كلمة زين ضربت الدم في رأسه فاتجه الي حبيبة لا ينوي خيرا، بالفعل اقتحم جمع المدعون الملتفون حولها ، رأته حبيبة قادما نحوها و تلك النظرة الشرسة علي وجهه ، وجدت نفسها تتوقف عن الرقص وقد احست بالرهبة ، ويالمصادفة العجيبة اللحظة التي وصل امامها فيها، انتهت تلك القطعة الموسيقية الشرقية اخيرا و عادت من جديد الموسيقي الهادئة ، وبقي بعض المدعون يرقصون ، كل مع حبيبته وعاد الهدوء للحفل و لكن ليس لمحمد فهو ظل واقفا امامها يرمقها بنظرات غاضبة وهي قد جمد الدم في عروقها ، تنتظران تنزل الصفعة علي وجهها مثل الافلام العربي... قطعت تيا مشهد الفيلم قائلة في مرح:" الن ترقصا معا؟!"
رد محمد و هو ناظارا لحبيبة:" لقد رقصت هي ما يكفي لكلانا!!" ثم تركهم واقفين وذهب.
فقالت تيا :" هل هو غاضب ؟ هل غضب لانك رقصتي؟!"
حبيبة و ابتسامة غامضة علي وجهها:" يبدو كذلك..."
اثنين/ صفر لصالح حبيبة....
ارادت الثالث ، فهي لن تكتفي الا بانتهاء الليلة، يالك من طماعة يا حبيبة..
بحثت عن طوني وجدته جالسا علي ارجوحة مواجهة للسور و ظهرها لبقية السطح ، كان المنظر من عليها رائع ، السماء الممتدة و النجوم ، واسفلهم اضواء المدينة و السيارات، وقفت امامه ففرح جدا، لم يكن هناك ضوء كثير مثل باقي السطح و لكنها ميزت في يده زجاجة، لقد كان يشرب النبيذ مباشرة من الزجاجة، فكرت ان تتركه و تذهب و لكنها لم تستطع مقاومة فكرة ان يراها محمد معه في تلك الارجوحة مع ذلك الجو الشاعري، ثم لم يبد لها طوني انه ثمل كان يجلس متزنا و يتحدث بكامل عقله.. كانت تحلل لنفسها اي شيئ يجعلها تصيب محمد بالجنون مثل ما اصابها هو..
قبل ان تجلس بجواره مسحت الموجودين بأعينها لتكشف عن مكان محمد، وجدته واقفا يتحدث مع زين، وكارلا تقف وحدها علي مسافة صغيرة منهم، يبدوا انهم يتحدثون في موضع هام فكلاهما عاقدا حاجبيه ويبدو عليه الجدية، كان زين يقف مواجها لها، ومحمد هو الذي يعطيها ظهره، يال الحظ! فأشارت لزين كأنها تحييه فرفع يده بدوره ولكنه ما ان ادرك انها مع طوني حتي بان علي وجهه الارتباك ناظرا الي محمد الذي دار براسه كرد فعل طبيعي ليري الي من يلوح زين.
نجحت خطتها في لفت نظره ، ما ان رأت انه رءاها حتي جلست بجوار طوني علي الارجوحة، الذي كان يتحدث منذ ان اتت اليه عن جمال رقصها وجمال موسيقي بلدها.
اما محمد فقد كان هو وزين يتعاتبان علي الموقف السابق حيث تضايق كلاهما من الاخر، وقد قطعت تلويحة حبيبة كلامهم، ما ان رأها تجلس مع طوني في ذلك المكان المظلم علي تلك الارجوحة، صار (مش علي بعضه) حاول اخفاء توتره بصعوبة ولكنه كان بالفعل يشعر بالضيق الشديد والغيظ و الاستياء و.. الغيرة ها هو قد قالها، الغيرة.. هو بالفعل لا يريدها ان تكلم طوني ولا حتي ان تنظر له، فماذا عساه يفعل الان وهي جالسة معه هناك، تلك الارجوحة بموقعها و ضوءها انسب مكان للعشاق.. استرجل مرة ايها القلب، كف عن الدق بتلك السرعة! ستسبب بوفاتنا تلك الفتاة! لم يستطع اكمال كلامه مع زين ، لم يكن يستمع، فاكتفي بأن اعتذر له علي اسلوبه السابق معه و ذهب الي كارلا ثم سحبها تدريجا ليكونا اقرب ناحية موقع الارجوحة اللعينة، لم تكن تعرف كارلا ما يحدث فهي لم تري حبيبة و لا تعرف مكانها.
كانت فعلا الجلسة علي تلك الارجوحة رومانسية جدا، وبرغم من ان طوني هو المادة الخام للرومانسية وكلما فتح فمه نطق شعرا فيها، الا انها لم تكن ترغب في وجود هذا الشخص معها الان ، كانت تفكر في شخص اخر تماما، شخص يقف علي بعد خطوات منها مع واحدة اخري والله اعلم ماذا يفعل بها الان، اثارت تلك الفكرة حنقها وكادت تبكي من اجلها..
طوني:" ما بك صغيرتي؟ اترغبين في بعض النبيذ؟"
حبيبة:" انا لا اشرب، كما اني احبذ الا تشرب انت ايضا"
طوني" ولم؟ اتخافين ان اثمل، لا تخافي يا حلوتي انا لا اثمل بسهولة"
ثم اقترب منها فابتعدت برفق و القت نظرة سريعة لتري ان كان محمد ما زال ينظر ناحيتها، وجدته واقفا مع كارلا في وضع غرامي قريبا من مكانها، حسنا... اتريد مسابقة اذن يا محمد؟! انت الجاني علي نفسك!
عنما اقترب طوني مرة اخري لم تبتعد هذه المرة و هي علي يقين ان محمد يراقبهم وحتي وان كان يفعل ذلك (من تحت لتحت) ، يركته يملس علي شعرها ، ويشعر في جماله، كان طوني يتحدث همسا برقة ، ولكنه اصابها بالصداع فهو لا يتوقف عن الكلام و كذلك عن الشرب كان يلتفت عنها كل دقيقة وياخذ جرعة مباشرة من الزجاجة. امسك يدها فسحبتها بطريقتها السلسة الا انه امسكها ثانيا بشيء من القوة بحيث لم تستطيع ان تسحبها برفق هذه المرة ، قبل يدها فطلبت منه بصوت خفيض كي لا يسمعها محمد ان يتوقف، لم يعر طلبها اهتماما بل ظل يقبل يدها دون ان يرفع عينيه لها، كادت ان تدفعه ولكنها تمالكت رد فعلها حتي لا يشاهده محمد فتفسد ما خطط له، ظل طوني ما بين شعرها ويدها و شرب النبيذ، حتي بدأت تشعر انه ثمل ، فاحست بالراحة فهو سيتعب قريبا و تخور قواة، الا انها بداءت تدرك انها غبية لتصورها ذلك، فالخمر جعله يفعل اشياء ماكان عقله ليسمح له بفعلها.
بداءت يداه تتعدي مرحلة يديها، وضع احدي يديه علي ظهرها ، فدفعته بقليل من القوة و مازالت ابتسامة علي وجهها، وقد بدأت فعلا ان تشعر بعدم ارتياح.
حبيبة بصوت هامس:" طوني هل انت ثمل؟"
طوني:" انا ثمل بجمالك"
حبيبة:" ولكنك تتخطي الحدود"
طوني و مازال يحاول ان يضمها :" انا اتخطي حدود الموت من اجلك"
حبيبة وهي تدفعه بعنف اكثر قليلا:"ولكني غير مرتاحة بهذه الطريقة"
طوني:" لا، انت مرتاحة..انك فقط خجولة، وهذا ما احبه فيكي، انا ياحبيبتي اعلم انك مثلي ترغبينني بشدة، ولكنك خجولة ولكني قراءت كل اشارتك لي، وافهمك و اريدك انا ايضا"
ما تلك المصيبة التي اوقعت نفسك فيها يا حبيبة، لكي تثير غيرة محمد ، جعلت طوني يتصور انها تريده. نظرت حولها تبحث عن تيا لتاتي و تنقذ الموقف دون احراج امام محمد ولكنها وجدتها تقف بعيدا جدا مع زين.
كان محمد بالطبع يراقب من مكانه متظاهرا انه مشغول بكارلا، احس بحركة غير طبيعية عند حبيبة و طوني حوال ان يسمع لم تكن المسافة قريبة كفاية، كان راسه مشتعلا وقلبه .. يكفي حديثا عن قلبه....وهو يري لمسات طوني لها ولشعرها واحس انه يموت حين رأه يقبل يديها، كان يفكرجديا ان يذهب اليه الان و يلقيه من السطوح و اما هي لن يكفيه فيها ضرب شهرين
تركها طوني لثانية ليشرب جرعة اخري، ثم استدار لها وامسكها بقوة اكثر وقال متقتطع الانفاس"لا يجب ان تكوني خجولة، طوني حبيبك سيعتني بك يا اميرتي، هيا لننزل بالاسفل، لشقتي.. يجب ان تجربي غرام طوني.. سأعطيك نفحة الان ، لتتخيلي ماذا ينتظرك.."
.اقترب منها محاولا تقبيلهاو لكنها دفعته بشدة و قامت من الارجوحة ( يشوف محمد اللي يشوفه بقي، ما وصلتش لكده!) الا انها وجدت طوني يجذبها بشدة و عنف و يعيدها الي الارجوحة محاولا ان يمسكها مرة اخري فصرخت فيه:" طوني! اقسم اني سأوذيك..ابتعد عني!" ولطمته علي وجهه، فاغضبه ما فعلته وسكره اضاف الي عدم تقديره لأي شيء فكان عنيفا جدا و هو يحاول امساكها مرة اخري وتقبيلها..
ما ان راي محمد اول حركة تنم عن عنف من ناحية طوني حتي استعد لطحنه الا ان كارلا عطلته بامساكها به و بتساؤلاتها عن وجهته ، ولكن ما ان سمع صياح حبيبة حتي دفعها عنه و جري عليهم ليجد حبيبة علي الارجوحة تحاول التخلص من الطوني الذي قد القي بنفسه عليها وهي غير قادرة عليه.. فجذبه من قفا قميصه ورماه بعيدا، ثم صاح فيها وعيونه كلها نظرات اتهام:" انتي اللي شجعتيه وانا شايفك، جاية دلوقتي تصرخي؟!"
ثم راح و رائه وامسكه لكي يفتك به ولكنه وجده ثملا جدا، لا يستحق حتي ان يبذل مجهودا معه فامسكه مرة اخري من قفاه و نادي زين صائحا بغضب ، ولما اتي زين مسرعا علي صوت الضجه، القي محمد طوني علي زين وقال:" خد زبالتك دي منهنا!" لم يفهم زين ما حدث بالضبط الا عندما احتضنه طوني وقبله علي رقبته قالئلا" حبيبة يا حلوتي، طارحيني الغرام" ثم سقط مغشيا عليه.
لقد فات طوني فقرة الردح التي اداها محمد و حبيبة بامتياز مع مرتبية الشرف بعد ان سقط مغشيا عليه، ولحسن الحظ لم يفهم منها احد شيئا غير زين لانها كانت ردح بالمصري.
حبيبة :" احترم نفسك يا محمد ، انا مسمحلكش ، ايه شجعته دي!"
محمد:" اومال كل اللي انا شايفه دا كان ايه؟ واحد بيشرب و سكران و قاعد في حتة ضلمة لوحده، لما تروحي تعدي جنبه ده ميبقاش تشجيع؟ ده غير الضحك و المسخرة من اول اليوم"
حبيبة:"دانت متابعني بأه! مالك بيا؟ واحد و بيقوللي كلام حلو وبيغازلني وكلامه عاجبني وبضحك عليه ، فين التشجيع في كده؟! انت فاكر نفسك في مصر و لا طوني ده مصري عشان يرمي السنارة والي تضحك له تبقي السنارة غمزت وهيقضي معاها وقت لطيف؟!"
محمد:" انتي بتقاوحي في ايه؟! طب فسريلي الي عمله ده كان ليه؟ ذيه ذي المصري اللي مش عاجبك، قالك كلمتين حلوين ، ضحكتيله ورحت قعدت جنبه في الضلمه، افتكر انه ممكن ينام معاكي.."
صدمها كلامه الجامد و اسلوبه الوقح ، اّلمها ما قال..الا انها قالت:" لا مش ذي ما دماغك الوسخة صورتلك"
قاطعها عند قولها "دماغك الوسخة"مكورا قبضته في اشارة انه سيضربها:" لمي نفسك بدل ماعرفك دماغي فيها ايه دلوقتي"
حفظا لماء وجهها تجاهلت المقاطعة واكملت:"طوني معجب بيا و كان ماسك نفسه زي اي رجل محترم، بس لما شرب معرفش يمسك نفسه"
محمد ساخرا:" يا سلاااااام! طب لنفرض.. وانتي ليه تعدي مع واحد شارب وتعرضي نفسك لموقف ذي ده، الا اذا كانت دي رغبتك"
حبيبة :" رغبتي ايه يا متخلف انت؟!"
اقترب منها وامسكها من ذراعها وبيده الاخري ممثلا انه سيضربها:" برضه بتغلطي؟! برضه"
دفعته عنها و قالت:"انت اصلا مالك؟!.. اذا كانت رغبتي و لا هو سكران و لا متنيل، ايه التدخل ده؟؟؟؟"
محمد يقفز غيظا:" نعم!! تدخل!!! بابنيتي دا انا شايله من فوقيكي، لولايا كان زمان لقب عذراء اللي انتي فرحانالنا بيه ده ، بقي سابقا.. يا ريتني سبته كان زمان عنيكي في الارض دلوقتي بدل البجاحة دي"
حبيبة قد وصلت لاخر ما تستيطيع الاحتمال من اهناته الحادة، فقالت وهي في قمة الانفعال:"سابقا ايه ده اللي بتكلم عنه!!!! انا كان ممكن اديله في وشه اطيره، انا اللي صعب عليا عشان انا عارفة انه لو فايق عمره ما هيعمل كده، ثم انت لسة برضه فاكر نفسك في مصر، انا حتي لو عذراء سابقا عمر ما عيني هتبقي في الارض ، لان محدش له دعوة و خصوصا انت! وكفاية كدة بقي عشان انت اتخطيت كل الحدود!"
وتركت "الحفل سابقا" الذي تم تدميره بواسطتهم و ذهبت غاضبة وسط نظرات الحاضرين الغير فاهمة لأي شيء.
أنت تقرأ
في ارض الحلم // للكاتبه منه فوزي
Romanceرواية خفيفة تدور في إطار رومانسي كوميدي عن فتاة لا ترغب في شيء من الدنيا سوي العيش علي أرض الحلم (أمريكا) في اعتقادها، و يدفعها ذلك لاخذ خطوة جريئة جدا في هذا الطريق ،و تستمر توابع تلك المجازفة في صورة احداث مشوقة جميع حقوق الملكيه للكاتبه // منه ف...