خُطوة أخيرة

2K 124 81
                                    

"ماذا تفعلين هنا" تحدثت تونيا دون توجيه نظرها كاملاً نحو هيلدا، وضعت الكأس جانباً وإتكئت بيدها على طرف الأريكة لتقف بإهتزاز وتزعق "رامون..رامون". لفّها الدوار وكسر إتكاءها فسقطت جالسة فوق الأريكة مانعةً إنزلاقها للأرض مجدداً. 

 ودون أن يظهر رامون أكملت " أخبرتُك..لا أريد رؤية أحد" خرج صوتها قوياً حتى جرحت بحتها نهاية الكلمات.

طَرق قلب هيلدا جدران صدرها مثل عصفور حُر حُبس في قصفٍ ضيق للمرة الأولى، سيخرج نحوها، يريد أن يجنح إليها.

 توينا تبدو بنصف حجمها، جسدها منثني على نفسه، خصرها متآكل من الجانبين ووجها منحني مثل زنبقة ذابلة.

مشت هيلدا خطوات قليلة، خطوة خطوتين وكانت المسافة بينها وبين تونيا ما زالت ممتدة قالت بصوت متشقق

_تونيا..اسمحي لي

إرتعدت تونيا، أطبقت يديها على نسيج الأريكة، تقترب هيلدا أكثر نحوها، قامت توينا مُخبئة وجهها، رمتهُ للخلف وأعطتها ظهرها مُعرضة عنها، كبحت هيلدا إستمرار خطواتها نحوها لتتكلم

_أنا أعلم بماذا تشعرين

_لا أريد شفقة أحد

ابتلعت هيلدا قلبها ولسانها معاً، كيف تستجيب لذلك، شعرت بما قالته خاطئ، وأن أي شيء تقوله سيكون خاطئاً، لكنها لن تعود الآن بعد كل التفكير الذي عاشته الأيام الماضية، الحفاظ على وتيرة الصمت والإنتظار في غرفتها والألم في جلدها أثناء طعن نفسها بالحُقن!.. لن تستطيع أن تعود لذلك. 

"فقدتُ أبي قبل سنوات، أعلم أنه شعور قاسي..ليس عليكِ أن تحمليه وحدك" نهدت هيلدا الكلمات بينما تستمر تونيا بالإحجام عنها مُديرةً ظهرها نحو الجدار الرخامي مقابل المدفئة.

_أنا لا أعلم 

"لا تعلمين ماذا" عقّبت هيلدا بحذر

_كان أفضل من أبي، كان كل شيء تمسكت بحقيقته طوال هذا الوقت.. طفولتي ولحظاتي الحاسمة جميعها كانت له هو فقط هنا. 

 إلتفت تونيا ببطء ونظرت للأسفل مباشرةً، للصورالمُلقية أرضاً، لا تريد هيلدا أن تنزل نظرها من على وجهها العذب، وجهها الذي إشتاقته، وملامحها المتعبة كـ سيف يُقطّع أواصرها، لكنها تبعت تونيا في النظر أرضاً نحو الصور ما إن قالت 

_والآن أكتشف أنني لستُ ابنته حتى

هيلدا تفهم قليلاً لكنها تنتظر المزيد وتعطيها تونيا "أردتُ معرفة من هي أمي وأكتشف أنني لا أعرف على الإطلاق من هما والديّ"

غابَ نهارٌ آخرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن