سحرتنا البسمات

2.1K 131 31
                                    

جانبت تونيا الجدار في جلوسها فوق الكرسي حول المنضدة الصغيرة مثلما طلبت هيلدا التي بدأت بغلي القهوة مع وجود أطباق بسيطة على الطاولة لم تكن تليق بوجبة كاملة، لكن هذه هي حياة هيلدا ككل، تأكل لتعيش أيامها دون أن يُرنّم الموت جوعاً أمامها أي مشكلة، كانت تونيا شاردة في تفكيرها حينما أسقطت هيلدا كأس الماء فوق الطاولة بصوت بدا مسموع وقالت

_فيما تفكرين؟

_في ترك المدينة 

_أحقاً؟ 

"كأنني أستطيع!" تنهدت تونيا بصبر وأخذت ترشف القهوة من فنجانها الذي ألحقته هيلدا بكأس الماء أمامها  

_ لما لا؟

_لا يمكنني ترك أبي ومن ثم..مهما كان ما يُقِيده أخي أسفل حطب الماضي إلا أنني جزء من هذه العائلة وأنا أحبها 

_لِمَا إذاً تفكرين في الهرب

_ليس هرباً أكثر منه عدم تأكد، الأيادي الممتدة كثيرة وأنا لا أعلم يدُ من أصافح! 

_لم أفهم؟ 

"لا عليكِ" وَضعتْ فنجانها دون إكماله ووقفت "عليّ الذهاب لا يمكنني الغياب أكثر"

لم تعقب هيلدا وشعرت أن حياة تونيا أكثر غموضاً واتساعاً مما يمكنها أن تفهم.

وقفت تونيا أمام السرير وهي تأخذ حقيبتها معطفها القصير وتلبس حذائها، كانت هيلدا تقف خلفها على بُعد خطوات تنتظر وتنظر شعرت بالعجز ماذا تقول لها؟ وكيف تطلب لقائها مرةً أخرى وهي تأتي وتذهب هكذا بخفة، هل تُسِرَ لها بحاجتها للقائها مرة أخرى.

اتجهت تونيا نحوها وهي ما زالت تغيب في تلك الأسئلة مستندة إلى قوس المطبخ وحين وجدتها هيلدا أمامها لم تفهم ماذا تريد فإتجاه باب المطبخ معاكس تماماً لباب الشقة حيث ظنّت أنها ستغادر.

انحنت تونيا وجذبت هيلدا إليها بلطف بيدٍ واحدة امتدت وغطّت كتفها بإخلاص شديد، تحركت هيلدا للأمام دون إرادتها وشعرت بقدميها الحافيتين تطفوان قليلاً عن الأرضية، كان شعرها مرتفعاً فلامس ذقن تونيا عنقها وهناك قالت بدفء "شكراً لكِ على كل هذا".

وحين انسحبت تونيا عاد جسد هيلدا للأرض مشت بعدها بخطوات يربكها السؤال والحاجة لشيء لم تكن تعرفه، وقفت تونيا أمام الباب بنفس وضعية قدومها لكن هذه المرة صاحبتها هالة من الطاقة المشرقة، غابت خلف انعراج السلالم الأولى وهي تبتسم لهيدا ابتسامة صافية.

....................................

دقّ الباب صباح اليوم التالي فاندفعت هيلدا إليه كأنها تلاحق تلك المشاعر البسيطة التي بقيت في عقلها لكنه لم يكن سوى جيري 

غابَ نهارٌ آخرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن