رجلا!!
انهي طارق الايس كريم و القي الكوب مع المعلقة من الشباك (متحضر اوي!)، ثم تحرك بالسيارة لمدرسة مي، كانت حبيبة صامتة تماما، تفكر في ما حدث مع محمد و تحاول استنتاج اي شيء منه، هل غضبه دليل علي غيرة ام ثورة لكرامة رجل عاد ليجد زوجته مخطوبة.. ام الاثنين معا؟ وماذا عن زوجته الامريكية؟ هل اتي حقا للطلاق؟ كل تلك الاسئلة اتعبتها واصابتها بالصداع، اضافة لذلك الامريكي الذي يقود بجانبها، ويغني مع الاغنية الامريكية التي تنبعث بصوت عالي من سماعات الكاسيت الفضائية ايضا، لقد كانت تحب تلك الاغنية صارت الان تكرهها.. عندما وصلا الي مدرسة مي ، كانت هي تقف امام بوابة المدرسة تحمل دفاترها وتضمهم الي صدرها و وقف معها فتي يبدو في مثل عمرها..
لما اقتربتا بالسيارة ، وزمر طارق التفتت لهم، تميزتهم بعد لحظة من التدقيق ، ثم لوحت للفتي وركبت في الخلف..
حبيبة لمي قد التفتت لها لتحدثها:" مش ده الولد بتاع امبارح؟ انتي برضه لسة بتكلميه؟"
مي بغتاتة:"قلتك ده انتيمي! ثم انتي ملكيش دعوة"
طارق:" واضح ان في مشكلة بنكوا علي موضوع الولد ده" ثم قال لمي:" يا مي حبيبة زي اختك الكبيرة وعايزة تتطمن عليكي ، عيب تقوليلها ملكيش دعوة" ثم وجه كلامه لحبيبة:" وانتي يا حبيبة ماهي قالتلك انه انتيمها، زعلانة ليه؟"
استفزها كلامه:" مانا مش فاهمة والله تعريف الانتيم ده ايه؟ علي ايامي كان كلمة انتيم معناها اقرب صديق ، يعني زي الاخ.. وانا شايفة ان لما واحد يكلم واحدة بلليل في السر، ميبقاش في اي اخوة في الموضوع، لوكان زي اخوكي كان خاف عليكي يا مي ..علي الاقل حتي من رد فعل اهلك لو حد شافك بتكلميه علي النت"
لم ترد مي ولزقت وجهها في الشباك، اما طارق فقال:" انتي مزوداها اوي يا حبيبة ، انا مش شايف اي (بروبلم) سيبها علي حريتها، تخوض تجاربها بنفسها و تتحمل نتائجها "
لم ترد حبيبة بدورها ولصقت وجهها في الشباك هي الاخري، لقد كانت تظن دائما ان الرجل متفتح الافق (الفري)، الذي يمنح البنت حريتها ، هو الرجل الذي تتمناه. ولكن اي حرية يمنحها رجل لبنت في عمر مي مازالت بنصف عقل و ربع خبرة وقلب مندفع ،لا تجيد الحكم علي الامور بصورة صحيحة.. وخصوصا في موضوع كهذا قد يؤذيها حقا علي جميع المستويات.. تأكدت منتهي التأكد الآن أن أب اولادها لن يكون طارق او اي من عينته.. هي تريد رجل يقدر الخطر المحيط باولاده، ويتفاداه بحكمة وسياسة، وقوة ايضا ان لزم الامر.. كانت تعرف هذا الرجل .. ولكن اين النصيب؟!
طارق بطريقة حماسية لاغرائهم:" تحبوا تاكلوا اي ساندوتش من اي حتة؟ انا بحب اوي( البرجر) بتاع (برجر كينج) كانك بتاكيله في بلده، طبعا يا حبيبة انتي هناك كنتي عايشة فيه.."
حبيبة في ملل:" (برجر كينج ) ده في امريكا محل اي كلام ، بتاع حثالة الشعب"
طارق في تعجب"معقولة ؟! ده اجمد محل في مصر"ثم عاد ليقول في سعادة:" انا سمعت ان محلات (بارنيز) هتفتح في مصر قريب؟ سمعتو الخبر ده؟"
مي بغلاسة:" ياه انت قديم قوي يا طارق.. ده من زمن الخبر ده"
اما حبيبة فذلك الخبر اصابها بالحيرة ماذا تستنج من هذا، ايكون هذا معناه ان تيا كانت صادقة وان رحلة محمد الي مصرهي بالفعل رحلة عمل؟ اذن فهو لم يأت لها خصيصا؟ وماذا عن الطلاق ؟ ولم غضب؟ والزوجة ؟ عادت لنفس الدائرة المفرغة من الاسئلة والافتراضات التي اكلت رأسها اكلا..
اوصلهم طارق ورحل دون ان يصعد كان لديه موعدا هاما جدا، ليتفرج علي سيارة احد اصاحبه الجديدة والباهظة الثمن و النادرة "في منها خمسة بس في مصر" هكذا انهي حديثه ، وحبيبة تنزل من السيارة، رزعت الباب وودت لو ان الرزعة كانت علي وجهه..
تلفتت حولها لعلها تجد محمد يراقبها هنا ولا هنا، ولكن للاسف لم يكن هنا ولا هنا.
مرت عليها الليلة عصيبة، مليئة بافكار والتساؤلات و النوم و الكوابيس ، حتي افاقت اليوم التالي وكأنها كانت تلعب مباراة ملاكمة، عيناها متورمة من قلة النوم، طلبت منها زوجة عمها بعض الطلبات من الخارج، وافقت حبيبة فورا فربما تستطيع لقاء محمد، واخبرتها انها ستتأخر لتمر علي البنك لتلقي نظرة علي حسابها وتحويلات الاموال من امريكا.. بالطبع لم تمانع الست ودعتلها "ربنا يوفقك و يزيدك يا روحي"
نزلت تتلفت حولها كالذي عمل عملة ، لم تراه..وقفت قليلا لربما لم يأت بعد .. لا شيء، بعد قليل اصبحت وقفتها لا معني لها ، فقامت بفتح كبوت سيارتها تظاهرت بمتابعة ماء وزيت السيارة.. لم يظهر.. ففقدت الامل وادارت السيارة وانطلقت بها اتجهت الي معزلها .. شقتها الصغيرة الجديدة حيث الهدوء و الراحة.. صنعت لنفسها كوب من الشاي المعتبر وجلست تحتسية في الشرفة الصغيرة.. دق بابها.. من عساه ان يكون؟ لا تعرف احدا هنا.. ولا احد ممن تعرفهم يعلم بأمر تلك الشقة، اي يكون احد الجيران؟ ام البواب.. لتو القت عليه السلام ، لو كان يريدها في شيء لاخبرها تحت.. خافت كثيرا فذلك التجمع السكني لهو في منطقة مقطوعة ، ايكون احد اللصوص او الهجامة التي تسمع عنهم وقصد شقتها للسرقة لعلمه انها تعيش وحدها.. دخلت الي المطبخ واستكبرت سكينا وامسكته في يدها علي سبيل الحماية ثم اقتربت من الباب.. كانت حقا مزعورة..مر بخيالها كل حوادث القتل وسرقات البيوت التي سمعت عنها..
"مين؟" صاحت حبيبة في توتر
لم يرد احد.. زاد ذلك من خوفها..دق الجرس مرة اخري.. لماذا لم تطلب من النجار عينا سحرية.؟؟. غبية!
سمعت صوت خافت يتحدث خلف الباب، الصقت اذنها لم تستطيع ان تسمع.. اذن فهم اكثر من واحد ويتحدثان همسا.. اكيد دي عصابة..
ماذا تفعل؟ وقفت خلف الباب ممسكة بالسكينة في وضع استعداد و تحاول كتم انفاسها.. لمدة خمسة و اربعون دقيقة! كانت تراهم يمرون علي ساعة الحائط، رن الجرس خلالهم مرة اخيرة.. ثم يبدو ان العصابة يأست من فتح حبيبة لها فرحلت.. يالشقاء كل السيدات اللاتي يقمن بمفردهن ، هل يعانين من كل ذلك الرعب كلما دق بابهن؟.. لن تسطيع ان تعيش وحيدة.. ليست شجاعة بما يكفي.. تحتاج ان يحميها شخص.. وهي تعرف ذلك الشخص ايضا.. ولكنه يحمي واحدة غيرها الان..
مشهد لم تراه حبيبة:
محمد يجلس في سيارته في شارع بيت عمها، وجدها تنزل..تأكد ان لا احد معها.. لن يكلمها الان قد يكون شخص اخر من العائلة نازل خلفها او يتابعها من الشرفة، سينتظر حتي تذهب لاي مكان حتي يتأكد انها وحدها تماما.. ماذا تفعل بوقوفها هكذا ، هل تنتظر احد ليمر عليها.. اكيد تنتظر الخطيب السبور، وكمان ليها نفس تتفسح و تخرج..والان ماذا؟ هناك خطب ما بسيارتها؟ فين بأه خطيبك الراجل دلوقتي اللي سايبك تتبهدلي في زيت و شحم العربية؟ .. حسنا.. انطلقت الان.. وراءها!
اذا كانت ستقود سيارتها من البداية لم كل هذه العطلة اذن؟! تبعها الي ان اوقفت السيارة امام عمارة والقت التحية علي البواب ثم صعدت.. تري الي اين؟ قرر ان يعرف.. نزل من السيارة وذهب للبواب
"سلامو عليكو يا حاج"
البواب:" عليكوم السلام ورحمة الله... ايوة؟"
محمد:"انا كنت عايز اسأل عن الانسة اللي طلعت دلوقتي.. هي جاية تزور حد ولا ساكنة هنا؟"
البواب قد نظر له بتوجس:" ليه يا بيه؟"
فاخرج محمد من جيبة ورقة بخمسون جنيه( مش خسارة فيها)،فقد صار خبيرا بأساليب البحث والسؤال، فهوبحث عن بيت عمها بحثا مميتا.. قال:"اصل في ناس عايزنها لابنهم ، وبيسألوا عليها"
البواب مقهقها وقد اخذ الورقة و دسها في جيبه بسرعة:" عيازنها ازاي بس يا بيه؟.. دي مدام ! هي مأجرة الشقة وبتوضبها لحد ما الاستاذ جوزها يجي من السفر.. هي اللي قالتي لي كده، عموما عشان كرمك معايا." وربت علي جيبه " اسمها مدام حبيبة مصطفي، في الدور الثاني شقة سبعة، لو كان عندها تليفون والله كنت اديتهولك ، هي كمان مبتبيتش هنا ، بتيجي كام ساعة وتمشي.. و.. "
اسكته محمد:" كفاية ، كفاية..متشكر" ، اومال لو كان اداه ميت جنيه كان عدله بتشد السيفون كام مرة في اليوم؟!
ذكيه حبيبة، حتي لا تثار اي ظنون حول وجود بنت مثلها في شقة بدون احد، اخبرت البواب بتلك القصة.. ولكن لماذ اجرت تلك الشقة؟.. علي ماذا تنوي؟ علي اي حال يجب ان تبقي قصتها صادقة ، لن يستيطيع ان يصعد لها.. سينتظر غياب البواب.. وبالفعل اول ما اختفي البواب صعد الي شقتها رن الجرس، اتاه صوتها يسأل عن الطارق، لم يرد خوفا ان يسمعه احد الجيران فيثير ظنونه ، فرن الجرس مرة اخري .. لم ترد ولم تفتح.. الصق فمه بالباب وقال همسا.." انا محمد يا حبيبة افتحي.." لم ترد.. صبر قليلا ثم رن مرة اخري.. ولما شعر بأقدام اشخاص علي السلم نزل مسرعا، وركب سيارته ورحل.. لماذا لم تفتح عندما علمت انه هو؟!الهذه الدرجة لا ترغب في رؤيته؟؟ زاد استياءه منها.. ولكنها مازالت زوجته شائت ام ابت، وهو لن ييأس ، هو لم يفعل كل هذا ويقلب حياته رأسا علي عقب لييأس الان.. سيستردها مهما حدث.. "لنا لقاء اخر!" قالها بصوت عالي وهو يقود سيارته متجها لبيته..
أنت تقرأ
في ارض الحلم // للكاتبه منه فوزي
Romantizmرواية خفيفة تدور في إطار رومانسي كوميدي عن فتاة لا ترغب في شيء من الدنيا سوي العيش علي أرض الحلم (أمريكا) في اعتقادها، و يدفعها ذلك لاخذ خطوة جريئة جدا في هذا الطريق ،و تستمر توابع تلك المجازفة في صورة احداث مشوقة جميع حقوق الملكيه للكاتبه // منه ف...