- يعني إنتِ حلوة كده وتقولي إنك حزينة! سيبتِ ايه للعفشين!
- يا أحمد أنا مش زعلانة ولا حاجة، أنا بس مخنوقة، عندي اكتئاب موسمي.
- بالك يا ست حنان لما بتقوليلي يا أحمد، بحس نفسي طاير.
ابتسمت - والله إنت اللي مهون عليا وجودي هنا.
- عاوزة تمشي ليه يا ست حنان، دا احنا حتى هنا كلنا بنحبوكِ.
- طب يلا يا ناصح قوم شوف شغلك.
- ليه ما احنا قاعدين.
- بقالنا ساعتين ونص قاعدين.
- بالأمانة مش فرحانة؟ يعني لسه زعلانة زي ما إنتِ كدهون؟
- كدهون؟ لا مش زعلانة كدهون.
- اهيه، بتتريقي عليا؟ مقبولة منك برضك.
- عارف يا أحمد، هو بغض النظر إني بحس إني بسافر بلاد علشان أفهمك حاجة، بس بحس إنك الوحيد اللي فاهمني هنا، بحسك فاهمني من غير ما أتكلم، حتى إنت الوحيد اللي أخدت بالك من زعلي.
هو أنا هسافر امتى؟ أنا مكاني مش هنا، لا عيشت هنا ولا اتربيت هنا ولا هعرف أكمل حياتي هنا كمان، هو ليه مش من حقي أختار المكان اللي يعجبني، تعليمي كان بره وحياتي بره وكل حاجة بره، ليه فجأة اتاخد لهنا وأتمنع من السفر!
- مش هتتغدي يا ست حنان؟
- لأ.
- ليه؟ دا أنتِ حتى من وقت ما جيتِ وإنتِ هفتانة خالص.
- هفتانة! ايه يا أحمد التعابير دي! وبعدين مش جعانة.
- مقصدش، طب تحبي أجبلك عصير؟
- هو بابا فين؟
- أبويا العمدة في عزا في البلد اللي جمبنا.
- وماما لسه مجتش طبعًا.
- أيوة.
- طب وعاملين غدا لمين بقى؟
- يعني مش عاوزة تاكلي علشان كده؟ تعالي وهاكل معاكِ.
معرفتش أحرجه، أنا وأحمد تقريبًا صحاب، مش صحاب بالمعنى الحرفي للكلمة بس الوحيد اللي أعرفه في البلد قبل ما أسافر، ولما كنت باجي أجازات كان الوحيد اللي بخرج معاه بحكم إنه شغال هنا من طفولته وبابا عارفه وواثق فيه، أعتقد لو كنت قعدت ومسافرتش كنا هنعيد فيلم رُدّ قلبي ونحب بعض، بس وقتها بابا مكنش هيعترض علشان بابا بيحبه، فالحمد لله إني مقعدتش، متخيلش أبدًا إن حياتي تنتهي هنا مع راجل زي أحمد وفي بيت يشبه البيوت دي، وألبس عبايات واسعة زيهم، وأحط طرحة سودة كبيرة على شعري
- بتقري ايه يا ست حنان.
- اسمها بتقرأي يا أحمد، بتقرأي.
- متأخذنيش يعني، بتقرأي ايه.
- رواية اسمها مائة عام من العزلة.
- لغابرييل غارسيا ماركيز؟ حلوة.
قفلت الكتاب بسرعة - إنت قولت ايه!
- بقولك حلوة.
- وإنت عرفت منين إنها حلوة!
- ما أنا قريتها من ياجي سنتين كده.
- اسمها قرأتها، وبعدين مقولتليش قبل كده إنك بتقرأ يعني.
- ما هو أنا لاقيتك بتحبي القراية، فقولت أقرأ يعني.
- اسمها القراءة، وبتقرأ من امتى بقى!
- من ياجي 5 سنين كده.
- ومعاك كتب على كده؟
- لاه، بقره pdf.
- بقره!! متقولش على نفسك كده.
- مقبولة منك برضك يا ست حنان، أنا هروح أشوف شغلي.
- أنا آسفة والله متزعلش، بهزر معاك يا أحمد.
- أوعي تعتذري أبدًا، أنا عمري ما أزعل منك.
- ..
- ست حنان، كنت عاوز أطلب حاجة كده بس خايف لتضايقي.
- لأ مش هتضايق.
- هو يعني ينفع آخد كتاب من عندك أقراه.
- اسمها أقرأه، ينفع، بس بالله لو اتخدش لأخدش وشك بضوافري.
معرفش ليه ابتسم بهدوء كده - والله إنتِ الوحيدة اللي ما هزعل منك مهما عملتِ.
رفعتله حاجبي - مالك؟
- لا لا مفيش، شوفيلي الكتاب بقى.
