٢٦

456 34 42
                                    

عَاد زَين إلى شُقته مُنكسرا ، هو يَشعر بأنه يَسبح داخل غَيمة مُمطرة سَوداء ، لا يَعلم مُسميات الأمور و لا يُدرك مَا حصل بِشكل واضح ، هو إحتاج بَعض الوقت حَتى يَستطيع عَقله زَرع الأفكار في تُربته ؛ لَكنه عَلم بِأنه يَشعر بِالزُرقة ، هو كان مُريعا.

دُموعه تَجمعت حَول قُزحيته و عَملية فَتح بَاب شُقته كَانت الأصعب ، هو شَعر بِحذاء عَالي الكَعب يَركُض على رئتيه ، لِذا فالهَواء قَرر جَمع أغراضه و الرَحيل عن فُؤاده.

فَتح الباب بَعد جُهد ، ألقى نَظرة حَول المَكان و كَان هادئا ساكنا ، ظَن ان لِيام غادر الشُقة الليلة.

هُو يَذكر نَظرة زارا لَه حِين عَرج خَارج مَكتب دَيلان ، هي حَزرت الحَاصل ، لَكنها و للِمرة الاولى ، لَم تتَكلم ، لَم تُعطي أي تَعليق او نُصوص ؛ هو لَم يَكن مُنكسرا أمامها ، او امام أي احد هذه الليلة ، حَتى لِيام ، هو سَيجمَع أشلائه و يَمضي ، كَما لو لم يَحدث شيء.

تَقدم دَاخل شُقته بَهدوء و صَوت لِيام يُناديه مِن صَالة الجُلوس جَعل مِن قِلبه يَقفز خَارج قَفصه ، هو هَمهم و خَلع حِذاءه ، شَاعرا بِمؤخرته تَلسعه و هو لا يَستطيع الأنتظار حتى يَغطس دَاخل حَوضه و يَبكي بُقعه السَوداء.

-لِيام ، أحتاج ان أستحم ، نَتحدث لَاحقا.

هُو هَمس و لا يَعلم ان كَان لِيام قَد إلتقط كَلماته او إنها طِارت بَعيدا عَنه ، لَكنه لَم يَستطع التَحمل ، هو سَينفجر إلى أشلاء إذا أمضى دَقيقة واحدة خَارج فُقاعته.

-لا ، زَين نَحن نَحتاج لِلحديث.

-أعلم لَكن بَعد حَمامي.

-لا! نَحن سَنتحدث الآن!

صَرخ لِيام ، زَين شَعر بِشعيرات جَسده تَستقيم و هو عَقد حَاجبيه بِإستغراب تام ، لَم يَكن لِليام أي أوراق تُعطيه صلاحية الصُراخ عَليه ، لَم يَكن مُعتادا عَلى هذا النَوع مِن السلوك.

هُو جَلس على الأريكة بِهدوء ، مُتجاهلا ألم مُؤخرته و كَيف أن جَسده قَذر ، هو لَا يَزال يَشعر بِديلان بِداخله ، يَتحرك و يَتأوه بِجانب أُذنه ، شَعر بِالمرض جَرّاء الفِكرة.

-انا فَكرّت ، كَثيرا ، حُول مَا هية مَشاعري نَحو هذهِ العلاقة ، نَحوك أنت و نَحو قَلبي ، و لا شَك او نُكران بِأنك إمتصصت قَلبي كَما يُمتص عُنق عَاهرة فَرنسية ، أنت أشبعته شَهوة و حَرارة و ألم و كُل أحساس كُتب يُوما ما فِي وَرقة ضائعة ، أنت أهديتني إياه فِي يُوم مِن الأيام.

قَال لِيام بِهدوء ، جَالسا على الأريكة المُقابلة لِزين ، هو كَان يَنظر نَحو السِجادة كَما لَو كَانت إعجوبة ثَامنة ، أُذناه كَانت حَمراء و أنفه كَان يَعمل بِكثرة ، هو تَنفس كُل هواء الغُرفة بَينما زَين كان يُناضل لِأخذ رَمقه.

تَصفيقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن