فتح طارق فاه مذهولا، وهو ينظر لمحمد ، وتشتت انتباهه عن القيادة تماما
فربت محمد علي كتفه قائلا في هدوء حازم:" انا شايف تركن علي جنب احسن"
بالفعل اوقف طارق السيارة ومازال فمه مفتوحا.. انتظر محمد اي رد فعل منه، لما لم يجد عاد وقال:" بص هي بالنسبالك عروسة اهلك جابوهالك ، زي مابتقولوا صالونات.. يعني مفيش مشاعرناحيتها، انا بالنسبالي بحبها" ثم صمت ثانيتين وقال:" و مش هسيب حد يتجوزها غيري.. انا مش بترجاك .. انا بقولك! عشان لما اخد (اكشن) متكونش مستغرب"
لم تكن بالطبع صدمة طارق صدمة عاطفية، بل لان فرصته في تحقيق احلامه بأن يذهب و يعيش في بلد الحلم الامريكي سوف تضيع، ما لا يعرفه محمد انه قد قدم بالفعل اكثر من مرة علي طلب الحصول علي فيزا للسفر هناك و تم رفضه ، ثم اتت له حبيبة علي طبق من ذهب.. تملك المال و الجمال و فرصة للذهاب و العيش هناك بعد نجاح كتابها.. وهو لديه من الذكاء و الخبرة لكي يصرف اموره هناك و يعمل في مجال البنوك تخصصه.. فكيف يأتي محمد بمنتهي البساطة لينتزع منه احلامه حتي بدون اسف، وبتلك النبرة الامرة.. ماذا يظن نفسه؟!!
طارق غاضبا ولكن مازالت نبرته هادئة:" وانت واثق منين انها هتوافق عليك؟؟ مانت كنت قدامها، لو كانت عايزاك مكانتش قبلت تتخطب لي"
محمد بابتسامة سخيفة:" لأ هتوافق!"
طارق:" يا سلام! انت متأكد بأة.. انت سألتها وهي قالتك ايوة؟؟"
لم يرغب محمد ان يورط حبيبة في اي شيء قد يسبب لها مشكلة مع عمها ، فهو حتي الان لم يذكر اي شيء عن تصرحيها بأي رغبة واميل اليه . فقال بنفس الاستفزاز وقد قرر ان يلعب علي نقطة ضعفه :" لا.. بس لما تقارن نفسك بيا هتلاقي اني ..امريكاني ،انجح منك، اغني منك، اقرب لها منك وفوق كل ده احلي منك! تفتكر لما نقف احنا الاتنين قدامها هتختار مين؟؟"
قال طارق لمحمد و هو ينظر امامه دون ان يدير حتي عينيه اليه:" انزل!"
ضحك محمد قائلا:" كده يبقي انت اكيد عرفت هي هتختار مين.." ثم قال وهو ينزل من السيارة:" بس علي فكرة انا اعرف عنكوا يا مصريين ان مش من الجدعنة عندكوا انك تنزل واحد في وسط الشارع بعيد عن عربيته" واغلق الباب و هو يضحك، فانطلق طارق بالسيارة في غضب..
كان محمد يعلم انه لم يحتاج لان يستفزه كل هذا الاستفزاز ، يبدوا انه معبأ حتي انفه و قد انفجر في طارق و فش كل غله فيه.. كان سعيدا لرؤية طارق يحترق غيظا.. لقد صار انسان سادي بسبب حبيبة.. والان ماذا؟؟ اكيد سيذهب طارق ليشكو لامه و التي ستشكو بدورها لعم حبيبة ، والذي سيري ان محمد مازال متمسكا بها، ويوازن بين العريسين، وطبقا لمقايسس عمها في العرسان سوف تطب كفة محمد.. اتصل بحبيبة
حبيبة:" ايه ده، هو مش انت و خطيبي خارجين مع بعض؟"
محمد" متقوليش الكلمة دي تاني؟"
حبيبة:"انهي كلمة؟..(خارجين مع بعض)؟؟؟؟"
محمد:" يا ساتر علي الظرف..اللهم احفظنا"
ضحكت حبيبة ضحكة طويلة ، فابتسم هو.. كان يسعد جدا عندما يتمكن من اضحاكها..
محمد:"علي فكرة، توقعي قنبلة عندكوا في البيت بكرة، دا اذا مكانش انهاردة..او دلوقتي"
حبيبة في توجس:" ايه ؟؟ عملت ايه؟؟؟؟"
محمد:" طلبت ايدك من طارق... زمانه راح يعيط لمامته ، او يمكن هيروح لعمك علطول"
حبيبة:" ايه ؟؟؟ طلبت ايه؟؟؟ يعني ايه؟"
اخبرها محمد عن حواره مع طارق، ونصحها ان تستعد لتوابع الموقف
بالفعل لم يكذب طارق خبر ، وجده عمها يتصل به في وقت متاخر من الليل و يخبره انه علي باب العمارة و يرغب في التحدث معه في امر غاية في الاهمية.. كاد عمها ان يغلق الخط في وجهه ويسبه حيث انه قد دخل لتوه الي السرير و تهيأ للنوم، ولكن منعه فقط انه نسيبه المستقبلي ، اخبره ان بامكانه الصعود للبيت.
فتح له وادخله الصالون في قلق و فضول
صلاح:" خير يا طارق ، قلقتني.. اكلم يابني بسرعة"
طارق:" انا عايز حبيبة تحضر كلامنا يا انكل!"
صلاح:" يابني حبيبة اكيد هتكون نايمة دلوقتي ، ما تقولي بس في ايه؟"
طارق:" معلش يا انكل ، صحيها"
عقد صلاح حاجبيه في استنكار:" نعم؟ اصحيها، للدرجادي الموضوع خطير؟؟ لأ لازم تفهمني الاول"
طارق:" محمد .. محمد يا انكل صاحبها بتاع امريكا اللي كان اساسا عريس لاختي، طلع بيحبها وعايز يتجوزها.."
صلاح:" طب منا عارف.. ده حتي جالي عشان يطلبها مني.. ايه القضية في كدة؟!.. المهم حبيبة في الاخر مخطوبة لمين؟؟ وبعدين انا رفضته خلاص.. والدليل اننا عرضناه علي اختك .. ايه بأة الهلمة اللي ملهاش معني اللي انت عاملها دي؟؟!"
طارق:" لأ يا انكل انت مش فاهم.. ده عايز يتجوزها لسة.. هو قالي كده من كام ساعة.. صحي حبيبة يا انكل.. صحيها، انا لازم افهم هو جايب الثقة دي كلها منين؟؟"
صلاح :" يعني تقصد انهم مربطين مع بعض.. وكانوا بيقرطسونا"
طارق:" مش عارف يا انكل ، حبيبة هي اللي هتفهمنا"
قام صلاح و الدم يغلي في رأسه، فهو موته و سمه ان يشعر بالخديعة ، لم يخلق من يضحك عليه..هو فقط من يخط الخطط و يسير العالم حسب مصالحه..
طرق باب غرفتها و دخل وجدها مستيقظة و مي و دينا معها في الغرفة، قال لها في اقتضاب ان تخرج له ليحدثها في امر هام..
ادركت حبيبة انها بداية التوابع، ولكنها لم تتخيل ان طارق اتي شخصيا، لذلك فوجئت بوجوده عندما خرجت
صلاح بهدوء وجدية:" حبيبة! انا عايز افهم بالظبط ايه اللي بين و بين الواد ده اللي اسمه محمد"
حسنا .. فلنبداء..
حبيبة:" عادي يا انكل زي ماقلتلك، كان عايز يخطبني لما رجع مصر.."
طارق منفعلا:" يعني مبتحبوش بعض ومتفقين تتجوزوا؟؟!!"
نظرت له حبيبة نظرة شرسة:" انت بتعلي صوتك ده ليه؟!"
صلاح:" كلمي خطيبك كويس يا بنت، بلاش قلت ادب!"
ماذا؟!! امازال يقول خطيبك؟؟!! هل مازال لم يقتنع بمحمد؟؟!! لم تطب كفته ام ماذا؟!! افشلت الخطة؟!! اذن .. لقد استنفذت كل الفرص و الطرق و الخطط .. صارت الان لحظة (كرسي في الكلوب)!
حبيبة:" يا انكل ده مش خطيبي ولا هيكون.. انا مش عايزة اتجوزه، و ايوة انا عايزة اتجوز محمد"
وقف عمها وصاح فيها :" يعني فعلا.. متفقين و كنتوا بتضحكوا علينا؟!"
حبيبة:" انا مكنتش عايزة ازعلك يا انكل.. انت اللي اضطرتني لكده.. "
اتت سامية مذعورة علي صوتهم، وكذلك خرجت مي و دينا من الحجرة..
سامية:" فيه ايه؟؟ ايه الزعيق ده؟؟ "
طارق:" بنتكوا يا طنط ضحكت عليكوا.. وعليا"
انقض عمها عليها وهو منفعل لكي يضربها فدخلت بينه زوجته و ابنته مي وبين حبيبة قال و هو يحاول التملص منهم:" انتي عايزة تتربي من اول و جديد.. ابوكي مات وسابك من غير تربية، وامك معرفتش تربيكي.. بينك و بينه ايه الواد ده.. طبعا مانتي صايعة لوحدك برة.. لكي حق تعملي اكتر من كده!"
حبيبة و هي تتحامي في سامية و مي:" انكل صلاح .. من فضلك انا مسمحلكش تكلم علي و علي ماما كده.. "
صلاح وقد صار يضرب بيديه عسي ان تطولها فكانت ضرباته تصيب الهواء اوتصيب زوجته التي كانت تصرخ جراء الضربات اما مي و حبيبة نجحوا في تفاديها بخفة :" ما تسمحيليش يا سفلة؟!، انا هوريكي.. انت من انهاردة مش هتعتبي برة البيت.. وتليفونك ده هاخده..انا مش هغلط غلطة المرة اللي فاتت واسيبك تعملي اللي في مخك.. كفاية ضيعتي الفلوس كلها.. المرة دي مش هسيبك تضيعي الفلوس تاني.."
حبيبة وهي تنحني لتتفادي احدي الصفعات:" قول بأة ان الحكاية كلها فلوس.. انا مستعدة اديك الفلوس كلها و تسيبني في حالي"
صلاح لاهثا من كثرة الضرب وقد اغاظته الاهانة و صار اعنف في التلطيش مما زاد من صراخ زوجته المسكينة:" انتي فعلا قليلة الادب.. انا هربيكي.. امسكوهالي.. امسكهالي يا طارق.. طارق هو اللي هتتجوزيه.. غصب عنك وعن اهلك هتتجوزيه.."
حبيبة وهي تميل للوراء في خفة فتفلت من احدي اللكمات:"انا مش قاصر يا انكل.. مش من حقك.."
صلاح وقد وصل لقمة الغضب فدفع بزوجته و ابنته بعيدا الي اقصي الصالون و انقض علي حبيبة وامسكها من ذراعها و دفعها دفعا الي حجرتها و يساعده طارق :" انا هوريكي مش من حقي ازاي، هحبسك زي العيال في اوضتك.. يا ريتني حبستك من زمان قبل ما تسافري و تجبيلي العار.."
ثم تذكر وعاد يقول:" الاول هاتي تليفونك..هاتيه يابنت!"
لم تقاوم حبيبة فالموقف سخيف بما يكفي ولم ترغب في تنال لكمة او صفعة فاخرجت الهاتف من جيب البنطلون ثم ذهبت معه الي حجرة قائلة:" عار ايه اللي بتكلم عنه.. انا جايبالك واحد عايز يتجوزني.. عار ايه؟؟"
دفعها للداخل واغلق الباب بالمفتاح من الخارج وصاح :" هتتجوزي طارق و الا مش هتخرجي من هنا ابدا.. اما اشوف انا ولا انت يا قليلة الادب يا عديمة الرباية"
ثم استدار لزوجته و بناته وقال:"الباب ده يفضل مقفول.. لو اتفتح حبس اللي فتحه معاها! وادي التليفون اهه!" وقذف بالهاتف الخاص بها عرض الحائط فنزلت قطعه وتناثرت علي الارض
ثم خرج مع طارق الي الشرفة ليهدأ وهو مازال يسب فيها ..
جلست حبيبة علي السرير في الحجرة تفكر، لم تسر الامور كما هو مخطط لها ابدا.. حسنا ستخرج من هنا حين تحين اول فرصة.. ولتنسي الي الابد عائلة عمها.. احزنتها الفكرة وجلست تبكي.. لكم رغبت ان يظل لها عائلة حتي وان كان عمها بهذا السوء..
أنت تقرأ
في ارض الحلم // للكاتبه منه فوزي
Romanceرواية خفيفة تدور في إطار رومانسي كوميدي عن فتاة لا ترغب في شيء من الدنيا سوي العيش علي أرض الحلم (أمريكا) في اعتقادها، و يدفعها ذلك لاخذ خطوة جريئة جدا في هذا الطريق ،و تستمر توابع تلك المجازفة في صورة احداث مشوقة جميع حقوق الملكيه للكاتبه // منه ف...