الفصل الرابع

4K 124 0
                                    

بعد اللقاء

في ردهة استقبال المستشفي جلس محمد وصاحب المطعم الذي يعمل به السيد بارني - لوكان في مصر لكان لقب بالحاج بارني الكبير صاحب محلات "بارني و اولاده" .كان السيد بارني يرمقه شزرا بنظرات كلها اتهام ولكنه لم يقل كلمة و احدة، كاد محمد ان يتحدث مدافعا عن نفسه؛ الا ان الطبيب عبر امامهم خارجا من حجرة الكشف و سيدة قصيرة و بدينة تحاول اللحاق به متحدثة اليه في قلق و لهفة. و بدورهما قام محمد والسيد بارني للحاق بالطبيب ، الذي استدار لهم مجيبا علي السيدة والتي مازالت تعيد سؤالها " ما مدي سوء الحالة؟؟؟" . كان رد الطبيب عبارة عن مجموعة من المصطلحات الطبية مما يفيد ان الرجل بالداخل الذي تم الكشف عليه الان؛ يعاني من اثر حرق كبير من الدرجة الاولي في منطقة حساسة و قد اصيبت تلك المنطقة بالعجز وانه محظوظ انه لم يمت نظرا لحساسية مكان الحرق! وهنا لا داعي لذكر ان الرجل الذي تحدث عنه الطبيب هو زبون المطعم و ان السيدة البدينة القلقة هي زوجته .
تلقت السيدة الخبر بهدوء ، ثم استدارت لمحمد ببط ورمقته بنظرة مرعبة ،توقع محمد ان تنقض عليه و تكيل له اللكمات ثم تلقيه ارضا و تجلس عليه فيصيح السيد بارني "1,2,3...لمس اكتااااف" ويرفع يدها عاليا. الا انها انزوت علي جنب و اخرجت هاتفها المحمول و اجرت اتصالا. لم يسمع محمد ولا السيد بيرني المكالمة و لم يعرفا انها اتصلت بمحامي العائلة و الذي هو تخصصه "التعويضات" و قد افادها المحامي انها ستحصل علي تعويض مؤكد قائلا بالحرف:"سيدتي ستحصلين علي اموال كثيرة من ذلك المتوحش الذي تسبب في ذلك الضرر الجسدي و النفسي ايضا لزوجك."
ردت عليه ساخرة قبل ان تنهي المكالمة:"لا اعرف موضوع الضرر الجسدي هذا ، الضرر موجود منذ زمن، ولكنه قد حان الوقت لاحصل علي تعويض عن صبري كل تلك السنين"
وفجأه اخفت ابتسامتها و استدارت لهم ، ثم توجهت الي محمد الذي شعر ان توقعاته كانت صحيحة هاهي اللكمة الاولي قادمة. ولكن مرة اخري قالت السيدة وهي تنظر له بوحشية قائلة :" ان زوجي كان ليموت! اننا سنوجه اتهاما!"
***
ذهبتا حبيبة و تيا الي ذلك الرجل الذي تعرفه تيا و المفترض منه انه سيجد لها زوجا .
استقبلهم بترحاب في شقته و التي هي مكتبه في نفس ذات الوقت ، و علي الفور بداء في عرض الصور الخاصة بالعرسان طبقا للمواصفات التي قد سبق طلبتها منه تيا هاتفيا.
كان رجل لذج ، من طريقته وشكله خمنت تيا انه يهودي ورغم انها عربية مصرية مسلمة الا ان حساسية اليهود لديها قد تلاشت تقريبا فهم حولها هنا بكثرة ، فمعظهم هنا لا يابهون بالسياسة بل بعض منهم يستنكر افعال الاسرائليين . بعد ان امضت وقت قليل في امريكا ادركت انها يجب ان تتعامل معهم لامحالة، ولكنها مازالت لا تثق بهم فرغم كل شيء هي لن تنسي التاريخ الطويل المليء بغدرهم . فكرت ان ترحل والا تثق به و لكنها عادت تقول لنفسها : وان يكن ، فهي يجب ان تتزوج رجل الان بغض النظر عن ديانة الخاطبة!. ثم فكرت ايضا انه نظرا لظروف تلك الزيجة العجيبة فيا حبذا لو ان تلك الخاطبة هي رجل يهودي فهم ماكريين و بارعيين في التحايل علي السلطات وثغرات القوانين. كما انها ستدفع له و بالتالي سيخدمها بعينيه ، هكذا تعلمت .
بداء السيد دايفيد الخاطبة في عرض صور العرسان الامريكان المسلمون علي شاشة لاب توب عريضة مع شرح لمواصفات كل صورة.
اول صورة
: رجل ضخم ملتحي و يرتدي عمامة و جلباب ابيضان .
و كما التوقعات كان الشرح: هذا عليّ و هوايراني الاصل ، متدين جدا ويصلي دائما في الجامع و لا يقرب الخمر ابدا.متزوج من ثلاثة و يرغب في الزواج من الرابعة علي ان تكون مسلمة ملتزمة وقادرة علي دفع مبلغ كبير شهريا ليشتري "مستلزمات الجهاد في سبيل الله " و يتبرع بها للتنظيمات المؤمنة.
هلعت حبيبة من الشرح رغم كل توقعاتها عن الصورة كان الشرح اقوي من تصوراتها.
فصاحت في السيد خاطبة :"باللطبع لا يصلح!"
فقالت تيا موضحة للرجل كي لا يغضب من حبيبة " طبعا التدين شيء جميل و مطلوب، ولكنها تريده اقل تدينا"
فصاحت حبيبة " اي تدين؟؟ ، هذا متطرف! ، ارهابي! سيُلقي القبض علي معه"
زغرت لها تيا لكي تصمت. وقالت للرجل متصنعة اللطف " رجاءً ،ارينا صور اخري"
قال دايفيد بحماس و لزوجة "كما توقعت ، هو ليس مناسب لك، دعيني اريك شيئا اخر"
ثاني صورة
: شخص يبدو عادي ، يرتدي حلق في احدي اذنيه (وهو امر شائع بين الشباب)، ملامحه جميلة و شعره اسود ناعم طويل حتي بعد اذنيه.
الشرح
: هذا فهد ، من اصل خليجي، يريد الزواج من اي فتاة علي ان تدفع له مبلغ كبير يساعده في شراء الملهي الذي يحلم به. ليس لديه اي شروط سوي الا تتدخل في شؤنه و تبقي بعيدا عنه خاصة عند اقامة سهرات في المنزل، و هو بدوره لن يضايقها وان ارادت لن يتحث اليها فهي ليست من اهتماماته.
قالت حبيبة :"يعجبني جزء عدم التدخل في شؤن بعضنا البعض ، يبدوا هذا جيد حتي الان، و لكن عندي اسئلة"
دايفيد " تفضلي"
حبيبة: " ما موضوع السهرات ؟ اهو اجتماعي لهذه الدرجة؟ "
دايفيد:" لا يا عزيزتي ... انه راقص ستربتيز في ملهي للشواذ هذا عمله ، وا حينا يحضر العمل الي المنزل ، ان كنت تفهمين ما اقصد" ثم ضحك بصوت عالي علي نكته.
كادات حبيبة ان تتوجع للباب الا ان تيا امسكتها و ابقتها جالسة وهي تقول لدايفيد بهوادة كانها تحدث طفل صغير:" دايفيد استمع ... نحن نقدر حقا كل جهودك و نتائج بحثك عن الرجل المطلوب و لكن نحن بحاجة الي رجل مسلم معتدل ليس شاذا ذو حياة طبيعية ... فهمت؟"
صمت دايفيد لبرهة ثم عاد يقول وهو يهرش رأسه مفكرا:" حسنا لدي ذلك الشخص ... هو بالفعل مسلم و... غير شاذ .. و بحاجة شديدة الي المال..." ثم اكمل بسرعة وكأنه يلقي قنبلة و يبتعد عنها : " و هو مستعد فورا لتزوج اي سيدة مقابل ان تدفع له كفالة الخروج من السجن ... هو لص".
هذه المرة صاحت فيه تيا: " دايفيد! شخص طبيعي ..طبيعي! "
و همت بالنهوض مع حبيبة ، الا انه استوقفهم قائلا " حسنا .. حسنا .. انتظرا لدي بينات ذلك شخص و لكنه لم يرسل لي صورته بعد ولذلك لم اريه لكم لأن ملفه لدي غير كامل"
عادت تيا و جرت حبيبة في يدها و اجلستها و قالت :" الصورة غير مهمة يا دايفيد ، هذا زوج صوري، المهم ان يكون هناك معلومات كافية عنه ، اوليس كذلك يا حبيبة؟؟"
تململت حبيبة وقد بدت فاقدة الامل و قالت "بلي..."
فشرح لهم دايفيد ان وردت لديه حديثا بينات ذلك الشاب وهو بحاجة شديدة الي المال ، حيث تسبب عن دون قصد في اضرار جسدية ونفسية او شيئ من هذا القبيل طبقا لحكم المحكمة؛ حيث ان الشخص المضرور رفع دعوي تعويض علي مكان عمل ذلك الشاب و ربحها . فاجبره صاحب العمل علي دفع مبلغ التعويض و الا طرده ، و وافق حيث انه كان فعلا السبب في ضرر ذلك الرجل. و قدد قرر الشاب الزواج بهذه الطريقة لكي تدفع له الزوجة مبلغ التعويض. وهو مسلم معتدل ، لديه منزل واسع و كل شروطه ان تحترم الزوجه خصوصياته ولا تزعجه كما تتلتزم بنظام ونظافة المنزل .
وكأن الامل قد احيا من جديد في اعماق حبيبة ، ورغم ان مبلغ التعويض قض يقضي علي ما تبقي من ميراثها ، الا انها مستعدة لتنازل عن كل ما تملك فالاموال تفعل لها شيئا سوي حقد عائلة عمها وقريبها الوحيد عليها.
وافقت... وافقت حبيبة دون حتي ان تري صورة للعريس . وانصرفت هي و صديقتها بعد ان اتفقتا مع دايفيد علي العودة مرة اخري لمقابلة العريس شخصيا، و اذا وافقت نهائيا يتم كتابة اتفاقية الزواج ودفع النقود المتفق عليها.

في ارض الحلم // للكاتبه منه فوزيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن