الاتفاق
في الصباح نهضت حبيبة كما يقولون من النجمة، برغم احداث الليلة الماضية المرهقة و ساعات النوم القليلة التي حصلت عليها.. بالاضافة الي صعوبة النوم في السرير المزدحم حيث ان مي كانت تنام بجوارها، كانت ترتعش شوقا و حماسا، ستراه اليوم .. ستقابله، وكأنها ذاهبة في موعد غرامي... ولم (كأنها)؟ هي بالفعل ذاهبة في واحد ، فقط اخذ منها محمد موعد و هي مغرمة به! انه موعد غرامي اصلي.. انتقت من دولابها ما احست انها ستبدو جميلة فيه، تركت الملابس علي السرير وخرجت من حجرتها لتتفقد احوال المنزل و لتري ما الحجة التي ستخرج بها اليوم.. انه يوم الجمعة وحجة البنوك لا تصلح .
لسبب ما بدأت تألف لمة اسرة عمها علي مائدة الافطاريوم الجمعة وتستمتع بها، لذا بعد ان اغتسلت، توجهت الي للمطبخ لتجد زوجة عمها تحضر الافطار.
سامية:" صباح الخير يا روحي.."
حبيبة:" صباح الخير يا طنط.. اساعدك في ايه؟"
سامية:" خدي .. قطعي دول.. علي فكرة يا حبيبة طارق جاي النهاردة علي الغدا هو و مامته و اخته، انهاردة بأة نحدد معاد قراية الفاتحة.. ده عمك اللي قال!"
(يادي النكد الي علي الصبح! مش مهم طارق ده مسيره هيطفش)، اليوم ستقابل محمد لا تريد تعكير صفو تلك الفكرة.. كما انها ستضع نقاط كثيرة فوق حروفها معه وتعرف رأسها من رجليها.. ولربما يفيدها في موضوع طارق..
اومأت برأسها ردا علي طنط سامية.. وانهت السلاطة التي طلبت منها ان تقطعها..
عندما استيقظ كل من بالبيت و بالفعل تجمعوا في الشرفة حول مالذ وطاب من مائدة الافطار المصري الشهية.. كانت اليوم مي مختلفة.. تبتسم (دي حاجة غريبة) ، و تتحدث مع الجميع (ودي حاجة اغرب) عادة كانت تخص دينا بالحديث والذي كان كله سخافة عليها ، ثم انها تحدث حبيبة شخصيا و تناديها بـ "حبيبتي" كدلع لاسمها ( ودي حاجة اغرب و اغرب) يبدوا ان ليلة البارحة كان لها تأثير قوي عليها..
حتي ان امها قالت لها:" ربنا يسعدك علي طول يا مي يا بنتي"
صلاح :" حبيبة ، طنطك قالتلك ان طارق و اهله جايين انهاردة"
حبيبة متصنعة الابتسام:" ايوة يا انكل"
مي:" طارق ده سخيف جدا، وعايش دور مش بتاعه!"
صلاح:" عيب يا مي، دا هيبقي جوز اختك حبيبة" ثم نظر لحبيبة بابتسامة لزجة وقال:" مش كده يا حبيبة يا بنتي"
حبيبة :" طبعا يا انكل انا ومي اخوات وانت زي بابا... انكل.. انا لازم انزل انهاردة اشتري لنفسي حاجات ضروري.. مش عايزين حاجة من برة؟.. دا طبعا بعد اذنك"
قفزت سامية واتجهت مسرعة للداخل قائلة:" طب اما اجيبليك ليستة الطلبات.."
اما انكل صلاح عمها الوحيد قال بابتسامة عريضة:" والله احنا بنتعبك معانا يا حبيبة.. بس انتي بقي زي ماقلتي بنتي الكبيرة.. بس اوعي تتأخري .. احسن الناس تيجي وانتي مش هنا"
كما توقعت تماما رد فعله، اصبحت تسيطر علي العائلة بطريقة غير مباشرة...
ارسلت لمحمد رسالة تفيد انها سوف تخرج في خلال نصف ساعة فاذا اراد ان يلقاها فلينتظرها عند محطة البنزين الموجودة في الميدان القريب، فارد عليها بانه سيأتي في الموعد والمكان..
اوقفت سيارتها خارج المحطة لتجده في سيارته امامها، نزل من السيارة وتقدم ناحيتها.. كم هو وسيم .. كانت تراه قادما وكأنه كليب بالتصوير البطيء وفي الخلفية اغنية اجنبية ذات ايقاع هاديء يتماشي مع خطواته الواثقة ، حتي ابتسامته وكأنها تراها بخاصية الزووم.. انه فتي احلامها..
اصابها نوع من البلاهة مع قليل من العته لرؤياة حتي انها لم تنزل من السيارة لتلقاه، فوقف هو وانحني حتي ياحدثها من شباكها المفتوح واسند يديه علي حافته
محمد بابتسامة قاتلة:" وحشتيني؟"
ردت بابتسامة واسعة فقط، كانت تريد ان تقول له انه وحشها و تحبه و(بتموت فيه) ولم تستطع!
محمد:" طب ايه؟ مش هتركبي معايا نروح نكلم في حتة؟"
حبيبة :" اركب معاك؟"
محمد:" اه عادي.. انا زي جوزك برضه"
ضحكت ضحكة طفولية..
محمد:" ايه ؟ هنقضيها انا بكلم وانتي بتضحي؟ انزلي يلا تعالي في عربيتي، متخفيش هرجعك هنا تاني"
بالفعل ذهبت لتركب معه، وقبل ان تدخل لمحت طارق بسيارته يدلف الي المحطة ووقف علي مسافة غير بعيدة عن مكانهما ليملاء سيارته بالوقود، كان مشغولا مع عامل المحطة فلم يلحظ حبيبة بعد ، فما كان من حبيبة الا ان قفزت داخل سيارة محمد في زعر واخفضت رأسها وهي تحثه علي القيادة بعيدا بسرعة ، فقام محمد بما طلبت بالضبط وهو يسأل في خضة :" ليه؟ في ايه؟"
حبيبة:" طارق.. طارق.. لو شافنا هيقول لعمي"
محمد في عصبية :" طارق مين؟"
حبيبة:" العريس.. الي انت شـوفـ..."
ضرب محمد فرامل السيارة في عنف مما جعلها تصدر صريرا عاليا في منتصف الشارع ، فكادت السيارة التي خلفه تصدمه و لكن قائدها تفاداه في مهارة و مر جانبه و هو يسبه، فرد له محمد السبة (مصري اصلي) ثم التفت لحبيبة وصاح فيها:" بقي انا تبقي مراتي راكبة جانبي واهرب بسرعة لحسن خطيبها يشوفها معايا!!!!"
ولف برأسه للوراء باحثا عنه:" هو فين؟ انا هعرفه بنفسي.. فين ؟"
قالت حبيبة مستعطفة اياه:" محمد لو سمحت اهدا.. القصة مش كده.. انا هفهمك كل حاجة.. بس من فضلك بلاش مشاكل"
وبالفعل شرحت له حبيبة قصة حياتها منذ ان عادت و حكت له عن شكل علاقتها بعمها وظروف قبولها بوجود طارق المؤقت. ثم انهت كلامها بـ:" يعني انا مش مخطوبة زي مانت فاهم، لكن انت بقي رحت اتجوزت.. انا فعلا مش عارفة انا بعمل معاك هنا ايه؟ ولا انت جيت ليه و عايز مني ايه؟ هطلقني؟ ولا جيت عشان شغلك؟" ثم دمعت عيناها..
كان هو يستمع في صمت وبعد ان انتهت امسك منديلا واعطاه لها قائلا في هدوء:" امسحي انتي دموعك.. مش هقدر امسحهالك في الشارع.. احنا رجعنا مصر"
ثم قاد السيارة وهو صامت، اما هي فكادت ان تجن.. كيف يكون بهذا البرود؟.. كيف لم يرد حتي عليها؟ لم يفسر لها اي شيء؟ هل التفسير مؤلم لهذه الدرجة و يحتاج كل هذا الصمت؟ هل يفكر في اجابة؟ ثم الي اين يتجه؟ لم يهمها الي اين يتجه كانت بانظار ان ينطق في اي لحظة.. الانتظار قتلها .. تريد ان تصرخ فيه "اجبني!" وقبل ان تنفجر بثانية .. وصل بها الي عمارة واوقف السيارة ثم طلب منه ان تنزل
حبيبة:" فين؟"
محمد:" صدقيني، هترتاحي بعد ما تتطلعي معايا" واشار الي العمارة " يلا انزلي بس!"
كانت لتفعل اي شيء حتي ترتاح، بالفعل دخلت معه الي العمارة حياهم رجل الامن "اهلا محمد باشا، نورت"
اذن فهو يسكن او يعمل هنا..
صعد اعلي السلالم للدور الاول، هناك يافطة علي باب انيق مكتوب عليها بالانجليزية شركة "m.s"، فتح الباب بمفتاح في سلسلته وطلب منها ان تدخل..
اذن هو يعمل هنا في مركز مهم فهو يملك المفتاح..
كل شيء يبدو جديد المكاتب و الكراسي حتي رائحة البياض ، هناك مكنة تصوير ماتزال عليها البلاستيك..
حبيبة بعصبية تحاول اخفائها:" فهمنا انك بتشتغل هنا.. ايه بقي اللي هيريحني في كده..؟"
محمد:" لا انا بملك هنا..!"
حبيبة:" دي شركتك يعني؟"
اجلسها محمد علي كنبة واضح انها للضيوف المسقبليون، و شرح لها تفصيليا كل مامر به ليترك البلد الذي عاش بها عمره كله ، ويعود للبلد التي تعيش بها عمره كله..
خفق قلب حبيبة وهي تسمع انه غير متزوج وتخيلت تلك الشقراء التي رأتها من الزجاج وهي تنادي زوجها مذعورة ليري الشخص المريب الذي يتقياء بالحديقة .. وزوجها الذي هو ليس محمد يخرج مذعورا من الحمام ليبحث عن ذلك الغريب فيجدها (حبيبة) تجري كالمجاذيب في الشارع بعيدا.. ابتسمت للصورة التي تخيلتها..
اذن فهو ليس متزوج، بل انه عاد لها.. وهي بالفعل الان زوجته.. هل تحلم؟ انتظرت ان تفيقها دينا ، او تسمع صوت زوجة عمها تناديها.. لم يحدث!
بل ناداها هو.. ما اعذب صوته و ما احلي اسمها من شفتيه ..
محمد:" حبيبة.. لسة فاضل حجات تانية.."
ثم سحبها من يدها، لمسة يده هذه المرة كانت غير كل مرة وكأن يداهم ذابت معا وصارتا كتلة واحدة، تنفست بعمق .. وذهبت معه.. كانت لتذهب معه اينما ذهب .. الي اي مكان..
ضغط زر المصعد.. صعدا لدور عال لا تذكره.. خرجت من المصعد لتجد بابا انيق ايضا وكذلك قام محمد بفتحه بمفتاح من سلسلته.. طلب منها ان تدخل..
دخلت لتجد.. شقة خالية كاملة التشطيب والدهانات ، ولكن ما كان واضح بها هو مشروع المطبخ الامريكي الطابع المطل علي الصالة..
محمد:" دا هيكون بتنا، انا سبته مفرشتوش عشان نفرشه مع بعض.. بس عاجبك او مش عاجبك المطبخ هيكون مفتوح؟"
حبيبة :"اشمعني؟"
محمد:" عشان اتفرج عليكي وانتي بتطبخي ورايحة جاية فيه"
ثم امسك يديها وقبلها.. كادت تسقط مغشيا عليها عندما لمست شفتيه يديها، ابتسم لرد فعلها ثم قال:" فاضل حاجة اخيرة.."
ثم سحبها من يدها وخرجا ومرة اخري ضغط علي زر المصعد ، فنزل بهم المصعد علي ما تعتقد هي.. فهي كانت في عالم اخر، هائمة فيه،وفي افكارها السعيدة بما هوآتٍ .. وكل ما هو آتً سيكون معه..
خرجا من المصعد وللمرة الثالثة علي التوالي وقفا امام باب انيق ولكن هذه المرة ضرب الجرس، فتحت خادمة صغير في السن، ابتسمت لرؤية محمد فربت علي رأسها مبتسما ودخل ساحبا حبيبة في يده صائحا:" لولا.. يا لولا.. جبتلك مفاجئة.."
عجبت حبيبة، من تكون لولا؟؟؟؟؟.. لا يمكن؟ّّ! هل عدنا من جديد؟! اتكون صديقة؟! بدأ القولون العصبي يشاور عقله معها.. لا مجال للقيء الان.. علي الاقل ليس علي تلك السجادة الرائعة تبدو حقا ثمينة، حاولت ان تشغل نفسها في السجادة.. الي ان ظهرت لولا..
سيدة في اوائل الستينات من عمرها، الا انها مازالت مهتمة بنفسها،انيقة، شعرها مصبوغ ومن وجهها يبدوا انها كانت جميلة وهي شابة.. كانت تستند علي عصا في المشي ، لذلك كانت خطواها بطيئة..
عندما وصلت اليهم ابتسمت في سعادة ثم انحني محمد ليقبلها ويضمها
وعندما نظرت لحبيبة لتحيها.. قال محمد ما فاجاء حبيبة حقا..
محمد:" دي حبيبة مراتي يا لولا... " ثم قال متصنعنا الجد:" ذوقي وحش صح؟ كان في احلي منها كتير.. " ثم اقترب من حبيبة وقال وهو ينظر لها بمنتهي الحب" بس دي الي اخدت قلبي.."
كانت حبيبة سارحة و مرتبكة ناهيك عن الذهول (ايه ده؟ عادي كده).. مراتي.. قال عني (مراتي) لمن؟ من هذه التي قال لها عني هذا؟ ..
اقتربت منها هذه اللولا واحتضنتها وقبلتها وحبيبة غير فاهمة لشيء، ثم قامت لولا بضرب محمد علي كتفه كعقاب قائلة:" ذوقك وحش ده ايه.. انت تطول قمر ذي دي تبصلك.."
شعر محمد بارتباك حبيبة وادرك انه لم يفهمها..
محمد:" حبيبة دي لولا عمتي.. "
لولا:" محمد ده حبيبي ، انا مش مصدقة انو اخيرا هيعد جنبي هنا في مصر، ربنا يكرمك يا حبيبتي عشان انتي السبب.. انا برضه لما صدقت.. قالي عايز شقتين ايجار في عمارتك يا لولا واحدة شغل والتانية للعروسة.. اديتهملوا!.. وانا عندي اغلي من حبيبي.. ده هو اللي باقيلي من ريحة ابوه الله يرحمه، بعد وفاة مامته اعدت اتحايل عليه سنين يرجع ويعد معايا واديله شقة مرضيش ويقولي انا مبسوط كده.. بس جيتي انتي جبتيه علي ملا وشه.. ها؟ ..هتفرشوا الشقة امتي؟ وانتي قاعدة فين يا حبيبتي؟.. ماتيجي بأة تعدي مع محمد هنا معايا لحد متخلصوا فرش"
كانت حبيبة صامتة مازالت تحت تأثير كلمة "مراتي" ، طوال مدة اقامتها مع محمد انكرا زواجهم امام معظم الناس والان هم او هو بمعني اصح، يعلنه ويفخر به و ينكر انه زواج صوري امام عمته.. كانت مرتبكة ولا تدري ماذا تقول..
محمد بسرعة ردا علي عمته بالنيابة عن حبيبة:" هي قاعدة دلوقتي عند عمها ، بيفرحوا هما كمان بيها شوية يا لولا ، ما هي كانت غايبة عنهم فترة هي كمان.. سيبيها معاهم واول ما نفرش هنبقي جنبك علي طول"
ثم التفت لحبيبة وقال:" يلا يا حبيبة ورانا مشاوير..انا جيبتك بس تشوفي لولا .. بس المرة الجاية نعد اطول"
واخذها وركبا السيارة مرة اخري..
قبل ان يتحرك قال:" ارتحتي؟"
حبيبة:" انا حاسة ان كل ده حلم واني هصحي"
محمد:" تحبي ارزعك قلم علي وشك عشان تعرفي انك صاحية"
حبيبة:"ايه ده؟ في واحد امريكاني يقول ارزعك؟خليت ايه للطبقة الشعبية ؟"
محمد:" طب ها .. تحبي تتغدي فين؟ ناكل واحنا بنكلم في الخطوة الجاية؟"
اخ! تذكرت حبيبة عزومة الغداء في بيت عمها وطارق واهله والفاتحة.. هي لا تريد اثارة المشاكل مع عمها الان الي ان تصل الي حل مع محمد.. نظرت في ساعتها.. يجب ان تعود الان، كيف ستقول ما تنوي علي قوله لمحمد.. اخذت نفس عميق وتشجعت، لكم تخشاه؟ استلذت الشعور.. ان يكون للفتاة رجلا تخشي غضبه وغيرته لهو امر حلو المذاق.. وخصوصا رجل غيار، سريع الغضب ،عصبي مثل محمد قد يقتل من اجلها..طاخ، بوم..طراااخ عنيف .. جامد، كم تحبه!
حبيبة:" اصل انا مش هينفع اتغدي معاك"
محمد:" ليه بقي؟"
حبيبة:" عمي عامل عزومة علي الغدا.. وفي ضيوف جايين؟"
بدأت الرسالة تصل لمحمد
محمد:" ضيوف مين انشاء الله بقي؟ اعتذري قوليلهم عندي مشاوير"
حبيبة:" ايه يا محمد؟ هو انا قاعدة في لوكاندة.. ازاي اعتذر يعني؟.."
محمد:" مين الضيوف؟ مردتيش!"
صمتت حبيبة وكلها رهبة..
محمد:" متعصبنيش.. يا حبيبة وردي"
حبيبة:" طارق واهله" قالتها وتراجعت خوفا من رد فعل عنيف..
بالفعل خبط بيده علي عجلة القيادة في غضب، وقال:" مش فاهمك؟ والله مش فاهمك!!! بعد كل اللي حكيتهولك والي شوفتيه فوق برضه بتقولي عمي والعريس!! طب انا ايه؟ اجي امسكلك الورد في الزفة؟؟!! "
تخيلته ببوكيه ورد واقفا مع البنات الصغيرات في زفتها ، فاضحكها المشهد ..فوجدته قد زادت عصبيته:"مفيش احساس خالص؟! بتضحكي.. مبسوطة اوي؟"
حبيبة :" ممكن افهمك وجهة نظري ، من غير عصبية؟"
لم يرد بل ربع زراعيه في عنف ناظرا امامه واحدي يديه تداعب ذقنه في توتر وعنف..
ابتسمت حبيبة لمنظره، كان رائعا وهو غاضب.. قالت:" انا مش عايزة مشاكل يا محمد.. لازم موضوع طارق ده يخلص بطريقة ما، بدون ما اضطر اواجه اي حد باني اتجوزت في امريكا بدون ما اقول لعمي، محدش هيفهم ظروف الجوازة ..وهيبقي شكلي وحش.. وبرضه بدون ما اخسر عمي وعيلته.. دول عيلتي الوحيدة.. اقرايبي الوحيدين علي وجه الارض.. "
محمد:" انتي مش بتحكي انهم بيستغلوكي ومبهدلينك؟! باقية عليهم ليه؟.."
حبيبة:" عشان بقيت بحبهم.. عمي ده برغم كل ما فيه لكنه من ريحة ابويا ، كفاية الشبه اللي بينهم وكاني قاعدة مع بابا.. وحتي مراته هي مادية زي عمي بس برضه طيبة.. اما مي و دينا مش قادرة اقولك بقيت بحبهم ازاي..دول عيلتي.. حتي لو بدفع فلوس عشان يفضلوا جنبي انا موافقة.. كأني بشتري اهل"
محمد وقد اثر فيه حنينها للعائلة:" ايوة يعني انتي عايزة ايه دلوقتي؟ استني لما تكتبي كتابك عشان معملش مشاكل ولا ايه بالظبط؟"
حبيبة:" لا مش هتوصل لكده.. انا بس عايزة اجاري عمي ، لحد لما انت تظهر كعريس غني جدا وافضل من طارق، فا هو اللي يمشي طارق ويقبلك انت"
محمد:" مانا روحتله وقفل الباب في وشي.."
حبيبة:" عشان محدش يعمل كده! هو يعرفك منين.. لازم طريقة تانية تدخلله بيها، فكر معايا"
محمد:" فكري انت، انا اصلا مش عاجبني الوضع ده و لو عليا اجي علي العزومة دي اطربق الدنيا علي دماغكوا كلكوا واخدك وامشي.. انا ساكت بس عشان خاطر احساس النقص العائلي اللي جالك فجأة ده.."
حبيبة :" طب وصلني لعربيتي ونفكر بعدين.. احسن انا كده اتأخرت اوي"
نظر لها نظرة تعبر عن كم شتائم رهيب وقاد في صمت الي ان وصل الي مكان سيارتها ، استدارت له بعد ان نزلت وابتسمت وقالت:" هتوحشني" ثم جرت مسرعة الي سيارتها، بالفعل سعد بالكلمة ولكن عدم ارتياحه للوضع الغير صحيح جعله في مزاج سيء وغير قادر حتي علي الابتسام.. قاد ورائها الي بيت عمها وانتظرها حتي صعدت واطمائن عليها.. ثم ظل في سيارته لم يعرف لم ظل.. في الواقع كان ينتظر طارق.. امن المعقول الا يري خطيب زوجته ويتفحصه بتمعن..
***
عندما دخلت حبيبة للمنزل كان طارق واهله لم يحضروا بعد، وجدت زوجة عمها تقف متعجبة وتسألها:" فين الطلبات يا حبيبة؟"
يا خبر! لقد نسيت تماما، بماذا ترد؟.. كيف تفسر غيابها الطويل ثم عودتها خاوية اليدين؟ نزل عليها الوحي فجأة بقصة بارعة وتضرب عدة عصافير بذات الحجر.. كيف فكرت بها؟
حبيبة:" مش هتصدقي يا طنط اللي حصل.."
بالـ الحظ الرائع لقد جاء عمها في نفس ذات الحظة.. جيد جدا
عمها :" خير ايه اللي حصل؟"
حبيبة:"اصل يا اونكل واناسايقة الكاوتش فرقع و العربية كانت هتتقلب بيا لولا ربنا ستر.. والناس اتلمت.. وكان هيجان في الشارع.. وجابولي مية، وقعدوني.. الحمد لله"
سامية:" يا ساتر يا رب، اللهم احفظنا.. وبعدين يا روحي عملتي ايه؟"
حبيبة:"مانا برضه فكرت اعمل ايه ؟ همشي ازاي بالكاوتش ده؟ افتكرت واحد جدع اوي كان زيميلي في امريكا ، نزل مصر من فترة وبعتلي نمرته.. فا كلمته.. كتر خيره في ثواني كان عندي وجايب معاه بتاع الكاوتش ، الراجل خدها وراح يظبتها في الورشة و زميلي ده فضل معايا مسبنيش ثانية، لحد ما الراجل رجع وركب العجلة ، ومشيت بيها ..فرجعت علي طول لحسن اتأخر علي الضيوف"
صلاح في غير رضا:" ومكلمتيش طارق ليه، هو اولي؟"
حبيبة ببراءة شديدة:" مانا معييش نمرته يا انكل"
سامية:" حمدالله علي سلامتك يا روحي ، خشي البسي بأة وفوقي كده"
اما عمها فلم يعلق بل خرج الي الشرفة.. غيرت حبيبة ملابسها بسرعة ثم خرجت خلفه، تظاهرت انها تستمتع بجواره بالهواء العليل وهي تنتظر العريس، ثم فتحت موضوعا علي سيبل الدردشة..
حبيبة:"انت عارف يا انكل، محمد زميلي ده.. شاب كويس قوي، كان بيسألني علي عروسة، اصله عايز يتجوز، دا حتي بيقول انه فكر فيا عشان ميعرفش حد غيري هنا بس لاقاني بأة شبه مخطوبة.. انا لو مكانش كبير اوي عن مي كنت رشحتهولك يا انكل.. دا اصله غني جدا، وارث من عيلته اد كده، دول اصلهم كانو باشوات زمان ، دا غير بقي القرشين اللي عملهم في امريكا، وجاي مصر يستقر ويستثمر فلوسه.. معندكش عروسة ليه يا انكل؟"
ادرك عمها ان من تتحدث عنه هو الشاب الذي طرده هو.. ليته لم يطرده علي الاقل لكان فهم منه قصة ثروته تلك.. ولكن وان يكن فهو مازال غريبا.. اما طارق فهو من العائلة ومضمون..
قطع افكاره جرس الباب فاستعد لاستقبال الضيوف، كذلك حبيبة توجهت علي مضض للداخل لتستقبل عريسها.. مصري الصنع ، امريكي التجميع..
قبل ان تدخل ارسلت رسالة لمحمد تقول:" تم اول اعلان عنك لعمي بنجاح! سأخبرك التفاصيل حين اراك،افتقدك من الان "
رد عليها:" اريد تقريرا مفصلا بالرسائل كل ثلاث دقائق عن ما يحدث معه، بل اجعلي ذلك دقيقتان"
فارسلت له:" مع من؟ عمي؟"
فرد عليها:"لا تثيري غضبي الان والا جئت لكي! انا اعني طارق"
ابتسمت في سعادة وهي تحي طارق واهله الذين ظنوا ان تلك الابتسامة الحالمة هي لهم
أنت تقرأ
في ارض الحلم // للكاتبه منه فوزي
Romanceرواية خفيفة تدور في إطار رومانسي كوميدي عن فتاة لا ترغب في شيء من الدنيا سوي العيش علي أرض الحلم (أمريكا) في اعتقادها، و يدفعها ذلك لاخذ خطوة جريئة جدا في هذا الطريق ،و تستمر توابع تلك المجازفة في صورة احداث مشوقة جميع حقوق الملكيه للكاتبه // منه ف...