في غضون ساعات ، ناظرت سارة السماء ؛ فوجدت السحاب يتحرك معها كالعادة ، ولكنه سيتوقف بعد قليل ، سيتوقف الكوكب الأرضي عن الدوران و سيسقط البشر عشوائياً في الفضاء ، ستغرب الشمس وستتوقف حركة الرياح ،وسينتهي العالم حال يسئلها الشيخ إن كانت توافق علي الزواج منه ، ومن هو في الأساس ؟؟!رجل لا تعرفه بل ربما عجوز لا تعرفه ......، ابن عمها كذلك قالوا ،ذلك العم الذي لم تعرف هويته فما بالكم بولده الذي لم تعرف بوجوده يوماً ، توقفت السيارة عن الحركة أخيراً ، لقد وصلت سارة إلي مقبرتها ، هنا سيدفنونها حية ،هنا سيكون ثوب الزفاف كفناً لها ، لا بل إن الموت أهون !!،تحلق الكثير من البشر حول السيارة فتلفتت سارة حول نفسها عدة مرات وقد تحولت إلي مجنونة رسمية ، صارت تراهم كالموتي الذين تركوا قبورهم ؛ فتزينوا وتجمعوا حول السيارة ، الكثير من الاشخاص الذين لم يسبق لها أن التقتهم ، الدهشة ، الخوف ، بل و الرعب ، مشاعر تزاحمت داخل قلبها ففاضت عيناها بما تحمله من أوجاع ،رأت إلهام تهم بفتح باب السيارة فهرعت إليها متشبثة بذراعها بقوة
-أمي دعينا نعود إلي المنزل
سحبت إلهام ذراعها من بين يدي سارة ، ثم نظرت إليها شذراً
_ حمقاء ، أقسم أنكِ حمقاء ، هل تريدين العودة إلي المنزل بينما أنتِ علي أعتاب زواجٍ سينقلك إلي القمة
_بل زواج سيرمي بي إلي التهلكة ، دعينا نعود ، دعيني أكمل دراستي فأتخرج وأصبح شيئاً
-إنكِ نكرة بالعلم او بدونه
قالتها  إلهام ثم تركت السيارة مسرعة ثم سحبت ذراع ابنتها فأخهرجتها هي الإخري....
الزغاريد، التصفيق ، الرقص والطبول  ، كلها أصوات يعج المكان بها لكن سارة كانت مغيبة لا تسمع منها شيئاً ، سمعت أصوات أنفاسها تتعالي فحسب ، نقلت عيناها بين الحشود المتجمعة ، فلمحت العجوز التي لم تغير اللون الأسود ، امرأة أخري تقف جوارها تلبس الأساور الغليظة ، التي لم ترتديها للتزين وإنما هو كبر كامن داخل أعماقها، وأخري تحمل الحلوي ، وأخري انشغلت بتناولها ، وأخريات انشغلن بمحاولة استكشاف ملامح سارة المختبئة خلف هذا الحجاب ، لمستها مئات الأياد فكانت مع كل يد تلمسها تنتفض بعنف
، إلي أن صرخ الحضور مهللين بقدوم العريس ، تلك الكلمة تعني النهاية بالنسبة لسارة ، التفتت سارة فرأت كهلاً يدخل من الباب فصكت صدرها ثم نظرت لأسفل  ، بينما بدأت يداها ترتجفان خوفاً ، قررت عدم رفع  عيناها فلم تعد تريد رؤية العالم مرة أخري، رأت  سارة حذاءاً رجالياً اقترب فوقف بمحاذاتها ؛فازدادت ضربات قلبها سرعة حتي كاد قلبها يتوقف حتي لكزتها إلهام هامسة
_ أمسكي ذراعه
لم تكن سارة تسمع أو تعي شيئاً مما يحصل حولها ؛ فقد كانت رسمياً في دنيا اللاوعي ، عندما لم تستجب لنداء والدتها ، جذبتها من ذراعها ووضعتها في الكرسي المخصص لها ، صارت تقلب كفاً بكف وتعبث بأصابعها توتراًَ، شعرت سارة به يجلس في المقعد المجاور فحبست أنفاسها
_ارفع حجاب عروسك
قالتها الجدة من بين ضوضاء الحضور فاقتربت يده من وجهها ، التفتت سارة تنظر إليه من خلف حجابها فاتضحت ملامح شاب ليس نفسه الكهل الذي اعتقدت أنه زوجها منذ قليل ، ..مشاعر عديدة اجتاحت  قلبها لا تعرف ما الحيلة...
أمسك الرجل الذي سيطلق عليه زوجها بعد قليل بطرف حجابها فرفعه عن وجهها فظهرت ملامحه واضحة بينة ..توقفت الدنيا تحديداً هنا ، شرع رأسها في الدوران دون توقف لابد أن يتوقف ذلك الزفاف بطريقة أو بأخري!،رفعت سارة عينيها بينما يكاد قلبها ينفجر لتصطدم عيناها بعينيه لعدة ثوانِ عينان بنيتان أخفت أمراً جللاً، ومع أنه وسيم إلا أنه لازال الرجل المدمر بتلك الطريقة أو بأخري..
-جاء الشيخ
هلل بها أحدهم ففقدت سارة أملها أخيراً، ومع كل خطوة كا الشيخ يخطوها نحوهما ، كان مصير سارة المحتوم يقترب أيضاً خطوة...حتي وصل ذلك المصير أخيراً.زرمي الشيخ عبائته خلفه ثم اتخذ مقعداً ثم بدأ يفتح دفاتره
_ السيدة الكريمة ..سارة آدم علي سنة الله ورسوله وبدون أي إجبار أو ضغط ! هل تقبلين الزواج من السيد سِداد سعد الله؟
توقفت سارة عن الحركة غير واعية لسؤالة ! بدون إجبار أو ضغط ؟! ..تكاد تصرخ حالاً بالرفض ولكن عيني والدتها لم تترك لها خياراً
_قبلت ..
قالتها بينما علقت تلك العبرة علي جفنها ، لا تكاد تهبط ..وليت البكاء يعود بالفائدة ..
عاد الشيخ يسأل ابن عمها بالمثل فقبل بدون تردد أو صمت لوهلة وكانه استعجل تدميرها..ما الحل الآن ؟؟..
                  

                  

زوجتي في الخامسة عشر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن