مضت ايام عدة، لم تعد تذكر حبيبة كم مضي من الوقت و هي مقيمة عند عمها، كانت كل يوم يتكرر كل يوم، تمضي الوقت مع زوجة عمها تساعدها في المنزل وتتحدثان في امور عدة وتنام مجهدة طوال الليل . تحاول الا تفكر بشيء، منتظرة ان يتصل بها ذلك الناشر المزعوم .
بدأت زوجة عمها ترتاح لها وتشعر معها بقيل من الالفة، وكأي ست مصرية اصيلة رأفت بحال تلك الفتاة التي تخرجت من الجامعة ولم يأتها حتي عريس واحد، دي بنتها لسة في ثانوي و العرسان ابتدت تهل من دلوقتي، اعتقدت ان سفرها للخارج واقامتها وحدها هم سبب عدم تقدم اي شخص لها. مسحت ذاكرتها لتبحث عن شخص مناسب لها.. احمد ابن سوسن؟ لا دا واد صايع وفلتان... سامر ابن جارتهم وفاء؟؟ هو كويس بس مايع حبتين ، ايوة ازاي تاه عن بالها ده... طارق ابن بنت خالتها هدي.. هو مفيش غيره! متخرج من كام سنة و بيشتغل شغلانة حلوة في بنك ، ومرتبه مشاء الله كويس، وامه هدي ..صحيح لسانها طويل بس قلبها ابيض.
انتظرت حتي خرجت حبيبة لتأتي ببعض الطلبات التي قصدتها هي فيها..عن قصد طبعا، واتصلت بهدي ابنة خالتها، اخبرتها عن حبيبة وحلاوتها وشطارتها في البيت وعن ظروفها وانها يتيمة، يعني محدش هيتأمر عليهم في طلبات الجواز. ثم حددت معاد لكي تأتي هدي و ابنها بحجة الزيارة العائلية لكي يتفرجواعلي العروس ، ان اعجبته كان بها وان لم تعجبه وكأن شيئا لم يكن.
***
في احد ايام الجمعة حيث الكل موجود في البيت ، وجدت حبيبة زوجة عمها سامية تدخل البلكونة حيث كانت تجمع الغسيل.
سامية:" حبيبة ، عيزاكي تدخلي تغيري هدومك كده و تلبسي حاجة من حاجاتك الحلوة "
حبيبة:" ليه يا طنط ؟ خارجين ولا ايه؟"
سامية:" لا يا روحي.. في ناس قرايبي هيزورونا، بنت خالتي وابنها.. بقالها كتير مازارتناش وعيزاكي .. قصدي عايزة بناتي الحلوين يشرفوني، مش انتي بنتي زيك زي دينا ومي؟ "
امتثلت حبيبة لطلب طنط سامية فلم يعد يفرق معها ما تلبس و ما تأكل ومع من تتحدث ، كانت تعيش وخلاص.
قبل موعد الغداء طرق الباب ودخلت عليهم ابنة الخالة هدي وخلفها ابنها، شاب طول بعرض ملامحه عادية لا يميزيها شيء ، غير انه غاية في الاناقة و التكلف ، بان ذلك من ساعته و حذائه الثمينين وايضا رائحة عطره التي ملاءت المكان فور ان دخل.
بعد كل البروتكوات العائلية من سلامات و تعارف و "نورتونا وانستونا"،"دي دينا دلوقتي في ثانوي، دعواتكم معاها" ،" تشربوا ايه؟" وكل ما يقال في تلك المناسبات، دخلت طنط سامية المطبخ للتتابع الطعام ، حاولت حبيبة ان تدخل معها فدفعتها قائلا" لا لا انتي انهاردة متقوميش من الصالون".
وبالفعل حتي رحل الزوار لم تقم حبيبة من الصالون، غير بعض المرات التي قدمت فيها شاي او بعض الحلوي واثناء جلوسهم علي السفرة لتناول الطعام ، وظلت طنط سامية تعلن ان حبيبة هي من قامت باعداد كل اصناف الطعام من السلطة الي الحلوي. لم تتحدث حبيبة كثيرا اثناء وجود الضيوف ولكنها لم تكن سخيفة ايضا ، كانت ترد بلطف كلما سألها ذلك الشاب .. ما اسمه؟ لا تذكره..سؤالا، او امه السيدة عالية الصوت المزعجة ذات الضحكة العجيبة .. لم تكن تبالي لشيء او لاحد، فقط تريد ان يمر اليوم بأي شكل فيأتي الليل وتنام (سطيحة) فيأتي اليوم التالي، حتي عندما ادعت زوجة عمها (فشرا) لسبب غير معلوم انها هي طاهية الطعام، ابتسمت في صمت وتقبلت ثنائهم عليها وعلي (شطارتها) بإيمائات شاكرة.
وكما ارادت الضبط، اتي الليل، الا انها لم تنم كما اعتادت يبدو انها لم تهلك نفسها كفاية اليوم، حاولت النوم لم تستطع ، كانت تفكر به، تفتقده.. تتذكر حركاته المضحكة فتبسم ، وتتذكر غيرته عليها فينتابها حالة انتشاء، ثم تتذكر كيف غضب منها وفراقه لها فتبكي ، حاولت ان تكم صوت بكائها حتي لا توقظ دينا بنت عمها النائمة في السرير المقابل.. تذكرت عندما كانت تبكي وقت ما سرقت و كيف كان هو رائع معها ومسح عنها احزانها.. فزاد بكاءها الصامت ودفنت وجهها في وسادتها حتي تكتمه اوعل الوسادة تكون حنون عليها وتكتم انفاسها وتريحها من هذا العذاب.
استيقظت علي صوت يتحدث باللغة الانجليزية..اكيد حلم، انه تأثير ليلة امس السوداء، كم اشتاقت لسماعها، ولكنها وجدت الصوت الذي بداء يتضح انه صوت مي بنت عمها، يناديها
"حبييييييبة، تليفون ليكي من امريكااااااااااااا"
امريكا! انتفضت وقامت جريا .. بل قفزا الي الصالة حيث الهاتف، كادت ان تسقط اكثرمرة وهي تتفادي كل العوائق في طريقها.. محمد؟! كيف وجدها؟؟
اخذت منها الهاتف وتنفست بعمق لتهدأ ثم ردت:" نعم.. من المتحدث؟"
ظهر علي وجهها احباط حيث وجدته شخص غير محمد الا انها عندما سمعت بالكامل ما قال قفزت في فرحة
:" حبيبة مصطفي ، انا الدكتور صامويل جيفري ، الناشر الذي اخبرتك عنه دايانا.. يا سيدتي انت موهوبة بالفطرة ، وانا معجب بمجموعتك من القصص القصيرة، متي تستيطعين المجيء لكي نتحدث عن نشر الكتاب ، سأرسل لك دعوة رسمية ان اردت حتي تحصلين علي الفيزا من سفارتنا لديكم بسهولة، كما اني ساتكفل بالتذاكر والاقامة، لا تحملي اي هم.."
ياااااه الفيزا! طلبت منه ان يرسلها علي وجه السرعة وهي سوف توضب حقيبة سفرها من الان وتجلس بجانبها في انتظار دعوته.
كيف ستخبر عمها الان؟ ماذا عساها ان تقول؟ ثم انها لا تضمن بقائها هناك ، بل هي تعلم ومتأكدة انها ستعود بعد ان ينشر كتابها..يجب ان تعود لبيت عمها ثانية ..حتي ولو لفترة مؤقتة والتي سترتب فيها امورها اتنتقل من بيته. جائتها فكرة..
***
دخلت عليه و هو جالس في البلكونة يشرب القهوة...
"انكل صلاح.."
عمها دون ان ينظر لها:" نعم يا حبيبة، عايزة حاجة؟"
حبيبة:" كنت عايزة احكيلك علي حاجة كده ، اصلي مش عارفة اخد قرار فيها، فقلت ان انت بخبرتك هتقدر تفيدني.. انت زي بابا الله يرحمه واكيد هتعرف مصلحتي"
يبدوا ان عشرتها لمحمد علمتها كيف تسايس الناس وتعامل كل شخص علي قد دماغه..
عمها التفت اليها منتبها:" خير؟"
حبيبة:" اصل جاتلي فرصة اني اكسب فلوس كتيييير اوي، بس الموضوع ده يتطلب سفري تاني لامريكا"
عمها عاقدا حاجبيه في اهتمام:" فلوس ؟ كتير اد ايه يعني؟"
حبيبة في مبالغة وهي تفتح ذراعيها عن اخرهم قائلة كالاطفال:" كتييييييير اوي اوي يا انكل"
لم يرد بل نظر لها لكي توضح، فحكت له عن مكالمة الناشر بالتفصيل..
انتهي حوارهم الطويل وهو يربت علي كتفها قائلا:" توكلي علي الله يا بنتي ربنا يوفقك، هنصبر علي فراقك الكام يوم اللي هتسافري فيهم وترجعيلنا بالسلامة، اصلي ابتديت احس انك زي مي زدينا بالظبط"
ااااه يالنقود اللعينة التي تجعل رجل مثله المفترض انه محترم ، يبدوا بهذه الصورة امام ابنة اخيه منافق، دنيء... يوافق علي ما كان يرفض ، لمجرد انها لوحت له ببعض منها..
***
في غرفة عمها وزوجته المغلقة عليهما واثناء استعدادهما للنوم.. حكي لها عن موضوع سفر حبيبة
سامية:" سفر تاني! داحنا مصدقنا عريس رضي بيها.. دا طارق معجب بيها جدا وكانو جايين في زيارة تانية، هنقولوا ايه دلوقتي؟! خليها بأة تروح بيت عدلها .. مهما ان كان هي برضه حمل ومسئولية ومصاريف علينا .. ولونها فعلا نافعاني في البيت"
صلاح:" وهو يعني طارق هيطير، خليه مستنيها، يا سامية دي بتقول فلوس كتير.. واكيد هنول من الحب جانب ، وبعدين متقلقيش انا هكلم مع طارق، انا فعلا مشجع جدا الجوازة دي.. لانه لو اجوزها هيبقي زيتنا في دقيقنا وضامنينه، بدل ما يجي واحد من برة ، ياخد البنت بالقرشين "
سامية:" هو كلام منطقي، بس علي الاقل نقرا فتحتهم قبل ما تسافر، اهو نبقي ربطناهم ببعض بأي طريقة"
صلاح:" هكلم انا معاهافي القصة دي، خلينا نشوف.. ربنا يعملنا اللي فيه الخير"
اطفاء نور الاباجورة وانقلب ونام.
![](https://img.wattpad.com/cover/176889577-288-k637770.jpg)
أنت تقرأ
في ارض الحلم // للكاتبه منه فوزي
Romanceرواية خفيفة تدور في إطار رومانسي كوميدي عن فتاة لا ترغب في شيء من الدنيا سوي العيش علي أرض الحلم (أمريكا) في اعتقادها، و يدفعها ذلك لاخذ خطوة جريئة جدا في هذا الطريق ،و تستمر توابع تلك المجازفة في صورة احداث مشوقة جميع حقوق الملكيه للكاتبه // منه ف...