#3🦋

18.2K 468 36
                                    

" إنت مش هتمشى ، صح ؟
هتفضل هنا ع طول  !
إنت متخيل كم الرسايل اللى كتبتهالك ؟ ، تعرف إنى بكلمك كتير رغم انى حتى معرفش ملامحك
والله بكلمك كأنك هنا ، بحكيلك لما حد بيمشى ، لما حد بيجى عليا ، ولما بقع ف مشكلة
بسألك " أعمل ايه ؟ "
متخيلة طريقة كلامك معايا لما أغلط ، بصتك ليا ، بس ف الآخر انا متأكدة إنك هتحضنى ، حتى لو قسيت عليا هتحضنى ، ماهو مفيش أب بيهجر
متخيلة شكلك لما حاجة تضايقك ، لما حاجة تضحكك ، لما تكون بتحكيلى حاجة ولما حتى نتخانق
احنا حتى لو اتخانقنا ، انت مش هتمشى ، صح ؟
حتى لو اكتشفت انى وحشة بلاش تمشى  !
تعرف ؟
انا كتير بخاف منى ، من الأذى اللى ممكن اسببه لنفسى ، من بعدى عن كل الناس قصد ، بحبهم وببعد قصد
لما تيجى هوريك المكان المهجور اللى جوايا ، اللى بقعد فيه يوم ماتضيق ، بحضن نفسى وبسند ع اى جدار ف روحى
لما تيجى هعيط ف كفك كل حاجة وجعتنى ، هحكيلك حتى ضافرى اللى اتكسر فعيطت
لما تيجى مش هتمشى ، صح ؟ "
وانا صغيرة كنت بتمنى اشتغل ف شركة كبيرة ، البس يونيفروم رسمى وقبل مااروح الشغل اجيب قهوة ، احطها ع العربية علشان اعرف افتح الباب ، واشغل فيروز الصبح
اقدر اقول انى وصلت للى بتمناه دلوقت ، حققت كل حاجة عاوزاها ، بشتغل ف شركة للإتصالات ، عندى عربيتى وحياتى
من سنة بالظبط ف محل لطيف جدا فتح ع طريق الشغل ، عبارة عن محل رسايل إسمه message ، بيبعوا رسايل ورق شكلها حلو  بنكتب فيها وترجع المحل تانى تتحط ف خزنة بإسمنا ، رسايل مش هتتبعت لحد ، بس ممكن ف اى وقت ناخدها ، يشبه لحارة الكتب اللى موجود ف الزقازيق ، مكان هادى جواه كتب وقهوة وفيروز
انا من سنة ببعت رسايل ، رسالة كل اسبوع ، وآخر رسالة كنت بسأله فيها " إنت مش هتمشى صح ؟ "
انا حياتى تقريبا كاملة بس نقصاه ، معرفهوش بس حساه فيا ومستنياه ، وعلشان خايفة ف لحظة غضب اقطع كل الرسايل دى ، وديتها المحل ، ويوم ماايجى هتكون كهدية ليه
- صباح الخير ياامحمد
- صباح الورد ياآنسة حنان
مديت ايدى بظرف - رسالة الأسبوع ده
- هتكملى رسايل لسه ؟
- يعنى ايه ؟
- مش بعتى شخص إمبارح ياخد كل الرسايل بتاعتك ؟
- ...
- آنسة حنان ؟
- حد أخد رسايلى ؟
- إمبارح بعد ماامشيتى ع طول
صوتى بقى عالى بدون قصد - ومتصلتش بيا ليه ؟ وبعدين انتوا بتصدقوا اى حد ؟
- شكله ميدلش انه بيكذب يعنى ، واصلا هيعمل ايه برسايل دى مش فلوس
- انا عاوزة الرسايل بتاعتى
- هو نسى محفظته هنا ، ممكن نوصله ونجبها
- أقسم بالله لو مارجعتلى لاكسر دماغك ياامحمد
- والله هكلمه قدامك اهوه حاضر
- لا تكلمه ايه هات المحفظة
مديت ايدى وسحبتها - بقولك هات
كنت عاوزة اكسر المحل ع دماغهم ، فكرة ان حد يقرأ كل التفاهات اللى كتبتها دى خلتنى عاوزة اعيط
تعيطى ايه يااحنان انشفى كده
- خلاص اهدى بقى
- انا بقالى سنة معاهم وعمر مااحصل كده
- خلاص مش هو قالك هيوصلوله ؟
- ماانا اخدت المحفظة بتاعته
- يبقى اتحلت ، كلميه
عيطت - الرسايل بتاعتى انا عاوزاها
- يااربنا ، ياابنتى ماالكارت بتاعه ف ايدك اهوه كلميه
ف جزء من قلبى إتاخد مع الرسايل دى ، انا وعدته فيها ان محدش غيره هايشوفها ، وقلبى وجعنى لإن اول وعد مقدرتش اوفيه
الساعة كانت 11 بليل فمقدرتش اتصل ، دا انا هكسر دماغه لما اشوفه ، اكيد دلوقت بيقرأ فيهم وبيضحك ع الهبلة اللى كتبتهم ، او ممكن يقطعهم بعد مايقرأهم
قلبى اتقبض جامد لما وصل بيا التفكير لهنا
الصبح مروحتش الشركة ، اتصلت بيه الساعة 9 تقريبا
- صباح الخير
سكت دقيقة آخد نفسى ، انا كل يوم بحكم شغلى ف شركة  بكلم عملا ومنهم اكيد رجالة ، بس مش عارفة ليه اتخضيت لما سمعت صوته
- أستاذ أحمد ؟
- أيوة ، مين ؟
- والله كنت أتمنى أقول لحضرتك صباح النور ، بس ميهمنيش يكون نور ولا ضلمة حتى
- مين حضرتك ؟
- عاوزة الرسايل بتاعتى
- خير ؟
- بقول عاوزة الرسايل بتاعتى
- مش بريد هنا والله
- إحنا هنستهبل ؟ الرسايل اللى أخدتها إمبارح دى بتاعتى ياأستاذ ، تعرفنى منين أصلا علشان تكذب وتقولهم انك تعرفنى ، مش عاوزة اعرف اخدت الرسايل ليه ، او تعرفنى منين ، انا عاوزة رسايلى
- أنا معرفكيش ولا قصدت اخد رسايلك هما اتلغبطوا ف الإسم ، وكنت هرجعهم النهاردة للمحل بنفسى ، بس علشان كلمة إحنا هنستهبل اللى قولتيها ، الرسايل مش هترجع غير لما أقرأهم كلهم
- ياابن ال ..
قفل ف وشى ، بس انا معايا البطاقة بتاعته وعنوان شركته كمان ، بما إنى اديت لنفسى أجازة من الشغل النهاردة فقعدت افكر اعمله مصيبة ايه
- انا بفكر ان برقم البطاقة بتاعته اجوزه عرفى لأى بنت
- الجواز العرفى مش عاوز بطاقة ولا ورق اصلا
- مااده هيكون الدليل الوحيد أنه هو اللى اتجوز
- لا مش حلوة الفكرة
- خلاص اروحله شغله واقولهم انى حامل ، وانه ضحك عليا ويتفضح هناك
- فاانتى تتفصلى من الشغل بتاعك وتتفضحى
- ماانا اقسم بالله ماهسكت ، قفل ف وشى الحقير
- ليه ، انتى قولتيله ايه ؟
- مقولتش حاجة ، ماانتى عارفانى مش بعرف اشتم 
- خلاص فهمت
- والحل ؟
- تتصلى بيه بعد يومين ع ماينسى وتطلبى الرسايل بأدب
- لأ هروحله الشغل بكره ، وانتى قوليلهم ف الشغل انى تعبانة
معرفتش انام اصلا ، كل مااغمض عيونى افتكر أنه بيقرأ ف رسايلى فاصحى اعيط ، انا عجبتنى فكرة المحل علشان يتحافظ عليهم ، فجأة يضيعوا كده ؟
- صباح الخير ، ممكن أقابل استاذ أحمد ؟
- أقوله مين ياافندم ؟
- حنان سعيد ، ولا قوليله صاحبة الرسايل
مسكت التليفون واتكلمت وهى بتبصلى بإستغراب
- ايوة ياافندم ، ايوة اسمها حنان
- ....
- حاضر 
بصتلى - أستاذ أحمد ف اجتماع دلوقت ، نص ساعة بالظبط وتدخليله
لإنه رد عرفت انه مش ف اجتماع ، لو ف اجتماع مكنتش هتتصل بيه اصلا
- مكتبه فين ؟
- استنيه هنا
- ماشى هستناه هنا ، بس مكتبه فين ؟
شاورت بإيدها ناحية اليمين فسيبتها وروحتله المكتب ، مهتمتش انها جت ورايا ، كنت ناوية اكسر الباب ع دماغه ، مش كفاية اخد رسايلى وقفل ف وشى ، لا وعاوز يضيع وقتى كمان ؟
فتحت الباب ودخلت ، كان موجود 5 موظفين لابسين يونيفورم رسمى وشخص لابس بدلة بس ببنطلون جينز
اتسمرت مكانى ، مفوقتش غير وهو بيقول بصوت هادى
- ايه اللى بيحصل ده ياأسماء ؟
بصيت ورايا لقيت السكرتيرة بتقوله - والله ياافندم قالت هتستنى حضرتك وبعدين سابتنى وجت هنا
- تمام يااشباب نكمل بكره
الكل قام وخرجوا من جمبى وانا فضلت مكانى واقفة ، ممكن علشان المصيبة اللى لسه عاملاها أو بسبب هيبته ، أنا اه كنت عاوزة اعمله مصيبة بس مكنتش عاوزة احرج نفسى كده
- جيتى علشان تقفى عندك ؟
نسيت اصلا انا كنت جاية ليه - انا كنت عاوزة اقابل حضرتك  .. ، اقصد كنت عاوزة ..
- تقابلى حضرتى
- انا حنان ، انا اللى ..
- وانا أحمد اللى بيستهبل
إبتسمت وكنت هضحك
- إتفضلى
كان راسم شبه إبتسامة ، وشكله كان ودود جدا ، نسيت انه ضايقنى ع التليفون وانه قفل ف وشى
اتكلمت بهدوء - كنت عاوزة الرسايل بتاعتى
- فاضل فيهم 10 ، هخلصهم وابعتهم
- إيه ؟ إنت قرأت 40 رسالة ؟
- مبحبش ارجع ف كلامى
- انا عاوزة رسايلى دلوقت ، والمفروض من وقت مااعرفت ان الرسايل جت غلط مكنتش فتحتهم
- هنغلط تانى ؟ يبقى مفيش رسايل خالص
- بطاقتك معايا ع فكرة
- مش عاوزها ، فترة البطاقة خلصت اصلا
- بتستفزنى ليه ؟
- تشربى ايه ؟
سبته ومشيت ، كان ممكن اضعف علشان الغمازة اللى ظهرت ف وشه لما ابتسم ، او لأنه حلو ، اقصد حلو جداا كمان ، او علشان أول شخص عرف تفاهتى وقرأ حاجات مفيش مخلوق يعرف عنها حاجة ، كنت بحكى ف الرسايل دى كل حاجة بتحصلى ، كل حاجة نفسى احققها ، حتى المواقف الصغيرة اللى بتزعلنى ، ومحصلش قبل كده انى ادخل حد فيا واوريه العالم اللى محدش يعرفه
- حلو ؟
- أحيه والله ، بس رخم
- دا المطلوب
- طلع صاحب الشركة مش شغال هناك ، أقولك ؟  هو حلو ورخم
فضلت تغنى حلو وكداب بإستفزاز ، المشكلة انى مزعلتش ، انا عاوزة رسايلى بس مش متضايقة انها معاه
ف حاجة جوايا كانت بتفوقنى كل يوم ، بتسحب إيدى خوف لأقع فيه ، حاجتى للحب مثلا ممكن توقعنى فيه ، حاجتى ايه ؟ غمازته كفاية توقعنى فيه
متصلتش بيه تانى ولا روحت الشركة ، هو قال لما يخلصهم هيبعتهم ، اسبوع وانا مستنياه يكلمنى علشان اقابله وآخدهم ، لأ علشان اقابله مش علشان آخدهم 
جاهدة وهبى كانت بتقول " عساها تطاردك رائحتى ، ويحتجزك حضنى وتخذلك النساء جميعهم فتعود منكسرا إلىّ " المقولة لأحلام مستغانمى وكنت كتباها ف رسالة منهم ، أنا مش عاوزة حاجة توجعه ، حتى لو الوجع ده هيجيبه لإيدى ، مش عاوزاه يتوجع بس عاوزة يجى
طول الأسبوع ده كنت بحلم بيه  كل يوم ، معرفش ازاى بس كنت بكلمه وقت مااحتاج حد اتكلم معاه ، بكلمه وكأنه موجود معايا
ف لحظة غباء كنت هتصل بيه ، بس اتصلوا بيا من المحل وعرفونى إن الرسايل وصلت ، ف الوقت ده عرفت أنه مش بيفكر ف نفس الحاجة اللى بفكر فيها ، الرسايل كانت الحاجة الوحيدة اللى كان ممكن تكون طريق بينا ، وهو رماها من ايده كده عادى
ف حياتى ، اتعلمت إن مش كل حاجة هنحلم بيها هتتحقق ، بس الأكيد إن الطريق اللى هيكون فيه ضحكتنا ف آخره ، لازم هنمشيه حتى لو شوكة جرحت قلبنا منه ف اوله
رجعت لحياتى تانى ، للشغل ، للقهوة ، لفيروز ، بس بطلت أكتب رسايل  ، أو بقيت اخاف اكتب رسايل
وانا مروحة من الشغل روحت اجيب الرسايل من المحل ، مبقاش ف لازمة من وجودها هناك ، ركنت العربية ف مكان هادى ، وكل رسالة أقرأها  أقطعها وارميها ، مكنتش بعيط بس كان ف حاجة بتضغط ع قلبى جامد ، لما وصلت لآخر رسالة قرأتها مرتين ، دموعى نزلت لما قرأت جملة " إنت مش هتمشى صح ؟ "
طارت الورقة من ايدى لما سمعت صوته ورايا - لأ مش همشى ، جيت ومش همشى
" حتى قبل أن ألتقيك ، لم نكن أغراباً "

#مش_هتمشى_صح؟
#أسميته_أحمد
#حنان_سعيد

أسميته أحمد 🦋حيث تعيش القصص. اكتشف الآن