الحلقة الأولى / زوجة الأب

878 41 1
                                    


مرت السنوات والأعوام على الأستاذة الجامعية ( تسنيم) وكأنها ساعات وأيام، فلم تشعر إلا وقد كبر الأولاد وصاروا شبابًا.. حتى إن جنات وعلي صارا أطول منها!!
( جنات وعلي وهبة الرحمن) كانوا يشبهون أباهم الأستاذ ( بهاء) إلى حد كبير، أما الصغيرة ( مريم) فكانت تشبه والدتها الأستاذة تسنيم ولكنها لا تقل جاذبية عن اختيها الكبيرتين..
اليوم هو حفل تكليف البنت الصغرى مريم فلقد أكملت تسع سنوات قمرية من عمرها..
قامت جنات واتجهت نحوها وفي يدها علبة جميلة قدمتها لمريم وهي تقول : افتحيها حبيبتي واعطني رأيك فيها؟
فتحت مريم العلبة ودهشت وهي ترى قلادة رائعة قد نقش عليها اسمها!
عانقت اختها الكبرى بفرح وهي تردد : اسمي! إنه اسمي!
دمعت عينا جنات ثم طلبت من اختها أن تحافظ على هذه القلادة قائلة : أرجو أن تحافظي عليها يا نور عيني فهي ذكرى من والدتي المرحومة.
فغرت مريم الصغيرة فاهها لِما سمعته من جنات، التفتت نحو والدتها والكلمات تتقطع في فمها الجميل :
- ماذا.. تقصد.. جنات.. يا ماما؟!
لفّت تسنيم ذراعها بلطف حول كتفي ابنتها وابتعدت بها قليلا عن بقية أفراد العائلة، ثم صارت تتحدث معها بينما كان الجميع قد انشغلوا بتقطيع الكعكة وتوزيع العصائر..
تكلمت تسنيم بهدوء وقد لاحظت ارتباك ابنتها وذهولها :
- اسمعي حبيبتي.. أنتِ اليوم كبيرة بما فيه الكفاية لتعرفي الحقيقة التي كنا قد اخفيناها عنكِ طوال السنوات الماضية..
رددت الفتاة في حيرة : حقيقة!
- نعم يابنيتي.. فالحقيقة هي أن اخوتك الثلاثة هم أخوتك من أبيكِ فقط أما والدتهم فهي امرأة أخرى..
صاحت مريم بحرقة :
- ماذا؟ أنتِ لستِ والدتهم؟!
وضعت تسنيم كفها على فم ابنتها وهي تقول :
- أشش .. لاتقولي هذا الكلام فأنا أمهم التي ربتهم منذ كانوا صغارًا بعد أن توفت والدتهم رحمها الله بعد ولادتها ل ( هبة) مباشرة.
تساءلت مريم ببراءة :
- هذا يعني.. أن أمهم الحقيقية.. ميتة!؟
انزعجت تسنيم لكلام ابنتها، قالت بعيون دامعة :
- وهل تريني أمًا غير حقيقية يا مريم؟!
أجابت الصغيرة وهي تمسح دموع امها بعد أن صارت تتلألأ في عينيها الجميلتين :
- لا.. لا بالعكس يا ماما فلا أحد يمكن أن يصدق بأنكِ لستِ أمهم!
ابتسمت تسنيم وهي تقول :
- إن الأم الحقيقية يا مريم هي من تُربي وتتعب لأجل الأولاد ، وليس مهمًا أن تكون هي من ولدتهم، بل الأهم من هذا أن تجعل كل فرد فيهم إنسانًا صالحًا ونافعًا لنفسه ولمن حوله.
هزت مريم رأسها وهي تُقبّل يد أمها وتقول : -
- والآن يا ماما.. حدثيني كيف حصل أن أصبحتِ الزوجة الثانية لأبي؟
أجابت تسنيم :
- انا الزوجة الأولى يا حبيبتي.
قالت مريم بدهشة :
- ولكن كيف هذا!
- إنها قصة طويلة يا حبيبتي وغريبة بعض الشيء!
- لا أعلم لماذا إنتابني الحزن عندما علمت أن لأبي زوجة أخرى غيرك!
أمسكت تسنيم بيد ابنتها وهي تمسح على رأسها باليد الأخرى وتقول :
- لا تذهب بك الأفكار بعيدًا يا بنيتي، سأوضح لك كل شيء اليوم مساءا، وسأتحدث لك عن تلك الانسانة الرائعة والتي اخترت إسمكِ إكرامًا لها وللصداقة القوية التي كانت تجمعني بها..
- هل أعرف من هذا أن اسمها مريم؟
- نعم بالضبط!
نظرت مريم الصغيرة إلى القلادة التي كانت بيدها قائلة :
- وهذه قلادتها صح؟ انها تحمل اسمها والذي هو اسمي.. ولذلك أهدتها جنات لي في ذكرى عيد مولدي!
وقبل أن تتكلم تسنيم اردفت مريم :
- هل هي نفسها ( ماما مريم) التي نذهب دائمًا لزيارة قبرها؟
-نعم هي نفسها يا حبيبتي.
- ولكن ألم تخبريني بأنها أختك؟
هزت تسنيم رأسها وهي تقول :
- نعم بالفعل هي اختي، فالصديقة الوفية والمخلصة يا حبيبتي تكون بالنسبة لنا أغلى من الأخت!
- ولكن كيف تحبينها بهذا الشكل وقد حاولت أن تأخذ أبي منكِ!؟ أن أمركِ عجيب يا ماما!
ربتت الأم على كتف ابنتها وأشارت إليها بالقيام وهي تقول :
- سأخبرك بكل شيء مساءًا.. أعدك ، أما الآن فعلينا العودة إلى حيث أبيك وأخوتك فمن غير اللائق أن نتأخر عليهم هكذا في حين أنهم يحتفلون بذكرى ( تكليفك) وبلوغك السن الشرعي يا حبيبتي.

تسبيحة الزمنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن