الفصل الثاني عشر (الجزء الثاني)

3K 113 2
                                    

دخلت عليهم كارلا تردتدي كالعادة ما خف وزنه وسهل خلعه.. ماهذا يا امرأة الا تشعرين بالبرد؟! وبيدها حقيبة سفر صغيرة (سنييه) لاحد المصميين المشهورين.. بالله عليك انها حقيبة سفر! كم دفعت ثمن لها؟.. ثم تري ما سبب وجودها؟ اتنوين البقاء و المبيت؟ كانت حبيبة تتأملها في حقد دفين.. ما الذي يعجبه في تلك الساقطة.. حسنا هي تعلم جيدا ما الذي يعجبه في تلك الشبيهة بـباميلا اندرسون المشهورة.. ولكنها حقا بغيضة! كيف يطيقها؟!
اندفعت كارلا داخل الحجرة لم تحي احد من الواقفين بل ارتمت علي محمد و بداءت في عاصفة القبلات اياها.. الا ان محمد ابعدها برفق قائلا:" كارلا انا مريض لا اريد ان انقل لك العدوي"
كارلا:" حسنا حبيبي لا تقلق ستتماثل للشفاء، لقد جئت لكي اعتني بك، احضرت متعلقاتي" واشارت للحقيبة.
كان ذلك فوق احتمال حبيبة فخرجت من الغرفة بهدوء وخرجت الي الحديقة تبكي غيظا، فهي قد فرمت نفسها لكي تعتني به ..قضت ليلتها بجواره لم تنم تقريبا و الساعة التي نامتها كانت في وضع الجلوس و رغم ذلك لم ترتاح لحظة ما بين محمد و البيت و المطبخ .. ثم تأتي تلك البغيضة لتعلن انها من سيعتني به؟! وهو ما رد فعله ؟! صمت ! لم يعترض! زاد بكائها اكثر.

اما كارلا فقد احتلت الموقع بجوار محمد علي السرير ، وقالت بعجرفة:" ليخبرني احد ما هو المطلوب مني الان؟" قال لها زين" ليس من المفروض ان تعلوا حرارته.. عليك ابقائها منخفضة بالكمادات؟"
قالت بتقزز:"كمادات؟!! و ما مشكلة الدواء الخافض؟ فكرة الكمادات فكرة غبية و مقرفة"
زين:" هكذا امر الطبيب لو كان الدواء كافي لما اتي علي ذكر الكمادات المقرفة!"
ثم اقترب من محمد الذي قد بداء ان يشعر بالتعب مرة اخري ووضع يده ليتحسس جبينه وقال:"اعتقد انك يجب ان تبدائي الان.. لقد بدأت في الارتفاع"
ثم ناولها طبق المياة التي تركته حبيبة بجوار السرير، لم تمد كارلا يدها لتأخذه بل ظلت تنظر له في تقزز وقالت:" انا لا استطيع فعل ذلك.. افعلها انت.. فلتوي جئت من عند صالون التجميل و قد زينت اظافري.."
لم يصدق زين ما سمع اما تيا فقد استفزها الموقف و خرجت تبحث عن حبيبة.
جلس زين في وضع صعب بجوار محمد علي كرسي محاولا وضع الكمادات ، حيث ان كارلا رفضت ان تغادر مكانها والذي هو انسب مكان بجواره يمكن منه و ضع الكمادات بيسر من دون الانحناء وتنقيط المياة في كل مكان.. تركت كارلا زين يقوم بتلك العملية بينما هي تمسك بهاتفها المحمول تقوم بالـ( تشاتينج) مع اصدقائها عبر الرسائل.. اما محمد فقد وصل لدرجة من التعب واحس انه سيفقد الوعي ثانية، فمسك يد زين وهمس في ضعف :" هيغمي علي تاني.. حبيبة .. " جري زين ونادي حبيبة التي دخلت مسرعة ، نظرت الي محمد .. يا الهي سيفقد الوعي ثانية لقد رات تلك الاعراض امس.. حسنا يجب ان تنخفض الحرارة.. المياة الباردة.. الدش..
"زين ساعدني لادخله الحمام، نحط راسه تحت المية الساقعة"
كارلا في حدة:" ماذا تقولان؟ ماذا يحدث؟" لم تتلق رد ووجدت ثلاثتهم يحاولن نقل محمد الي الحمام، نجحوا بالفعل ان يأتو بالمياة الباردة علي راسه مما افاقه قليلا..تركته حبيبة مع زين و تيا وراحت لتحدث الطبيب علي الهاتف.. امسكت الكارت الخاص به واتصلت بالرقم المكتوب، قبل ان يرد ظهرت لها فجأة كارلا وقالت بوقاحة:" اخبريني الان ماذا يحدث! ماذا تفعلون به؟" لم ترد عليها انما رمقتها شزرا و اشارت لها باصبعها علي فمها بأن تصمت، تحدثت مع الطبيب و اخبرته بما حدث و ما فعلوه.. اخبرها الطبيب ان ذلك كان تصرفا صحيحا و لكن حذرا من رأسه المبللة الا يزيد ذلك من دور البرد، كما انها يجب ان تظل بجانبه اكثر من ذلك حتي لا تصل الحرارة لذلك الارتفاع بدون ان تشعر.. كانت النصيحة الاخيرة كطعنة في قلبها.. لقد احست انها اهملت لقد تركته لتصل حرارته لذلك الارتفاع.. كله بسبب تلك التي تقف امامها الان.. وضعت السماعة بعد ان شكرت الطبيب. نظرت لكارلا وقالت:" قال الطبيب ان هناك من اهمل به و ترك حرارته ترتفع!"
كارلا:" اكيد انت من اهملت لقد جئت لتوي.. ولكن لا مشكلة الان فسأبقي لكي اتاكد من عدم اهمالك مرة اخري!" وتركتها تكاد تنفجر و دخلت الي محمد
وقفت حبيبة مبهوته من وقاحة تلك المرأة.. كيف لم تجد ما ترد عليها به؟!
كان محمد قد تحسن كثيرا بعدما غمرت المياة الباردة رأسه وايضا كان مفعول الدواء قد بداء في العمل..
ساعده زين علي الجلوس علي السرير دخلت كارلا و قفزت بجواره مرة اخري شعر محمد انه لا يطيقها.. بل هو يريد حبيبة الان ان تكون بجواره.. اين هي؟ كيف تركته و هو مريض ؟
سأل تيا:" اين حبيبة؟"
ردت تيا و هي تعلم جيدا الي اين يذهب كلامها :" لقد فضلت ان تترك كارلا لتقوم برعايتك.. فهي تظن انها اقدر منها.. هيا يا كارلا فلتضعي الكمادات"
حدقت كارلا عيناها في شر وقالت " انه ليس بحاجة لها الان ، اليس كذلك حبيبي؟" حاولت تقبيله الا انه ابتعد عنها وادار وجهه في ضيق قائلا:" كارلا قلت لكي انا مريض"
ثم عاد وسأل تيا مرة اخري:" ولكن اين هي؟ "
كارلا:" لقد سمعتها تحادث شخصا علي الهاتف، ربما هو صديقها.."
تيا:"ليس لحبيبة صديق!"
محمد:" من تحادث؟ طوني؟"
دخلت حبيبة و معها ما يسمي بالـ (ايس كاب) وهو عبارة عن غطاء للرأس من الصوف ، القته الي محمد في امتعاض وقالت بالمصري طبعا فكارلا موجودة ولابد من اغاظتها:" البس ده .. راساك مبلولة.. عشان ميزيدش البرد" وعادت لتخرج
محمد:" ايه؟ خلاص مش قادرة تسيبي التليفون ؟ كان طوني طبعا"
حبيبة:" تليفون ايه و طوني مين؟ انت سخنت تاني؟ زين قيسله الحرارة او خلي صحبته تقيسهاله؟"
محمد:" اه اي حد يقيسها..ولا ميقسهاش خالص .. منا اصلي كلب مرمي في السرير !"
لم تفهم حبيبة سر تلك النبرة، من منهم المفروض ان يغضب؟ لم هو غاضب الان؟ بأي وش اصلا؟.
لو كان ذلك الحوار بالانجليزية لرأت تيا ما بين السطور و فهمت الاسفين التي دبته كارلا بقولها ان حبيبة كانت تحدث رجلا ما. اما زين فهو كاي رجل لا يجيد قراءة ما بين السطور و قد فهم مثل محمد ان حبيبة كانت تحدث رجلا و استنتج وراءه انه كان طوني.
اما حبيبة كان ردها:" انت ايه السخونة ضربتلك دماغك؟!"
محمد :" يهمك ايه باة من دماغي مانتي سيباها تضرب وقاعدة بتكلمي الـ --- (لفظ بذيء) بتاعك في التليفون؟"
حبيبة قد بداءت تفهم قليلا, هو يظن انها كانت تحادث طوني..لم ظن ذلك؟ ولكن اعجبها بشدة غيرته الصريحة التي لم يحاول ان يداريها.. فقررت ان تشرك كارلا في الحوار بتحويله للغة الانجليزية
قالت:"مالذي جعلك تظن ذلك؟ ثم ماذا قلت لك عن استخدام الالفاظ في حوارك معي؟! ثم ارتد ذلك الايس كاب قبل اي شيء"
محمد وهو يرتديه علي رأسه:" مع من كنت تتحدثين اذا؟"
لمعت عين كارلا في تشف عندما ادركت ان الحديث المطول هو عبارة عن شجار حول مكالمة حبيبة الهاتفية.. والتي كان لها اليد في اشعالها..كيف لم تفكر ان حنق محمد الشديد لهو دليل علي غيرته؟!
حبيبة بضيق :" كنت احدث طبيبك ايها الجاحد! لأعرف كيف نتصرف حيال اغمائك!" ثم ارادت ان تقلب الطاولة علي كارلا فهي قد فهمت من نظرات كارلا المتشفية انها من قال لمحمد انها تحدث طوني فقالت:" يمكنك ان تتأكد من كارلا فهي كانت و اقفة بجواري تستمع لنصائح الدكتور و قد اخبرتها بالحرف ما قاله بعد انتهاء المكالمة.."
نظر محمد لكارلا بالستغراب:" لم قلت انها تحدث صديقها؟"
كارلا :" وان يكن! ماهمك انت بمن تحدث؟ الطبيب ام صديقها لم عليك المعرفة اساسا؟"
لم يرد عليها بل ادار وجهه وقال لحبيبة بالمصري:" حبيبة ، اسف عشان اتنرفزت، انا محتاجلك جدا.. انا تعبان اوي"
يااااااه لقد اثلج صدرها.. وكانه مسح اخر ساعة مرت بها و ما بها من غيظ و غضب.. فقالت في دلال:" محتاجلي ليه مش صحبتك اهي.. جلتلك تراعيك، وجايبة شنطتها الـ (لوي فيتون) عشان تبات جنبك"
زين :" حبيبة ..يعني مو واضح انها صارت بتفرض نفسا عليه.. "
تيا:" ماذنبي انا، اريد ان افهم" همس لها زين انه سيشرح لها لاحقا..
اما كارلا فقالت لمحمد:" اذا كنت ستمضي اللية تتحدث العربية مع اصدقائك..فاتمنيلك ليلة سعيدة!"
محمد بمنهي الهدوء و الرقة:" كارلا، انا لا اريد ان اثقل عليكي، يمكنك الذهاب الان فانا سأتتدبر اموري ، اشكرك علي الزيارة الرائعة"
استغلت كارلا الموقف و قررت ان ترحل، فقد وجدت ان لا امل في ممارسة الحب مع محمد فكلما اقتربت لتقبله اخبرها انه مريض.. ثم يبدوا انها غير مرحب بها بين اصدقائه و الظاهر ايضا انهم ينوون البقاء طويلا.. كما انها لا تريد ان تضع الكمادات و تستيقظ ليلا لتتأكد من الحرارة.. لم تظن انها ستلاقي كل ذلك عندما قررت المبيت، لذلك حملت حقيبتها الباهظة الثمن ورحلت.
بقي زين و تيا مع محمد و حبيبة لبعض الوقت ثم ذهبا كل الي بيته حيث ان لديهم عمل باكرا، رتبت حبيبة الحجرة استعدادا لقضاء اللية بجوار محمد تتابع الحرارة.. وحضرت طبق المياة و الادوية ..
جلست بجاوره تتابعه و هو يروح في النوم، كان يفتح عينينه كل دقيقتين و يبتسم لها، كانت تتنظر تلك الابتسامات .. لم يكن نائما انما متعبا.. ارهقة دور البرد بالاضافة للادوية .. قال بهدوء وبصوت نائما:" اريد ان اسالك شيئا ولا تغضبي؟"
حبيبة :" لا اعلم.. قد اغضب.. ولكن اسال علي اي حال.."
محمد:" لم اتي طوني اليوم؟"
ابتسمت وقالت" انت في ايه ولا في ايه؟ حسنا سأخبرك فقط لانك مريض..بمزاجي يعني، ولكن مازال ذلك احد خصوصياتي"
قال وهو مغمض عينيه محاولا الاسترخاء :" قولي وبلاش فلسفة!"
حبيبة:"جاء لانه افتقدني.."
محمد:" حبيب امه يا ناس!"
حبيبة ولم تخف ابتسامتها الواسعة:" اه و ايضا اخبرني ايضا عن حفل عيد ميلاد زين..صحيح لماذا اخفيته عني؟"
محمد:" لقد نسيت... لدي سؤال اخر.."
لم ترد ابتسمت فقط
قال:" لما كانت يده علي ظهرك..ماذا كان يفعل؟"
حدقت حبيبة عيناها محاولة ان تتذكر متي فعل طوني ذلك..
محمد:" انتي هتعملي عبيطة؟!.. لما انا جيت كان حاطت ايده علي ضهرك! ..ناحية كتفك كده!"
حبيبة وقد تذكرت:" اااه.. كنت بكح.. يعني شرقتِ.. حاجة زي كده.. وانت فاكر موضع ايده بالظبط؟؟؟!" "
محمد :" شرقتي! ممم.. لا الف سلامة ..انا هنام قبل ما راسي تنفجر ، تصبحي علي خير"
حبيبة وقد غلبها الضحك:" انا شايفة كدة برضه"
صمت محمد برهة ثم عاد وقال:" يعني هو طوني عاجبك؟ معجبة بيه يعني؟"
حبيبة:" نام يا محمد ربنا يشفيك..نام"
صمت وراح بالفعل في نوم عميق.. اما هي كادت ترقص فرحا كيف بدي اهتمامه بها واضحا هكذا اليوم، هو حتي لم يحاول ان يخفيه.. كم هي سعيدة، نظرت الي وجهه كم تمنت الا يشفي.. ماذا؟! ذهلت من نفسها.. ولكنها تريد ان تظل في هذا الوضع بجانبه الي الابد.. تراقبه و هو نائم وتعتني به، وتستيقظ لتراه اول ما تفتح عيناها. وضعت يدها علي جبينه واطمائنت ان حرارته عادية ثم اراحت راسها الي ظهر السرير وهي جالسة بجواره وذهبت في النوم..

في ارض الحلم // للكاتبه منه فوزيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن