رأت حبيبة ان كل ما تفعله كارلا من الهمس في اذن محمد والضحكات المائعة وكل تلك الاشياء السخيفة هي اشياء زيادة عن الحد، ادركت ما تحاول كارلا فعله... لن تجعلها تنال مرادها ، ان كانا يريدان ان يغيظاها فهي لن تغتاظ! امسكت اعصابها ونظرت من زجاج السيارة وكانها لا تراهم، تدندن مع الاغنية المذاعة علي الراديو وكأنها لا تسمعهم، ولقد اغاظ ذلك محمد كثيرا فقد اراد ان يري تعبيرا واحدا علي وجهها يدل علي انه مغتاظة الا انه لم يري اي من ذلك، لقد فشلت خطته ، واحد صفر لصالح حبيبة ، ولكن المعركة لم تنتهي بعد، هناك جولات اخري.
وصلوا المكان وصعدوا في المصعد الذي لم يخلو من سفالة كارلا و محاولتها لكيد حبيبة التي لم تهتم، وصلوا لسطح البناية ، انبهرت حبيبة من بالاضواء و الزينات، كان السطح عبارة عن مساحة واسعة و بها عمدان خشبية في كل الجوانب معلق عليها اقمشه بيضاء تقوم بدور الستائر وكانها خيم ملكية كبيرة في احدي واحات البدو، و الاضاءة عبارة عن مصابيح خافتة معلقة في كل مكان، كانت مبهرة بحق. حبيبة لم تحضر اي حفل من قبل، فلطالما اعتذرت عن الحفلات التي يذهب اليها اصدقائها، فهي دائما تخشي ان تكون غير متناسبة مع المكان، حيث ان تلك الحفلات يكون هدفها الاول شرب الخمر حتي الثمالة و هي لا تشرب ، فلن تستمتع معهم، كما انها ستكون (دمها ثقيل بينهم) . اما تلك الحفلة فقد قررت الذهاب اولا لانها تعز زين و ترغب في حضور عيد ميلاده وثانيا و الاهم هي تعرف زين جيدا و تعرف شخصيته ، ليس من هواة السكر، ولذلك لن تكون حفلته من تلك الحفلات الماجنة التي قد سبق واعتذرت عنها اكثر من مرة.
استقبلهم طوني و تيا فزين لم يأت بعد، لقد طلب منه طوني احضار بعض المشتروات الوهمية، حتي يعطي فرصة للناس ان تتجمع قبل ان يصل بعد. قال طوني وهو يسلم علي حبيبة:" حبيبة ، كم تبدين رائعة اليوم؟ هذا الفستان يجعلك تبدين كملاك رقيق لا بل ملاك مثير" ثم غمز لها وعاد ليقول:" ان كان هناك شيء كهذا" ، ذهل محمد من قول طوني(ابن الذينا، ذلك بالضبط ما فكر هو فيه). ما ان رات حبيبة تيا حتي اخذتها جانبا وشبه ارتمت في حضنها، كانت قد كتمت في نفسها كل الغيظ حتي كادت ان تنفجر، حكت لتيا ما حدث منذ ان كانو بالمنزل الي ان صعدو بالمصعد ضحكت تيا وقالت:" هو يريد ان يراك غيرانة يا حمقاء! اذا كنت تريدين اظهارمدي اهتمامك له فابدائي باظهار غيرتك، واذا لم ترغبي فاخفيها"
حبيبة وهي تنظر الي طوني الذي كان مازال يعلق بعض الزينات:" وماذا اذا اردت انا ان اري مدي اهتمامه هو بي؟" لم تنتظر رد تيا بل ذهبت مباشرة الي طوني وقفت تناوله الزينات و تضحك بشده علي نكاته السخيفة، وتلقي بنظرات خفيه علي محمد لتتأكد انه يتابعها. لم يكن هناك اي مجال بالا يتابعها فهي وطوني كان موقعهم امام عينيه مباشرة ، ان نظر في اي اتجاه يجب ان تقع عينيه عليهم، ولكنه لكي يحبس دمها استدار تماما واعطاهم ظهره ممسكا بيد كارلا وهو يشير باليد الاخري الي السماء والنجوم وكانه في حوار رومانسي يريها مدي جمال السماء.
هل تسكت حبيبة؟لا.. لقد سحبت طوني بحجة ان في الطرف الاخر تنقصه بعض الزينات ، وبالتالي ذهبا امام محمد مرة اخري ، واعادت نفس السيناريو الساذج من الضحكات المصطنعة.. اهذا كل ما يمكنك عمله يا حبيبة؟ هكذا قالت لنفسها و هي ترمق محمد الذي لم يبد اهتمام بها علي الاطلاق.
جائت تيا الي طوني جريا و قالت:" لقد حدثني زين الان واخبرني انه عائد لمنزله" ، فصاح طوني في الجميع "حسنا يا شباب لقد وصل زين سأنزل لاحضره استعدو لمفاجأته"
بالفعل تجمع كل الموجودين معا في جنب مظلم قليلا ولا يمكن روئيته من باب السطح، وما ان دخل زين حتي صاح الجميع:" مفاجأة". فرح زين وقد تفاجأ جدا ، واكثر ما اسعده هو انه وجد تيا بين اصدقاءه ، شكر الجميع واحد واحد ووقف يتحدث مع تيا. ادار احد الموجودين موسيقي لاتينيه هادئة مما زاد الجو المبهر ابهارا.. كما توقعت حبيبة لم يكن جو الحفلة صاخبا ماجنا، بل رومانسيا هادئا حتي من يشربون الخمر، كانوا يشربون بحكمة ، ليس بهدف الثمالة، لم يضايق ذلك حبيبة بدرجة كبيرة فقد اعتادت وجود الخمر حولها طالما احست انه في غير نطاق السكر و العربدة. تناست موضوع الخمر وبداءت تستمتع بالموسيقي و الجو العام. كان ليكون استمتاعها كاملا لولا وجود محمد ومعه كارلا. بحثت عن تيا وجدتها مع زين كانا يرقصان علي انغام تلك الموصيقي الحالمة، ابتسمت تيا و فرحت من اجل صديقتها، يبدوا انها بدات تتعلق بزين وتبادله الاعجاب، كلاهما يستحقان كل خير وتمنت ان تستمر علاقتهم الي الابد و يكللها الزواج. فجاءة تحولت الموسيقي من لاتينية هادئة الي موسيقي السالسا اللاتينية الساخنة ، ان لم تكن تيا المكسيكية الاصل هي افضل من يرقص السالسا فمن عساه يكون؟ لذا بداءت تتحرك في خفة و زين معها يحاول ان يجاريها، كانت ترقص ببراعة وتروح و تجيء يمينا و يسارا ، تضفي علي الموسيقي الرائعة روعة، وتجعل الاستمتاع بها صوت وصورة، اجتمع المدعوون حول زين و تيا يصفقون لهم و ويصيحون في تشجيع، وقفت حبيبة بينهم تصفق ولكنها كانت تنظر الي محمد الذي كان محتضنا كارلا ويشاهدان معا الرقص ، لما تاكد ان حبيبة تتابعه (زود العيار شوية) وتفاعل بحماس اكثر مع كارلا التي ما صدقت، وبالتالي كرد الفعل المعتاد بحثت حبيبة عن طوني وذهبت لتقف الي جواره فالتصق هو بها ماصدق هو الاخر.
بعد ان انتهي ذلك المقطع الرائع من الموسيقي وتوقف زين و تيا لاهثين مبتسمين ، صاحت تيا في حماس طفولي "حسنا يا زين لقد رقصنا السالسا رقصتي ، هيا ادر موسيقي شرقي و علمني كيف ارقص" بالفعل قام زين بوضع قطعة موسيقية بدا من بدايتها انها موسيقي رقص شرقي عن حق! مليئة بايقعات الطبلة الشرقية، وكأن الفنانة تحية كريوكا ستدخل عليهم الان.
اعجب الحاضرين بالموسيقي وبداءوا يرقصون بطريقة لا تليق مع الموسيقي ، ووقف زين مع تيا يريها كيف يرقص البنات الرقص الشرقي ، كان منظره مضحكا جدا و الكل يضحكون ، فقال زين:"حبيبة تعالي انقذيني هنا.. انهم يضحكون علي"
ضحكت حبيبة و قائلا:" لا يا زين استمر ان ترقص احسن من اي فتاة، استمر استمر"
فتقدم اليها زين و جذبها من يدها وقال" لا بل تعالي ارقصي معي لنريهم الرقص الشرقي الاصلي"
وقفت حبيبة في قمة الاحراج ، لم تعتاد ان ترقص امام الناس، ربما امام بعض من صديقاتها ايام المدرسة في اعياد الميلاد ، لا تذكر متي اخر مرة رقصت، صفقت مع الموسيقي كي لا تكسف زين ولكن تيا اصرت ان تريها كيف ترقص العربيات، رفضت حبيبة في احراج وهي تضحك و اكملت تصفيق ، ثم لمحت بعينيها محمد و هو مازال مع كارلا، الا انه كان ينظر ناحيتها وبدا عليه انه مترقبا او منتظر ان يري شيء ما، تري ان رقصت هل يغتاظ؟ لم تنتظر ان تفكر في الاجابة ، وكأن لبسها عفريت الرقص، فجاة بدون اي مقدمات و جدها زين و تيا ترقص و تتمايل في حرفنة و ابداع و لا اجدع راقصة في شارع الهرم.. حتي ان زين توقف عن الرقص ووقف ينظر لها في استغراب اما تيا فقد صاحت بفرح و تحمست محاولة تقليدها ، وبدأت حبيبة بالفعل تشير اليها، افعلي ذلك ، قومي بذلك . بداء الجمع الراقص في الانتباه لحبيبة وكل من يراها يتوقف عن الرقص و يقف متفرجا، لقد كانت اعجوبة في نظرهم فهي تحرك جسمها مع الايقاع في تمكن مذهل ، كانت الموسيقية مذهلة ورقصها اكثر اذهالا. صار الان الكل واقفين متفرجين علي حبيبة و تيا، حتي زين وقف يصفق لهم في انبهار، ولكنه القي نظرة علي محمد وجد ذلك التعبير علي وجهه، التعبير الذي يعرفه جيدا، محمد الان غاضب بشدة، فانسحب زين من وسط الرقص خشية من غضب صديقه، حاول سحب تيا معه الا انها رفضت، كانت مستمتعة جدا بتعلم الرقص الشرقي مع حبيبة. فتركها وذهب ليقف بعيدا عن الرقص تماما حتي لا يتهمه محمد انه هو من شجع حبيبة علي الرقص.
طبعا حبيبة رأت نفس الوجه الغاضب ، مما جعلها تستمر وتزيد. اصاب الجميع شباب و فتيات هوس بتلك المصرية التي ترقص ببراعة علي انغام و ايقاع تلك الموسيقي الساحرة ، وقفوا يصفقون في حماس و يصفرون ويصيحون في جنون ، لقد حولت هي الحفل الهاديء الي حفلة صاخبة كالتي كانت رافضة لها.. لقد اصابك محمد بالجنون يا حبيبة!
بالطبع محمد وقف قليلا محاولا التظاهر بعدم الضيق ، الا انه لم يستطع احتمال نظرات الشباب المنبهرة لها و هي تتمايل و تتمايع ، يكاد يقسم انه رأي احدهم قد سال لعابه! هل جنت؟ ترك ذلك التجمهر الراقص و اخد كارلا ليقف بعيدا. كارلا هي الاخري ضايقها ان تكون حبيبة محور اهتمام الناس. وجد محمد زين و اقفا لوحده فترك كارلا وذهب اليه غاضبا و جذبه من ذراعه في غل قائلا:"اتبسط؟! ها؟ اتبسط لما رقصتها ولميت الناس عليها؟"
زين وقد ازاح يده في ضيق:" شو يا محمد؟ انا بس دعيتا تا ترقص معي ، ما إلتلا تعمل فيّا فيفي عبده، ما توقعت منّا كل هيدا الحماس، وبعدين اذا كان رقصها بيضايقك ، ادخل جيبا هي من ذراعها، جاي بتعمل راجل علي انا"
أنت تقرأ
في ارض الحلم // للكاتبه منه فوزي
Romanceرواية خفيفة تدور في إطار رومانسي كوميدي عن فتاة لا ترغب في شيء من الدنيا سوي العيش علي أرض الحلم (أمريكا) في اعتقادها، و يدفعها ذلك لاخذ خطوة جريئة جدا في هذا الطريق ،و تستمر توابع تلك المجازفة في صورة احداث مشوقة جميع حقوق الملكيه للكاتبه // منه ف...