الفصل العاشر

4.2K 124 0
                                    

لعبة الحقيقة ..

في الصباح ضحكت حبيبة من قلبها وشعرت بالسعادة والاثارة عندما حكت لها تيا عما حدث مع محمد الليلة السابقة.. كان وصف تيا لحالته وهو في شدة الاحراج مضحك جدا... قالت حبيبة "يستاهل" ثم ترجمتها لتيا... فبعدان كان مع تلك المنحلة الشقراء وعدم اهتمامه بموعد عودتها للبيت، تملكه القلق عليها بل انه خرج ليبحث عنها، وكانها انتقمت منه علي ذلك المنظر الذي اضطرها لرؤيته سهوا منه، لقد ضايقها المنظر بحق علي جميع المستويات، فهي غير معتادة علي رؤية تلك المناظر، ثم ايضا نستطيع ان نقول انها غارت قليلا، ليس غيرة بالمعني المفهوم..بل لانها معجبة به الي حد ما وتراه وسيما وظريفا ولذلك تصعب رؤيته مع اخري.. فهي هكذا دائما تعجب بشخص فيطلب الخروج معها ، فترفضه ثم تبكي بكاء حارقا اذا رأته مع اخري..ولكن ما اسعدها حقا واثلج صدرها، هو ظنه انها تمضي اليلة عند شاب ما...فهي تريد ان تثبت تلك المعلومة في رأسه..هي حرة ولديها كل الخيارت ومنها ان تختار المكان الذي تنام فيه حتي وان كان مع شاب اخر، فهو لا شأن له بها.
ارتد ملابسها التي كانت ترتديها امس وركبت مع تيا سياراتها التي اوصلتها لمحل القهوة التي تعمل به، وودعتها واتفقتا علي اللقاء مساء.
****
لم يستطع مو الاستيقاظ في موعده بالطبع، بعث برسالة الي محمول مديره تفيد بغيابه اليوم، كان متأكد ان ذلك سيثير عجب مديره بشدة، فمحمد ملتزم جدا بعمله و بمواعيده ولم يتغيب ابدا واخر اجازة اخذها كانت الشتاء الماضي عندما اصيب بدور برد شديد. تزوج لمجرد اسبوع وبداءت المرأة تغير حياته! ابتسم لتلك الدعابة التي اطلقها في رأسه. تذكر احداث اليوم السابق فضرب بيده علي رأسه... شعر انه احمق من النوع الكبير... كيف يصحح منظره الذي اصبح (عِرّة) امام تيا وحبيبة ، وخاصة حبيبة... كيف يفسر لها زيارة ما بعد منتصف الليل وسؤاله الغريب... ايستخدم مبرر القلق؟ ستثور عليه رئيسة جمعية (بلا قيد) وتقول له انه ليس من شأنه ان يقلق عليها. لماذا يحمل هم ثورتها عليه هكذا؟ بغض النظر عن ما فعله من تصرفات حمقاء الا ان ما فعلته هي ايضا لم يكن قمة الصح..فعندما يقرر شخص الا يعود يجب ان يخبر الاخر من باب العلم، بحيث اذا حدث لاحدهم مكروه يستطيع الاخر ان يتصرف... سيقول لها هذا... ثم ما هذا الخوف من ثورتها؟ هديها علي دماغها..
لم يستطع الانتظار حتي تعود من عملها بل ذهب هو اليها.. كان يراها من واجهة المحل الزجاجية تتحدث الي احد الزبائن بلطف..تبدو جميلة في زي العمل وتلك القبعة الرياضية التي ترديها... دخل الي المحل ، فزعت حين راته ظنا منها ان يكون حدث مكروها يخص ادارة شؤون المهاجرين، فتركت مكانها وذهبت اليه مذعورة وقالت "في ايه؟ حد من الادارة كلمك؟"
محمد:"لا ..لاتقلقي ، جئت اوضح شيئا..."
تنفست الصعداء ورجعت مكانها خلف الطاولة الكبيرة.
حبيبة:" تشرب حاجة؟"
محمد:"لاتيه"
جلس امامها علي ما يسمي بالبار (غير انه ليس بار للمشروبات المسكرة) ، وبداء يتكلم وهي تحضر المشروب وتستمع في اهتمام...
محمد:"لدي اضافة واحدة جديدة علي ماسبق واتفقنا عليه"
لم تشعر حبيبة بارتياح... تري ماذا سيطلب الان... فكان سؤالها بنغمة هجومية بعض الشيء :" اي اضافة؟؟؟"
محمد بالمصري:" لما حد فينا يكون هيبات برة او هيسافر .. يقول للتاني "
حبيبة بنفس النغمة وبنظرة معترضة:"ليه؟!"
محمد:"علشان ميحصلش ذي امبارح! انا مكنش عارف اعمل ايه؟ انساكي وادخل انام، ولا ابلغ البوليس يدور عليكي..لوكنت قلتي انك بايتة برة ايا كان فين ...دي طبعا حاجة تخصك..كنت نمت انا بدري وعرفت اروح شغلي انهاردة"
كان يعتقد ان ذلك الاسلوب سيمس تلك الارتيكاريا التي تسمي (حريتي الشخصية) وسيبهرها ويجعلها تشعر ان كلامه حِكَم. الا انها فاجائته برد فعل مختلف تماما..
قالت ومازالت مستنكرة بشدة وطبعا بالانجليزية:" اذن فهو خطئي انا اني لم اخبرك ان سأبيت خارج المنزل لاني لما دخلته وجدتك انت والشقراء علي الكنبة؟؟ّّ!!! كم هذا نموذجي!"
محمد:" يا حبيبة لا تجعلي من الموضوع قضية نسائية...انا فقط اقول...لا ...بل اولا انا اعتذر... انا اسف حقا انك رأيتي ذلك المنظر... فهذا خطئي انا واؤكد لكي انه لن يحدث ابدا ثانيةً"
كان يتكلم بصدق شديد وقد وصلت لحبيبة مشاعره الصادقة واسفه
ثم اكمل:"ما اقوله الان هو..اذهبي اينما شئت لا صالح لي وانما فقط اخبرني يوم ان تقرري انك لن تعودي... ففي حالة ان لم تخبريني بشيء ولم تعودي ..اتصلت انا بالشرطة للبحث عنك ..لان ذلك يعني انك في مشكلة ما.. افهمتي؟"
كالعادة كانت حبيبة موافقة علي ما يقول وتعرف ان معه كل الحق ، فحتي جيران العمارة الوحدة اذا تغيب احدهم اكثر من يوم دون معرفة مكانه ابلغوا عنه انه مفقود. ولكنها ترفض تماما الانصياع... ترفض الموافقة علي ما يقول... ترفض ان تخبره عن مكانها... هو ليس ابوها، وليس اخوها، وليس زوجها... وليس ... حسنا.. نعم هو زوجها، ولكن ليس بهذه الصلاحيات!
ردت عليه ببرود بدون ان تنظر له متظاهرة بالانشغال:" حسنا ...سأحاول.. ان تذكرت.."
تلك الاجابة السخيفة كانت كافية بالنسبة له فهو يعلم انها اقتنعت ولكنها لن تصرح بذلك ، ادرك انها عنيدة وصعبة المراس ...ولكن علي مين وهو يعرف كيف يلين الحجر..
قال بمنتهي الادب:" انا عن نفسي سوف اطلعك او باول اذا ما كنت سأبيت خارجا او ساتأخر"
ردت في برود ومازالت متظاهرة انها مشغولة:" نعم... اياكان.. لا يهمني"
ولكنها عادت لتقول بنبرة حادة :"اسمع.. انا لا يهمني اين تنام او مع من، طالما انه ليس امام عيني، لان بالفعل لقد اذيت عيناي بشدة"
اشار بيده بحركة تمثيلة واضعا يده علي قلبه بمعني اعدك ومشي بضع خطوات بظهره ناظرا لها ، ولكي يستفزها وضع سبابته علي فمه وقبلها ثم قلب سبابته في الهواء وكأنه يرسل لها القبلة...ثم استدار وخرج ، ضيقت عيناها وكشرت له وكان فاضل تقوله (سم كده!)
برغم مما ابدت من عدم تقبل الا انها كادت تضحك ، كان يعجبها الاحداث الدائرة عموما ، تتسلي وتستمتع بكل ما يحدث، منذ ان بداء الاسبوع وكل يوم به حدث مثير برغم من بعض المضايقات البسيطة الا انها تقضي وقت ممتع في بيته ..كان يعجبها مو ولكن هي تعرف نفسها.. كثيرا ما تعجب بشباب لوسامتهم ثم تنساهم بسرعة... ولكن هذا كيف تنساه وهو امامها الاربع و العشرون ساعة... كانت تريد ان ياتي الاسبوع القادم حيث تعود ورديته مسائية فلا تقابله ولا تحمل هم تلك الافكار. هل فعلا تريد ذلك؟؟ لم تعد تعرف ..
عندما عادت حبيبة ولم تجد محمد انتهزت الفرصة واتصلت بتيا لتحكي لها عما حدث اليوم ، قالت لها تيا": لقد بداء يهتم بك .."
حبيبة:" تقصدين انه بداء يمارس دوره الطبيعي وهو السيطرة"
تيا:" ايا كان ما تسميه، ولكنه بداء شيئا... اشعر به .. سأحدثك لاحقا حبيبتي، يجب ان اذهب الان ..وداعا"
قامت واغتسلت واكلت ولم تنس ان تترك له طبقا.. فهي الان لم تعد تستطيع ان تعد طعاما لنفسها فقط، كانت لتشعر بالانانية، لم تعرف ماذا تسمي ذلك... لعله كرم المصرين.. جدعنة ولاد البلد.. بيصعب عليها...ايا كان فوجبات محمد اصبحت الان من اختصاصها.
نامت قليلا وعندما استيقظت وجدته في غرفة المعيشة ، شكرها علي الطعام ابتسمت في غتاتة ، قررت الخروج مع الاصدقاء وامسكت الهاتف فرن في يدها، ردت عليه كرد فعل تلقائي" نعم؟"
اتاها صوت انثوي:" هالو..ممم.. انا اسفة يبدو اني اتصلت خطأ ..اذلك منزل محمد؟"
حبيبة:" اجل ، الرقم ليس خطأ..لحظة سأناديه..من يتحدث؟"
الصوت:"انا كارلا...وانتِ؟"
بالطبع لم يعجب حبيبة اللهجة ولكنها اثرت عدم اثارة المشاكل:" انا مجرد صديقة..انتظري لحظة"
كان محمد بجوارها وقد تسمر مكانه عندما ادرك ان الكالمة له...تري اهي احدي صديقاته؟ ماذا سيقول عن حبيبة؟..استعد نفسيا لحوار مطول في هذا الشأن ومد يده ليأخذ السماعة.
سألته حبيبة في فضول وخبث وهي تكتم السماعة بيدها:" اهي الشقراء؟...قالت لي اسمها كارلا... هي؟"
نزع منها السماعة وكتم الصوت بيده قائلا وهو يدفعها باليد الاخري لتنهض من علي الاريكة: " ماذا عن الخصوصية؟!"
ثم رد علي كارلا:" هاي كارلا حبي" واشار بيده لحبيبة لكي تغادر المكان..فقامت لتدخل حجرتها فعاد وسألها وضاعا يده علي السماعة مرة اخري:" استبقين ام تخرجين؟" اجابت "سأبقي" ودخلت.
اذا كانت هي قد قررت بالفعل الخروج وكانت ستتصل بتيا لتصحبها، لم قالت له انها ستبقي... لم تعد تفهم نفسها ولا تجد تفسيرا لتصرفاتها الغريبة وليدة اللحظة... والتي من ضمنها انها تحاول الان التصنت عليه!
سمعته يقول لها مؤكدا:" كارلا صغيرتي... انها مجرد صديقة من مصر..."
"ليس لديها مكان للمبيت.." ، "ستبقي فترة حتي ترتب امورها وتستقر في مكان مناسب.."
كانت تلك الردود طبعا توضح الاسئلة التي سبقتها، صمت قليلا يستمع ثم قال:"لا..لم تكن صديقتي الحميمة ابدا في اي وقت في الماضي....لا لم انم معها ابدا"
وفجأة اخفض صوته ولكن حبيبة انصتت اكثر لتسمع وقال:" كارلا لو كنت مكانك لما شغلت تفكيري بتلك الفتاة اصلا...فهي ليست حتي في نصف اثارتك وجمالك...انها بمثابة صديق بالنسبة لي .. مثل زين.. مجرد صديقة كما قلت لك بلا اي اغراض اخري"
كادت حبيبة ان تدق الحائط وتخرج يدها لتاتي به من زمارة رقبته...كيف يقول ذلك عنها...لقد كرهته في تلك اللحظة..قررت ان تنهي ذلك الزواج الان... ستجمع متعلقاتها وتذهب لتيا..بلاهة الفيزا.. صمتت لمدة سبع ثوان بالضبط ثم شعرت بقمة التفاهة، هل هي فعلا بلهاء الي هذه الدرجة؟ ما كل هذا الانفعال ؟ لقد صارت فعلا لا تعرف نفسها...لم كل ذلك؟ لانه قال ذلك عنها لتلك الساقطة التي يصاحبها..وما همها هي برأيه.. فليذهب للجحيم هو وكل صديقاته!.
برغم من ان اي طفل ساذج استرق السمع مثلها لتلك المكالمة، لميز بوضوح ان ما قاله محمد مجرد امتصاص لعاصفة رعدية قد تقيمها كارلا عليه..اي نعم حبيبة ليست في جمال كارلا ومحمد لم يكن يكذب، ولكن الحقيقة ان لا مجال للمقارنة... فاي شخص قد يفتن بكارلا وجماها وانوثتها ولكن هي بالفعل ما ينطبق عليه مثل:"الحلاوة حلاوة الروح" فهي ما ن تفتح فمها لتتحدث ، يشعر بالنفور..ليست من الشخصيات المحببة .. كما انها وقحة سليطة اللسان.
خرجت حبيبة الي غرفة المعيشة بعد ان انهي هو المكالمة واتصلت بيتا لتأتي لتمضية بعض الوقت بالمنزل ولا مانع من حضور باقي الاصدقاء، هكذا قالت ذلك امامه وكأنها تغيظه.قامت دون ان توجه له كلمة او حتي نظرة وقد اعتلي وجهها البوز المصري الشهير.
وكعادة اي رجل، لم يتبين هو المشكلة، كل مارأه ان هناك ما يعكر دمها ويجعلها تبوز، كان يتعجب دائما من القدرة المذهلة التي مُنحت للفتيات في قلب تلك الشفاة ومدها للامام بصورة عجيبة، لدرجة انها اذا دخلت مكان سبقتها شفاها بخمس دقائق.. وخاصة المصريات ، خاصية النكد لديهن تستحق جائزة نوبل. لذا لم يعرها اهتماما فهو من دون كل الصفات وكأي رجل يكره النكد و البوز بغض النظر ان كان هو سببه ام لا.. ام لعلها موعد تلك الايام في الشهر والتي تتخذها الفتيات حجة ليكن مجنونات،عصبيات ، وغاضبات.
ظلت بحجرتها الي ان ملت فقررت الخروج وانتظار الاصدقاء في الحديقة، القت عليه نظرة جانبية وقد كان مازال جالسا يتابع التلفاز...فاحب ان يستظرف فقال :" لقد علمت بقدومك قبل ان تأتي، لقد سبقتك شفتيك الي الحجرة؟ " واطلق ضحكة طفولية خبيثة.. كان يعلم انها لن تضحك وربما ردت عليه رد حاد لكنه اراد ان ينكشها. ولكن ما حدث انها لم ترد عليه وحاولت كتم الضحك ولكنها لم تتمالك نفسها انفجرت قبل ان تخرج من الباب، لقد اعجبتها جدا النكتة، نظرت له وهي تضحك وجدته سعيدا جدا انه اضحكها ، تماما كالطفل الذي يحاول ان يثير اهتمام امه. فقالت له :"مش معني ان انا بضحك ، انك ظريف..انا اللي بضحك علي اي تفاهة" واستدارت لتخرج . ولكنها رات تلك الشقراء التي رأتها امس معه علي الاريكة توقف سيارتها فقالت:" مش دي صاحبتك بتاعة امبارح؟" انتفض محمد واقفا ونظر بدوره من الزجاج، ورأها قادمة نحوهم عبر الحديقة، لما وجدت حبيبة علامات التوتر علي وجهه قالت:" الم اقل لك اني سأبقي هنا؟ لم اخبرتها ان تأتي؟"
محمد:"اقسم اني لم افعل؟" ثم وجد انه ليس بحاجة لتبرير موقفه فعاد وقال:" وحتي ان فعلت! طالما انك لن تشاهدي منظرا مثل امس، ليس من شانك شيء..فقط التزمي بقصة (مجرد اصدقاء) امامها"
اذن فهذه هي كارلا التي اتصلت منذ قليل، لعلها اتت لتري الـ"مجرد صديقة" ، لتتأكد انها فعلا ليست حتي بنصف جمالها كما قال محمد، وانه لا يكذب عليها. شعرت حبيبة بقمة الغيظ فهي عندما رأتها ورأت ما هي عليه من جمال وانوثة طاغية ، يالهول! لقد جاملها محمد عندما قال نصف جمالها فهي لا تصل حتي الي الربع جمالا واثارة وحتي طولا، كتر خيره والله...

عندما وصلت كارلا للباب هجمت علي محمد ثم امطرته بقبلاتها للمرة الثانية، ثم نظرت لحبيبة التي اشاحت بوجهها احراجا وخجلا وغيظا وقالت:"هاي...انا كارلا، اعتقد اننا تحدثنا منذ قليل علي الهاتف" ومدت يدها . التقتت حبيبة يدها وقالت :"نعم...انا حبيبة صديقة محمد من مصر...اهلا بك"، لبتسمت لهل كارلا ابتسامة صفراء ثم عادت لتقبل محمد قبلة طويلة كنوع من اثبات الملكية ووضع اليد.. وما كان من حبيبة الا ان تركتهم بسرعة ودخلت.. كادت ان تطلق سبة بصوت عالي.. لما عليها رؤية تلك الناظر؟! تمالكت نفسها وجلست تنفخ اما التلفاز .. احست ان ساعة قد مضت وهم مازالا بالخارج...يبدوا ان القبلة طويلة جدا... ربما ماتو اثناء القبلة.. نفذت انفاسهم قبل ان تنتهي القبلة فاختنقا ..او لعلها شفطته كله داخلها عن طريق الفم... انها حقا ساقطة! دخل محمد وكارلا والحقيقة انهم دخلوا بعد حبيبة بدقيقة وانضموا لها ..قالت حبيبة بالمصري(إحلو المصري دلوقتي!): " مش هتخرجوا ؟ انا اصحابي جايين"
قالت لها كارلا:" حبيبي، ماذا تقولين؟ انا لا افهم العربية"
اجابتها حبيبة بابتسامة صفراء تمتد لما بين اذنيها كاشفة عن اسنان تتمني تنغرس في رقبة كارلا الطويلة الناصعة البياض" انه حبيبة وليس حبيبي...وكنت اتسائل عن مخططاتكم، حيث انتظر بعض الاصدقاء"
ردت عليها كارلا بابتسامة اوسع واسنان اكبر بالاضافة الي طريقة مائعة:" اسفة.. ظننت ان اسمك حبيبي انت ايضا.. فهو بعد ان علمني محمد معناه بالعربية ، صار اسم الدلع الذي يطلقه علي.. اما بالنسبة لمخططنا لليوم ... لقد مريت هنا بلا مخطط معين ولكني غير مرتدية ملابس تصلح للخروج.. فلا مانع عندي من البقاء هنا معك انت واصدقائك.. سنحظي بوقت لطيف..يمكننا نفعل شيء مسل.." ثم صفقت بيدها في حماس وقالت:"ماذا عن فيلما لطيفا..."
كل ما قالته اثار غيظ حبيبة من اول حرف حتي اخر حرف متضمنا التصفيقة..ثم ماذاقالت عن الملابس؟؟ ان ما ترتديه لا يصلح للخروج من غرفة النوم، ناهيك عن خارج المنزل.. لم تستطع ان تعرف او تجزم بالضبط ما الذي اغاظها بالتحديد، ولكنها في النهاية رأت ان وجودهم امام اعينها احسن من تظل تخمن اين ذهبا و ماذا فعلا..
محمد كان متفرجا اثناء ذلك الحديث الانثوي اللطيف المليء بالابتسمات العريضة والاسنان.. خبرته الواسعة بالنساء جعلته يري في حديثهم ما قد يغفله معظم الرجال ، ويقراء (او يسمع ان صح التعبير) ما بين السطور، فقد استشف من ذلك الحوار معركة خفية من تحت لتحت بينهن، لذا فضل هو ايضا ان يبقي فقد كان شغوفا لمتابعة تلك المعركة والي صالح من ستنتهي..حتي الان حبيبة هي الخاسرة ويبدوا ذلك علي قدمها التي لا تكف عن الحركة في توتر وشفتيها التي تمزقت من كثرة ما عضت عليها اسنانها.. كانت دائما تلك المواقف تثير عجبه... فالرجل اذا غضب من اخر ضربه، هكذا بوضوح.. اما النساء فهن خبيرات التلاعب ورمي الكلمات والكيد.. ولكن وسط كل هذا وجد احساسا من السعادة يتسرب اليه..لم دخلت حبيبة تلك المعركة مع كارلا، فكارلا موقفها مفهوم هي هنا لتعلن لكل من سولت له نفسه وظن ان محمد لا يخص احد ،انه يخصها هي.. اما حبيبة ما دخلها ؟ اتغار عليه من كارلا؟ زاده ذلك الظن سعادة وتمني صحته بشدة... وبقي ولم يخرج خصيصا ليكتشف.. كما ان هناك طبعا سبب اخر ه وهو انه يريد ان يري هؤلاء الذين تدعوهم حبيبة "بالاصدقاء" القادمين الي بيته.
فجلس محتضنا كتف كارلا علي الاريكة يرمق حبيبة ،التي تجلس علي الاريكة المقابلة تاكل في نفسها، نظرات باردة ليزيد من غيظها، ممنيا نفسه بامسية مسلية الي اقصي حد.
"من حفر حفرة لاخيه وقع فيها"...لم يدرس محمد هذا المثل في المدرسة كسائرتلاميذ الشعب المصري الذين صموا وحفظوا كتاب القراءة ، فقد تعلم بالمدارس الامريكية... ليته درسه...
حضرت تيا وقد اخبرت حبيبة ان باقي "الاصدقاء " كلهم مشغولون الليلة ولن يأتوا.. مما اسعد محمد جدا فلن يوجد اي شيء الان يعكر صفو امسيته الشيقة..
"ما طار طيرا وارتفع ، الا كما طار وقع" مثل اخر لم يدرسه محمد...
رن هاتفه المحمول ، كان زين المتصل يخبره انه خارج منزل محمد الان ينتظره ليفعلا معا اي شيء فهو بشعر بملل شديد ..
محمد:" لا ..فلتدخل انت.. انا معي كارلا بالبيت؟"
زين:" شو؟؟ كيف يعني؟..شو بيجي اعمل معكن؟!..هل جننت يا رجل؟..ودعا"
محمد موضحا:" لا انتظر.. وايضا حبيبة وتيا... لسنا وحدنا"
تحمس زين للفكرة فهو يحب حبيبة ويستمتع بصحبته معا..ومنتهي امله ان يواعد تيا ، كما ان وجود كارلا لهو امر جيد فاحدي هوياته هي ان يمتع نظره بمفاتنها التي لا تخفيها الملابس..
فرد عليه بحماس :" حسنا انا داخل الان..طوني معي ايضا" واغلق الخط
كان محمد لا يصدق اذنه التي سمعت ذلك الخبر عن طوني... لقد تحمطت كل اماله في تلك الامسية الظريفة... لقد اصابه التوتر من طوني قبل حتي ان يدخل. ها قد بداء النكد..
دخل طوني وزين ..حياهم الجميع .. وكل من لا يعرف شخص عرفه عليه الاخرين حتي بداء الجميع في الاندماج في شتي الاحاديث ، لم تكن سيئة البداية كما كان محمد وحبيبة متوقعان كل مع نفسه.. فكان هناك مرح في الجواء حيث ان زين كان يبذل اقصي جهده ليكون ظريفا و مضحكا لكي يبهر تيا فكان يطلق عشرات النكات في نفس الثانية ويفجر ضحك الجميع.. ويبدوا ان تيا لاحظت اهتمامه بها.. لم تصده بل اعطته المتسع من المساحة ليتقدم اكثر فهو يعجبها..زين شاب مرح جدا وسيم الي حد ما ، طيب القلب ورجل في المواقف التي تحتاج لذلك.. وكان ذلك اكثر ما يعجبها فيه فهي رأت كم كان مسئولا ومتعاونا اثناء كل اجراءات و تعاملات زواج محمد وحبيبة وكذلك اثناء انتقال حبيبة.. كما انه خفيف الدم ويحاول ان يبهرها بأي وسيلة كطفل صغير..ثم ان حبيبة تعزه جدا ، وهي تثق بحكم صديقتها علي الناس.
لم تنس كارلا معركتها مع حبيبة ، ولكنها اجلتها قليلا حيث ان الجو لا يسمح الان ، كما انها هي التي تجلس في احضان محمد الان كما هو واضح للجميع.
محمد كذلك عندما وجد كارلا قد هدائت وكذلك حبيبة اتلهت مع تيا وزين فقد نسي امر المعكرة الخيفة المثيرة وبداء في الاندماج في جو المرح ..
اما حبيبة لم تنس شيئا فمازال وجود كارلا يسبب لها ضيق نفس ، وكانها قد شفطت الهواء من الحجرة، تظاهرت بانشغالها مع تيا و اهتمامها بنكت زين..بالاضافة الي طوني الذي لم يتحرك من جانبها .
طوني كان مضحكا ولكن باسلوب اخر، فهو ابعد ما يكون عن خفيف الدم، ربما يكون وسيم بملامحه الايطالية المنمنمة وشعره الحريري، وقد يكون طويل ومفتول العضلات..الا ان حس الفكاهة عنده دهسه قطارا..
كما انه كثير التسبيل والتنهيد والنحنحنة..كأنه قادم من فيلم رومانسي كلاسيكي. وكل تلك الرومانسية كانت تنصب صبا فوق رأس حبيبة، لقد كان معجب بها بشدة، لما وجدها بمكان جلس بجوارها وتحدث همسا في اذنها، كان يتغزل فيها ويقول لها عبارات المديح في ملابسها ..في شعرها.. في عينيها.. والحق يقال حبيبة كانت مستمتعة بالمديح والغزل وربما الطريقة نفسها... فهذا الهيام الذي يليق بروميو يعجبها ، الا ان طوني نفسه لم يكن ابدا الطراز الذي تفضله، حاولت ان تشغل نفسها عن محمد وكارلا بطوني، فكانت تبتسم وتشكره في رقة وخجل.
حاول محمد ان يتحاشي النظر الي طوني وهو يحدث حبيبة ، لم عليه ان ينظر؟ لا شأن له .. ليس عليه ان يشاهد طوني وهو يقترب منها... يهمس لها.. يكاد يلصق فمه باذنها .. ولم تبتسم هي؟ ايعجبها مايقول؟ ماذا يقول لها ذلك السافل؟ زاد عن حده! نجح بصعوبة في ان يشيح بوجهه بعيدا بعد ان شعر ان ضربات قلبه قد تسارعت..ذكر نفسه ان لا شأن له، حبيبة ليست زوجته فعلا.. ولا يوجد ما يستدعي ان يثور الي كرامته.. احقا كرامته هي ما زادت من دقات قلبه؟! حاول الانشغال بكارلا وقد نجح الي حد ما، فكارلا قادرة علي ان تشغل بلد بأكمله.
فجأة صاحت تيا:" لنلعب لعبة الحقيقة.." وافق الجميع فاللعبة معروفة ومسلية ودائما تنقلب الي مضحكة جدا.. كانت قوانينها بسيطة وهي ان كل شخص بدوره يسأل سؤال وعلي الكل الموجودين الاجابة عنه حتي الشخص نفسه..ومن لا يرغب في الاجابة؛ يحكم عليه الباقون حكما عليه تنفيذه او يجيب علي السؤال.
كان جميعهم يجلسون فوق المقاعد، الا طوني فقد جلس علي الارض امام قدمي حبيبة وطبق "الناتشوز" الموجود علي الطاولة.
وهكذا نظم زين اللعبة:"سيسأل طوني اولا ومحمد سيجيب اولا ثم كارلا بعده وهكذا يمشي الدور..هيا يا طوني ابداء"
فكر طوني قليلا ثم لمعت عيناه وقال بخبث لمحمد:" متي فقدت عذريتك؟" واطلق ضحكة بلهاء
صدمت حبيبة من السؤال وقالت:" لا..لا.. اي اسئلة هذه؟! لا اسمح انا بسؤال كهذا" عارضها الجميع حتي تيا التي قالت لها مداعبة:" حبيبة ..متي ستصبحين فتاة كبيرة تناقش مواضيع الكبار؟"
وقال زين:" ان كان لديك اعتراض ابقيه لحين دورك..وساعتها سنحكم عليكي"
صمتت حبيبة ولكن غير راضية ، غير انها كانت متحمسة لتعرف تلك المعلومة عن محمد الذي اجاب :" اممم حسنا..لا اذكر متي بالضبط ولكني متاكد انها بعد وفاة ابي ، كنت غاضب بشدة من موته .. فرحت افعل اشياء غريبة علي عكس ما رباني هو وكان ذلك من ضمنها..الا انها كانت فقط البداية" وضحك ساخرا، فنظرت حبيبة مستنكرة قالت:" وانت فخور بذلك؟!"
رد عليها:" كلنا لدينا اخطائنا" صمتت ولم يعجبها ايضا.
زين:"كارلا دورك في الاجابة.."
كارلا:"طبعا لا اذكر.. ولكن قبل الرابعة عشر انا متأكدة"
اطلق طوني وزين اصواتا كالذئاب وتأوهات علي غرار اووووووووووه بينما ضحك الباقون..
ثم نظر الجميع الي زين فقد كان دوره و الذي قال"هذا اول شيء فعلته عندما اتيت الي الولايات المتحدة الامريكية حفظها الله ، كنت في السادسة عشر"
اما تيا فقالت:" كان ذلك في الثامنة عشر بعد ان انتقلت من منذل ابواي لقد كانا محافظين ومتدينين ويذهبان للكنيسة باستمرار ،و لم يكن يسمح لي اساسا ان يكون لي صديق حميم قبل السادسة عشر.."
كان دور حبيبة والتي قالت:"لن ارد طبعا علي سؤال كهذا.. هذا ليس من شأن احد ان يعرفه"
كان طوني و محمد كل علي حده في قمة التشوق لمعرفة اجابتها وكان ردها هو قمة الاحباط لطوني وقمة الغيظ لمحمد.. لم لم تجيب ماذا تخفي؟! يجب ان اعرف!.
فقال لزين :" قل لها ان تجيب يا زين .. اخبرها بقوانين االعبة"
زين:" حبيبة ان لم تجيبي سنختار حكما صعبا جدا ويجب ان تنفذيه.. مرة احد اصدقائنا لم يجب فاجبرناه ان يأكل صرصورا"
نهره الجميع علي كلامه المقرف.
ترددت حبيبة ثم قالت بصوت خفيض متردد :"انا لم افقدها بعد.."
تلقت حبيبة مجموعة مختلفة من ردود الافعال كلهم في ان واحد..
تيا:"لا يمكن..كيف لم يحدث ان ذكرت لي ذلك من قبل..حفظك الله يا فتاة..انت قديسة؟"
طوني:"ماذا؟! انت فتاة احلامي! .. لطالما اردت في التي ساتزوجها ان اكون اول شخص يلمسها؟
كارلا:" واو ..يا فتاة انت مكافحة حقا..كيف تمكنت من العيش هكذا كل هذا الوقت؟"
زين:" يحرسك الله يا صبية .. هيك بتكون بنت وطني"
محمد ولكن بعد لحظة صمت يحمد الله فيها انه لم يسمع شيئا اخر قد كان ليصيبه بجلطة :"اكيد يعني.. هو كان ممكن اصلا يبقي حاجة تانية؟..دانا كنت وأدتك في الجنينة برة"
اعلن كارلا بوضوح انها لا تحب ان يتحدث محمد بالعربية لانها لا تفهما
فقالت حبيبة لتيا:" ولم قد يأتي ذكر شيئا كهذا؟"
ولطوني وهي تربت علي رأسه:" طوني يا حبيبي انا مسلمة ،ولن نتزوج ابدا، ابحث عن عذرائك في مكان اخر"
ثم قالت لمحمد بالمصري وقد سمعت ما قالته كارلا للتو:"توءد مين؟!! انت فاكرني مراتك بجد ولا ايه؟ متخلنيش افضحك قدام القطة الحلوة اللي جنبك دي" ثم غمزت له ..
كانت تدري جيدا ان كارلا ستغضب جدا لانها لم تفهم سر الغمزة، وبالفعل بدا علي وجه كارلا الغضب الا انها صمتت مما يعني انه "بترقدلها"!
كان دور طوني في الاجابة ظل يتحدث كثيرا ويعتذر اكثر لحبيبة انه لم يحافظ علي نفسه من اجلها كما فعلت هي،و عن انها فتاة احلامه التي يحلم بان يتزوجها والتي لم يمسها احد قبله فيعلمها هو كل فنون الحب و...
قاطعه محمد في ملل:" طوني اعفنا من قصيدة الشعر ، نريد ان نلعب! افهم! حبيبة لن تتزجك ابدا فهي مسلممممممة... فكف عن قول ذلك"
كارلا:" وانت ايضا يا محمد كف عن المقاطعة نريد ان نلعب..انه دور (حبيبة العذراء لتسأل"
حبيبة بالابتسامة والاسنان اياهم:" شكرا علي اللقب يا كارلا... لو اخترنا الالقاب بناء علي درجة العذرية لاصبحت انا بالفعل (حبيبة العذراء) وانت (كارلا الساقطة)" ثم ضحكت وكانها تمزح معها فضحك الباقون. (وجون.. وجون.. وجووون الكورة الان في ملعب كارلا بعد الهدف الرائع الذي مزع شباك مرماها) اكتفت كارلا بالابتسام .. فهي سترد القظيفة تلك بابشع منها.
كان الان دور حبيبة في السؤال قالت في رقة :" ساسأل سؤال رومانسي.. سيعجبك يا طوني... هل قابلت حب حياتك؟"
طوني :" اووه ، اعجبني بالفعل.. سأرد انا اولا... اشعر به يقترب مني... قادما نحوي من ناحية الاريكة" واشار الي حبيبة .
خبطته حبيبة علي رأسه فهي اقرب شيء اليها، فهو كما يقال حرفبا جالسا تحت قدميها علي الارض وقالت بالمصري:"يابني فوق باة فوووق بأة"
ثم ردت هي علي السؤال قائلة:" انا اؤمن ان الحب هو كمياء..تجاذب كميائي بين شخصين"
محمد:" ايعني ذلك ان اذا كان هناك توافق كميائي بينك مثلا وبين زين ، فانتم متحابان؟!"
حبيبة :" لا اقصد هذا النوع من التوافق.. انا اعني النوع الذي يجعلك تنظر في عينا الاخر محاولا ان تفهمه و ترغب في ان تدخل الي عقله .. فيبادلك الشعور .. وفجاة تجد نفسك فعلا بداخله تفهمه كليا من رأسه الي قدميه ، تري من خلاله، وتعشق ما تراه... انه ذلك الانجذاب المصحوب بالتفاهم ..هذا هو الحب بنظري"
كارلا بملل:" حسنا..فلنلعب! دورك يا تيا"
محمد:" لحظة يا كارلا..حبيبة اين الاجابة في وسط كل هذه الثرثرة؟ اقابلت ذلك الحب ام الا؟"
حبيبة بمنتهي الرزالة:"لا! ... دورك يا تيا"
تيا:" انا اتفق مع حبيبة .. الحب هو كمياء ولا ..لم اجد من تتجاذب كميائي معه"
زين متصنع الذهول:" اطلاقا؟! ولا حتي ذرة ايونية واحدة جذبتك؟" مشيرا الي نفسه
ابتمست تيا في دلال ولم ترد.
اما زين فكان رده علي السؤال:" انا مثل صديقي طوني ، اشعر بالحب قادما نحوي من هنا ايضا"واشار حيث تجلس تيا بجوار حبيبة.
فقالت حبيبة ضاحكة :" من نفس المكان ؟..اتمني الا يتصادام حبك وحبه معا في حادث اليم قبل الوصول اليكما"
كارلا ردت علي السؤال قائلة:" انا لا اؤمن بهذا الهراء..بالنسبة لي الحب الوحيد هو الحب الموجود في كلمة"ممارسة الحب" هذا هو ما يهم حقا... وردا علي السؤال .. نعم قابلته.. فحلي الذي يجلس في احضاني "
ثم قبلت محمد قبلة اخري من النوع الذي يتوفون اثناءه، مما جعل الجميع يصيحون ويصفقون ويعوون.
ماعدا حبيبة .. شعرت بالغثيان كانت ترغب في التقييء..اخفت مشاعرها بصعوبة ولكن صديقتها التي صارت تعرفها عن ظهر قلب، احست بها .. اقتربت منها وقالت همسا:" يمكنك ان تثيري غيرته انت ايضا.. لديك طوني .. وسيم وهائما فيك طوال الوقت"
حبيبة:" انا لا اغار عليه ..بل ان مناظر القبل المائعة هذه تضايقني.. لست معتادة علي مشاهدة ذلك"
كانت تيا امنيتها لحبيبة شاب متوافق مع ظروفها الثقافية و الدينية وها هو امامها بشحمه ولحمه لم لا تستغل الفرصة وخاصة انه شاب ظريف ووسيم وبدا مؤخرا انه يهتم بها...
فعادت وقالت:" ولم لا تغاري.. ستأخده منك تلك الشقراء يا بلهاء"
حبيبة :" فليذهبا معا الي الجحيم!"
تيا:" فسري لي غضبك الان اذن اذا لم تكوني مهتمة به!"
لم ترد عليها بل قامت الي المطبخ لتحضر بعض من الحلوي وبالطبع قام ورائها طوني، القت نظرة خاطفة علي محمد وجدته يتابعها برغم من ان كارلا تحدثه.. اعجبها ذلك فقررت ان تأخذ بنصيحة تيا.. ضحكت مع طوني مما جعله يزيد من كلامه الممل عسي ان يضحكها اكثر.. تركته يمسك باطراف شعرها الطويل يداعبه باصابعه ويخبرها عن جماله وروعته ثم امسك يدها توترت قليلا ولكنها لما لمحت محمد وهو مازال مركزا نظره عليهما تركته.. ولكن عندما رفعها ليقبلها سحبتها برفق.. اي مصيبة تلك التي وضعت نفسها فيها..ما هذا الذي تفعله مع ذلك الاهبل (الي ماصدق وهيزيط في الزيطة) .
اما محمد فهو لم يكن جالسا علي بعضه كانت كارلا تحدثه الا انه لم يكن يسمع، انتابه ذلك الاحساس بعدم الراحة و التوتر مرة اخري.. كان ينظر الي طوني ويري في عينيه نظرات الهيام .. لم ينظر اليها هكذا؟ .. لم يطيل النظر الي فمها؟..ايرغب في تقبيلها؟ القذر! ماذا ان قبلها الان؟ سيقتله... قلبه يدق بسرعة والدم يصعد في راسه... كيف تركته يمسك بشعرها؟ يمتع اصابعه بملمسه الغني.. وربما انفه برائحته الذكية.. فهو يعرفها..يعرف الرائحة التي تنبعث منه دوما كلما وقفت بجانبه..او اقتربت منه... كيف لم تمنعه؟ شعر الان بقلبه يكاد ان يخرج من فمه وهو يري يدها الصغيرة في يديه ، اتركها ايها الحيوان! اهذه اعراض الذبحة؟!.. استتركه يقبلها؟ ..هاهي شفاه الحقيرة تكاد تلمس يدها ..لم يشعر بنفسه و هو ينادي اسم طوني بحدة جعلت الكل يصمت وينظر له..فقال محاولا اخفاء عصبيته:" الن تاتي للعب؟ و انت يا حبيبة..الن تاتي؟ انه دوري في الاجابة علي السؤال " كان يشعر للمرة الثانية انه يبدو كالاحمق..
ردت حبيبة في لا مبلاة لتزيد من حرقة دمه :" لا لقد مللنا.. انا احضر بعض الحلوي"
اما كارلا فقد استائت من تصرف محمد الغير مبالي لها وقررت الرحيل فلم يبالي بذلك ايضا. وبدات الصحبة تتفكك والكل يرحل فتيا اعلنت انها تريد ان تذهب فلديها عمل باكرا وودعتهم.. استوقفها زين وطلب منها ان توصله للمنزل لانه يريد ان يذهب هو الاخر وسيترك السيارة لطوني، وغمز لطوني لكي يؤكد كلامه .. بالطبع طوني لم يفهم.. الا انه بالفعل لم يرغب في الرحيل الان واراد ان يترك له زين السيارة.. فكان رده الصادق كما اراده زين بالضبط..
رحل الجميع وبقي طوني وحبيبة ومحمد...
دخل محمد الي المطبخ ليقف معهم ..او اذا صح القول بينهم! متظاهرا انه يحضر شيئا من الدولاب العالي وقف بينهم بالتحديد وظل يبحث طويلا عن غايته، كتمت حبيبة الضحك وااردت المزيد فسحبت طوني من يد واخذته خارج المطبخ.. سمعت صوت شيء يصتدم بالارض ويتكسر استدارت لتجد اناء الزهور.. ومحمد يقف بجانبه قائلا:" لقد سقط وانكسر" كانت حبيبة متاكدة انه هو الذي كسره عن عمد من غيظه كانت تعرف شعوره فقد جربته قبل قليل وقد حان الان دوره هو..فقالت بالمصري :"فداك"
محمد :" هو الواد ده هيمشي امتي؟ انا مش طلبت منك متجبيش شباب في البيت"
حبيبة:" ايه الهبل اللي بتقوله ده؟.. انت اللي جبته! .. ده صاحبك انت وزين وجالكم انتو!.."
لم قال ذلك الاي كلام؟؟!! مازال مصرا علي احتكار صفة الاحمق.. بالفعل هو من اتي به .. وبالفعل هو صديقه هو وزين.. صديقه هو وزين! فكرة... فجأة بلا صابق انذار انتقض علي طوني وسحبه من يده بعيدا عن حبيبة ثم اخبره شيئا.
فعاد طوني لها قائلا:" حبيبة سأرحل الان ..محمد يريدني في شيء هام..وداعا صغيرتي" اقترب منها لكي يضمها .. ذهلت حببية تحاول التصرف بسرعة بحيث لا تحرجه فيتشفي فيه محمد ولكن بدون ان يضمها اليه.. ولكن لم يترك لها محمد اي فرصة فقد امسكه من كتفه وسحبه امامه قبل ان يصل اليها قائلا "هيا يا طوني" ثم ودعها الاثنان وخرجا .
قفزت حبيبة صرخت فرحا.. انه مهتم بالفعل هو مهتم.. لقد ترك الشقراء تخرج مستاءة و لم يعبأ لذلك.. تذكرت نظراته التي تابعتها هي و طوني... دخلت لسريرها و نامت و علي وجهها ابتسامة لم تزل الي الصباح.

في ارض الحلم // للكاتبه منه فوزيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن