اِرتقاب

2.5K 109 11
                                    

تعطّل الوقت في ذلك الجزء من عقلها والذي كان يقودها دائماً للخروج من اللوم وتجميد مشاعرها بالمطلق تجاه الأشياء والأشخاص ويعطيها قدرة تجديد كيانها، رفّت عيناها بثقل وغرقت في تلك الرائحة والتي ظنّت أنها نفحةٌ من عالم آخر.

شعرت باهتزاز جسدها بشكل آلي ولم تستطع مدّ قدماها لأي اتجاه، ظنّت أنها احدى الليالي التي  تصحو وتجد نفسها في مكانٍ آخر غيرَ الذي نامت به ولا تعلم ما الذي أتى بها حيث تكون، خرجت من ذلك القماش الملتصق بخدها، عادت لها الذاكرة تدريجياً وفزعت معتدلةً.

"استيقظتِ" قال بيرنارد برأس مستدير إلى الخلف

"أين نحن؟" قالت ونظرت حولها لتتذكر الطريق والسائق دون وجود أحد جانبها

_جيد أنكِ استيقظتِ نحن أمام المنزل

"أين أنا؟ ماذا حدث"  قالت ذلك بنوع من الرعونة وكان رأسها ما يزال غائماً، أخذت تنظر حولها بارتباك

"سقطتِ في النوم" أجاب بإيقاع بسيط ثم تابع : كيف تشعرين؟

"بخير..أنا، نظرت إلى نفسها داخل المعطف الأزرق الخاص بالسيدة تونيا وتذكرت أنها كانت ترتديه سابقاً عندما قامت بفحصها للمرة الأخيرة، شعرت به دافئاً ويقيد حركتها فلم تعلم هل هي ترتديه أم أنه فوقها فقط والتف عليها.

"المعطف أجل تركته السيدة تونيا على جسدكِ حين نَزَلت إلى وجهتها فقد كنتِ نائمة إلى جانبها وأسندتكِ" قال موضحاً

انبجس الدم في وجهها وشعرت بجمود أوتارها في حلقها، ترجل بيرنارد من السيارة شاكراً السائق وقد أحمله رسالة شكر وامتنان للسيد فيدريك، نظر إلى هيلدا ووجدها جالسة بنفس الهيئة.

"أنتِ بخير" دقّ زجاج نافذة السيارة الخلفي لتفيق من شرودها، قامت بجمع المعطف والخروج منه ووجدته قد تثنّى تحتها وشعرت أنه ليس من اللائق إعادته بهذا الشكل ولكن انها بكل حال لن تعود هناك، قامت بطويه واسناده للمقعد باحترافية، أعاد لها ذلك شكل حذائها المنسق وشعرت بدون داعٍ  ألا يليق بها ارجاع المعطف بهذا الشكل، لم يكن لديها أية فكرة عما يجب أن تقوم به.

"أهناك خطب ما سيدتي؟" قال السائق هذه المرة

"أجل أنا، أنا سوف آخذ هذا معي" قالت وقد عزمت رأيها

نظر لها بيرنارد باستغراب محاولاً فهمها لكنه لم يتحدث وكذلك فعل السائق، نزلت وهي تحمل المعطف وتدليه فوق ساعدها الأيمن.

دخلا بهو الحديقة وما هي إلا دقائق حتى فُتح الباب وبقوة اندفعت مارني نحو والدها كأنها لم تره منذ عام وليس فقط ليلة ونصف نهار، "ما الخطب حبيبتي" جثا على ركبيته واستقبل حضنها كأب وأم معاً.

غابَ نهارٌ آخرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن