الفصل الثامن

3.8K 111 0
                                    

المفتش!!

استيقظت حبيبة قبل محمد بنصف ساعة و اغتسلت و ارتدت ملابسها، ثم اعدت افطارا لها في المطبخ مكون من بضع شطائر لذيذة... وجدت نفسها تعد كمية اكبر اليوم... ورغم حنقها علي محمد الا انها وجدت ان لا مانع ان تصنع له شطائر بالمرة معها، لربما صحا متأخرا ولم يلحق ان يعد افطاره لنفسه.
رأته خارجا من حجرته مكشكشا عينيه وحاجبيه ينظهر لها محاولا ان يراها في وسط الضوء الساطع القادم من النافذة العريضة، حيته في غير مبالاة قائلة:"صباح الخير" لم يرد عليها بل اشار بيده ملوحا، يبدوا انه من الاشخاص الذين لا يتكلمون فور الاستيقاظ...مشي مترنحا للحمام شبه مغمض العنينين، ابتسمت وكادت تضحك من منظره وكأن عمره اربع سنوات. قالت له "لقد اعددت شطائر اضافية" ، قالتها ثم سحبت حقيبتها من علي المنضدة في سرعة وانطلقت خارجة الي عملها.
استفاق محمد قليلا بعد الحمام وتذكر انها ذكرت شيئا عن طعام ما ، فتوجه الي مطبخ و تناول في سرعة ما وجده من شطائر، كانت شهية وقد وجد ان ذلك لطيفا ...ان يعد احد لك طعام الافطار هو شيء حقا لطيف. ثم تذكر كيف اخطأ بحقها ليلة امس وبرغم ذلك اعدت له هي تلك الشطائر اللذيذة... هي فعلا جدعة. قرر ان يكتب لها علي النوتة المعلقة علي الثلاجة كلمة اعتذار وشكر. نعم كان محمد يعرف العربية المصرية جيدا، ولكن فقط عندما يتحدث اما الكتابة فكان شبه جاهلا ، يعرف الحروف ويستطيع كتابة اسمه الرباعي بالكامل ولكن ان يكتب جمل طويلة؛ كان ذلك صعبا عليه. ولكنه اراد ان تكون رسالته بالمصري علي سبيل اللطف...فليحاول...كتب التالي:
" انا اسيف... شوكران علـا ال اكل.
محمد احمد سليمان ابراهيم"
ولصقها علي الثلاجة ، وانصرف لعمله هو ايضا.
جاءه اتصال عندما وصل المطعم من ادارة شئون المهاجرين ، اخبرته الموظفة ان احد مفتشين الادارة سيقوم بزيارتهم اليوم مساء للتأكد من صحة المعلومات المقدمة منهم، واكدت عليه ان يتواجد هو وزوجته "طالبة الاقامة" في الموعد بمنزل الزوجية المسجل عنوانه لدي الادارة.
توتر محمد لتقيه المكالمة و برغم من انها شيء متوقع الا انه خشي ان ينكشف امرهم فيتعرضا للمسائلة القانونية كما سيتم ترحيل حبيبة الي مصر.
لم يكن لدي حبيبة هاتف محمول فاتصل بها في محل القهوة التي تعمل به و اخبرها ان تستاذن من العمل و تعود للمنزل كما سيفعل هو الان ليرتبا الاغراض و المنزل ليبدو كمنزل زوجين.
عندما سمعت حبيبة بالخبر جرت علي رفقيتها بالعمل نانسي ، وهي من ضمن الاشخاص الذين يعلمون بأمر الزواج الصوري، وطلبت منها الوقوف مكانها اثناء غيابها وشرحت لها الاسباب وقالت انها مرعوبة ان ينكشف امرهم. نصحتها نانسي بالهدوء فان التوتر هو ما يكشف كل شيء، ثم اشارت عليها انهم يجب ان يبدوا وكانهم يعشون في نفس الغرفة فلينقلا اغراضهم في حجرة واحدة... وكذلك الحمام، لا يوجد زوج وزوجة يستخدمان حمامان منفصلان... ثم يجب عليها وضع ملابس داخلية (لانجيري) في الدولاب وكأنهم عرسان جدد. كما يجب تذكر كل ما يحبه الاخر ويكرهه حيث ان اسئلة المفتش ستكون دقيقة جدا.
تذكرت حبيبة الورقة المفصلة التي كتباها قبل الزواج، وجدت كل شيء سهل تنفيذه ولديها متسع من الوقت اذا ذهبت الان...خرجت بعد ان استأذنت مديرها . وما ان خرجت حتي تذكرت شيئا... ملابس داخلية؟!! واجيب منين انا (لانجيري)؟ ليس لدي حتي كم قميص نوم واحد...ثم فكرت في نانسي زميلتها، نانسي تعمل راقصة في ملهي ليلي كوظيفة ثانية ليلية... من غيرها سيكون لديه اطنان من تلك النوعية من الملابس... فرجعت لها طالبة العون مرة اخري...اعطتها نانسي مفتاح بيتها حيث ان كلاتاهما لا يستطيعان ترك محل القهوة، فذهب حبيبة في عجالة الي هناك و يال الصدمة؟ ماهذا؟... ايرتدي شخص تلك الاشياء؟! لم تكن الملابس خليعة فقط بل وقحة! كيف لها ان تاخذ تلك الملابس وتنسبها لنفسها؟! ولكن لا وقت لديها للمواقف الفلسفية الان... يجب ان يقتنع الرجل انها ومحمد زوج وزوجة...هيا هتشوفوا فين تاني يعني..ثم دي امريكا بلد الحرية ..كل واحد يلبس اللي هو عايزه... لملمت بعضهم و خرجت مسرعة.
عندما وصلت كان محمد موجود وقد اعاد توضيب المطبخ و الثلاجة بلا تقسيم الاشياء..ثم ساعدها في نقل متعلقاتها لحجرته و حمامه من فرشة الاسنان وفرشة الشعر و المستحضرات والاحذية...الي اخره، كما قاموا باخفاء غطاء سريرها واكتفوا بواحد . ثم قاموا بنقل محتويات دولابها ، واثناء تعليق حبيبة ملابس نانسي ، كان محمد سعيدا جدا وفخورا بوجود تلك الملابس بدولابه ، كان يريد ان يأخد لهم صورة وهم معلقون في دولابه هكذا، حتي انه رجا حبيبة الا ترجعهم الي صديقتها بل انه عرض عليها ان يدفع ثمنهم علي ان يظلوا هكذا بالدولاب. قالتله حبيبة انه مراهق وان لاوقت للمزاح الان...
ماذا بقي؟ نعم الكاميرا...خلع محمد المرأة من احدي حوائط المنزل البيضاء العريضة ووقفا امامه وقد ضبط الة التصوير الخاصة به علي التصوير الالي ، واخذا عدة لقطات تارة مبتسمين و تارة مخرجين السنتهم وقد احولت اعينهم وتارة اخري هو يحملها علي كتفه و هي تصرخ وهكذا...وكانا يبدلان ثيابهم كل بضع صور بثياب اخري.. ثم بعد ان انتهيا ادخل محمد الصور علي الحاسوب الخاص به وعن طريق برنامج الفوتوشوب ادخل علي الصور خلفيات مثل شاطيء البحر، برج ايفل، او حديقة خضراء...وكانهم كان لهم زكريات سعيدة في اماكن مختلفة، ومما ساعده علي ان تبدو الصور طبيعة ؛ هي الخلفية البيضاء والتي كان من السهل تغييرها ، كانت فكرة الحائط الابيض هي فكرة حبيبة ..ذكية هي تلك الفتاة. كما انها قد ابتاعت في طريقها للبيت بضعة براويز والبوم صور متوسط الحجم..وقامت بوضع الصور التي طبعها محمد في بروازين او ثلاثة والباقي في الالبوم، وعن قصد وضعت البراويز في اكثر الاماكن وضوحا وبروزا.
رغم توتر موقفهم الا ان حبيبة استمتعت جدا بالوقت الذي امضته مع محمد في الترتيبات والتصوير... خاصة فقرة التصوير كانت حقا تضحك من قلبها علي دعباته... لكم هو مضحك وظريف عندما يكون علي سجيته ناسيا غروره و اهتمامه بنفسه . الا يكفي انه وسيم ...ظريف ايضا؟!
باقي من الوقت نصف ساعة علي موعد حضور المفتش، قضوها في توتر وصمت ، كل منهم ممسكا بقائمة الاخر يراجع فيها وكأنهم علي وشك دخول امتحان مادة الفزياء للصف الثالث الثانوي.
طرق الرجل الباب في موعده بالضبط فاستقبلوه بترحاب بينما كان هو جامد الوجه بلا تعبير كان رجل في اواخر الاربعينات ذو شعر قد اندمج فيه الاسود مع الرمادي صانعا له هيبة ووقار ، طويل مما زاد من تللك الهيبة، يضع نظارة طبية يقبع وجهه كله خلفها مترقبا متربصا ليفتك بالمخادعين ، يرتدي معطف طويل يشبه رجال الـ اف بي اي كما لو كان خارجا لتوه من المسلسل البوليسي... سي. اس. اي. كان كل ذلك كاف لبث التوتر و الرهبة في قلب حبيبة... سألته ان كان يرغب في شرب القهوة ...لم يبتسم ولكن لم يكن فظا ايضا... اجابها بنعم ، ذهبت للمطبخ لتحضيره بينما كان يتفقد هو البيت و محمد يتبعه، كان يسجل سطورا في دفتر صغير في يده لم يستطع محمد قراءتها من مكانه.
بالفعل رأي الصور في البراويز وبالتالي عرض عليه محمد في سذاجة البوم الصور ، الا انه نظر له نظرة جانبية بامتعاض و لم يأخذه من يده بل اتجه الي الحمام... نظر عليه نظرة شاملة ثم فتح الخزانه التي فوق الحوض و رأي متعلقاتهم مرصوصة جنبا الي جنب...كل هذا و لم ينطق ببنت شفة مما زاد من توتر محمد ... كان الرجل "صامت و غامض" بلا اي تعبير او رد فعل علي ما يري... الي ان وصل للدولاب وفتحه ... بدا علي وجهه تعبير غريب عند رؤية ملابس نانسي الخليعة، حاول محمد ان يستشف من ذلك التعبير اي شيء و لكنه لم يفهم ...اكيد رجل وقور مثله احتقر تلك الملابس ، ماذا يظن بحبيبة الان ؟ غير مهم ... المهم ان يظن ان الزواج حقيقي! استدار الرجل لمحمد متحدثا بطريقة رسمية للغاية بعد ان عاد له الوجه الخشبي منذ متي عرفتما بعضكم البعض؟"
محمد:"منذ حوالي عام عندما حضرت حبيبة هنا للدراسة، وتزوجنا لتونا منذ اسبوع؟"
المفتش"ما هو لونها المفضل ؟"
محمد:" الوردي"
المفتش :" ما اسم امها؟ ومتي التقيتها اول مرة"
محمد:"لقد توفت، رحمها الله، قبل ان تاتي حبيبة الي هنا..كان اسمها سلوي"
اثناء ذلك الاستجواب كان الرجل يختلس نظرات جانبية لملابس نانسي ، وكان كلما فعل ذلك شعر محمد بالحرج حيث ان ذلك الرجل المحترم يظن الان ان زوجته هو ترتدي تلك الاشياء.
المفتش:"ما هو لون عين زوجتك؟"
كانت تلك المعلومة غير موجودة بالورقة التي حفظها عن ظهر قلب الا انه كان يعرف الاجابة جيدا
اجابه بابسامة واسعة:"سوداء...عيناها سوداء"
دخلت عليهم حبيبة ذات العيون السوداء حاملة القهوة في مج، شكرها المفتش في برود ثم افادهم انه بقي فقط ان يسأل حبيبة كما فعل مع محمد بضعة اسئلة علي انفراد ، ثم سيرحل بعدها وغالبا ما سيكرر الزيارة عدة مرات في ايام قادمة الي ان يصدر القرارمن الادارة بناء علي تقاريره سواء بالرفض او القبول.
خرج محمد من الحجرة امتثالا لتعليمات ذلك الرجل "الكُبّرة" ، فاغلق الرجل الباب ورائه وبداء يسال حبيبة في هدوء و رسمية كما كان يسأل محمد الا انه هذه المرة كان يتمشي يمينا و يسارا مثبتا اعينه علي الدولاب و ما فيه...كانت حبيبة متوترة كفاية علي ان تعبأ بذلك..
المفتش:"كيف التقيتما و متي؟"
حبيبة :"منذ عام ، عن طريق اصدقاء مشتركون"
المفتش :"ما هو اسم والدتك و ما لونك المفضل؟"
حبيبة: "سلوي، ولوني هو الوردي"
كان يقرب وجهه ونظاراته اكثر من الملابس المعلقة في الدولاب ، كان يفقد رزانته وتركيزة تدريجيا حتي انه بدأ يتعرق، واخرج منديلا لمسح قطرات العرق التي تكونت علي جبهته.
لاحظت حبيبة ذلك..يبدو ان ملابس نانسي لها تاثير عجيب علي الرجال ، يالهم من تافهين مراهقين ، حتي ذلك الرجل الرزين توتر و فقد تركيزة لمجرد التحديق بهم.
حاول الرجل تصنع الرزانه مرة اخري... تنحنح قليلا ثم سأل:" في اي يوم ولد زوجك؟"
كانت تجيبه الا انه لم يبد منصتا ، كان هائما في المصائب المعلقة امامه..
ثم يبدو ان الرجل لم يستطع تمالك نفسه من الفضول و الاثارة فقاطعها وهي ينظر لها بشدة من اعلي رأسها حتي اخمص قدميها :" اتلك الملابس لك؟ اترتدينهما حقا؟"
ذهلت من جرأته وسؤاله ولكنه اجابت في تردد:"اجل؟" وقالت في نفسها " يادي الفضايح، الله يحرقك يا نانسي"... تمتم بكلمة ما وهو مازال محدقا في الملابس، الا ان حبيبة سمعتها!...يا الهي لقد جن الرجل...كيف قال ذلك؟؟! االله يجازيكي يا نانسي! ..ثم جائت لها فكرة...
انتفضضت من مكانها تتظاهر بقمة الاستياء والغضب صارخة في الرجل بصوت عالي: "هل جننت يا رجل؟!! كيف تسألني سؤال كهذا؟؟؟؟!"
ثم جرت الي الباب و فتحته ونادت محمد صارخة:"محمد.محمد...هذا الرجل حاول التحرش بي لفظيا" نظر لها محمد من الخارج غير مصدق ما سمع ، كما ان يبدو عليها انها تتظاهر(اوفر جدا)، اشارت له بعينيها وكانها تقول "فقط جاريني"...فجري عليها ودخل الحجرة وعلي وجهه اعتي علامات الغضب وكأنه سيقتل الرجل..وفجأة لم يعرفا اين ذهبت هيبة الرجل ورزانته لقد تحول الي كتكوت مبلل لدرجة انهم ظنوا انه طوله قد قل بضعة سنتيمترات ، فقد تراجع الي ركن في الغرفة يجفف عرقة ويتعلثم في الكلام موضحا لمحمد:" لا انا لم اقصد ذلك؟؟ انا اسف..اسف حقا"
حبيبة:" لا تقصد؟؟ّ! وماذا تعني اذن بسؤالك عن شكلي في تلك الملابس؟"
لم يمثل محمد الذهول هذه المرة، فهو لم يصدق ان ذلك الرجل كبير السن "الكُبّرة" ، ذو الهيبة والطول يحاول معاكسة فتاة في عمر اولاده ويعلم انها متزوجة...ولكنه اكمل الدور المطلوب.. قبض علي ياقة معطف الرجل في يديه ودفعه ليسند ظهره للحائط وقال في غضب :" ماذا؟؟؟ الاتعلم انها زوجتي؟ الم تقل لك بياناتك عني اني رجل شرق اوسطي واتميز بالغيرة الشديدة علي الزوجه واني قد اقتل في سبيل ذلك؟"
حبيبة:" لا ياحبيبي...لا داعي لتلويث يديك...سوف نقدم شكوي... او لا... بل نقدم بلاغا بتهمة التحرش ونطلب تعويضا ، ولنري مدي تأثير ذلك علي مستقبله المهني والمالي...فهو سيموت من الجوع في جميع الاحوال"
قال الرجل مفزعا يرجوها:"لا ...لا داعي لذلك انا لم اقصد... لم اقصد ان تسمعيني..اعني لم اقصد ان اقول...اعني لم اقصد ما قلته...نعم لم اقصد ما قلته"
محمد:" حسنا لن نقدم بلاغا ولكن بشرط، لا اريد ان اري وجهك هذا مرة اخري والا قتلك!".
الرجل:"اجل. اجل. لن تراه ابدا"
حبيبة :"و ماذا عن التفتيش الدوري؟؟؟"
الرجل:"اطمائنا...سأملاء انا تقارير الزيارات بنفسي في موعدها بدون ان اتي للزيارة... وصدقاني سأكون امينا جدا..فانا الان متأكد مائة بالمائة انكم زوج وزوجة حقيقيون، فهي لو لم تكن زوجتك فعلا لما جعلتني اتبول في سروالي الان"
كاد محمد ان يضحك وهو ينظر له عاقدا حاجبه ومتصنع الغضب ولكنه قال:"حسنا انصرف الان، والا قتلتك" وافلت ياقة معطف الرجل الذي دس دفتره في جيبه وخرج مسرعا...ثم توقف علي العتبة الخارجية وقام بعدل معطفه و ثبت نظارته و عاد الا تعبير الي وجهه ثم وضع يديه في جيوب معطفه الطويل في الاطة و مشي بهدوء عبر الحديقة الي الشارع، بنفس الهيبة و الرزانة التي دخل بهم.
ما ان خرج حتي انفجر حبيبة و محمد من الضحك وظلا يضحكان حتي كاد قلبهما ان يتوقف وبعد ان انتهيا قالت حبيبة :" اتظن اني قد احصل علي الجرين كارد بتلك السهولة ؟"
محمد:"لا اعرف، قد تكوني محظوظة سنري ..في جميع الاحوال القرار يصدر بعد اكثر من زيارة مازال امامك مدة لتعرفي"
حبيبة:" ما اعظم هذه البلد... ارأيت كيف كان يرتعد خوفا ان نبلغ عنه بتهمة التحرش" ثم قالت بالمصري بانفعال:"لوكنا في مصر ولا كان همه ، حتي لو كان اغتصب واحدة ، ولا كان هيفرق معاه.. عارف ان البنت هي اللي هتسكت وتداري علي نفسها لتتفضح واهلها الرجالة يدبحوها...يعني مضغوط عليها من الناحيتين.."
محمد:" يووو..زعبلة القُلة رجع تاني...يادي حق المرأة الضائع اللي جاية تدوري عليه هنا"
سألته وكأن سؤالها ردا علي ما قاله من سخرية:" انا سمعت ان المغتصب هنا بياخد اعدام؟"
لم يرد ولكنه اراد تغير مجري الحوار لانه شعر بسحابة ضبابية سوداء قادمة من ناحيتها فقال:"سيبك انتي...لولا ملابس زميلتك في العمل لما تمكنا من فعل ذلك المسلسل العربي الهابط"
حبيبة:"اجل..هذا حقيقي..ذكرتني اني يجب ان اعيدهم لنانسي ...ولكن غدا ، لا استطيع اليوم "
محمد وهو ينظر للملابس المعلقة امامه:" هل نانسي صديقيك تلك جميلة؟ لاني حقا احاول تخيل شكلها في تلك الملابس الرائعه"
قامت حبيبة واغلقت درفة الدولاب وقالت:"انت فعلا مراهق...ثق بي ذلك اكثر ما وجدته احتشاما في ملابسها...ثم ان تخيل نانسي في تلك الملابس لهو امر مؤذي للعين...يال الرجل المسكين...نانسي تزن 95 كج "
قال محمد في مرارة داخلية لم يعرف سببها:"لم الرجل مسكين؟ هو لا يعرف نانسي ولا يعرف انها ملابسها ، لقد تخيلك انت فيهم..."
حبيبة وقد بدلت الوجه المبتسم باخر مستاء:" حسنا...هذه نهاية الحديث!"
وخرجت غاضبة.
ذهبت الي حمامه لتعيد اغراضها الي الحمام الخاص بها حتي تستحم وتقول لنفسها:" انا ايه اللي يقعدني اكلم اصلا مع واحد سافل ذي ده؟؟!!".
ماقاله محمد بالطبع لم يروق لحبيبة و لكنه لم يرق لمحمد نفسه ايضا ، كان يقوله نوع من التفكير بصوت عالي في شيء يضايقة، او تنفيث عن عصبية...هو شاء ام ابي يشعر بعدم ارتياح عندما ينظر لها اي رجل نظرة من ذلك النوع...غصب عنه... هو مازال في اعماقة شرقي حمش هكذا تربي كان يذكر غيرة ابوه الرهيبة علي امه... وجود فتاة في وضعها ؛ مصرية مثله ،لا احد لديها من اهلها، كما انها تعيش معه، ناهيك عن انها زوجته... يجعل ذلك منها شخص مسؤل منه.. ولا يقبل عليها اي شيء من ذلك النوع.
ولكن هي رافضة تماما لذلك، كما انها ليست كأمه وهو ليس كأبيه...علاقتهم مجرد زواج صوري ...زملاء سكن. هي تذكره بين كل كلمة و كلمة انهما ليسا في مصر وانه يجب ان ينسي فكرة (انا رجل و رجل تساوي السيطرة والحماية). عندها حق!... ماله هو ومال مسئولية زي دي...قال لنفسه " انا هبطل احرق دمي علي الحجات الهبلة دي..هعتبرها زي جودي او كارلا او اي واحدة بعرفها" كانت بالفعل صديقات محمد لا يمثلن اي شيء لديه سوي قضاء وقت لطيف... فان نظر لهم عشرات الاشخاص زاد ذلك من فخره، حيث يقال "انظر الي ذلك المحظوظ الوسيم الذي يمشي مع تلك الفاتنة" واذا تحدث اصدقائة عن مفاتن اي من صديقاته لم يأبه، فهو قد يتحدث عن صديقاتهم هو الاخر... بل لربما يجراين المقارانات ودائما هو يفوز..فاختياره من الفاتنات دائما محط اعجاب الجميع. لذا هو سينسي انها مصرية ويتعامل معها كاي زميلة سكن قد تتواجد معه.ارتاح كثيرا لما توصل له من قرار ودخل ليستحم.
حبيبة في تلك الاثناء كانت تعيد كل شيء مكانه في غرفته وتفكر في شيئ ضايقها بشدة...لم قالت لمحمد ان نانسي وزنها 95 كج؟ ...الحقيقة هي ان نانسي فتاة جميلة جدا، لديها جسم تحسدها عليه كل البنات، هي تعمل راقصة وتحصل علي تدريبات كافية تجعلها رشيقة جدا كما ان الطبيعة الربانية انعمت عليها بمفاتن انثوية طاغية...لما سالها محمد عن نانسي؛ هي لم ترد ولكنها بسذاجة وضعت له في وسط كلام لا معني له معلومة وزن نانسي الكبير...لمَ فعلت ذلك؟ هل خافت ان يطلب منها ان تعرفه بها ان قالت له انها فعلا جميلة؟؟؟و ما المشكلة في ذلك؟ هل تغار عليه؟؟ لا بالطبع لا ان الوضع فقط سيكون غربيا ومربكا إن تواعَد محمد و نانسي الذي هو المفروض زوجها هي...لم تعرف بالضبط ما التفسير المقنع ولكنها كانت هذه المرة مغتاظة من نفسها فعلا لسببين الاول لانها لا تجد سبب مقنع يجعلها تقول ذلك عن احدي زميلاتها المقربات وخاصة نانسي التي لطاملا وقفت بجانبها في مواقف شتي احدهم اليوم عندما استلمت العمل مكانها واعتطها مفتاح منزلها لتأخذ ما تشأ من الملابس. والثاني و الاهم ... كيف ستفسر الامر لمحمد عندما يري نانسي وهو احتمال وارد جدا فنانسي قد تاتي للمنزل وربما يأتي محمد الي العمل لاي سبب ...
كانت قد جاعت فقررت ترك الامر الان وان تأكل قبل ان تنام فذهبت لتحضير طعام لنفسها فقط! عندما استدارت لتاتي ببعض الطماطم من الثلاجة وجدت الورقة التي كتبها لها محمد صباحا... ضحكت بشدة علي هجاءه العجيب و خطه الاعجب ولكن اللفتة اثرت في نفسها ، حسنا قد يكون سافل و احيانا متسلط ولكنه رقيق...تحولت من مشاعر السخط تجاهه الي مشاعر الرضا عنه...وبالطبع كانت النتيجة ان وجد محمد طبقا لذيذا منتظره علي منضدة الطعام، ومعه رسالة بالانجليزية علي ورقة من النوتة:" لتاكدي من انك لن تستطيع قراءة العربية ، فمن يكتب بهذه الطريقة هو اكيد يقرأ بها... كتبت بالانجليزية.. لاقول لك..اتمني لك عشاء شهيا...تصبح علي خير."
ابتسم محمد وهو يقرأ الرسالة ثم انهمك يأكل في تلذذ ...وقال بدون صوت وهو يتأمل صورتهم في البرواز وهو يحملها وهي تصرخ ضاحكة "تصبحين علي خير يا حلوتي"

في ارض الحلم // للكاتبه منه فوزيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن