تحركت هيلدا في مساحة فارغة، يغفو قربها ظلٌ خفيف دافئ يبني لبنات جسدها، أخرجت رأسها من الوسادة واتكئت على كوع يدها رائحة تونيا تغزو أنفاسها دون أن تجدها، كسرت إتكائها على يديها وأعادت رأسها للخلف، تعيد تسلل الشعور تحت جلدها ببطء "هذا حصل حقاً"، بعد دقائق من الشعور المرتبك أقامت نفسها من الفراش مغطية مقدمة جسدها بكنزتها جانب السرير ما جعل نفحات الهواء البارد المتسللة من فتحات النافذة تداعب جلدها الناعم، لا أثر لتونيا غير رائحتها، أخذت تبحث عنها في كل مكان حتى في دولاب الملابس كأنها قطعة أثرية ثمينة يمكن أن تخرج لها من خلف كل الأشياء، تقول اسمها "تونيا؟" وتنظر خلف حامل اللوحات وتكرر "تونيا؟" عند الباب ومن ثم تعود أدراجها إلى الداخل، "تونيا؟" تهمس في الشرفة التي ما إن فتحتها حتى صفعها زمهرير الهواء وأكد لها أن محاولاتها لابد أن تنتهي.
بعد دقائق تتذمر مارني أمام سفرة الطعام "متى غادرت كنت أريد أن أستمع لمزيد من قصص القصر"
"لم أَرَها تغادر!" هيلدا تؤكد
_أنا لمحتها داخل السيارة قبل طلوع الضوء
وقفت هيلدا متجهة نحو الثلاجة بغضب، تناولت الحقنة وأخذت تسحب الأنسلوين منها ببطء
_ألم يقولوا شيء لك؟
_لا فقط نظرة امتنان رامون منحها لي والسيارة تتحرك ما إن لمحني أمام النافذة!
ارتجت يدي هيلدا وفقدت ثباتها موقعة عبوة الأنسولين الصغيرة أرضاً، فقدت هيلدا أعصابها للحظة وقذفت الحقنة خلف الزجاجة وداستها بقدمها، بيرنارد ينظر لها بتعجب ومارني تستعجب أكثر من تصرفها
"لا بأس اهدئي" تحرك بيرنارد نحوها قائلاً بمراعاة ثم أكمل "هل حدث شيء بينكما؟ يبدو وجهك شاحباً"
_لا لم يحدث عليّ أن أذهب للعمل
تحركت هيلدا على دراجتها إلى طريق المحكمة لكن طريقاً آخراً يغزو عقلها وألف سؤال في بالها حول تونيا، لماذا غادرت هكذا! ولماذا لم تنتظر حتى تستيقظ؟،هل كان كل شيء مجرد...لا لا هذا لا يمكن!!
وصلت مبنى المحكمة وأول من واجهته وهي تركن دراجتها كان بينيت وكأن كل شيء يأتي ضدها مرة واحدة اليوم
_صباح الخير
لم تُجبه هيلدا واستمرت في الخُطيّ تحمل حقيبتها وتضع يدها اليمنى في جيب بنطالها
_نحن زملاء الآن لا يمكنكِ تجاهلي
"اذهب أنت ودنائتك عني الآن" ردت هيلدا بينما تدخل باب المحكمة ما جعل بينيت يتوقف عن موازاتها بالمسير.
أنت تقرأ
غابَ نهارٌ آخر
Romanceفي ظل السماح بدخول الكاميرات لقاعة المحكمة في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي لنقل وقائع المحاكمات، لا تزال هناك قضايا لها حساسيتها وخصوصيتها حيث لا يُسمح بدخول وسائل الإعلام ويعوض ذلك وجود فناني الاسكتشات، هيلدا فنانة رسم قاعة المحكمة يتم اختيا...