"اِصعدي" صرخت تونيا أكثر من مرةٍ من خلال نافذة السيارة بعد مرور دقائق على مغادرة هيلدا ولحاقها لها على طول الطريق البحري من شاطئ المدينة.
"دعيني وحدي" ردت هيلدا في كل مرة ورغم شعورها بالغضب الشديد إلا أن صوتها خرج بطيئاً منخفضاً.
"أرجوكِ هيلدا اصعدي" توقفت السيارة بتوقف هيلدا، كان جسدها يرتعد من البرد ولم تكن قادرة على المشي خطوةٍ واحدة أخرى لكنها ظلت واقفة هناك غير آبهة بتوقف تونيا التي ترجلت من السيارة أخيراً وذهبت إليها بحنوٍ شديد، قادتها من يدها إلى السيارة، عكست أضواء الشوارع المتتابعة على طول الطريق لمعان تجمّع الدموع في مقلتي هيلدا بينما بقيت صامتة ثابتة في المقعد الأمامي إلى جانب تونيا التي ظنّت لوهلة أنها تقود وحدها عبر الطريق دون وجودها جانبها وبصمت متبادل توجهت بها إلى البيت الزراعي.
تقدمت هيلدا بحذر إلى الداخل بعد أن غابت تونيا من أمامها وتركتها واقفة تتخبط في الظلام الذي لم يدم طويلاً حيث أن تونيا أنارت الأضواء وأخذت دقائق قبل أن تظهر وبيدها كوباً من القهوة الساخنة قدمته لهيدا وجلست مستندةً إلى يد الأريكة الخشبية المقابلة لهيدا، أخرجت سيجارة وأحرقت طرفها آخذةً نفس طويل غاب معه تنفسها.
"الدكتور ترافوس هو صديق أخي المقرب الذي يحاول إيذائي" قالت وهي تنفث دخان السيجارة المحروقة، ثم أكملت "أخي الذي رفع قضية المحكمة ضدي".
"تدخنين؟" سألت هيلدا وهي تراقب السيجارة كيف تثور بين أصابع تونيا الرفيعة المرتعشة وصوتها المُتَهدج
"أفعل أحياناً عندما يصل الدم إلى رأسي" قالت وسحبت نفساً جديداً طويلاً كأنها تخلص نفسها من شيء
"هل أنتِ؟" أرادت هيلدا أن تعلم الأمر الذي طالما شغلها باطناً، لكنّها ابتلعته، لم تكن تونيا بهذا السذاجة كي لا تفهم ما أرادت هيلدا أن تسأل فأكملت عنها
_ابنة شرعية؟ تريدين أن تعرفي هل أنا ابنة شرعية للسيد فيدريك صحيح؟
لم تجيبها هيلدا كانت تراقب وفي قلبها نوعاً من الرجفة المترقبة والمائلة لحال تونيا أمامها
_ستستغربين لو قلتُ لكِ أنني لا أعلم ايضاً..
نفثت الدخان جانباً وأكملت "ولدت في القصر وعشت حياتي كلها هناك بين أبي وأخي آدم، كانت هناك ريفال أيضاً التي لم أشعر يوماً أنها أمي، كانت أماً لآدم فقط أما أمي الحقيقية فلم أعرفها يوماً، حين وجدت هذا البيت الزراعي وعرفت أنها كانت تعيش وتعمل هنا، هطلت فوق الأزهار من السماء كذكريات، تذكرت صوراً وأنا صغيرة لها لكنني أفكر أحياناً أنها من نسج خيالي لشوقي إليها.
أنت تقرأ
غابَ نهارٌ آخر
Romanceفي ظل السماح بدخول الكاميرات لقاعة المحكمة في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي لنقل وقائع المحاكمات، لا تزال هناك قضايا لها حساسيتها وخصوصيتها حيث لا يُسمح بدخول وسائل الإعلام ويعوض ذلك وجود فناني الاسكتشات، هيلدا فنانة رسم قاعة المحكمة يتم اختيا...